لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان الذين يتلون كتاب الله واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم سره وعلانية وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم اجورهم ويزيدهم من فضله انه غفور شكور والذي اوحينا اليك من الكتاب هو الحق هو الحق مصدقا هو الحق والذي اوحينا اليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه ان الله بعباده لخبير بصير هذه الايات الكريمة من سورة فاطر ثناء من الله جل وعلا لعباده على عباده الذين اتصفوا بهذه الصفات يقول جل وعلا ان الذين يتلون كتاب الله هذه واحدة واقاموا الصلاة هذي الثانية وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية لما فعلوا ذلك يرجون تجارة لن تبور هؤلاء سبق ان اثنى جل وعلا على اهل خشيته وقال جل وعلا انما يخشى الله من عباده العلماء ان الله عزيز غفور ان الذين يتلون كتاب الله هؤلاء هم اهل خشية الله جل وعلا هم العلماء العاملون العلماء بالله جل وعلا العاملون بمرضاته لانه كما تقدم العلم الحقيقي النافع هو العلم بالله جل وعلا والعمل بطاعته والبعد عن معصيته فاذا انضم الى ذلك معرفة الاحكام الشرعية فتلك صفة كمال اخرى واما اذا كانت معرفة الاحكام الشرعية فقط بدون خوف من الله جل وعلا ولا خشية له فتلك حجة الله على العبد حجة عليه معرفته مع معصيته والعياذ بالله فاولئك الذين يخشون الله جل وعلا ويعلمون حقه اثنى على عليهم بما اتصفوا به من هذه الصفات ان الذين يتلون كتاب الله المراد يتلون يعني يقرأون كتاب الله الذي هو القرآن وتلاوة القرآن عبادة لله جل وعلا من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر امثالها يقول صلى الله عليه وسلم لا اقول الف لام ميم حرف ولكن الف حرف ولام حرف وميم حرف يتلون كتاب الله يقرأون ما تيسر لهم وكل مسلم يمكنه ان يشغل جل وقته بتلاوة كتاب الله. وان كان في عمل من الاعمال فهو اذا ردد فاتحة الكتاب التي هي اعظم سورة في القرآن ما نزل في التوراة ولا في الزبور ولا في ولا في الانجيل مثلها هي السبع المثاني وهي القرآن العظيم او ردد سورة الاخلاص قل هو الله احد التي تعدل ثلث القرآن او قرأ اي اية من كتاب الله وهو سائر في طريقه او جالس او متهيأ للنوم او متهيأ للاكل او مستريح من عمل يقرأ ما تيسر ولا يلزم ان يكون حافظا لكتاب الله كله فاذا ردد بعض سوره او بعض اياته ويعتبر ممن يتلو كتاب الله والتلاوة عبادة والعمل بكتاب الله عبادة فلا تكفي التلاوة عن العمل بل لابد مع التلاوة من عمل ان يعمل بما فيه ان الذين يتلون كتاب الله مستمرون مستمرون بتلاوة كتاب الله واقاموا الصلاة صفة اخرى حق الله جل وعلا الصلاة اعظم فريضة على العباد بعد شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله اقاموا الصلاة ولم يقل جل وعلا صلوا او فعلوا الصلاة بل اقاموها والاقامة شيء والفعل شيء اخر كثير يؤدي الصلاة وقليل من يقيمها المصلون كثير لكن من يؤديها من يقيمها كما امر الله هؤلاء قليل من المصلين من يخرج من صلاته وليس له منها الا العشر ومن المصلين من ترد صلاته عليه تلف كما يلف الثوب الخلق ويرمى بها وجه صاحبها ومن المصلين من تسعد صلاته ولها نور وتفتح لها ابواب السماء وتقول حفظك الله كما حفظتني والاثنان ربما يكونا في صف واحد بحسب حضور القلب والاقبال على الله واتمام الركوع والسجود والقراءة والخشوع فيها واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم. حق الله جل وعلا في المال الصلاة حقه جل وعلا في البدن والانفاق حقه في المال انفقوا اعطوا وبذلوا من ما رزقناهم هذا الذي يعطون منه مما اعطيناهم الله جل وعلا يشعر العباد بانك حينما تعطي لله فانت تعطي مما اعطاك الله والله جل وعلا اعطاك الكثير وطلب منك اليسير مما اعطاك وانفقوا مما رزقناهم الله جل وعلا رزق واعطى الكثير وطلب الشيء اليسير منه مما رزقناهم سرا وعلانية سرا صدقة السر وعلانية صدقة العلانية والمفظلة صدقة السر واحيانا تكون صدقة العلانية افضل صدقة السر لان فيها الاخلاص لله جل وعلا والمرء اعطى الا وهو مؤمن بان الله مطلع عليه وهو ما اعطى ليمدح يشكر او ليثنى عليه وانما اعطى من اجل الله جل وعلا طلبا لثواب الله وهو مؤمن بان الله مطلع ايسر واحيانا تكون صدقة العلانية افضل من اجل الاقتداء بذلك والترغيب في الصدقة فاذا سارع المسلم وتصدق بصدقة علانية عند الطلب ثم اقتدي به بعد ذلك فله مثل اجور من تبعه من غير ان ينقص من اجورهم شيء والنبي صلى الله عليه وسلم اثنى على صدقة السر ووعد عليها الثواب العظيم من الله جل وعلا وهو ان الله جل وعلا يظل العبد تحت ظل عرشه يوم لا ظل الا ظله في عرصات القيامة من السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه رجل تصدق بصدقة فاخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه والله جل وعلا اثنى وامتدح احلى الصفتين سرا وعلانية وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله سرا وعلانية فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون سرا وعلانية قال بعض العلماء الافضل ان تكون صدقة التطوع سرا وصدقة والصدقة الواجبة التي هي الزكاة تكون علانية قالوا صدقة التطوع لانها اصلا ليست واجبة عليه يعطيها لله والله جل وعلا يعلم بذلك وصدقة الصدقة الواجبة الزكاة الواجبة واجبة عليه ويجب عليه دفعها فاذا اسرها ربما اتهم بانه لم يدفع الزكاة لم يزكي ماله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم رحم الله امرأ كف الغيبة عن نفسه فيدفع الزكاة الواجبة علانية لئلا يتحدث به او يقال ان فلانا لا يزكي او لا يعطي صدقة ماله وعلى المسلم ان يفعل هذا وهذا وبحسب الحال احيانا يكون اظهارها احسن من اجل ان يقتدى به واحيانا يكون اخفاؤها احسن سرا اخلاصا لله جل وعلا وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور في هذه الافعال التي تقدمت جمعوا انواع الطاعة لقوله تعالى انما يخشى الله من عباده العلماء ان الذين يتلون كتاب الله واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية الاية الاولى عمل القلب الاخلاص والخشية لله جل وعلا في القلب وتلاوة كتاب الله جل وعلا باللسان واقاموا الصلاة فعل البدن وانفقوا مما رزقناهم العطى من المال فجمعوا انواع الطاعات القلبية واللسانية والبدنية والمالية وهذه اعلى الصفات وما دونها تبع لها افضل عمل القلب الاخلاص لله جل وعلا وافضل عمل اللسان تلاوة كتاب الله وافضل عمل البدن الصلاة وافضل ما يستعمل المال الاعطاء منه من زكاة ولهذا سميت زكاة لانها تزكي المال وتنميه ويزداد باذن الله ويبارك فيه يرجون تجارة لن تبور هذا هذه الجملة قال العلماء هي الخبر خبر ان السابق ان الذين يتلون كتاب الله اسمه ان الاسم الموصول يتلون كتاب الله صلته واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم معطوفات عليها يرجون هذا الجواب الخبر خبر ان هذا فعلهم يرجون تجارة يأملون تجارة مع من؟ مع الله جل وعلا والتجارة مع الله جل وعلا لن تبور لن تكسد ولن تفسد ولن تبطل بل هي كاملة باذن الله ان الذي يتاجر مع الله جل وعلا رابح ولن يحصل على ربح اكثر من ربح مع الله جل وعلا ومن الله تعالى وتقدس سبحانه وتعالى كما روي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لما جاءته تجارة عظيمة وكان الناس في المدينة في امس الحاجة الى هذه البضاعة وهذا النوع من الطعام سارع اليه التجار يشتروا منه تجارته وقالوا له نعطيك بالدرهم درهمين وقال اعطيت اكثر وهكذا كل ما زادوا قالوا اعطيت اكثر قالوا نعطيك بالدرهم عشرة اشتريته بدرهم يكون نشتريه بعشرة ومن اشتريته بعشرة يكون بمئة ومن اشتريته بمئة يكون بالف نشتريه منك فقال اعطيت اكثر فقالوا يرحمك الله نحن تجار المدينة كمن اعطاك اكثر منا قال اعطاني الله جل وعلا الدرهم سبعمائة واكثر من ذلك هل عندكم زيادة قالوا لا نستطيع ان اعطيك بالدرهم سبعمائة درهم نخسر وجعلها لله رضي الله عنه وارضاه ووزعها على المحتاجين في المدينة لانه رأى ان الناس في امس الحاجة اليها قرأ رضي الله عنه ان تجارته مع الله اربح له واكثر له فائدة من ان يربح من التجار فهؤلاء الذين هذه صفتهم يرجون تجارة لن تبور يقال هذه سلعة بائرة يعني كاسدة هذا عمل باهر هذا عمل بوار يعني باطل لا قيمة له هذا طعام بائر يعني فاسد لا يصلح ان يؤكل وهؤلاء تجارتهم مضمون نجاحها وربحها لانها مع الغني الكريم جل وعلا يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم اجورهم ان فعلوا هذا الفعل يعلمون ان الله جل وعلا يعطيهم اجورهم وافية كاملة زائدة غير منقوصة سلام في قوله تعالى ليوفيهم متعلقة بمحذوف دل عليه السياق اي فعلوا ذلك ليوفيهم اجورهم فعلوا هذا الفعل لماذا لم يفعلوه هكذا عبثا وانما فعلوه احتسابا من اجل ان يوفيهم الله جل وعلا اجورهم ليوفيهم اجورهم ويزيدهم من فضله يعني يعطيهم ما يستحقون ويزيدهم وزيادة هذه الزيادة المضاعفة الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة قال بعض المفسرين رحمهم الله ويزيدهم من فضله يعني يجعل لهم فسحة في القبور تكون قبورهم روضة من رياض الجنة ويزيدهم من فضله تشفعهم فيمن احسن اليهم في الدنيا من المسلمين اجعل لهم شفاعة مقبولة عنده ويزيدهم من فضله. يضاعف لهم. يعطيهم ما يستحقون من الاجور الحسنة بعشر امثالها الى سبع مئة ضعف ازيدهم على ذلك وقد ورد في قوله جل وعلا للذين احسنوا الحسنى وزيادة قالوا الزيادة النظر الى وجه الله الكريم في الجنة وذلك اعظم ما يتمتع به المرء في الجنة واعظم نعيم عنده النظر الى وجه الله الكريم ليوفيهم اجورهم ويزيدهم من فضله يوفقهم مضارع منصوب بان المظمرة وكذلك يزيدهم معطوف عليه انه غفور شكور حسن عظيم الجمع بين هذين الاسمين العظيمين المتضمنين للصفتين العظيمتين الغفور ان هؤلاء يحصل منهم شيء من الهفوات التقصير والله جل وعلا يغفر يغفر الزلات شكور يقبل العمل الصالح وان كان يسيرا. يشكر عليه غفور يغفر الزلات وهؤلاء ليسوا معصومين من المعاصي يقعون في شيء منها والله جل وعلا يغفر لهم متصف بهذه الصفة العظيمة واسمه الغفور ثمان من يعمل هذه الاعمال قد يكون عمله قليل ليس كثير من حيث الكمية لكنه من حيث الكيف فيه اخلاص لله لان الله جل وعلا لا يقبل من العمل الا ما كان خالصا صوابا واذا كان خالصا صوابا ولو كان يسير الله جل وعلا يشكر العامل انه اي الله جل وعلا غفور ثم انه جل وعلا اثنى على كتابه العزيز الذي امتدح له وهو كتاب عزيز كتاب حق وقال جل وعلا والذي اوحينا اليك من الكتاب المراد بالكتاب هنا القرآن ومن بيانية والذي اوحينا اليك من الكتاب قال بعض المفسرين المراد بالكتاب هنا اللوح المحفوظ وعلى هذا تكون من هذه تبعيضية لان المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ليس كل ما في اللوح المحفوظ بل هو منه والاولى ان تكون هذه المراد بالكتاب القرآن ان الله جل وعلا امتدحه وقال هو الحق. وهو الذي بين ايدينا ومنزل على محمد صلى الله عليه وسلم والذي اوحينا اليك من الكتاب هو الحق هو الصدق وهو الذي لا شك فيه ولا باطل ولم يتضمن كذب هو الحق مصدقا لما بين يديه هذا ترغيب للاخذ به من قبل المسلمين المؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم ومن بعث فيهم ومن قبل من كان موجودا آنذاك من اهل الكتاب من اليهود والنصارى وهذا الكتاب الذي انزل على محمد صلى الله عليه وسلم ليس مناقضا لكتبكم ايها اليهود والنصارى وليس مخالفا لها بل هو مصدق لها الشرائع السماوية كلها متفقة على توحيد الله جل وعلا ونفي الشركة وان اختلفت الاحكام مثلا الصيام مفروض علينا وعلى من قبلنا كما قال الله جل وعلا لكن صيامنا يختلف عن صيامهم الصلاة مفروضة علينا وعلى من قبلنا. لكن الصلاة علينا تختلف عن الصلاة على من قبلنا وهكذا الاحكام تختلف لكن الشرائع السماوية تتفق في الاصل الذي هو العقيدة الذي هو التوحيد ما جاءت شريعة من الشرائع باباحة الشرك هو الحق مصدقا لما بين يديه. يعني مصدقا للكتب التي قبله ما بين يديه ما امامه يعني قبله جاء قبله مصدقا للتوراة ومصدقا للانجيل ومصدقا للزبور مصدقا للكتب السماوية النازلة من الله جل وعلا على الرسل صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين لما بين يديه ان الله بعباده لخبير بصير خبير يعلم بواطنهم جل وعلا مصير يعلم ظواهرهم فهو مطلع على ظمائرهم وعلى ظاهرهم جل وعلا وفي هذا تنبيه الاختلاف الشرائع والله اعلم ان الله جل وعلا يشرع لكل امة ولكل نبي ما هو انسب لقومه مصدقا لما بين يديه من الكتاب مصدقا لما بين مثلا وهكذا يقول الاصل هو هو الاصل الموجود في الكتب السابقة موجود في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وما نسخ او عدل مما يتعلق بالاحكام الشرعية الحلال والحرام واباحة بعض الاطعمة وتحريم بعضها ونحو ذلك هذا راجع الى علم الله جل وعلا انه اعلم بما يصلح لهؤلاء وما يصلح لاولئك ان الله في عبادة ده خبير عالم بهم وبما في بواطنهم فيما في قلوبهم وبصير عالم مطلع على اعمالهم الظاهرة لا تخفى عليه خافية لا يخفى عليه عمل القلب كما لا يخفى عليه عمل الجوارح يعلم ما يصلح لهؤلاء وما يصلح امور دينهم ودنياهم ويعلم ما يصلح لاولئك مما يصلح امور دينهم ودنياهم والله جل وعلا شرع لهم ما يصلحهم لانه جل وعلا يشرع عن علم وحكمة وبصيرة جل وعلا وقد يبيح الشيء لحكمة جل وعلا ثم يحرمه وقد يفرض الشيء لحكمة ثم يرفعه وينسخه لحكمة ان الله بعباده لخبير بصير وهو جل وعلا موصوف بصفات الكمال منزه عن صفات النقص والعيب ويثبت لله جل وعلا ما اثبته لنفسه او اثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل على حد قوله جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير والله اعلم صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين