ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة اشد قسوة وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار ان منها لما يشقق فيخرج منه الماء غافل عما تعملون ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجامة او اشد قسوة وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون ثم قست قلوبكم يا معشر اليهود اي اشتدت وصلبت وفي هذا تقريع وتوبيخ لهم والقسوة والقساوة توصف بها الاجسام وتوصف بها النفوس المعبر عنها بالقلوب فالمعنى الجامع للوصفين هو عدم قبول التحول عن الحالة الموجودة الى حالة تخالفها بمعنى انها صلبت عن قبول الحق والقسوة ذهاب اللين والرحمة والخشوع فالقسوة اذا ذهاب اللين وذهاب الرحمة وذهاب الخشوع من بعد ذلك اي من بعد هذه الايات التي تقدمت من المسخ ورفع الجبل فوقهم الماء من الحجر واحياء الميت بضرب عضو وهذه الايات مما يصدقون بها فهي كالحجارة اي في القسوة وعدم المنفعة فهي لا تنم ووجد تفضيل تلك القلوب على الحجارة في القساوة ان القساوة التي اتصف ان القساوة التي اتصفت بها القلوب مع كونها نوعا مغايرا لنوع قساوة الحجارة قد اشتركا في جنس القساوة الراجعة الى معنى عدم قبول التحول كما تقدمت فهذه القلوب قساوتها عند التمحيص اشد من قساوة الحجارة لان الحجارة قد يعتريها التحول عن صلابتها وشدتها بالتفرق والتشقق وهذه القلوب لم تجد فيها محاولة قال المفسرون انما شبه قلوبهم بالحجارة الغلظة والشدة ولم يقل في الحديث وان كان الحديد اطلب من الحجارة لان الحديد يلين بالنار وقد لان لداوود باذن الله تعالى حتى صارت العجين ولا تلين الحجارة بمعالجة ابدا وبان في الحديث منافع تلك المنافع لا توجد في الحجارة. فشبه الله قلوبهم بالحجارة لقسوتها وبعدم المنفعة منها او اشد قسوة وانما عنا بهذه القسوة تركهم الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم. بعدما عرفوا صدقه وقدرة الله تعالى على عقابهم لتكذيبهم اياه ثم عذر الحجارة وفضلها على قلوبهم فقال وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار. وان منها لما تشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهلك يهبط معنى ينزل من علو الى صفر اي يتردى من رأس الجبل الى الارض والسب من خوف الله وخشيته وان منها لما يهبط من خشية الله قال مجاهد كل حجر تفجر منه الماء او تشقق عن ماء او تردى من رأس جبل فهو من خشية الله نزل به القرآن ثم اوعدهم فقال وما الله بغافل عما تعملون فالمعنى ان الله تعالى بالمرصاد لهؤلاء القاسي قلوبهم وحافظ لاعمالهم محصن لها فهو يجازيهم بها في الدنيا والاخرة. كما قال تعالى وما كان ربك نسيا وفي هذا وعيد وتخويف كبير لينفجر المقصرون في هذه الاية تنبيه لبني الانسان والجان. فان الله لم يخلق شيئا في هذا الوجود عبثا. وانما كل شيء لفائدة وفي الاية دلالة على بعض فوائد الاحجار ونحوها من الجمادات التي خلقها الله وانها تنطاع لامر الله فان تمرد الانس والجن عن الصبغة الالهية ولم يتأثروا بالعباد مع عدم قبولها فالله يجازي جزاء وفاقا في الدنيا والاخرة فيسلطوا على العصاة في الدنيا بعض النقم. ان لم تحركهم النعم ويعذبهم في نار جهنم في الاخرة لابائهم الحق. ولعدم طاعتهم اوامر الله تعالى