يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون بعد ان ذكر الله اصناف الناس الثلاث المؤمنين الكافرين المنافقين جاء الخطاب الى الجميع بقوله تعالى يا ايها الناس وهذا تشريف وتكريم ان يكون الانسان محلا لخطاب الله تعالى واهلا لتحمل كلامه وتلقي اوامره وفي هذه الاية امر وتكليف وهو خطاب لجميع الناس مؤمنهم وكافرهم ولما امر الله بالعبادة ذكر الخالقية التي هي معراج العبودية فالله خلقنا وخلق الذين من قبلنا في ذلك حجة عليهم لانهم مغرون بانهم مخلوقون وليذكرهم نعمته وفيه توجيه الناس للامر الذي خلقوا من اجله ثمان في الايجاد الاول برهانا على الايجاد الثاني يوم القيامة ومن عرف ان الله خالقه عرف انه خالق غيره اعبدوا اي اطيعوا بالايمان والامتثال للامر والنهي مع غاية الحب لله والتعظيم له العبادة غاية الذل لمن له غاية الاحسان اي وحدوا ربكم بعبادته ولا تشركوا به شيئا وبذلك تصلون الى التقوى وهي سبب سعادتكم وتنجون من الشرك الذي هو سبب الشقاء والهلاك والحرمان وقد امر الله بالعبادة والعبادة تعظيم الله واظهار الخظوع له ولما امرهم بالعبادة ناداهم بالربوبية فالرب هو الخالق المالك المدبر والرب هو الذي يسوس من يربيه ويدبر شؤونه وهو المستحق للعبادة الذي خلقكم وفي الخلق الانشاء والاختراع والابداع وذكر نعمة الخلق بان بقية النعم تترتب عليها وهي نعمة لا ينكرها احد حتى الكفار والله هو المنعم على عبيده بخلقهم واخراجهم من العدم الى الوجود ثم اسبغ عليهم النعم التي لا يحصيها الا هو فهو المستحق للعبادة وحده وقد ذكر الله صفة الخلق بان الجميع مقرون بانهم مخلوقون له وذكر الذين من قبلنا لان نعمة الله على الاباء نعمة الله على الابناء وليكون ابلغ في الموعظة وليعلموا ان الذي امات من قبلهم سوف يميتهم عند انتهاء اجالهم لعلكم تتقون التقوى منتهى درجات السائرين الى الله والتقوى التبرأ من كل شيء لا يحبه الله مع العمل بطاعة الله لعلكم تتقون اي لعلكم تتخذون وقاية تحفظكم من عذاب الله وذلك بالايمان والعمل الصالح بعد ترك الشرك والمعاصي وفيه تنبيه ان العابد ينبغي ان لا يغتر بعبادته ويكون ذا خوف ورجاء