ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وانتم مسلمون. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تمتن الا وانتم مسلمون في هذه الاية الكريمة بيان اهتمام ابراهيم ويعقوب بصلاح النفس والذرية فذكر الله حالهما في التوصية وجاء عطف يعقوب على ابراهيم بعد ذكر المفعول اشارة الى نجاح دعوة ابراهيم وان شأن يعقوب بالتبع والسير على سنة الخليل والتوصية العهد المؤكد في الامر الهام ووصى بها وصى بهذه الكلمة اعني بالكلمة قوله اسلمت لرب العالمين وهي الاسلام الذي امر به نبيه وهي اخلاص العبادة والتوحيد لله وخضوع القلب والجوارح له واصلاح الظاهر والباطن لله تعالى وان يكون الاستسلام لله هو المهيمن بحيث ان الانسان يجعل الاسلام هو المهيمن على نفسه وعلى بيته وعلى عمله وعلى اموره كلها يا بني اي يا ابنائي وانما ناداهم بوصف البنو ترفقا معهم ليكون ادعى الى القبول ان الله اصطفى لكم الدين اي ان الله عز وجل اجتبى لكم هذا الدين الكامل فلا تفرطوا فيه ولا تفارقوه في حياتكم بل الزموه وقوموا به ليرزقكم الله الوفاة عليه الدين اي العبادة والعمل ويطلق على الجزاء ولذلك فان المؤمن يدين بالدين ليجازى به فلا تموتن الا وانتم مسلمون الفاء للتفريق الفاء هذه للتفريع اي فعلى هذا الاختيار تمسكوا بهذا الدين وداوموا على الاسلام حتى لا يصادفكم الموت الا وانتم مسلمون واحسنوا في الحياة والزموا هذا ليرزقكم ليرزقكم الله الوفاة عليه فان المرء يموت غالبا على ما كان عليه ويبعث على ما مات عليه قال ابن كثير علينا وعليه رحمة الله. وقد اجرى الله الكريم عادته بان من قصد الخير وفق له ويسر عليه ومن نوى صالحا ثبت عليه من فوائد الاية اولا اهمية هذه الوصية وان المؤمن يهتم بصلاح ذريته في حياته وبعد مماته ثانيا الاقتداء بابراهيم ويعقوب في هذه الوصية لانهم ممن امرنا بالاقتداء بهم ثالثا ان الله اختار لعباده المؤمنين ما فيه مصالحهم في الدنيا والاخرة رابعا التلطف في الخطاب مع الاخرين وتأمل الخطاب يا بني خامسا على الانسان ان يتعاهد نفسه بالتوبة والعبودية حتى لا يأتيه الموت وهو غافل سادسا تكرار الوصية من ابراهيم ويعقوب بدليل قوله ووصى مشددا فانه يعني بذلك انه عهد اليهم عهدا بعد عهد واوصى وصية بعد وصية سابعا الاعمال بالخواتيم ثامنا تضمن الخطاب وصية للاباء لا يرونك حيث نهاك الله فان الامر بالمعروف عليه ان يطبق ما يأمر به قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد اخبرنا عمر ابن ابراهيم الفقيه قال اخبرنا مقاتل بن محمد بن بنان قال حضرت مع ابي واخي عند ابي اسحاق يعني ابراهيم الحربي فقال ابراهيم لابي هؤلاء اولادك؟ قال نعم قال احذر لا يرونك حيث نهاك الله فتسقط من اعينهم فهذه ايها الاخوة وصية جليلة ينبغي ان تكون من الاباء على ذكر لاجل ان يستجيب الابناء للنصح تاسعا من شأن اهل الحق والصلاح ان يكونوا حريصين على صلاح انفسهم وصلاح امتهم هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته