اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم يصلون الكتاب افلا تعقلون اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب. افلا تعقلون اتأمرون الناس بالبر؟ الاستفهام للتقريع والتوبيه فقد كانت اليهود تقول لاقربائهم من المسلمين اثبتوا على ما انتم عليه ولا يؤمنون به فانزل الله تعالى توبيها لهم اتأمرون الناس بالبر؟ اي بالايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وتنسون اي وتتركون وكل طاعة لله تسمى برا. فالاية الكريمة تشمل كل من امر بطاعة ولم يعمل بها. انفسكم اي فلا تأمرونها بذلك وتتركون انفسكم من العمل وانتم تتلون الكتاب حال كونكم تقرأون التوراة وفيها صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعشه وظهرت لكم دلائل نبوته افلا تعقلون اي افلا تعقلون انه حق فتتبعونه وافلا تعقلون وبعد ذلك وانه رادع عليكم والعقل مأخوذ من عقال البعير. وهو ما يشد به ركبة البعير سمي به لانه يمنعه من الشرود كذلك العقل يمنع صاحبه من التمرد والخروج عن طاعة ربه وينبغي على العبد ان يحفظ عقله من الشرود فهو خسارة من حياة العبد اما التفكر والتدبر وتأمل ايات الله الكونية والقرآنية فهو باب عظيم من ابواب السعادة وجمع الحسنات الكثيرة وعلى كل مسلم ان يكون داعيا الى الله وان يبدأ بنفسه في كل خير يعلمه الناس فهو اصل استقامة الخلق بفعله ومتى كان الداعي الى الله مستقيما وضع الله البركة في قوله ويسر الله قبول دعوته في الناس وفي هذه الاية الكريمة حث الواعظ على تزكية نفسه والاقبال عليها بالتكبير لاجل ان يصلح ويصلح به غيره وليست الاية منع المقصر من واجبه في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فان الاخلال لاحد الامرين المأمور بهما لا يوجب الاخلال بالاخر وليحذر المرء غاية الحذر الاتفاق بصفة اليهود قال ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله قد ذم الله عز وجل في كتابه قوما كانوا يأمرون الناس باعمال البر ولا يعملون بها ذما ووبخهم الله به توبيخا يتلى في طول الدهر الى يوم القيامة فقال اتأمرون الناس بر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون