الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فهذا لقاء جديد نتدارس فيه عددا من ايات الاحكام في سورة البقرة لنستخرج منها بعض ما نستفيد منه من الاحكام بقول الله عز وجل واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين هذه الاية فيها امر باقامة الصلاة ويشمل هذا فعل الصلاة واداءها ويشمل القيام بواجباتها و باداء على وفق ما جاء في الشريعة ومن ثم فيها نهي عن فعل الصلاة بدون مراعاة لشروطها واركانها وكذلك فيه نهي عن التهاون بالصلاة ومن اقامة الصلاة فعلها في وقتها وفعلها على وفق ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا في الايات الامر باداء الزكاة والاصل في لفظة الزكاة ان يراد بها الزكاة المفروضة لا صدقة التطوع وفي قوله عز وجل واركعوا مع الراكعين واركعوا مع الراكعين. هنا امر اداء الصلاة جماعة وامر باشتمال الصلاة على ركوع ففيها دليل على ان الركوع ركن من اركان الصلاة لانه قال واركعوا وفيها دليل على وجوب صلاة الجماعة لانه قال مع الراكعين مع الراكعين وفيها دلال وفيها دلالة على ان الركوع عبادة. وبالتالي لا يجوز ان تفعل لغير الله سبحانه وتعالى لان العبادات حق خالص لرب العزة والجلال وفي قوله اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم نهي للدعاة عن ترك ما يدعون اليه وان العامر بالمعروف يجب عليه ان يبادر لفعل ما امر به. وآآ من ذلك ان اليهود يأمرون باتباع النبي صلى الله عليه وسلم لانه موجود في كتبهم ومع ذلك لا يتبعونه هم. فهم يأمرون الناس باتباع هذا النبي. يقولون اذا جاء فامنوا فلما جاء لم يؤمنوا هم به وحينئذ هذا يدل على نقصان عقولهم. لان من عرف الحق وعرف سبيل النجاة ثم ترك سلوك ذلك السبيل فهذا دليل على نقصان عقله وفي قوله تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة. فيها امر باداء هذين الامرين العظيمين الصلاة والصبر وفيها انها من اكبر العون على القيام بالواجبات الشرعية فمن وجد من نفسه تكاسلا عن طاعة الله فعليه بهاتين الصفتين. صفة الصبر وصفة الصلاة فعل الصلاة فان من كان من اهل هذين الامرين فان الله يعينه على طاعته ويجعله ممن يمتثل مما يأمر به ويدعو اليه ثم قال وانها لكبيرة. اي ان الصلاة والصبر لشاقة. وعظيمة الا على الخاشعين. الذين يخشعون في صلواتهم او الذين يذعنون لامر الله جل وعلا ثم قال جل وعلا في وصف هؤلاء الخاشعين الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم وانهم اليه راجعون السبب الذي جعلهم يخشون انهم يعرفون ويوقنون بانهم سيلاقوا الله عز وجل في هذه الايات دلالة على ان لفظة الظن قد تطلق على اليقين والجزم لانهم يجزمون باليوم الاخر. ولكن لا تطلق لفظة الظن الا على اليقين الذي يكون مستنبطا لا على اليقين الذي يكون مشاهدة اذا شاهدت شخص ما تقول ظننت اني قابلت لان هذا محسوس ولكن اذا تيقنت ان فلانا في المسجد من طريق الاستدلال لا من طريق المشاهدة فيجوز ان تقول او قل له انه في المسجد مع انه مع انك تتيقن ذلك وفي هذه الايات وجوب الايمان باليوم الاخر. وان اهل الايمان باليوم الاخر يمكن ويوفقون لاداء الاعمال الصالحة ولا تكون شاقة عليهم وفي قوله يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم تذكير ببني اسرائيل بنعم الله عليهم والسبب في هذا ان بني اسرائيل جاءهم من النعم ما لم يأت لغيرهم. من كثرة انبياء الله فيه ومن نصرهم على اعدائهم ومن جعل الكتب معهم واسرائيل حفيد ابراهيم عليه السلام اسرائيل ابن اسحاق ابن يعقوب فده اه ايه ابيكم تقولونه اسرافيل اسرائيل هو يعقوب ومعنى اسرائيل عبد الله ويسوع يعقوب ابن اسحاق ابن ابراهيم وذلك ان اسحاق ليس له من الابناء الا يعقوب ويعقوب كثر ابناؤه فنسبوا اليه وذكروا باخص صفاته وهي العبودية لله جل وعلا وقد انعم الله على بني اسرائيل بنعم كثيرة من اشهرها كثرة الانبياء فيهم وانزال الكتب عليهم وقوله واني فظلتكم واني يعني اذكروا ان الله فضلهم على العالمين والمراد بالعالمين ما كان من كان في زمانهم اما بعد زمانهم فان امة محمد مفضلة عليهم كما في قوله تعالى كنتم خير امة ان اخرجت للناس كنتم خير امة اخرجت للناس والعالمين جمع عالم. ويراد بهم الانس والجن. ثم قال تعالى واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا. فيه ان العبد لا يؤاخذ بعمل غيره ولكنه قد يزداد اثمه بسبب فعل غيره لو ارشدت انسانا الى معصية. فحينئذ اثم المعصية على الفاعل وذلك الدال عليه اثم يماثل اثمه لانه قد دله على المعصية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من سن في الاسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم انه ما من قتيل يقتل الا كان على ابن ادم الاول كفل منها او من وقوله هنا ولا يقبل منها شفاعة. اي لا يقبل الله عز وجل شفاعة في الكافرين وذلك لان الشفاعة حق يعطيه الله من شاء من عباده فعندما ننظر الى لفظ الشفاعة نجد انها تثبت في موطن وتنفى في موطن متى تكون الشفاعة مقبولة عند الله بصفتين؟ الاولى اذن الله للشافع والثانية رضا الله عن المشفوع رضا الله عن المشفوع. واما الشفاعة المنفية كما هنا فهي عندما ينتفي احد هذين الشرطين وقوله ولا يؤخذ منها عدل المراد بالعدل الفدية المراد بالعدل الفدية ولا هم ينصرون. اي لا يتمكن احد من انقاذهم والانتصار لهم في يوم القيامة ثم ذكر الله عز وجل عددا من النعم التي انعم بها على بني اسرائيل من اجل ان يجعله ان يجعلهم ينقادون لشكر الله عز وجل. ومن شكر الله ان يؤمنوا بانبيائه ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم فمن تلك النعم انقاذ الله عز وجل لهم من بطش فرعون واتباعه وقد فعلوا به اسوأ انواع العذاب. ومن ذلك ذبح الابناء وترك البنات من اجل ان يكن خدما ولا شك ان في ذلك بلاء اي اختبارا يختبركم عندما انجاكم ويريد ان يختبركم هل تشكرون الله على نعمه او لا تشكرون من نعم الله عز وجل عليهم انفرق البحر بهم فجعل البحر هذا البحر العظيم كثير المياه جعله ينشق ثنتي عشرة فرقة كل طائفة من بني اسرائيل تسلك طريقا في البحر ثم من فضل الله عز وجل عليهم ان اغرق عدوهم امام اعينهم فهذا العدو الذي صاولهم وعذبهم شاهدوا غرقه باعينهم وهم ينظرون وهذه نعمة من الله عز وجل عليهم ان يشكروها بان يؤمنوا برسل الله الذي انقذهم في ذلك اليوم واغرق عدوهم وكذلك من نعم الله عز وجل التي انعم بها على هؤلاء ان واعد الله عز وجل موسى اربعين ليلة ولما خرج موسى لميعاد ربه عبدوا العجلة وصرفوا العبادة لغير الله عز وجل فتفظل الله عليهم بان عفا عنهم. تجاوز عن هذه الخطيئة الكبيرة مع ان موسى انما غاب عنهم مدة يسيرة. كم المدة طاب عنهم اربعين يوما سهلة ومع ذلك في مع قصر هذه المدة الا انهم قاموا بمخالفة امره في اعظم قضية الا وهي افراد الله بالعبادة. فصرفوا العبادة العجل. ومع ذلك تجاوز الله عنهم وعفا عنهم. مع انهم انما عبدوا مصنوعات صنعتها ايديهم وفي هذه الايات ايضا التذكير بفظل الله على بني اسرائيل حينما انزل عليه الكتاب الذي يفرق بين الحق والباطل. والذي من تمسك به كان من المهتدين بنعمة كبيرة يزال الكتاب ولذلك من اكبر نعم الله علينا هذا القرآن العظيم الذي بين ايدينا فانه نعمة كبيرة لانه كلام الله ولانه الفارق بين الحق والباطل ولان الهداية تحصل به ولان فيه بيان حكم الله في جميع الوقائع التي تقع على الانسان وفي هذه الايات ايضا التذكير بقصة بني اسرائيل عندما عبدوا العجل فيها تذكير بنعمة الله عز وجل عليهم. فقال جل وعلا واذ قال موسى لقومه يا قومي انكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا الى باريكم يأمرهم بان يتوبوا من عبادة العجل وكانت الطريقة التوبة ان يقتل بعضهم بعضا واذا فعلوا ذلك قال هذا خير لكم عند بارئكم فامتثلتم واصبح بعضكم يقتل بعضا فامتن الله عليكم بعد مدة يسيرة قال توقفوا لا يثني بعضكم بعضا فعفا عنكم. فهذه نعمة كبيرة ان رفع عنهم الامر بقتل بعض بعضهم لبعضهم الاخر وفي هذا دلالة على ان اوامر الله لا يشترط ان يقبلها العقل او ان تكون موافقة لمصالح الناس حسب ما يرون. وان كان الله يتفضل على العباد بان يجعل الشريعة محققة مصالحهم كما قال تعالى ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم. كما قال تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا وكذلك يذكر الله عز وجل بنعمة اخرى على بني اسرائيل حينما قالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله قال بنو اسرائيل لموسى لن نؤمن لك الا اذا رأينا الله عز وجل في هذا تعنت شديد تعنت شديد وحينئذ انزل الله عليهم الصاعقة النار الشديدة المحرقة فاخذتهم وهم ينظرون فيشاهدون اخذ النار لهم بسبب اعراضهم عن الاستجابة لموسى عليه السلام ومع ذلك بعثهم الله عز وجل بعد موتهم. فقال ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون وفي هذا قصة من القصص التي في هذه السورة فيها احياء للناس في الدنيا بعد جاته الصاعقة واهلكتهم ثم احياهم الله جل وعلا وفي هذه الايات التذكير ايضا بنعمة الله عليهم بان انزل عليهم المن والسلوى والمن والسلوى نوعان من انواع المأكولات يمتازان سهولة اكلهما وكثرة نفعهما بل من يشبه المأكولات النباتية او التي لم التي ليس فيها حياة مثل العسل او الفقع او نحوهما بينما السلوى لحم ينزل عليهم فيأكلون منه يشابه بعض الطيور التي ترغبها النفوس وامرهم الله عز وجل بان يأكلوا مما رزقهم الله قال وما ظلمونا عندما تركوا الاستجابة بانبياء الله ولكن كانوا انفسهم يظلمون لان عاقبة الظلم ترجع الى الظالم ومن اشد الواعي الظلم عدم اداء الحقوق لاصحابها. ومن الحقوق التي لله على العباد ان يعبدوه حاله وتعالى. بارك الله فيكم ووفقكم الله لخيري الدنيا والاخرة. وجعلكم الله من هداة المهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين