ان الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من امن بالله واليوم الاخر من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم اجرهم ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ان الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابرين من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ان الذين امنوا اي بالانبياء الماظين من قبل والذين هادوا اي الذين دخلوا في اليهودية والنصارى وهم اتباع عيسى فيما امره الله به والصابئين وهم فرقة عبدوا الله ولهم كتاب من امن اي من هؤلاء بالله الايمان الكامل والايمان الكامن هو الايمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم بدليل قرينة المقام واليوم الاخر وعمل صالحا وخص ذكر اليوم الاخر لان الايمان به مدعاة للعمل لاجل النجاة من عذابه وفي ذكر العمل الصالح ايماء بالايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم لان الدليل قد قام ان من لم يؤمن به لا يكون عمله صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وانتبه يا اخي الكريم فقد قال عند ربهم ليدل على عظم الثواب بان ما يكون عند الله من الجزاء على العمل لا يكون الا عظيما والثواب عند الله باق لا يجوز وبان المجازي لهم هو ربهم المنعوت بصفات الكرم والرحمة وسعة العطاء في هذه الاية الكريمة بيان رحمة الله الواسعة فلما بين الله تعالى حال من خالف اوامره وارتكب زواجره وتعدى في فعل ملا ابن فيه وانتهك المحارم وذكر ما احل بهم من النكال وهم اليهود نبه تعالى على ان من احسن من الامم واطاع فان له جزاء الحسنى وكذلك الامر الى قيام الساعة كل من اتبع الرسول النبي الامي فله الابدية ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه وما هم يحزنون على ما يتركونه ويخلفونه ولما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم خاتما للنبيين ورسولا الى بني ادم على الاطلاق والى الجن والانس اجمعين وجب عليهم تصديقه فيما اخبر وطاعته فيما امر والانتفاخ عما عنه نهى وزجر وهؤلاء بهذا هم المؤمنون حقا ولذا فقد سميت امة محمد صلى الله عليه وسلم مؤمنين لكثرة ايمانهم وشدة ايقانهم ولانهم يؤمنون بجميع الانبياء الماضية والغيوم الاتية وربنا جل جلاله قد ذكر هذه الاية في هذا الموطن لمناسبة يدركها كل بليغ وهي ان ما تقدم عن اليهود من حكاية سوء مقابلتهم لنعم الله تعالى قد جرت عليهم ظرب الذلة والمسكنة ورجوعهم لغضب من الله تعالى عليهم ولما كان تسلط الخطاب عليهم بذلك من شأنه ان يفزعهم الى طلب الخلاص من غضب الله تعالى لم يتركوا الله تعالى على عادته مع خلقه من الرحمة بهم وارادته صلاح حاله فبين لهم في هذه الاية الكريمة ان باب الله مفتوح لهم وان اللجأ اليه امر هين عليهم وذلك بان يؤمنوا ويعمل الصالحات ويسيروا على هدي النبي صلى الله عليه وسلم ومن بديع البلاغة ان قرن معهم في ذلك ذكر بقية من الامم. ليكون ذلك تأديبا اذا ليحدث اليهودي من القوارب السابقة في الايات الماضية وانصافا للصالحين منهم واعترافا بفضلهم وتبشيرا لصالحي الامم من اليهود وغيرهم. الذين مضوا مثل الذين كانوا قبل عيسى وامتثلوا لانبيائهم. ومثل الحواريين وكذا الموجودين في زمن نزول الاية مثل عبد الله ابن سلام وصهيب فقد وفت الاية حق الفريقين من الترغيب والبشارة وراعت المناسبتين للايات المتقدمة مناسبة اقتران الترغيب بالترهيب ومناسبة ذكر الضد بعد الكلام على ضده وخلاصة معنى الاية ان هؤلاء الذين امنوا بالله عن تطبيق وابعان ويقين وقدموا العمل الصالح الذي ينفعهم يوم لقاء الله بعملهم. فالانسان يلقى ربه بعمله هؤلاء لهم اجرهم العظيم عند ربهم ولا يفزعون من هول يوم القيامة كما يفزع الكافرون ولا يفوتهم نعيم فيحزنون عليه. كما يحزن المقصرون