قل من كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك باذن الله نزله على قلبك باذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين في هذه الاية الكريمة بيان سوء موقف اليهود من الملائكة الاطهار فبعد ان بينت الايات السابقة عداوتهم لصفوة البشر من الانبياء ذكرت هذه الاية الكريمة عداوتهم لصفوة الملائكة وهو جبريل ومعلوم ان من اتخذ جبريل عدوا فانه يعادي الوحي الذي انزله الله قل من كان عدوا لجبريل العدو ضد الصديق يستوي فيه المذكر والمؤنث والواحد والمثنى والجمع وقد سألت اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم عن من يأتيه من الملائكة فقال جبريل فقالوا هو عدونا ولو اتاك ميكائيل امنا بك فانزل الله هذه الاية والمعنى قل من كان عدوا لجبريل فليمت غيظا. فانه نزله. اي نزل وامن على قلبك باذن الله. اي بامر الله وخص القلب بالذكر لانه موضع العقل. والعلم والفهم وتلقي المعارف ومعنى ذلك ان الملك يقرأه حتى يسمعه منه فتصل معانيه الى قلبه بعد سماعه وذلك هو معنى تنزيله على قلبه يفسر ذلك قوله تعالى. لا تحرك به لسانك لتعجل به ان علينا جمعه وقرآنه فاذا قرأناهم فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانا وقوله ولا تعجل بالقرآن من قبل ان يقضى اليك وحيك. وقل رب زدني علما فالتعبير بقلبك اي ان التنزيل على قلبك للاشارة ان القرآن ينزل على القلب ليحفظ في الصدور لا ان يكشف فيه بالسطور مصدقا اي موافقا لما قبله من الكتب التي انزلها الله عز وجل وهدى وبشرى للمؤمنين رد على اليهود حين قالوا ان جبريل ينزل بالحرب والشدة فقيل انه ان كان ينزل بالحرب والشدة على الكافرين فانه ينزل بالهدى والبشرى للمؤمنين ولذلك فان المؤمنين يحبهم ويحبونه اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين فمعنى الاية وهو اذا رسول الله اليك يا محمد ومن عال الرسول فقد عاد المرسل سبحانه وتعالى ومن عادى جبريل فلا وجه له لانه نزل بالقرآن عليك يا محمد بامر الله وهو مصدق لما تقدمه من الكتب كالثورات والانجيل على انه مع ذلك هداية وبشرى للمؤمنين فكيف تجعلونه سببا للبغض والبشرى والبشارة. الخبر السار اول ما يرد فيظهر ذلك في بشرة الوجه وخص الهدى والبشرى بالمؤمنين لان غير المؤمنين لا يكون لهم هدى به ولا بشرى قال الطبري علينا وعليه رحمة الله وانما سماه الله جل ثناؤه هدى لاهتداء المؤمن به وافتداؤه به اتخاذه اياه هاديا يتبعه وقائدا ينقاد لامره ونهيه وحلاله وحرامه والهاذي من كل شيء ما تقدم امامه ومن ذلك قيل لاوائل الخير هواديها وهو ما تقدم امامها وكذلك قيل للعنق الهادي بتقدمها امام سائر الجسد واما البشرى فانها البشارة. اخبر الله عباده المؤمنين جل ثناؤه ان القرآن لهم بشرى منهم لانه اعلمهم بما اعد لهم من الكرامة عنده في جناته وما هم اليه طائرون في معادهم من ثوابه وذلك هو البشرى التي بشر الله بها المؤمنين في كتابه لان البشارة في كلام العرب هي اعلام الرجل بما لم يكن به عالما مما يسره من الخير قبل ان يسمعه من غيره او يعلمه من قبل وفي هذه الاية الكريمة تحصل خمسة اوصاف للقرآن وهي انه منزل من عند الله باذن الله ثانيا وانه منزل على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم ثالثا وانه مصدق لما سبقه من الكتب رابعا وانه هاد ابلغ هدى خامسا وانه بشرى للمؤمنين فاختم كلامي فاقول كن مع القرآن كما قال قتادة عن قوله هدى وبشرى للمؤمنين لان المؤمن اذا سمع القرآن حفظه ووعاه وانتفع به واطمأن اليه وصدق بموعود الله الذي وعد فيه وكان على يقين من ذلك