الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. اما بعد فلا زال السياق الكلام عن ايات الاحكام في سورة البقرة قوله تعالى حافظوا على الصلوات اي واظبوا عليها وداوموا فيه ايجاب المداومة على الصلوات وقوله والصلاة الوسطى فيه التأكيد على هذه الصلاة والجمهور قالوا بان المراد بها العصر وورد ان هذه الصلاة غير العصر قال مالك هي الصبح قال مالك هي الصبح على كل الاقوال متعددة في هذه الاية قد ورد في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر. مما يدل على ترجيح قول الجمهور في هذه المسألة وقد استدل الجمهور بهذه الاية على ان صلاة الوتر ليست بواجبة لانه لو كانت صلاة الوتر واجبة لكانت الصلوات ست فلا يكون هناك صلاة وسطى فلما جعل هناك صلاة وسطى معناها ان عدد الصلوات المفروضة فردي وليس بزوجي وقوله جل وعلا وقوموا لله قانتين قيل المراد به السكوت اثناء الصلاة في هذا الدلالة على تحريم الكلام في الصلاة وان الكلام مؤثر على صحتها واخرون قالوا بان المراد به القيام وفي هذه الاية دلالة على ان من تكلم في الصلاة متعمدا بطلت صلاته اما من تكلم ساهيا او من غير قصد او لغير مصلحة الصلاة فحينئذ الجمهور على ان الصلاة لا تبطل بذلك لعدد من الاحاديث ثم قال تعالى فان خفتم فرجالا او ركبانا فيه وجوب الصلاة في حال الخوف والحرب وفيه ان الانسان يؤدي الصلاة على حسب حاله وقوله فرجالا اي وانتم على اقدامكم او ركبانا اي على ما تركبون عليه من المركوبات كالدواب ونحوها وفي هذا ان الانسان يؤدي من الواجب ما يستطيع عليه ما يستطيعه وان ما عجز الانسان عن بعظه فانه لا يسقط ما استطاع منه ولذا قالوا الميسور لا يسقط المعسور وقوله فاذا منتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون فيه ايجاب الصلاة بتمامها في حال الامن وقوله والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصية لازواجهم متاعا الى الحول غير اخراج للعلماء فيها قولان قول يقول بانها منسوخة بالاية السابقة والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعة في اشهر وعشرة وقولا يقول بان هذه الاية في السكنة في السكنة وتلك الاية في العدة والجمهور على القول الاول في قوله جل وعلا وللمطلقات متاع بالمعروف تقدم انواع المطلقات بالنسبة للمتعة ثم قال تعالى الم تر الى الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم احياهم بهذه الايات جواز الخروج من بلد فيه امراض لكن تلك الامراض غير معدية اما الاوبئة العامة فانه اذا وقعت في بلد حرم على اهله ان يخرجوا منه قد قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا سمعتم بالطاعون في ارض فلا تقدموا عليه واذا وقع بارض وانتم فيها فلا تخرجوا فرارا منه وفي قوله تعالى وقاتلوا في سبيل الله واعلموا ان الله سميع عليم فيه مشروعية القتال بشرط ان يكون في سبيل الله وبشرط ان تتوفر او ان توجد فيه شروط القتال ثم قال تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة المراد به مشروعية اعطاء نفقات الاعمال الخيرية وسماه قرضا لان الله يتفضل على العبد الذي ينفق بان يخلف عليه في ماله وفي هذا استحباب النفقة في سبل الخير في قوله من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا بالتحريم المن فيما يعطيه الانسان في سبل الخير او الاعجاب ثم ذكر الله عز وجل قصة بني اسرائيل من بعد موسى لم تر الى الملأ من بني اسرائيل من بعد موسى اذ قالوا لنبي له مبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله اخذ منه ان القتال لا يكون الا مع ولاية شرعية وانه اذا لم يكن هناك ولاية فان القتال يكون فوظى لا تنتظم به احوال الناس لان القتال يحتاج الى تخطيط القتال يحتاج الى معرفة اسرار العدو من اجل ان يتعامل معها بما يتناسب معها وفي هذه الايات بيان ان من العقوبات الاخراج من الديار العقوبة الشديدة بهذه الايات ان صاحب الحق له استرجاع حقه بما استطاع ما لم يخالف الشرع وفي هذه الايات ان العبرة بعلو الرجل وولايته في المناصب العامة ليس بماله وانما بقدرته سواء في العلم او في القوة وفي قوله جل وعلا فلما فصل طالوت بالجنود قال ان الله مبتليكم بنهر به ان الاختبار لتحديد من يصلح للولايات العامة مشروع وانه سنة الانبياء وفي قوله ومن لم يطعمه سمى الشرب طعاما تسمى الشرب طعاما مما يدل على ان الاصل ان من حلف ان لا يطعم فانه لا يشرب وقال ما اطعم من بستان ال فلان فيشمل المأكول والمشروب وفي قوله جل وعلا فشربوا منه الا قليلا منهم. الى قال جل وعلا كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله. فيه ان النصر بيد الله عز وجل يؤتيه من يشاء من عباده وفي الايات مشروعية الدعاء عند التحام الجيوش وانه من اعظم اسباب الانتصار وفيه مشروعية تثبيت الاقدام والصبر عند الالتحام مع العدو وان من اعظم ما يستجلب به النصر باذن الله الصبر في تلك المواطن وفيه ان النصر والهزيمة من عند الله. قال فهزموهم باذن الله وفيه ان التصرف في الملك والولاية لله جل وعلا ابتداء يؤتي الملك من يشاء من عباده وفي هذه الايات ان الحق والباطل يتدافعون الى قيام الساعة وانه لابد من وجود مدافعة لن يأمن الناس وان كان اهل الاسلام لا يسعون الى وجود المصادمة لكنهم يلجأون اليها ويضطرون. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تتمنوا لقاء العدو واذا لقيتموه فاصبروا وفي هذه الايات ان الرسل على مراتب وليسوا على مرتبة واحدة في هذه الايات ان الفتنة والاقتتال قد تحصل بين الناس بسبب ما عندهم من البغي ولو كانت الايات والبراهين حاضرة بين ايديهم وفي هذه الايات وما بعدها الترغيب في النفقة بسبل الخير وبيان ان هذه النفقة انما تكون من مال اعطاه الله للعبد والمطالب في النفقة ليس بجميع ما اعطاه الله للعبد وانما بجزء منه بهذه الايات اية الكرسي التي هي اعظم اية في كتاب الله بهذه الايات ان الشفاعة يوم القيامة عند الله انما تكون باذنه للشافع ورضاه عن المشفوع وفي قوله جل وعلا لا اكراه في الدين قيل بانها منسوخة باية القتال استدل بها المالكية على جواز اقرار جميع اصحاب الديانات واخذ الجزية منهم والجمهور يقولون الجزية لا تؤخذ الا من يهود او نصراني او مجوسي ومذهب المالكية في هذه المسألة اقوى استدل بعضهم بهذه الاية على ان المرتد لا يقتل ولكن الاية عامة وقد ورد في الحديث الصحيح تخصيص هذه الاية المرتد. وانه يقتل وفي قوله تعالى فمن يكفر بالطاغوت المراد بالطاغوت كل ما طغى وتجاوز حده الشرعي وفي هذه الاية في قوله الله ولي الذين امنوا اثبات الولاية لكل مؤمن وولاية الله على نوعين ولاية عامة لكل مؤمن وولاية خاصة تكون لاهل التقوى كما قال تعالى لان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين امنوا وكانوا يتقون والولاية العامة نثبتها لكل مؤمن والولاية الخاصة لا نثبتها لاحد الا بدليل فمن جاءنا وقال فلان ولي من اصحاب الولاية الخاصة كنا لا نقبل هذا الا بدليل وفي هذه الاية فضل الله جل وعلا على المؤمنين بان يخرجهم من الظلمات الى النور وفي هذه الايات جواز المحاجة والمجادلة للوصول الى الحق كما في محاجة موسى للذي اتاهم الله الملك في هذه الايات ايضا عدم استبعاد قدرة الله على شيء بهذه الايات الثلاث ثلاثة نماذج فيها احياء اموات احياء ناس بعد موتهم في الدنيا قصة ابراهيم الاولى ثم قصة عزير عندما ماته الله مئة عام ثم بعثه وفي قصة ابراهيم عليه السلام عندما طلب من ربه ان يريه كيف يحيي الموتى فامره ان يأخذ اربعا من الطير ويضع على كل جبل منهن جزء اه في هذه الايات ايضا في قوله تعالى مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل بكل سنبلة مئة حبة عظم فضل الله عز وجل بمضاعفة الاجر والثواب وانه قد تضاعف الحسنة الواحدة الى سبعمائة ظعف وفي قوله تعالى الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما انفقوا منا ولا اذى في تحريم المن بالصدقة وانه لا يجوز ان يمن الانسان بما دفعه من صدقات. فاذا اعطيت الفقير حرم عليك ان تمن عليه. قال انا محسن هيك قد يكون الفقير هو الذي احسن الى الغني باخذ زكاته بالتالي لا يجوز ان يمن عليه ولا ان يتبعه اذى انا اعطيت فلان انا اعطيت فلان قال تعالى الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما انفقوا منا ولا اذى لهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزن قول معروف ومغفرة كونك تتكلم مع الانسان بالكلام الطيب خير من صدقة يتبعها اذى وفي هذه الايات ان العمل الصالح قد يحبط ويذهب اجره بسبب ما يؤديه العبد من عجب او من او اذى ولذا قال لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى وفي هذه الايات تحريم الرياء وانه محبط للاجر والثواب كالذي ينفق ما له رياء الناس ثم قال جل وعلا ومثل الذين ينفقون اموالهم ابتغاء مرضات الله لان العبد يجب عليه عند النفقة ان يبتغي بذلك الاجر والثواب من عند الله. والنفقة على نوعين او على ثلاثة انواع النفقة الزكاة الواجبة فهذه عبادة لا بد ان يقصد بها التقرب لله والثانية النفقة المستحبة والصدقة المستحبة والثالثة النفقة على القرابة ينفق الانسان على زوجته ولو كانت زوجته غنية هذه كلها تدخل في هذا الباب وحينئذ نعلم ان المنفق على نوعين او على ثلاثة انواع من انفق لله لينال الاخرة فهذا له اجره في الاخرة. هو المؤمن الموحد والثاني من انفق من اجل الدنيا فهذا ليس له الا الدنيا وليس عليه وزر مثال ذلك بعض المرضى يدفع صدقة من اجل ان يشفيه الله من مرضه قد يروون داووا مرضاكم بالصدقة فحينئذ هذه الصدقة ليس فيها اجر اخروي. لماذا؟ لان العبد لم يقصد بها اجر الاخرة النبي صلى الله عليه وسلم يقول وانما لكل امرئ ما نوى والنوع الثالث من انفق رياء للناس فهذا اثم بهذه النفقة من تصدق رياء فهذا اثم وفي هذه الايات دلالة على ان الصدقة في سبل الخير من اكبر اسباب تثبيت الانسان على الحق ولذا قال وتثبيتا من انفسهم وفي هذه الايات ان النفقة في سبل الخير من اعظم اسباب استمرار النعم ودرء الشرور وعدم تمكن الاعداء من الانسان اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة وان يجعلنا واياكم من هداة المهتدين هذا والله اعلم صلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين