بعد ان عدد الله شيئا من نساوئ الضالين وبين سوء مصيرهم جاء الانكار والتوبيخ فخاطب جميع الكفرة بقوله كيف تكفرون بالله وكنتم امواتا فاحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون كيف تكفرون بالله معنى كيف هنا استفهام في معنى التعجب بمعنى التعجب والتوبيخ للخلق اي اعجبوا من هؤلاء كيف يكفرون بالله وحالهم انهم كانوا ترابا فاحياهم بان خلق فيهم الحياة فالخطاب للكفار والتعجب للمؤمنين ويشمل الخطاب ان يكون معناه كيف تكفرون ونعمه عليكم سابغة وقدرته غالبة وليحذر المؤمن كفر نعم ربه وكفر النعم يؤول الى الكفر بالله كيف تكفرون بالله مع ظهور عظمته وعلوه ثم بين قدرته فقال وكنتم امواتا فاحياكم. اي عدما غير موجودين. فاحياكم اي فخلقكم وقوله ثم يميتكم اي في الدنيا عند انقضاء اجالكم والاحياء والاماتة من دلائل قدرته. وظاهر حكمته وعظيم علمه وشموله ثم يحييكم اي في الاخرة للبعث والنشور والحساب والجزاء والقصاص وهي حياة اخرى ارقى من هذه الحياة واكمل لمن زكى نفسه وعمل صالحا وعرف ربه بفلانه وعمل بمقتضاه وهي حياة دونها لمن افسد فطرته وقدم شهوته واهمل التدبر في سنن الكون والتي ما في الكون من شيء الا يدل على الخالق الرازق فالمراد بالموت الاول العدم السابق وبالحياة الاولى الخلق وبالموت الثاني الموت المعهود ثم اليه ترجعون تردون فيجازيكم على اعمالكم والمرء يفكر كثيرا برجوعه الى ربه ومولاه ويحاسب نفسه ليستعد الى ذلك الرجوع وفي الليل والنهار تذكير بانقضاء هذه الدنيا وذهابها وان الانسان قد خلق الله له انفاسا معدودة وساعات محدودة عند انقضائها تقف دقات قلبه ويطوى سجله ويحال بينه وبين هذه الدار اما الى دار انس وبهجة واما الى دار شقاء ووحشة