لما امر الله بعبادته نبه على الاعتراف بنعمه فعدد صنوفا ليستدلوا بها على وجوب عبادته قال تعالى الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج به من التمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون ففي هذه الاية اقامة البراهين بخلقه السماوات والارض والثمرات ثانيا ملاطفة جميلة بذكر ما لله عليهم من الحقوق وتأمل في قوله جعل لكم ورزقا لكم وقد ذكر ربنا الخالقية التي هي معراج العبودية وذكر الارض امتنانا بالمكان الصالح للعيش والاستقرار وجعله ممهدا للاستقرار بدون لغوب في الفراش الممهد والمح الى نعمة الهواء فالارض محاطة بالهواء النافع لحياتهم وهو غباء الروح الحيواني كما قال تعالى والسماء بناء وذكر اخراج الثمار لاجتماع ماء السماء مع قوة الارض وقد ضرب الله العبرة باقرب الاشياء واظهرها وفيها انفع الاشياء وقد انزل الله ماء ليحفظ الحياة ومنافع السماء متصلة بمنافع الارض حتى لا يخرج شيء من الارض الا بما ينزل من السماء فمعنى الاية وجهوا العبادة الى الذي ينزل لكم من السماء ماء عند حوائجكم ولا تعبدوا من تعلمون انه لم يخلقكم ولا انزل من السماء ماء ولا اخرج لكم رزقا قال العلماء هذه الاية تعطي ان الله اغنى الانسان بنعمه هذه عن كل مخلوق فمن احوج نفسه الى بشر مثله بسبب الحرص والامل والرغبة في زخرف الدنيا فقد اخذ بطرف من جعل لله ندا