بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى واذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنا واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى وعاهدنا الى ابراهيم واسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود قال العلامة السعدي علينا وعليه رحمة الله ثم ذكر تعالى نموذجا باقيا دالا على امامة ابراهيم وهو هذا البيت الحرام الذي جعل قصده ركنا من اركان الاسلام حاطا للذنوب والاثام وفيه من اثار الخليل وذريته ما عرف به امامته وتدثرت به حالته اقول وفيه تبكير لكل احد ان يعمل ليكون اماما يقتدى به في الخير ولذلك فانا نذكر ابراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام في كل صلاة وبيت الله لا تشبع منه النفوس ولذلك فان المسلم يتوب اليه بقلبه ايضا ويتوجه له في كل صلاة ويتذكره كل ليلة وقوله تعالى واذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنا يقول وظعنا البيت يعني الكعبة معادا لهم يعودون اليه مرة بعد مرة. حجا وعمرة قال تعالى قال قتادة مجمعا للناس يثوبون اليه من كل جهة ولا يتركون زيارته بل يثوبون اليه حجا وعمرة كلما انصرفوا اشتاقوا اليه والامن مصدر من قول القائل امن يأمن امنا وانما سماه الله امنا لانه كان في الجاهلية معاذا لمن استعاذ به وكان الرجل منهم لو لقي به قاتل ابيه او اخيه لم يهجه ولم يعرض له حتى يخرج منه وكان كما قال الله جل ثناؤه اولم يروا انا جعلنا حرما امنا ويتخطف الناس من حولهم وامر الله الناس ان يتخذوا من مقام ابراهيم وهو الحجر الذي كان يقف عليه وهو ابن الكعبة مصلى اي مكانا للصلاة. فقال تعالى واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى روى البخاري في صحيحه قال حدثنا عمرو ابن عون قال حدثنا هشيم عن حميد عن انس بن مالك قال قال عمر وافقت ربي في ثلاث فقلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام ابراهيم مصلى. فنزل واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى وفي صحيح مسلم من حديث جابر وفيه حتى اذا اتينا البيت معه استلم الركن فرمل ومشى اربعا ثم نفذ الى مقام ابراهيم فقرأ واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى فجعل المقام بينه وبين البيت وفي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الاية اشارة الى ان فعله امتثال لامر الله وقد اوصى ربنا ابراهيم واسماعيل بتطهير البيت الحرام من الاقذار والاوثان وتهيئته لمن اراد التعبد فيه بالطواف والاعتكاف والصلاة وقراءة القرآن فقال وعهدنا الى ابراهيم واسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين السجود اي اوصينا اليهم بوصية مؤكدة بتطهير بيت الله وان يبنياه بنية خالصة لله عز وجل ويعني تعالى ذكره بقوله والعاكفين والمقيمين به والعاكف على الشيء هو المقيم عليه. وانما قيل للمعتكف معتكف من اجل مقامه في الموضع الذي حبس فيه نفسه لله تعالى والركع جماعة القوم الراكعين فيه له. واحدهم راجع وكذلك السجود هم جماعة القوم الساجدين فيه له واحدهم ساجد كما يقال رجل قاعد ورجال قعود ورجل جالس ورجال جلوس فكذلك رجل ساجد ورجال سجود وقيل بل عنا بالركع السجود المصلين. واذا كان يصلي فهو من الركع السجود وخص الركوع والسجود بالذكر بانهما اقرب احوال المصلي الى الله تعالى وكل مقيم عند بيت الله ارادة وجه الله فلا يخلو من احدى هذه الرتب الثلاث اما ان يكون في صلاة او في طواف او في قربة. قال زكريا الانصاري قوله تعالى ان طهرا بيتي طائفين والعاكفين قاله هنا بلفظ والعاكفين وفي الحج بلفظ والقائمين والمراد منها المقيمون وغاير بينهما لفظا جريا على عادة العرب من تفننهم في الكلام هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته