والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذلك ذلك الذي يبشر الله عباده وحده الذين امنوا وعملوا قل لا اسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ان الله غفور شكور على الله كذبا فان يشأ الله يختم على قلبك ويحق الحق بكلماته انه عليم بذات الصدور هاتان الايتان الكريمتان من سورة الشورى يقول الله جل وعلا ذلك الذي يبشر الله عباده الذين امنوا وعملوا الصالحات الايتين ذلك الاشارة الى ما سبق حيث قال جل وعلا والذين امنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم الاشارة في قوله جل وعلا ذلك الذي يبشر الله عباده الذين امنوا وعملوا الصالحات الى قوله جل وعلا والذين امنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ذلك الذي يبشر الله عباده الذين امنوا وعملوا هذه البشارة العظيمة يحصل من الله جل وعلا لعباده الذين اتصفوا بهذه الصفة الذين امنوا وعملوا الصالحات الايمان التصديق بالقلب والاخلاص بتوحيد الله جل وعلا وتجريد المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم وعملوا الصالحات ادوا الاعمال الظاهرة كما امر الله جل وعلا وسن رسوله صلى الله عليه وسلم هؤلاء تحصل لهم البشارة البشارة في الدنيا عند الاحتضار كما قال الله جل وعلا ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون لا تخافوا مما امامكم. ولا تحزنوا على ما خلفتم فامامكم الخير والسعادة والجنة وما خلفتم من الاولاد يتولاهم الله جل وعلا بحفظه ورعايته وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون يبشرون بهذا عند الاحتضار وعند الوظع في القبر يبشر بهذا وعند القيام من القبور عند النشور عند البعث فالبشارة معهم في كل موطن يكون فيه الفاجر والمجرم خائفا وجلا هم تتابعهم البشارة من الله جل وعلا لما لانهم امنوا وعملوا امنوا بالله وعملوا الصالحات تصدقوا ايمانهم في العمل الصالح ذلك الذي يبشر الله عباده الذين امنوا وعملوا الصالحات الذي هو لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ثم قال جل وعلا لمحمد صلى الله عليه وسلم قل يا محمد او للكفار والمسلمين من المهاجرين والانصار او للعرب قاطبة قل لا اسألكم عليه اجرا ما جئت به من الحق والهدى لا اطلب عليه مقابلا منكم لا اطلب عليه مالا ولا اطلب عليه رياسة ولا اطلب عليه ملك لا اريد من وراء ذلك الا وجه الله جل وعلا قل لا اسألكم عليه اجرا وهكذا الانبياء عليهم الصلاة والسلام كل واحد منهم يقول لقومه مثل ذلك كما قال نوح عليه الصلاة والسلام الذي هو اول الرسل وما اسألكم عليه من اجر ان اجري الا على رب العالمين. وكذا الانبياء بعده عليهم الصلاة والسلام لا يطلبون من الناس اجرا على تبليغ الرسالة فلا يطلبون منهم من مالا ولا رئاسة ولا جاها ولا ملكا ولا زواجا ولا غير ذلك قل لا اسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى الا المودة في القربى قال فيها المفسرون رحمهم الله ثلاثة اقوال تدل على معان متفاوتة ولكن لا منافاة بينها الا المودة في القربى ثلاثة اقوال تدل على معان ثلاثة متفاوتة الا المودة في القربى لا اسألكم مالا ولا جاها الا ان تودوني وتساعدوني او تخلوا بيني وبين رسالتي لتبليغها لما بيني وبينكم من القربى وكان من صفات قريش الحسنة صلة الرحم والمحافظة على حق القريب لكن لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم وجاءهم بما جاءهم به من الحق والهدى قطعوا رحمه عليه الصلاة والسلام ونابذوه العدا وقاطعوا من امن به واتبعه وان كان اقرب قريب اليهم وقاطع الاب ابنة لان الابن اسلم وقاطع الولد اباه لان الاب اسلم ويقول عليه الصلاة والسلام لا اريد منكم شيئا الا المودة القرابة المحافظة على القرابة التي كنتم تحافظون عليها من قبل لا تقفوا في طريقي في تبليغ رسالة ربي اذا لم تقبلوها انتم فدعوني والناس قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسألكم عليه اجرا الا ان تؤدوا الا ان تؤذوني في نفسي لقرابتي منكم وتحفظ القرابة التي بيني وبينكم وروى الامام احمد عن حسن بن موسى عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا اسألكم على ما اتيتكم من البينات والهدى اجرا الا ان الا ان تؤدوا الله وان ان تودوا الله المودة يعني تحب الله. نعم وان تقربوا تقربوا اليه بالطاعة تقربوا اليه بالطاعات وهكذا رواه قتادة عن الحسن البصري قوله جل وعلا ومن يقترف حسنة نجد له فيها حسنا يقترف قالوا اقترف كذا يقترف يكتسب حسنة يزيد الله جل وعلا له فيها الحسنة في عشر امثالها الى اضعافك الى سبع مئة ضعف الى اضعاف كثيرة. والله يضاعف لمن يشاء من يكتسب ويقترف ويأتي بحسنة الله جل وعلا يضاعفها له ومن يقترب حسنة نزد له فيها عشنا ان الله غفور شكور كافور كثير المغفرة جل وعلا شكور يشكر عبده على العمل اليسير غفور يغفر الذنب العظيم شكور يقبل العمل اليسير ويثيب عليه الثواب الجزيل فهو جل وعلا مع كونه يعطي العطاء الجزيل يقبل من عبده العمل اليسير ويغفر له الذنب العظيم وبجانب التجاوز والصفح هو جل وعلا يتجاوز عن العظائم يغفر غفور صيغة مبالغة شكور يشكر على العمل وان كان يسيرا فالعبد اذا تقرب الى الله بشيء يسير تقبله الله جل وعلا اذا كان خالصا لوجهه كما ورد في الحديث ان الرجل يتصدق بعدل تمرة ويتقبلها الله جل وعلا بيمينه وكلتا يدي رب يمين مباركة فيربيها للواحد كما يربي احدنا فلوه حتى تكون كالجبل العظيم فهو يقبل جل وعلا العمل اليسير ويثيب عليه ويغفر الذنب العظيم ويتجاوز ان الله غفور شكور. نعم ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا اي ومن يعمل حسنة حسنة نزد له فيها حسنا اجرا وثوابا لقوله تعالى ان الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها ويؤتي من لدنه اجرا عظيما. يعني العطا يعطي العطاء الكثير واذا قدم العبد شيئا ولو يسيرا فانه لا يظيع عند الله لا يقال هذا ليس بشيء بجانب حق الله جل وعلا ان الله لا يظلم مثقال ذرة وقال بعض السلف ان من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ومن جزاء السيئة السيئة بعدها قال بعض السلف رحمهم الله من علامة قبول الحسنة ان يوفق العبد لحسنة بعدها وهذه مناسبة عظيمة لنا في هذه الايام مثلا من وفقه الله جل وعلا لاداء الحج وحج بيته الحرام ورجع الى اهله فهناك علامات من المرء نفسه هل قبل حجه وغفر ذنبه ام لم يقبل والعياذ بالله وصار حظه التعب علامة واضحة اذا كان العبد بعد عودته من الحج سلك مسلكا حسنا وحفظ نفسه عن المعاصي وزاد في الطاعات واجتهد فهذا علامة على قبول حجه عند الله جل وعلا واذا كان العبد قد ادى الحج ثم رجع الى اهله فعاد الى ما هو مقترف من المعاصي او زاد فيها معناه لم يستفد من حجه خيرا لان الحج ورمضان مدارس منا من يتخرج منها بعلوم عظيمة وخيرات كثيرة ومنا من والعياذ بالله من يكون محروما ما استفاد منها خيرا يصوم رمضان فاذا انتهى رمظان عاد الى معاصيه وسيئاته واهماله للواجبات وتركه للصلاة وغير ذلك هذا علامة على ان عمله مردود والعياذ بالله كذلك الحج حج واجتهد