الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فقد قال الله جل وعلا واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات تقدم معنا ان الابتلاء اي الاختبار. فيه ان العباد يختبرون في حياتهم مرة يختبرون بما يرد عليهم من الشبهات. ومرة بما يرد عليهم من الشهوات يختبرهم الله هل يستجيبون لها وينقادون او يقدمون امر الله عليها وقوله بكلمات اي بتكاليف ووظائف ومن ذلك خصال الفطرة ومن ذلك شرائع الدين وقد استدل بهذه الكلمة على مشروعية خصال الفطرة العشر المذكورة في قول النبي صلى الله عليه وسلم عشر من الفطرة قص الشارب واعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الاظفار وغسل البراجم اي العقد التي تكون خلف الاصابع وحلق العانة ونتف الابط وانتقاص الماء. قال الراوي نسيت العاشرة الا ان تكون المضمضة واخذ من مشروعية هذه الافعال في هذه الاية فضيلة ابراهيم عليه السلام وقد وقع اختلاف بين العلماء في هذه الاشياء المذكورة في الفطرة هل هي على على الاستحباب او على الوجوب وهناك اشياء وقع اتفاق على انها على الوجوب وهناك اشياء وقع الاختلاف فيها وقد ورد في بعض الالفاظ ان الختان من خصال الفطرة فاختلف العلماء في الختان للرجال فقال الجمهور بوجوبه وقال الامام الشافعي بانه سنة ثم قال تعالى واذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنا. فيه التنبيه لفظل البيت وقوله مثابة للناس ان يذهبون فيعودون اليه ويثوبون اليه مرة اخرى ولذلك لا يخلو البيت من الخلق ولذلك موسم الحج مليء من الناس وليس المعنى ان كل من جاءه يعود اليه وانما يثوبونه طائفة بعد طائفة وفي قوله وامنا فيه دلالة على وجوب تأمين هذا البيت وانه يجب على الامة قاطبة ان يسعوا في تحقيق الامن له كل بما يستطيع حتى ولو بدعوة او بالوقوف في وجه من يريد حلول الخوف في هذا البيت ولذلك من سعى الى تفجير في البيت او سعى الى سفك دم حرام في البيت فهو مضاد لامر الله. مضاد لدعوة انبياء الله عليهم السلام قد قال تعالى او لم يروا انا جعلنا حرما امنا ويتخطف الناس من حولهم ولذا يجب تعظيم الحرم وعدم فعل ادنى فعل قد يخل بالامن فيه حتى ان الحيوانات لا يتعرض لها في هذا الحرم. وحتى ان الشجر والشوك لا يعضد في الحرم حتى ان من لقي من له عليه ثار في هذا الحرم لا يجوز ان يتعرض له وقد اختلف في ايقاع الحدود. وفعل القصاص داخل حدود الحرم والناس لهم ثلاثة اقوال منهم من يمنع من فعل هذه الامور داخل الحرم حرم مكة ليس ذات مسجد الكعبة يقول الحرم لا يقاد فيه ولا يقام حد. وطائفة قالوا بل القود والقصاص واقامة الحدود هذا من القربات والبيت لا يعيد عاصيا. فريق ثالث قالوا من فعلى موجب الحد او القصاص داخل الحرم اقيم عليه الحد والقصاص فيه ومن فعله خارج حدود الحرم فانه لا يقاد الا خارج حدود الحرم يضيق عليه يتابع حتى يخرج من الحد من حد الحرم فيقام عليه الحد وقوله تعالى واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى قيل بان المراد مناسك ابراهيم وقيل بان المراد الحجر الذي جعله الله عز وجل لابراهيم ليصعد عليه الكعبة ولا اشهر هو الثاني ولذلك صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلف مقام ابراهيم قد ورد ان عمر هو الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فنزلت الاية موافقة لقوله مما يدل على فضل ابراهيم عليه السلام وقوله واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى في مشروعية سنة الطواف قد استدل بعض الظاهرية بهذه الاية على وجوب سنة الطواف قال واتخذوا هذا امر بينما قال اخرون بان سنة الطواف مستحبة هذا قول الجمهور ومنهم الائمة الاربعة حكي عن الامام ما لك خلاف في هذه المسألة فقيل عنه بالوجوب وقيل بالاستحباب والجمهور صرفوا الامر هنا لما ورد الحديث انه سئل عن الواجب من الصلوات فقال خمس صلوات في اليوم والليلة قالوا فدل هذا على انه لا يجب سواها وفي قوله جل وعلا وعهدنا الى ابراهيم واسماعيل. ان طهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود اخذ منه مشروعية الطواف وانه عبادة مستقلة يتقرب بها لله وليست خاصة بنسك الحج والعمرة. بخلاف السعي بين الصفا والمروة فانه لا يشرع الا عند القيام بالنسك. خلاف الطواف وفي الاية مشروعية الاعتكاف. وانه قربة يتقرب به لله. والاعتكاف اللبس في المسجد مع نية التقرب لله عز وجل بذلك وقد استدل بعض التابعين بالاية على ان الاعتكاف خاص بالمساجد الثلاثة ولكن ليس بالاية تخصيص الاعتكاف بها. ولاية انما هي في الاعتكاف في المسجد الحرام لمسجد الكعبة وهم يقولون بان الاعتكاف في المساجد الثلاثة وقد قال الله عز وجل ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد. والمساجد عامة المساجد عامة تشمل جميع انواع المساجد وقوله والركع السجود استدل الشافعي بهذا اللفظ على ان مسجد الكعبة يجوز ان تفعل فيه الصلوات في كل لوقت وانه لا يوجد فيه وقت نهي والجمهور على ان النهي يشمل مسجد الكعبة وقول الشافعية اظهر لقول النبي صلى الله عليه وسلم يا بني عبدي مناف لا تمنعوا احدا طاف بالبيت او صلى في اي ساعة شاء من ليل او نهار