ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم يعني دينهم وتصلي الى قبلتهم اي انه ليس غرضهم بما يقترحون من الايات ان يؤمنوا بل لو اتيتهم ما يسألونه لن يرضوا عنه وانما يرضيهم ترك ما انت عليه من الاسلام والايمان والاحسان واتباعهم والملة فسرها العلماء قال المراغي علينا وعليه رحمة الله الطريقة المشروعة للعباد تسمى ملة لان الانبياء املوها وكتبوها لامتهم وتسمى دينا لان العباد انقادوا لمن سنها وتسمى شريعة لانها مورد للمتعطشين الى ثواب الله ورحمته فالملة هي الشريعة وقد قال الراغب في مفرداته الملة في الدين وهي اسم لما شرعه الله تعالى لعباده على لسان الانبياء ليتوسلوا به الى جوار الله والفرق بينها وبين الدين ان الملة لا تضاف الا الى النبي عليه الصلاة والسلام الذي تسند اليه نحو فاتبعوا ملة ابراهيم واتبعت ملة ابائي ولا تكاد توجد مضافة الى الله ولا الى احاد امة النبي صلى الله عليه وسلم لا يقال ملة الله ولا يقال ملتي ولا ملته قال الطبري مفسرا الاية وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك ابدا فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم واقبل على طلب رضا الله في دعائهم الى ما بعثك الله به من الحق فان الذي تدعوهم اليه من ذلك لو هو السبيل الى الاجتماع فيه معك على الالفة والدين القيم ولا سبيل لك الى ارضائهم باتباع ملتهم لان اليهودي ضد النصرانية والنصرانية ضد اليهودية ولا تجتمع النصرانية واليهودي في شخص واحد في حال واحدة واليهود والنصارى لا تجتمعوا على الرضا بك الا ان تكون يهوديا نصرانيا وذلك مما لا يكون منك ابدا لانك شخص واحد ولن يجتمع في فنينان متضادان في حال واحدة واذا لم يكن الى اجتماعهما فيك في وقت واحد سبيل لم يكن لك الى ارضاء الفريقين سبيلا واذا لم يكن لك الى ذلك سبيل فالزم هدى الله الذي لجمع الخلق الى الالفة عليه سبيلا وقوله تعالى قل ان هدى الله هو الهدى اي الصراط الذي دعا اليه وهدى اليه هو طريق الحق ولئن اتبعت اهواءهم يعني ما كانوا يدعونه اليهم من المهادنة والامهال بعد الذي جاءك من العلم اي البيان بان دين الله عز وجل هو الاسلام وانهم على الضلالة ما لك من الله من ولي ولا نصير لن تجد من الله مناصرة ولا معونة وفي هذا التحذير من خطورة ترك الحق ومجاراة اهل الباطل وهذا تلقين العقيدة وتقريرها بمعنى قل ان الهدى هدى الله اي ما انت عليه يا محمد من هدى الله الحق الذي يضعه في قلب من يشاء هو الهدى الحقيقي لا ما يدعيه هؤلاء من اليهود والنصارى ومن شابههم قل ان هدى الله هو الهدى. يعني دين الله هو الدين الذي انت عليه ولذا يجب على المسلم ان يتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى ولئن اتبعت اهواءهم. الاهواء جمع هوى وهو ما تميل اليه النفس من الشهوات والقاعدة من اتبع الهوى هوى ولئن اتبعت اهواءهم ولئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم اي القرآن ووحي السنة قال الطبري علينا وعليه رحمة الله يعني جل ثناؤه بقوله ولئن اتبعت يا محمد هوى هؤلاء اليهود والنصارى فيما يرضيهم عنك من تهود وتنصر فصرت من ذلك الى ارظائهم ووافقت فيه محبتهم من بعد الذي جاءك من العلم بظلالتهم وكفرهم بربهم. ومن بعد الذي اقتصت عليك من نبأهم في هذه السورة ما لك من الله من ولي؟ يعني بذلك ليس لك يا محمد من ولي يلي امرك وقيم يقوم بك ولا نصير ينصرك من الله فيدفع عنك ما ينزل بك من عقوبته ويمنعك من ذلك ان احل بك ذلك ربك اقول واهل الكفر مهما تعددت مللهم فانهم يريدون اغواء المسلمين ولذا جاء بالجمع فاء اهواء جمع هوى ولما كانت مختلفة جمعت ولو حمل على افراد الملة لقيل هواهم وهؤلاء لن ينصروك اذا توليتهم والاهواء كما قلنا جمع هوى واهل الاهواء اهل البدع قال الجرجاني الهوى ميلان النفس اذا ما تستلذ من الشهوات من غير داعية للشرع ولا يستعمل في الغالب الا فيما ليس بحق وفيما لا خير فيه والولي الحق هو الله فالولي الذي يتولى الاصلاح والحياط والنصر والمعونة هو الله سبحانه وتعالى والنصير بناء مبالغة في اسم الفاعل من نصره ولا نصير الا الله والاية الكريمة تقود الى التعلق بالله فيجب تعلق القلب بالله خوفا ورجاء لانك متى علمت انه ليس لك ولي ولا نصير فلا تتعلق الا به سبحانه وهذه الاية تقود الى هدى الله وهدى الله دينهم والهدى بمعنى الهادي الى طريق الفلاح في الدنيا والاخرة