واقيموا الصلاة واتوا الزكاة وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله ان الله بما تعملون بصيرا اي ادوا الصلاة المفروضة عليكم بشروطها واركانها وسننها وخشوعها وادفعوا زكاة اموالكم امضي بنفس منكم الى مصارفها التي حدها الله والوافي واقيموا حرف عطف فهو معطوف على قوله فاعفوا واصفحوا وقد امرهم بالصبر واللجوء الى الله تعالى بالعبادة والبر فالمراد الامر بملازمة طاعة الله من الفرائض والواجبات والتطوعات والعمل الصالح وذلك بقرينة قوله وما تقدم وما شرطية اي شيء تفعلونه وتسلفونه فهو لمصلحة انفسكم قال العلماء ان الصلاة قربة فيما بين العبد وبين ربه تجمع جميع افعال الخير وفيها غاية منتهى الخضوع له والطاعة من القيام بين يديه والمناجاة فيه والركوع له والسجود على الارض وتعثير الوجه فيها حتى لو ان احدا ممن اخلص دينه لله لو اعطي ما في الدنيا ان يعفر وجهه بالارض لاحد من الخلق ما فعل والزكاة فيما بين العبد وبين الخلق لتأليف القلوب واجتماعها وفيها اظهار الشفقة لهم والرحمة لذلك عظم الله تعالى شأنهما وشرف امرهما واعلى منزلتهما وعلى ذلك قرنهما بالايمان في المواظع كلها وما تقدموا لانفسكم من خير اي عمل صالح كصلاة وصدقة وصيام وذكر وقراءة قرآن فهو لمصلحة انفسكم تجدوه اي تجدوا ثوابه وجزاءه ونفعه تجدوه مدخرا لكم عند الله اي سبحانه وتعالى محفوظا عنده في الاخرة فتجد التمرة واللقمة فيها مثل احد فالخير هنا يتناول اعمال البر كلها الا انه تعالى خص من بينها اقام الصلاة وايتاء الزكاة بالذكر تنبيها على عظم شأنهما وعلو قدرهما عند الله تعالى فان الصلاة قربة بدنية ليكون عمل كل عضو شكرا لما انعم الله عليه في ذلك والزكاة قربة مالية ليكون شكرا للاغنياء الذين فضلهم الله في الدنيا بالاستمتاع بلذيذ العيش بسبب سعتهم في الاموال وفي الجمع بين الصلاة والزكاة بيان السعادة في عبادة الخالق بالاحسان في طاعته والاحسان الى عبيده وما تقدموا لانفسكم اشارة الى ان المقصود الاصلي والحكمة الكلية في جميع ما انعم الله تعالى به على المكلفين في الدنيا ان يقدموه الى معاذهم ويدخروه ليومهم العاجل ان الله سبحانه وتعالى بما تعملون اي من الخيرات وما تنفقون من الصدقات بصير اي عليم بنياتكم وخرجات قلوبكم لا يخفى عليه شيء من قليل الاعمال ولا من كثيرها قال الطبري علينا وعليه رحمة الله وهذا الكلام وان كان خرج مخرج الخبر فان فيه وعدا ووعيدا وامرا وزجرا وذلك انه اعلم القوم انه بصير بجميع اعمالهم. ليجدوا في طاعته اذ كان ذلك مذكورا لهم عندهم حتى يثيبهم عليه كما قال وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله وليحذروا معصيته اذ كان مطلعا على راتبها بعده بعده تقدمه اليه فيها بالوعيد عليها وما اوعد عليه ربنا جل ثناؤه فمنهي عنه وما وعد عليه فمأمور به وباسياق هذه الاية بعد الاية السابقة تنبيه على انه كما يلزمهم لحظ حال غيرهم بالعفو والصفح كذلك يلزمهم لاحظ انفسهم باداء الواجبات من خير من حسنة صلوات او صدقة فريضة او تطوع