في الاعمال الصالحة في حجه وفي بيت الله الحرام فحينما رجع الى اهله رجع بحال اسوأ من حاله السابق والعياذ بالله هذا علامة على انه محروم والعياذ بالله اما ان رجع بحال احسن من حاله السابقة فهذا علامة على انه موفق مقبول عند الله جل جل وعلا نعم وقوله ان الله غفور شكور ان يغفر الكثير من السيئات ويكفر القليل من الحسنات فيستر ويغفر ويضاعف ام يقولون افترى على الله كذبا بل ايقولون اذا قلنا ام هنا المنقطعة فهي بمعنى بل والهمزة همزة الانكار بل ايزعمون انك يا محمد افتريت على الله كذبا بان سبت القرآن الى الله جل وعلا تكذب عليه وتفتري عليه وهو يسمعك ويراك ام يقولون افترى على الله كذبا فان يشأ الله يختم على قلبك ويمحو الله الباطل ويحق الحق بكلماته لا يتركك تكذب على الله جل وعلا ويرفع لك ذكرك لا يتركك تكذب على الله ويفتح قلوب العباد قبول ما تدعو اليه وانت كاذب. لا ما يصير هذا ام يقولون افترى على الله كذبا يشأ الله يختم على قلبك لو كان كذلك ما تركك ختم الله على قلبك لانه قادر لا يقر من يكذب عليه وان تركه فترة فمآله الى الفشل سؤاله الى الرد والفضيحة لان الله قد يستر العاصي والمجرم في اول معصيته واول اجرامه لعله يتوب فاذا تمادى في غيه فضحه الله جل وعلا وكذلك الشأن فيك يا محمد لو انك كاذب ما تركك الله جل وعلا بل يختم على قلبك ويمحو الله الباطل ام يقولون افترى على الله كذبا فان يشأ الله يختم على قلبك اي لو افتريت عليه كذبا كما يزعم هؤلاء الجاهلون يختم على قلبك يطبع على قلبك وسلبك ما كان اتاك من القرآن كقوله تعالى ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين الله ولو تقول علينا يعني محمد بعض الاقاويل تقول يعني قال على الله ما لم يقل ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ولقطعنا منه الوتين نياط القلب يأخذ الله جل وعلا به بالقوة ما يتركه ويقطع لياط قلبه يعني عروق القلب يعني ينتقم منه لا يتركه وكذلك هنا يشأ الله يختم على قلبك ويمحو الله الباطل اذا انك تأتي بباطل وتنسبه على الله الى الله جل وعلا لعاقبك الله بالختم على قلبك ومحى الله جل وعلا الباطل واحق الحق اظهره. نعم انتقمنا منهم منه اشد الانتقام وما قدر احد من الناس ان يحجز عنه ويمحو الله الباطل ويحق الحق بكلماته ينزل الحق واضحا جليا للعباد لا يتركك يا محمد تكذب عليهم. ولكن الامر انك اتيت بالحق واتيت بالصدق. ولذا اقرك الله جل وعلا على ما تقوله انه عليم بذات الصدور. علمه جل وعلا متعلق بما في القلوب زيادة على الظاهر اذا علم ما في القلب النية علم الظاهر من باب اولى لا يتركك وهو يراك ويعلم حالك تكذب على الناس لان الله جل وعلا عليم في ذات الصدور بما في القلوب زيادة على الشيء الظاهر الناس يعلمون الظاهر الشيء الذي يرى واما علم الله جل وعلا فهو احاط بكل شيء. يعلم ما في قلب العبد وما توسوس به نفسه قبل ان يتكلم به العبد جل وعلا ويمحو الله الباطل ليس معطوفا على قوله يختم فيكون مجزوما بل هو مرفوع عن الابتداء قاله ابن جرير قال وحذفت من كتابته الواو في رسم المصحف كما حذفت في قوله سندعو الزبانية وقوله ويدعو الانسان بالشر دعاءه بالخير وقوله ويحق الحق بكلماته معطوف على ويمحو الله الباطل ويحق الحق يمحو الله الباطل ويحق الحق يظهره ويبينه اي يحققه ويثبته ويبينه ويوضحه بكلماته. هنا قال يمحو بحذف الواو الاصل يمحو واو يمحو مثل دعا يدعو وقال يمحو الله بحاء فقط بدون الواو والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين