اياك نعبد واياك نستعين اياك نعبد اي نخصك ونقصدك بالعبادة وهي الطاعة مع الخضوع اي غاية الذل لمن له غاية الاحسان وذل العبد لربه تكريم لنفسه بان العبد خلق للعلم بالله ولاجل عبادة الله فالعبادة عبارة عما يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف واياك نستعين اي ومنك نطلب المعونة اياك في الموضعين مفعول بالفعل الذي بعده وانما قدم ليفيد الحصرة فان تقديم المعمولات يقتضي الحصر فاقتضى قول العبد اياك نعبد ان يعبد الله وحده لا شريك له واقتضى قوله واياك نستعين اعترافا بالعجز والفقر وانا لا نستعين الا بالله وحده وينوي القاري عند القراءة القراءة والدعاء والطلب مستظهرا الذل والافتقار للعدي القهار وكرر اياك للاهتمام والحصر اي لا نعبد الا اياك ولا نتوكل الا عليك وهذا هو جمال الطاعة والدين يرجع كله الى هذين المعنيين وهذا كما قال الحسن البصري الفاتحة سر القرآن وسرها هذه الكلمة اياك نعبد واياك نستعين فالاول اياك نعبد تبرأ من الشرك. والثاني واياك نستعين تبرأ من الحول والقوة والتفويض فاياك نستعين اي نطلب العون منك على العبادة وعلى جميع امورنا وفي هذا دليل على بطلان قول القدرية والجبرية وان الحق بين ذلك وفي هذه الاية دليل على ان العبد لا يجوز له ان يصرف شيئا من انواع العبادة كالدعاء والاستغاثة والذبح والطواف الا لله وحده وفيها شفاء القلوب من داء التعلق بغير الله ومن امراض الرياء والعجب والكبرياء وليعلم المسلم انه حينما يقول اياك نعبد واياك نستعين انه يؤدي العهد والميثاق على العبادة والاستعانة بالله فليحذر نظ هذا الميثاق ونقضى هذا العهد فقد اخرج الطبري في تفسيره قال حدثنا بشر ابن معاذ قال حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة قوله الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه قال قتادة فاياكم ونقض هذا الميثاق فان الله قد كره نقضه واوعد فيه وقدم فيه في اي القرآن حجة وموعظة ونصيحة وانا لا نعلم الله جل ذكره اوعد في ذنب ما اوعد في نقض الميثاق فمن اعطى عهد الله وميثاقه من ثمرة قلبه فليفي به لله قال محقق الكتاب احمد شاكر علينا وعليه رحمة الله وقوله من ثمرة قلبه اي خالص قلبه مأخوذ من ثمرة الشجرة لانها خلاصتها واطيب ما فيها وفي حديث المبايعة فاعطاه صفقة يده وثمرة قلبه اي خالص عهده وهو حديث عبد الله ابن عمر ابن العاص ويقال خصني فلان بثمرة قلبه اي خالص مودته