الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد قد ذكر المؤلف شيئا من الاحكام المتعلقة بالمحرمات المذكورة في قوله انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل به لغير الله كان من المسائل التي ذكرها المؤلف ان من انواع الظرر ما يكون اكراها من الظالم من انواع الظرر الجوع عند المخمصة الشديدة من انواع الظرر الفقر وقد ذكر شيئا من احكام ذلك فقال الاكراه يبيح جميع المحظورات بشرط وجود الشروط التي تجعل الاكراه معتبرا منها ان يكون لاكراه من قادر على ايقاع ما هدد به وان يغلب على الظن انه يمكن ان يوقع ومنها لا يكون مقتضى الاكراه اقل من المحظور ومنها لا يمكن دفع الاكراه الا بفعل المحظور قال واما المخمصة يعني الجوع الشديد لا خلاف في جواز الشبع منها اذا كانت دائمة ما اذا كانت نادرة فوقع الخلاف فطائفة قالوا ما يأكل الا بقدر حاجته واخرون قالوا يجوز له ان يأكل حتى حد الشبع ثم ذكر مسائل الاضطرار الى الخمر قد يكون للاكراه فهنا يجوز له الشرب بشروطه وقد يكون لي العطش فهنا لا يحل له ان يشرب لان العطر لان الخمر يزيده عطشا ذكر مسألة ما لو غص فانه ولم يجد ما يسيغ الغصة الا الخمر فانه يجيز فانه يجوز له اساغة الخمر اللقمة بها ثم ذكر المؤلف تعريف الباغي والعادي قال الباغي هو الطالب للطالب سواء كان لخير او لشر قد استثني من هذا طالب الشر وذكر ان العادي هو المجاوز لحده الباغي يأكل الميت الباغي من البغاة من يأكل من يأكل من الميتة فوق حده والعادي من يأكل الميتة مع وجود غيرها وذكر المؤلف خلافا في هذا ثم ذكر المؤلف ما لو كان سبب الترخيص محرما هل تستباح الرخص عندنا مسافر سافر لغير معصية لكنه يعصي الله في سفره فيجوز له ان يترخص برخص السفر والثاني انما سافر ليعصي فسفره سفر معصية لان سبب السفر معصية سافر ليقطع الطريق فالجمهور يقولون مثل هذا لا يستبيح رخص السفر من الجمع والقصر والفطر خلافا لي الحنفية والمؤلف قال الصحيح انه لا تباح له بحال لان الله اباح له الرخص عونا على طاعته والعاصي لا يعان على معصيته باستباحة هذه الرخص لانه يمكنه ان يتوب في الحال ما يأتينا انسان ويقول هذا مضطر يريد ان يأكل ما عنده اكل كيف تمنعونه نقول يمكنه ان يتوب وان ينوي ان سفره هذا ليس مقصودا للمعصية وبالتالي يحل له ان يأكل ثم ذكر المؤلف مسألة ما لو وجد المضطر ميتة ودما ولحم خنزير وخمرا وصيد حرم ماذا يفعل وذكر اقوالا اخرى متعلقة بهذا قال اذا وجد المحرم صيدا وميتة قال علماؤنا يأكل الميت ولا يأكل الصيد ثم ذكر مسألة التداوي المؤلف يرى ان التداوي من انواع الاضطرار يجوز ان يفعل ان تفعل او ان يستعمل فيه المحرم قال بانه اذا تغيرت صفة المحرم فحينئذ يتغير اسمه ويتغير حكمه وان بقيت صفة المحرم وكان مضطرا له من اجل التداوي الجمهور يجيزون له ذلك والصواب انه لا يجوز لحديث ان الله لم يجعل شفاء امتي فيما حرم عليها ويستثنى او يخرج من هذا ما لا يكون على سبيل التداوي. ومن باب الغذاء مثل مثلنا له قبل قليل صمامات كذلك لو احتاج الى عظم ولم نجد الا عظم كلب قل يستعمله لان هذا ليس تداويا التداوي الخروج البدن من الحالة التي تخالف المألوف الى المألوف. فالمرض اعتلال يجعل البدن يخرج من الحالة المألوفة الى غيرها بينما الجوع نقص في الغذاء التداوي لا يكون الا بالحلال واما الطعام وسد حال الجوع والنقص فيجوز ان يكون بغير المباح لقوله تعالى وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم اليه ليبقى النظر بما يأتينا من الاشياء هل هو تداوي او لا ومن الامثلة ذلك ببعض الادوية توضع اجزاء محرمة الخمر او خنزير من اجل حفظ الدواء لا من اجل التداوي به فهذا لا يدخل معناها في هذا الباب قال المؤلف والصحيح عندي انه لا يتداوى بشيء من ذلك لان منه عوضا حلالا ولا يوجد في المجاعة من هذه العوظ من هذه الاعيان عوظ حال الجوع يقول يأكل ما يجد الا الميتة حتى لو وجد منها في المجاعة عوضا لم يأكلها فما لا يجوز التداوي بها لوجود العوظ وقد استدل بما رواه مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الخمر ايتداوى بها؟ قالت ليست بدواء ولا لكنها داء وفي قول الله جل وعلا ان الذين يكتمون ما انزل الله من الكتاب تحريم كتمان شيء من الاحكام الشرعية اذا احتاج العباد اليه وكانت اذهانهم تفهمه كما تقدم بهذه الايات تحريم الاستعاضة بشيء من الدنيا وكاتم العلم من اجل هذا وفيه بيان ان ما يؤخذ من امور دنيوية من اجل كتم العلم فانه مال حرام وسحت خبيث وفي هذه الايات اثبات صفة الكلام لله عز وجل لانه نفى ان يكون يكلم هؤلاء فدل هذا على انه يكلم غيرهم والمراد لا يكلمهم كلام رضا واما كلام الحساب والمؤاخذة فهو يكلمهم لحديث ما من احد الا سيكلمه ربه وفي هذه الايات دلالة على ان المال الحرام من اسباب سوء التصور ومن اسباب فساد العمل فمن يأكل المال الحرام يفتن ويصبح لا يميز بين الخير والشر والحق والباطل وبالتالي لا تتزكى نفسه بهذه الايات التعجب من جرأة اولئك الذين يقدمون الدنيا على الاخرة في هذه الايات ان انزال الكتاب بالحق بالتالي من اراد ان يسير به على الباطل فانه مخالف لمقصد الله عز وجل بهذه الايات تحريم الاختلاف في الاحكام الشرعية من الاصل عدم الجواز الا ما كان من طبيعة ابن ادم يعجز الناس عن الانفكاك عليه وبهذا نعلم ان من قال الاختلاف محمود انه مخالف لمقتضى النصوص بل الاختلاف مذموم والاختلاف شر كله فان قال قائل بان الله عز وجل يقول ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم الجواب عن هذا ان الاية تذم الاختلاف فانه بين ان حال الاختلاف مغاير لحال الرحمة ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك واما قوله ولذلك خلقهم اي ليرحمهم. لا ليختلفوا والايات التي فيها نهي عن الاختلاف كثيرة متعددة قال تعالى ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات خصوصا اذا ادى ذلك الى التنازع والتفرق والعداوة والبغضاء وقدح كل فريق في الاخر قال تعالى ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء انما امرهم الى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ثم قال تعالى ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب في هذا درء الاعتراض الذي اعترض به اليهود على المسلمين عندما حولت القبلة عندما حولت القبلة ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر في قرن الايمان بالله مع الايمان باليوم الاخر وهذا وهذا يسير عليه عدد من النصوص الشرعية التي جاءت بالقرن بينهما الكتاب وفي السنة ولذلك لابد من تقديم والاهتمام بهذا الجانب الايمان بالكتاب والسنة قال واقام الصلاة فيه الامر باقامة الصلاة واتى المال الى المراد بهذا الزكاة الى المراد به النفقة او يدخل فيه النفقة وقد وقع اختلاف في مسألة هل في المال حقوق اخرى غير الزكاة او لا فهناك اشياء تجب لما يعرض على الناس من امثلته ما ينوب الناس في ايام المجاعات وفي هذه الايات دليل على جواز حب المال وانه لا يلحق الانسان فيه حرج لقوله واتى المال على حبه وفي قوله ذوي القربى العلماء فيها قولان قول يقول بان المراد قرابة النبي صلى الله عليه وسلم يتقرب الى الله بتفقد حوائجهم وقول يقول لان المراد قرابة المنفق والمتصدق وقوله واليتامى الاصل في اليتيم من بني ادم من فقد ابوه حينئذ في الغالب يفقد من يعوله وينفق عليه ولذا شرعت النفقة له واما اذا كان اليتيم غنيا بكون عنده ورث في هذه الحال لا يدخل في المقصود هنا وقوله المال ليس المراد خصوص النقود بل كل ما يتواهتم ويمكن ان يستعاظ عنه بغيره بقوله والمساكين العلماء لهم مناهج بتفسير هذه اللفظة قيل المراد من لا يسأل مع حاجته قيل المراد من يجد ما يقوم ببعض حاجته لا بجميعها بالحديث ليس المسكين من ترده اللقمة واللقمتان لكن المسكين من لا يجد غنا يغنيه ولا يفطر فيتصدق عليه قد وقع اختلاف بين العلماء ايهما اكثر حاجة؟ المسكين او الفقير قال الجمهور الفقير اشد حاجة قال الحناء فقال الجمهور المسكين اشد حاجة قال الحنابلة الفقير اشد حاجة لعل القول الحنابلة اقوى لانه قال اما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين