الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. اما بعد هذا هو لقاءنا الرابع في تفسير ايات الاحكام من سورة البقرة نقرأ من قول الله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا والذي خلق لكم ما في الارض جميعا هذه الاية بها امتنان من الله عز وجل بان خلق لهم ما في الارض وهي تدل على ان الاصل في الاشياء والاباحة فاذا جاءتنا مأكولات جديدة او جاءتنا ملبوسات او مركوبات او اداة فالاصل فيها والاباحة لان الله قد خلق لنا ما في الارض لكن الذي يستدل بهذه الاية هم العلماء لانهم يعرفون ما يقابل هذا الاصل فانه في مرات قد تأتي اية او يأتي حديث لا يعرفه عامة الناس. تدل على تحريم امر من الامور او يكون هناك قياس صحيح او اجماع ومن ثم فان الاستدلال بمثل هذه الاية يكون للفقهاء هناك من قال بان الاصل او بان حكم الافعال قبل ورود الشرائع هو على الحظر وبعضهم يقول لا حكم لها. هذا الخلاف الذي يحكى انما هو فيما قبل ورود الشرائع. اما بعد ورود الشرائع فالاصل انها على الاباحة. الا ما ورد دليل بتحريمه. من الذي يستدل بها هم الفقهاء وليس عامة الناس ثم ذكر الله جل وعلا قصة خلق ادم عليه السلام ماشي في قوله تعالى واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة المراد بالخليفة من يخلف من سبقه لا يخلف الله وانما يخلف من سبق من اصحاب الولايات في الارض في هذه الاية دلالة على مشروعية اقامة الولايات بحيث يكون لصاحب الولاية الامر والنهي يطاع طاعة لله سبحانه وتعالى فقال الملائكة اتجعل فيها يعني في الارض من يفسد فيها ويسفك الدماء؟ فيه تحريم سفك دماء وان العصر في الدماء هو الحظر والمنع. وفيه دليل على تحريم الفساد في الارض قوله ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك. نسبح بحمدك اي ننزهك ونذكر صفات الجميلة ونقدس لك عين يعظمك. فقال الله عز وجل اني اعلم ما لا تعلمون. اي هناك كم من خلق ابن من خلق ادم وذريته لا يعلمها الملائكة. وفيه دلالة على ان افعال الله واحكامه معللة. وقد يعلم العباد بهذه العلل وقد لا يعلمون بها ولا يلزم من العلة ان تكون راجعة الى الله. فان الله غني عن العباد لا يحتاج اليهم ولا الى وافعالهم وفي قوله وعلم ادم الاسماء كلها استدل به على ان اللغات توقيفية وانها قد جاءت من عند الله سبحانه على والاخرون قالوا بانه لا يمتنع ان تكون توقيفية وفي نفس الوقت تكون وضعية تواضع الناس عليها وفي قوله ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين. فيه جواز ان يسأل العالم والاستاذ تلاميذه بما يعلمه من اجل ان يختبرهم وان يحقق ما يهدف اليه قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا فيه ان العلم من عند الله جل وعلا يهبه لمن يشاء من عباده وقوله ائنك انت العليم الحكيم يعني من الحكم من الحكم ومن الحكمة. فله الحكمة الباهرة وله الحكم الغالب فما قضاه الله فلا راد له وما قضاه الله فله غاية وحكمة عظيمة قال يا ادم اي قال الله عز وجل فيه اثبات صفة الكلام لله. وانه يتكلم متى فان القول انما كان بعد خلق ادم وايجاده قال يا ادم انبئهم اي الملائكة باسمائهم اي قيل بالاسماء الاشياء المعروضة وقيل باسماء الملائكة وفيه اظهار صاحب العلم لعلمه وفي قوله واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم. فسجدوا الا ابليس. سجود الملائكة هنا ليس عبودية لادم. وانما هو طاعة لله وعبودية لرب العزة والجلال وفي قوله فسجدوا اي سجد الملائكة امتثالا لامر الله الا ابليس استدل بعضهم بهذه الاية على ان ابليس من الملائكة لانه عد عاصيا لانه لم يمتثل امرا موجها للملائكة. ولو كان من غيرهم لما عد عاصيا لان الامر انما توجه للملائكة والصواب خلاف هذا فان الله عز وجل قال في موطن اخر الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه كما في سورة الكهف فدل هذا على ان ابليس من الجن وليس من الملائكة انما دخل ابليس في هذا الامر لانه كان حاضرا من مع الملائكة فوجه الامر للموجودين وكان منهم ابليس وفي قوله وقلنا يا ادم وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما. ولا تقربا هذه الشجرة فتكون من الظالمين. فيه ان الشرائع والاوامر والنواهي موجودة مع مع ادم منذ خلق وانه لا يوجد زمان لبني ادم قبل ورود الشرائع بل منذ خلق الله ادم امره ونهاه. وفي هذه الايات تكريم الله عز وجل لبني ادم عندما امر الملائكة ان يسجدوا ادم عليه السلام وفي هذه الايات تحريم الكبر والحسد الذي منع ابليس من السجود لادم عليه السلام وفي هذه الايات مشروعية الزواج كما جعل الله عز وجل لادم زوجه حواء وفي هذه الايات جواز التمتع بما احل الله من المأكولات والمشروبات ولهذا قال في هذه الاية كلا منها رغدا. اي هنيئا واسعا حيث شئتما اي من اي مكان تشاءن في هذه الاية دلالة على ان المحظور قليل محصور. المحظور قليل محصور. والاكثر وهو المباح الاكثر هو المباح. في هذه الايات ان عداوة ابليس باقية الى يوم القيامة وانه يحاول اغواه بني ادم. ولذلك اوقع الله اوقع ابليس ادم في الخطيئة فوسوس لهما وقد ورد في ايات اخر انه من اه بالخلود. وجعل سبب الخلود الاكل من هذه الشجرة ولذلك دعاة الباطل لا يستجرون الناس الى باطلهم الا بكلام معسول مكذوب. والا لو جاءوا بي مذاهبهم على حقيقتها لما استجاب لهم احد ولمن قاد الى طليقتهم احد ولكنهم يموهون على الناس بالكلام الباطل. وفي هذه الايات ان العقوبات الدنيوية قد تكون للانسان في الدنيا. كما عاقب الله ادم وزوجه بان وجههما من الجنة واهبطهما الى الارظ وقد وقع اختلاف بين بعض المفسرين في هذه الايات هل المراد الجنة التي تكون منزلا في الاخرة؟ او انها جنة في الدنيا غير جنة الاخرة قال المعتزلة هي جنة اخرى. لانهم يرون ان الجنة لم تخلق بعد وجمهور اهل العلم على ان الجنة مخلوقة وظاهرة واطلاق النص ان المراد ما اخرج منه ادم هو الجنة التي اعدها الله لاولياءه يوم القيامة وفي هذه الايات ان العداوة بين بني ادم والشيطان باقية الى قيام الساعة انهم لا تتوقف عن هذه العداوة. ولذا قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو. اهبطوا امر موجه الى ثلاثة. ادم وزوجه وابليس. الجميع يهبطون من قال بعضكم لبعض العدو اي ابليس وادم وزوجه وذريتهما يبقون اعداء الى قيام ساعة قال ولكم في الارض مستقر. ليس تبقون في الارض ومتاع اي انتفاع بما فيها الى حين وفي هذا دلالة على ان الاصل في الاشياء هو الاباحة قال فتلقا ادم من ربه كلمات. اي وفق الله عز وجل ادم الى ان يتكلم بكلمات توبة فيعود الى الله عز وجل فيكون هذا بالاسباب توبة الله عز وجل لي اه بادم وزوجه. ما هذه الكلمات الاظهر انها الاية المذكورة في سورة الاعراف ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. وفي هذه الايات مشروعية التوبة ولو مع عظم الذنب والتوبة ترفع الاثم وقد لا ترفع العقوبة الدنيوية في الايات ان التوبة ترفع الاثم لكن لا لا يلزم ان ترفع العقوبة الدنيوية. ولذلك ينبغي بالتائب ان يقصد بتوبته اجر الاخرة وارتفاع اثمه الذي يخشى من عقوبته يوم القيامة وفي هذه الايات ايضا ان الهداية من عند الله عز وجل. وان الهداية تكون وحي الذي يأتي من رب العزة والجلال. وان من سار على الهدى فانه لا يخاف من مستقبل وفي المستقبل لا يحزن على ما اصابه بهذا دلالة على ان الحق قد يصيبهم مصائب في الدنيا كما اصيب انبياء الله لكن هذه المصائب تكون لمصلحتهم. ويستفيدون منها فانهم يؤجرون عليها الاجور العظيمة. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم اشد الناس بلاء يوم القيامة الانبياء ثم الامثل فالامثل وفي هذه الايات ايضا مخاطبة بني اسرائيل. ومشروعية دعوتهم الى الله عز وجل. وذلك لان دين الله دين لكافة الناس كما قال تعالى قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا. ولذلك خاطب الله عز وجل بني اسرائيل في هذه الايات. وفي هذه الايات التذكير بنعم الله والاستدلال بنعم فبالله على وجوب طاعته انظر يا اخي الى حالك قبل عشرين وثلاثين سنة ما هو شأنك كيف كان مسكنك؟ كيف كان مركبك؟ كيف كانت ثيابك فانعم الله عليك بنعم كثيرة هذه الالات التي تيسر لكم كثيرا من طلباتكم ومقاصدكم وحينئذ اشكروا الله عليها واعرفوا مقدار نعمة الله عليكم بها. فهذا دعوة الى الله بالتذكير بنعم الله عز وجل وفي هذه الايات وجوب الوفاء بالعهد. ومن العهد الذي اخذ على بني اسرائيل ان يؤمنوا برسول لا اذا بعث وان يصدقوه وان يتبعوه. وفي هذه الايات ان الجزاء من جنس العمل فقال اوفوا بعهدي اوفي بعهدكم وفي هذه الايات مشروعية ان يزرع الانسان في قلبه مخافة الله جل وعلا. ولذا قال واياي فارهبون وفي هذه الايات وجوب التصديق بما نزل على جميع الانبياء وفي هذه الايات تحريم ان يبيع الانسان ذمته بان يقدم المبدأ الضال ولو ولو دفع في ذلك الكثير ولو كان الانسان محتاجا في دنياه فقد قيل عرظ على النبي صلى الله عليه وسلم الاموال الوفيرة والنساء الجميلة والولاية الواسعة على ان يترك دعوته الى الله فقال لو وضعوا الشمس بيميني والقمر في شمالي ما تركته وفي هذه الايات التحذير من تقديم الدنيا على الاخرة انتبه لا تقدم دنياك على اخرتك وفي هذه الايات مشروعية افراد الله بالتقوى فالتقوى لله ولذا قال واياي فاتقون ومثله في الرهبة لا ترهبي الا الله ولا تخشى الا الله وفي هذه الايات النهي عن خلط الحق بالباطل ولا تروج دعوة باطل الا اذا خلطت بدعوة حقه لو ان اهل الباطل اظهروا باطلهم لما استجاب لهم احد من الناس الا من كان مماثلا لهم في تحقيق مقاصده معهم. ولكنهم يظهرون باطلهم بلباس حق من اجل ان يروج على الخلق وفي هذه الايات النهي عن كتمان الحق وعدم اظهاره فيها ايظا ان من علم الحرام ومع ذلك خالف ففعله فاثمه اعظم وجرمه اكبر سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك صلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين