فان امنوا بمثل ما امنتم به فقد اهتدوا وان قل لو فانما هم في شقاق فسيكفيكهم الله. وهو السميع العليم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى فان امنوا بمثل ما امنتم به فقد اهتدوا وان تولوا فانما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم فان امنوا بمثل ما امنتم به اي ان امنوا بالله والنبي والقرآن وهذا خطاب للمسلمين فان امن اهل الكتاب وغيرهم بمثل ما امنتم به من جميع كتب الله ورسله ولم يفرقوا بين احد منهم فقد اهتدوا اي سلكوا سبيل الهداية والهداية هنا هداية العلم والتوفيق وان تولوا فانما هم في شقاق التولي الاعراب اي الاعراض عن الايمان بمثل ما امنتم به والشقاق اصله من الشق وهو الجانب كأن كل واحد من الفريقين في جانب غير الجانب الذي فيه الاخر وهو ايضا مأخوذ من فعل ما يشق ويصعب فكل واحد من الفريقين يحرص على فعل ما يشق على صاحبه وجملة فانما هم في شقاق اسمية للدلالة عن الاستمرار والثبوت اذا الشقاق المنازعة والمجادلة والمخالفة والتمادي وقد اكد الجملة الواقعة شرطا بي ان وتأكد معنى الخبر بحيث صار ظرفا لهم وهم مظروفون له. فانما هم في شقاق فالشقاق مستو الشقاق مستول عليهم من جميع جوانبهم ومحيط بهم احاطة البيت بمن فيه فسيكفيكهم الله تدليلا على قوله فانما هم في شقاق تثبيتا للنبي صلى الله عليه وسلم ومن معه ومن هو سائر على هديه لان الاعلام بان هؤلاء في شقاق مع ما هو معروف من كثرتهم وقوة انصارهم مما قد يتحرج له السامي فوعد الله بانه يكفي شرهم الحاصل من توليهم فمعنى كفايتهم كفاية شرهم وشقاقهم ان الله سبحانه وتعالى يكفيه شر هؤلاء ويبعد عنهم الاذى ولذلك الانسان لما يصبر ويؤدي حق الله تعالى كما هو فان الانسان ينال من الخير الكبير. قال شيخ الاسلام ابن تيمية من احتمل الاذى في طاعة الله على الكرامة في معصية الله كما فعل يوسف وغيره من الانبياء والصالحين كانت له العاقبة له في الدنيا والاخرة كانت العاقبة له في الدنيا والاخرة وهو السميع العليم. اي وهو السميع لاقوالهم العليم باحوالهم يسمع جميع ما ينطقون به ويعلم جميع ما يضمرون من الحسد والغل وغير ذلك وهو مجازيهم ومعاقبهم وقال ابو حيان ومناسبة هاتين الصفتين هنا ان كلا من الايمان وظده مشتمل على اقوال وافعال وعلى عقائده تنشأ عنها تلك الاقوال والافعال فناسب ان يختم ذلك بهما اي وهو السميع لاقوالكم العليم بنياتكم واعتقاداتكم ولما كانت الاقوال هي الظاهرة لنا الدالة على ما في الباطن قدمت صفة السميع على العلم ولان العلم فاصلة ايضا وتضمنت هاتان الصفتان الوعيد لان المعنى وهو السميع العليم فيجازيكم بما يصدر منكم من فوائد الاية اولا المراد من القول هنا ان يكون اعلانا فيعتز المؤمن بدينه ويثبت على عقيدته ثانيا كل من عاند الحق الذي انزله الله فقد شق العصا وبدد الشمل ثالثا بالاية الكريمة تطمين للمؤمن وخطاب للنفس فما دام معك القوي الذي لا ينقص والحي الذي لا يموت والعليم بكل شيء فانت في امان الله وحفظه ورعايته فلا تخشى الا الله رابعا القرآن سبب للطمأنينة تأمل الاية فلما كان الانسان اذا سمع فانما هم في شقاق قد يخاف. فطمأن الله المؤمنين فقال فسيكفيكهم الله خامسا دلت الاية الكريمة على انه تعالى لا يقبل من احد عملا الا بالايمان بهذه المعاني التي عدها قبلها سادسا لا انصاف حلول ولا يمكن ان يلتقي المسلمون واهل الكتاب في منتصف الطريق ولا ان يتفقوا تابعا لا يجوز تمييع حقائق العقيدة استرضاء للكفار ثامنا اهمية التوكل على الله وان على المؤمن ان يحقق العبودية والتوكل على الله تاسعا يجب مراقبة الظاهر والباطن ومجاهدة النفس ليكون المرء على ما يحبه الله. فالله سميع للاقوال عليم بالبواطن والنيات عاشرا فيه معجزة من معجزات القرآن ودلالة من دلائل النبوة وهو الاخبار بالشيء قبل وقوعه فوقع طبق ما اخبر اذ ان الله نصر نبيه في جميع المواطن وفي خليفة وفي خلافة عمر بن الخطاب اهلك الله اكبر اميراطوريتين. فارس والروم اسأل الله ان يتولانا واياكم وان يدفع عنا وعنكم الشر والظرر امين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته