الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فهذا لقاء جديد نتدارس فيه شيئا من ايات الاحكام من سورة البقرة. وهي سورة عظيمة مليئة بالاحكام وكنا توقفنا عند قول الله عز وجل للحج واشهر معلومات والعلماء لهم منهجان في تحديد اشهر الحج فمنهم من يقول اشهر الحج شوال وذو القعدة وجميع ذي الحجة ويرتب على هذا القول انه يجوز تأخير طواف الافاضة الى اواخر شهر هو قاصد للحج واعمال الحج غير اعمال التجارة. وقوفه بعرفة لا يتاجر به. وفي هذا الدعوة الى التجارة وجعل وترغيب الناس في ان يكون عندهم بيع وشراء وحركة تجارية في موسم الحج وفي ذي الحجة هذا القول هو المشهور من مذهب الامام مالك بينما هناك من يقول اشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وهذا هو مذهب الامام الشافعي وجمهور اهل العلم ويرتبون عليه انه لا بد ان يكون الاحرام للحج في اشهر الحج ويرتب عليه بعضهم ان العمرة ان المعتمر في اشهر الحج اذا حج في نفس سنته يكون متمتعا يجب عليه الهدي نوى التمتع او لم ينوي التمتع. وقوله جل وعلا فمن قضى فيهن الحج فرظ اي الزم نفسه بدخوله في النسك فهذا فيه دلالة على ان وقت الوقت المعتبر للنسك هو وقت الاحرام وليس وقت الطواف ولا تعي ولذلك من اعتمر من اعتمر وكان احرامه في شهر شعبان وطوافه وسعيه في شهر رمضان فعمرته وليست رمضانية. ومن احرم في رمظان وطاف وسعى في شوال يوم العيد عمرته رمضانية لان المعول عليه بوقت الاحرام لقوله فمن فرض فيهن الحج ولا يكون متمتعا لماذا؟ لان عمرته رمضانية. ما يكون متمتعا الا اذا كانت عمرته في اشهر الحج الامام ابو حنيفة ومالك لا يقصرون الاحرام على اشهر الحج والشافعي يقول احرام الحج لا يكون الا في اشهر الحج لقوله هنا فمن فرض فيهن حجة وقوله فلا رفث ولا فسوق. الرفث الحديث المتعلق بالنساء. ومعنى قوله لا رفث اي انه لو وقع حديث من احاديث النساء فانه لا يرتب عليه حكم شرعي ولذلك قال الجمهور الاحرام في الحج او او قال الجمهور عقد النكاح في احرام الحج او العمرة لا يصح لان الله قال فلا رفث وصحح الامام ابو حنيفة عقد النكاح في وقت الاحرام. وقول الجمهور اقوى. وقد جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ينكح المحرم ولا ينكح. لا ينكح يعني لا يكون زوجا ولا زوجة. ولا ينكح يعني لا يكون وليا في بعض الالفاظ ولا يخطب في بعض الالفاظ ولا يخطب قوله ولا فسوق المراد لا معصية فكأنه قال انهاكم نهيا اشد فيما يتعلق بالمعاصي انه لا يجوز ايقاعها وقت الاحرام وقوله هنا لا رفث ولا فسوق خبر لكننا نجد ان بعظ الناس يفعله فحينئذ دل هذا على على انه خبر المراد به النهي. خبر يراد به النهي للتخلف بعض افراده وقول فسوق الظاهر ان المراد به جميع المعاصي وبعضهم يحصره ببعض المعاصي كقتل الصيد او الذبح لغير الله ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وقد جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه. وقال الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة. والحج المبرور فيه خمس صفات اخلاص نية ومتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم وترك لمحظورات الاحرام وابتعاد عن المعاصي وفعل للطاعات ومن احسنها الاحسان الى الخلق باطعام الطعام وطيب المنطق ونحو ذلك وقوله ولا جدال في الحج الاصل في الجدال مرادة الكلام. هذا هو المراد الاصل في الجدال مرادة الكلام. والمراد به لا تجادل في وقت الحج. وتقترح اوقاتا اخرى كما ما يفعله اهل الجاهلية ولا تجادلوا في موضعه فهذا توقيت الهي من عند رب العزة والجلال. ومما يدخل فيه مرادة الكلام بما لا يعود به فائدة ومقصد الشارع في هذا ان يتعلم الناس من الحج ما يصحح عليهم بقية حياتهم المعاصي والجدال تورث العداوة بين الناس مرادة الكلام. فعندما يتعود الناس تركها في موسم الحج يكون هذا منطلقا لتصحيح بقية حياتهم ثم قال تعالى وتزودوا فان خير الزاد التقوى. اي يا اصحاب الاموال اذا ذهبتم الى الحج فخذوا مش سبب ومن ذلك ان تتزودوا ما تحتاجون اليه في رحلة الحج لان بعض الناس يذهب ويقول انا متوكل على الله. التوكل على الله حسن لكن لا ينافي ترك فعل الاسباب وفي هذا التعويد للناس على ان يفعلوا الاسباب. ثم قال فان خير الزاد التقوى فيه اشارة الى انه ينبغي بك ان تلتفت الى مقصد الشارع في تقريره للاحكام. فرض الصوم لعلكم فاتقوه بل العبادة كلها كما قال تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون وانظر مرات التقوى في في ايات الحج. كل ما جاءت اية فيها الامر بالتقوى والحث عليها. ثم قال تعالى ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم. فيه جواز التجارة في الحج في غير موسم الحج ومن هنا تلك المناهج التي تدعو الناس الى ترك التجارة وترك الاكتساب هذه مناهج مخالفة لشرع رب والجلال ثم قال تعالى فاذا افظتم من عرفات اي خرجتم من عرفات بعد تمام النسك والوقوف بعرفة لا بد ان يكون فيه جزء من الليل العلما لهم ثلاثة اقوال في حكم البقاء في عرفة الى غروب الشمس كما هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم. فطائفة قالت هو ركن لا يصح الحج الا به وهذا مذهب مالك وطائفة قالوا هو مستحب لو خرج قبل غروب الشمس فلا اثم عليه وهذا مذهب الشافعي وطائفة قالت هو واجب لكنه ليس بركن. وهذا مذهب ابي حنيفة واحمد من اين اخذنا انه واجب؟ قالوا لقول النبي صلى الله عليه وسلم بقي في عرفة الى ما بعد الغروب وفعل النبي صلى الله عليه وسلم اذا وقع بيانا لواجب كان واجبا وليس بركن لان النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى معنا صلاتنا هذه يعني صلاة الفجر يوم العيد في مزدلفة وكان قد وقف قبل ذلك ساعة من ليل او نهار يعني بعرفة فقد تم حجه وقوله من عرفات فيه اشارة الى ان الوقوف بعرفة ركن من اركان الحج. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم الحج عرفة الحج عرفة ومن الاحكام المتعلقة بهذا ان اي جزء من اجزاء عرفة فيصح الوقوف فيه. لانه قال افضتم من عرفات فجعل الافاضة من عرفة وهذا يصدق على اي جزء من اجزائها. ولا يلزم ان يكون الوقوف في محل معين و في قوله جل وعلا فاذا افضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام المشعر الحرام مزدلفة والذكر قد يراد به امران الاول الصلاة سواء صلاة المغرب والعشاء او صلاة الفجر وقد يراد به الدعاء وذكر الله جل وعلا اللساني ولذلك على القول الاول انها تفسر بالصلاة قال المالكية والحنفية يجب ان تكون الصلاة في مزدلفة. صلاة المغرب والعشاء ولا يجيزون ان يصليها في عرفة او في الطريق وقد يستدلون بقول النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة امامك. لما اقترح عليه بعض اصحابه ان يصلي. بل قال بعضهم لا تصح الصلاة قبل المزدلفة وعند الشافعي واحمد تصح الصلاة. ويجوز ان تفعل قبل المزدلفة خصوصا اذا خشي الانسان من خروج الوقت وقوله فاذكروا الله عند المشعل الحرام. قال بعضهم ان هذه الاية فيها دلالة على ان المبيت بمزدلفة واجب لان الاصل في الاوامر ان تحمل على الوجوب وفيه دلالة وقوله عند المشعر الحرام المراد به جميع مزدلفة وبالتالي اذا كان في اي جزء من اجزائه مزدلفة فانه قد ادى الواجب وبعضهم حصر المشعر الحرام بجبل الصبيين في وسط المزدلفة وسماه بعضهم جبل قزح والنبي صلى الله عليه وسلم بقي بجوار هذا الجبل بعيدا عنه في موطن المسجد لليوم حتى صلى الفجر فلما صلى الفجر صعد هذا الجبير الصغير يذكر الله ويدعوه وقوله ثم افيضوا من حيث افاض الناس قال طائفة بان المراد به اذهبوا الى عرفة لان قريشا واهل مكة في الجاهلية كانوا لا يذهبون الى عرفة لماذا؟ يقولون عرفة خارج الحرم. واهل الحرم لا يخرجون منه وبقية القبائل تخرج الى عرفة حتى ان النبي صلى الله عليه وسلم لما ذهب الى عرفة في حجته قال قائلهم هو من الحمس فما باله وعرفه لماذا يخرج اليها؟ فامره الله عز وجل ان يخرج وقول هنا ثم افيضوا هناك قراءة بانها ظرف وهناك قراءة بانها اداة عطف ومن جعلها اداة عطف قال بانها بمعنى الواو كما في قوله ثم كان من الذين امنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة اي وكان او فكان ثم قال جل وعلا فاذا قضيتم مناسككم. المراد بالمناسك اعمال الحج وتفعل يوم عرفة. وتفعل يوم العيد. وهي رمي الجمار وذبح الهدي. والحلق او التقصير والطواف بالبيت بان هذه الاعمال نسك من انساك الحج وفيه دلالة لمذهب الجمهور على ان الحلق والتقصير من انساك الحج واعماله وقول فاذا قضيتم اي اكملتم واتممتم فاذكروا الله كذكركم اباءكم قيل بان المراد به اعمال بقية المناسك من رمي الجمار في ايام التشريق وقيل بان المراد به التكبير. فانه يشرع للناس في يوم العيد ان يكثروا من التكبير واهل مكة واهل الحج يلبون الى ان يرموا جمرة العقبة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ثم يكبرون الى اخر ايام التشريق وغير اهل عرفة وغيرها الحجاج يكبرون التكبير المقيد بعد الصلوات يكبرون التكبير المطلق من اول ليلة من ليالي العشر الى صلاة المغرب من اليوم الثالث عشر في الاسواق والطرقات وفي الذهاب والاياب ويكبرون التكبير المقيد الذي يكون بعد الصلوات من صلاة الفجر يوم عرفة يوم التاسع. الى صلاة العصر من اليوم الثالث عشر. وفي هذا دلالة على مشروعية التكبير. وفي مثل في قول الله عز وجل واذكروا الله في ايام معلومات في ايام معدودات. فالايام المعدودات هنا الجمهور على انها ايام التشريق في الاية الاخرى في ايام معلومات فبعضهم قال المراد بالايام المعلومات يوم العيد وايام التشريق وبعضهم قال من العشر ماذا ترتب على ذلك؟ اعمال الحج واضحة لكن الكلام في وقت ذبح الهدي فان وقت ذبح الهدي موطن خلاف والاختلاف فيه في بدايته وفي نهايته هل يذبح الهدي في العشر قال الشافعية نعم وقال الجمهور لا ما يذبح حتى يكون يوم العيد وفي نهايته فان الحنابلة والشافعي يقولون يوم يذبح في يوم العيد وفي يومين بعده والجمهور قالوا يذبح في جميع ايام التشريق حتى اليوم الثالث عشر ولذلك فان المراد هذه الايات يختلف باختلاف الاحكام المرتبة عليه ثم قال جل وعلا فمن الناس من يقول ربنا اتنا في الدنيا حسنة في الدنيا وماله في الاخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة في هذا انه يجب على الانسان ان ينوي بعباداته الدار الاخرة ومن ثم نعلم خطأ من يقول نعبد الله محبة له فقط بل نعبد الله استجلابا لرضاه وفي نفس الوقت رغبة في الاجر الاخروي كما في هذه الايات. وقوله كذكركم اباءكم لانهم في الجاهلية كانوا يذكرون مآثرا ابائهم في ايام منى. فاراد الله ان تستبدل باقامة ذكر الله جل وعلا ثم قال جل وعلا واذكروا الله في ايام معدودات اذكروا المراد به الذكر وقيل المراد به رمي الجمار. وترتب عليه وقت الرمي. هل يكون في الليل او لا؟ بعضهم قال ينحصر في في النهار دون الليل. ويترتب عليه مسألة الرمي قبل زوال الشمس. فان طائفة قالت يجوز الرمي قبل الزوال اخذ من هذه الاية لانه قال واذكروا الله في ايام معدودات. ومن الذكر الرمي واليوم يصدق على ما قبل الزوال ثم قال فمن تعجل في يومين فاجاز الذهاب والتعجل في اليوم الثاني عشر ولم يفرق بين كون التعجل قبل الزوال او بعده. فاستدلوا بذلك على جواز ان يتعجل قبل الزوال ولا يكون متعجلا الا اذا رمى. اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لكل خير. وان يجعلنا واياكم هداة المهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين