واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون القائل هو الله تعالى والله يدعو الى دار السلام وثبت رسوله عليه الصلاة والسلام وهو مبلغ عن الله وكان المؤمنون فهم قائمون برسالة الرسول لا تفسدوا في الارض اي بالكفر والنميمة وايقاع الشر وغير ذلك اي لا تعصوا في الارض وكان فسادهم ذلك معصية لله لان من عصى الله في الارض او امر بمعصية الله فقد افسد في الارض لان صلاح الارض والسماء بالطاعة والفساد خروج الشيء عن حال استقامته وكونه منتفعا به والمقصود هنا اظهار معصية الله النهي عن اظهار معصية الله لان الفساد هو اظهار معصية الله وانما كان افسادا في الارض لان الشرائع سنن موضوعة بين العباد فاذا تمسك الخلق بها زال العدوان ولزم كل احد شأنه فحقن في الدماء وسكنت الفتن وكان فيه صلاح الارض وصلاح اهلها اما اذا تركوا التمسك بالشرائع والدين واقدم كل احد على ما يراه لزم الهرج والمرج والاضطراب وحصل القتل ونقيض الفساد الصلاح وهو الحصول على الحالة المستقيمة النافعة وكان فساد المنافقين في الارض انهم كانوا يمايلون الكفار ويمادئونهم على المسلمين بافشاء اسرارهم اليهم واغرائهم عليهم وذلك مما يؤدي الى هيج الفتن بينهم فلما كان ذلك من صنيعهم مؤديا الى الفساد قيل لهم لا تفسدوا فمن الفساد في الارض اتخاذ المؤمنين الكافرين اولياء من الفساد في الارض اتخاذ المؤمنين الكافرين اولياء قالوا انما نحن مصلحون فجمعوا بين العمل بالفساد في الارض واظهارهم انه ليس بإفساد بل هو اصلاح قالوا ذلك قلبا للحقائق وجمعا بين فعل الباطل واعتقاده حقا وهذا اعظم جناية ممن يعمل بالمعصية مع اعتقاد انها معصية فهو اقرب للسلامة وارجى لرجوعه ولذا كان المبتدع على خطر عظيم لانه يعتقد صحة ما هو عليه من السوء وانما كان العمل بالمعاصي في الارض افسادا لانه يتضمن فساد ما على وجه الارض من الخيرات والحبوب والثمار والاشجار والنبات بما يحصل فيها من الافات بسبب المعاصي وبان الاصلاح في الارض ان تعمر بطاعة الله والايمان به لهذا خلق الله الخلق واسكنهم في الارض وادر عليهم الارزاق ليستعينوا بها على طاعته وعبادته وتطبيق شرعه فاذا عمل فيها بضده كان سعيا فيها للفساد وتخريبا لها عما خلقت له والمنافقون وقعوا في السبأ ولم ينتفعوا من عقولهم فحقيقة السفه جهل الانسان بمصالح نفسه وسعيه فيما