السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين ومن تبعهم وسار على نهجهم باحسان الى يوم الدين في هذا اليوم يوم الخميس الموافق السابع عشر من شهر ربيع الاول لعام اربعة واربعين واربع مئة بعد الالف من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم نستكمل بعون الله وتوفيقه ما سبق نبدأ به من تفسير سورة الذاريات كان الموقف عند قوله سبحانه وتعالى هل اتاك حديث ضيف ابراهيم المكرمين تقدم في اوائل هذه السورة ما ذكر الله سبحانه وتعالى من الايات العظيمة التي اقسم بها سبحانه وتعالى ثم اذ ذكر سبحانه وتعالى قسما اخر بعد ذلك قال والسماء ذات الحبك وبين ان المشركين مضطربون مختلفون وانهم خراصون وانهم في غمرة ساهون الى ما ذكره عنه سبحانه وتعالى من تكذيبهم للانبياء من رسول الرسول صلى الله عليه وسلم ثم ذكر سبحانه وتعالى بعد ان ذكر يوم الدين وانه يقال لهم ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون. فذكر عذابهم ومصيرهم اذا ماتوا على الشرك والكفر وذكر سبحانه وتعالى على اهل التقوى فقال ان المتقين في جنات وعيون ثم ذكر احسانهم الى المحتاجين ثم عاد سبحانه وتعالى يذكر الايات الدالة على عظيم خلقه وما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام اخوانا مدلو دلوا الخلق على ما فيه سعادتهم وصلاحهم وانهم يرون الايات البينات في انفسهم وفي الافاق وفي الارظ وبين سبحانه وتعالى ان الرزق وما يوعدون انه في السماء ثم اقسم بذلك سبحانه وتعالى فكرر القسم في هذه الصورة كما تقدم هاشم الاول ثم القسم الثاني اقسم سبحانه وتعالى بالذاريات ذروة حاملة مقرا فالجاريات يسرق المقسمات امرا انما توعدون وان الدين لواقع ثم قال والسماء ذات الحبوك ثم قال سبحانه فورب السماء والارض انه لحق مثل ما انكم تنطقون ثم ذكر سبحانه وتعالى قصة عظيمة بعدما ذكر اوصاف اهل الخير والاحسان. الذين يحسنون الى المساكين يحسنون الى السائل يحسنون الى المحروم وهم يسعون في صلاح الدنيا بين ما هم عليه من اصلاح احوالهم فيما بينهم وبين الله سبحانه وتعالى وانهم كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالاسحار هم يستغفرون ثم ذكر ما يقدمونه في اموالهم وفي اموال حق معلوم وحق للسائل والمحروم فهذا لا شك انه احسان ولهذا قال اخرين ما اتاهم ربهم قبل ذلك انهم كانوا قبل ذلك محسنين اي محسنين في جميع امورهم في عبادتهم لله سبحانه وتعالى. ذكر اعلى درجات الدين وهو الاحسان ومحسنون وكذلك هم محسنون في تعاملهم مع الخلق في بذل الصدقات والانفاق واعانة المحتاج تفقد المحتاجين لهذا يعطون السائل الذي يعتري ويسأل ويعطون من لم يسأل يبحثون عنه وهذا اعظم اجرا. لانه قد يكون اشد حاجة وهو اولى بالاعطاء من غيره وذكر سبحانه وتعالى قصة عظيمة في ما جاء فيما جرى لابراهيم عليه الصلاة والسلام مع الملائكة وما كان عليه من الاحسان العظيم عليه الصلاة والسلام وانه قدوة واسوة عليه الصلاة والسلام يقتدى به في هذه الخصال. فقال سبحانه هل اتاك حديث ضيف ابراهيم المكرمين هل اتاك هو خطاب للنبي عليه الصلاة والسلام؟ ولكل من يقرأ هذا الكتاب انا حين يرى ويقرأ ويسمع قوله سبحانه هل اتاك حديث ضيف ابراهيم المكرم؟ المكرمين. الاستفهام هنا استفهام للتعظيم استفهام للتفخيم استفهام في غاية البلاغة والله سبحانه وتعالى لا يسفهم خلقه لانه لا يخفى عليه شيء انما هذا استفهام فيه من البلاغة الشيء العظيم ولهذا قد يكون لتعظيم الشيء وتفخيم الشيء ولهذا يأتي الاستفهام في كتاب الله سبحانه وتعالى ولهذا قال هل اتاك حديث ضيف ابراهيم المكرمين والمعنى انه من عند الله سبحانه وتعالى وانك لا تعلمه الا ان يعلمك الله سبحانه وتعالى في حديث ضيف ابراهيم المكرمين هل اتاك حديث ضيف ابراهيم المكرم؟ فهو تعظيم وتفخيم لهذا وقيل انه المعنى قد اتاك حديث ضيفي ابراهيم المكرمين قصة ابراهيم عليه الصلاة والسلام مع الملائكة جاؤوا لانزال العذاب بامر الله سبحانه وتعالى بهؤلاء القوم المسرفين المجرمين المشركين الذين وقعوا في الشرك وفي الفواحش ذكرها سبحانه وتعالى في عدة سور مباشرة سبحانه وتعالى وذكرها في سورة هود وذلك في سورة العنكبوت وفي سورة الحجر وكذلك في سورة الذاريات هنا قال هل اتاك حديث ضيف ابراهيم المكرمين سماهم ضيف لان ابراهيم عليه الصلاة والسلام حين رآهم في سورة البشر جاءوا اليه وانهم اضياف وانهم ضيافا جاءوا اليه قال ضيف ابراهيم الضيف هنا يطلق على الواحد وعلى الاثنين وعلى الجماعة اختلف في هؤلاء الضيف وهم الملائكة قيل ثلاثة قيل تسعة وقيل اثنى عشر والله اعلم لكن انه هم ضيف جماعة من من الملائكة عليهم الصلاة والسلام والضيف هنا مصدر والمصدر يقع على الواحد وعلى الاثنين وعلى الثلاثة وعلى الجمع وعلى الجمع وعلى الذكر وعلى الانثى على الانثى ولهذا قال هل اتاك حديث الضيف ابراهيم اضافه الى ابراهيم عليه الصلاة والسلام والضيف سمي ضيفا اه بمعنى انه نزل وماله يقال تضيف عليه اي مال اليه ومنه تضيفت او تضيفت الشمس للغروب اذا مالت للغروب اذا مالت الغروب لقد ضيف ابراهيم المكرمين المكرمين قيل اما لان ابراهيم عليه الصلاة والسلام اكرمهم لانه قام بواجب اه باكرامهم وقدم لهم هذه القرى العظيم وكذلك آآ حياهم بالسلام الذي هو افضل من سلامهم كما في سيأتي في الاية في قوله قال سلام قوم منكرون فهو حياهم بالفعل والقول عليه الصلاة والسلام وقيل مكرمون معنى انهم مكرمون عند الله كما قال سبحانه بل عباد مكرمون العباد مكرمون ولا يمتنع ان يجتمع الامران فهم مكرمون بمعنى ان ابراهيم عليه الصلاة والسلام اكرمهم قولا وفعلا وعجل ضيافتهم وبالغ في الضيافة عليه الصلاة والسلام ضيف ابراهيم المكرمين وقال المكرمين قال المكرمين هذه وهذا الوصف لهم عليهم الصلاة والسلام وقع هذا الوصف بني ادم في قوله ولقد كرمنا بني ادم وحملناه في البر والبحر فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا وبعض اهل العلم يذكر هذه المسألة وهي ان الله سبحانه وتعالى قال في بني ادم كرمنا على صيغ التشديد ففيها مبالغة في تكريمهم. وقال في الملائكة المكرمين ولا شك ان تشديد على هذه الصيغة ابلغ وذكروا البحث الذي ذكره كثير من اهل العلم في تفضيل بني ادم على الملائكة او تفضيل الملائكة هذه مسألة ذكرها بعض اهل العلم وقال بعضهم ظننتها انها مسألة محدثة فتأملتها فاذا هي مسألة سلفية صحابية يعني انها وقع الخلاف فيها قديما. وان كان بعض اهل العلم انه لا يرى الكلام فيها وجمهور السلف على ان صالح بني ادم افضل من الملائكة كما في الحديث الذي رواه الدارمي اه رده على الجهمية او في كتابه من كتبه رحمه الله غير الدالم شيخ مسلم عبد الله عبد الرحمن انه عليه الصلاة والسلام كما في حديث عبد الله بن عمر في حديث وفي اخره قال انه سبحانه وتعالى قال لن اجدع لن اجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كما قلت له كن فكان ولهذا لما ناظر بعضهم عبد الله بن سلام وهذا مما يبين انها مسألة صحابية. تكلم فيها بعض الصحابة سألها عن هذه المسألة وقال عبد الله بن سلام رضي الله عنه ان الملائكة خلق مسخر كما سخر سبحانه وتعالى الشمس والقمر بخلاف بني ادم فالله سبحانه ركب فيهم ما يكون فيهم من اه الميل الى ما يشتهونه لهذا لهم نوازع فمن ائتمر بامر الله وانتهى عن نهيه كان من هذه الجهة افضل ومن اهل العلم من يختارها ذكر الشيخ الاسلام رحمه الله ان ان الملائكة افضل باعتبار البداية وبني ادم افضل باعتبار النهاية لان الملائكة كما قال يدخلون عليهم على جنى من كل باب. يقول فيقول سلام عليكم بما صبرت فنعم عقبى. والملائكة يدخلون عليهم من كل باب اما باعتباره فان الله سبحانه وتعالى خلق الملائكة من نور خلق ادم مما وصف لنا وخلق ابليس من مارج من نار. وهذا رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها ولهذا قال ضيف هل اتاك حديث ضيف ابراهيم المكرمين اذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون اذ دخلوا اذ هذا الظرف مبني على السكون هو في محل ناشط اما بان يقدر كما يقدر كثير من معربين في هذا اي اذكر وقيل انه بنصوف بقول حديث لانه فيه معنى الفعل فيه معنى بالفعل فهو منصوب على كل حال فقال اذ دخلوا عليه اذ دخلوا عليه. الجملة هذه فعل وفاعل في علم الماضي والواو فاعل وهو فاعل من بني عظمة اسمه الواو وهي فاعل. وجملة اذ دخلوا في محل جر بالاضافة اضافتها الى لانها تضاف اليها فقالوا ايضا هي معطوفة عليها ايضا تأخذ حكمها. اذ دخلوا عليه وهذا هو الذي استنكره عليه الصلاة والسلام لانهم دخلوا عليه مباشرة على خلاف من يأتيه من الاضياف فاستنكر الامر لكنهم لما دخل عليه فقالوا سلاما قالوا سلاما سلام هذا مفعول مطلق نائب عن الفعل اغنى عن فعله اي نسلم سلاما فهو مفعول مطلق منصوب بفعل تقديره نسلم سلاما وسلمنا سلام. نسلم سلاما. فقالوا سلاما قال سلام سلام هذا رد ابراهيم عليه الصلاة والسلام وجاء به مرفوع وهو ايضا مرفوع هو مرفوع من جهة المعنى. ومرفوع من جهة الاعراب من جهة المعنى سلام لانه ارفع من سلامي. افعى ارفع من سلامهم مرفوع من جهة الاعراب لانه اما خبر او مبتدأ وان قدرنا ان المحبوب في الخبر سلام عليكم المعنى سلام عليكم وحذف لدلالة المقام سلام عليكم ويكون الابتداء هنا النكرة لانه دعاء ومن مجوزات الابتداء بالناكرة اذا كان دعاء او انه نكره للتعذيب او للامرين فهو رفع هنا ليس نكر لكن الرفع هنا مع مع التنوين يدل على تعظيمه وهو دعاء ويجوز الابتداء بالنكرة اذا كانت اذا كانت تفيد الدعاء لانها في هذه الحالة مفيدة دلالة او ما مجوز الابتداء بالنكرة هو الافادة هو الافادة وبعضهم ارجعه الى العموم والخصوص قال سلام قال سلام وقيل ان سلام خبر ومبتدأ اي اسلم امري سلام او عليكم سلام عليكم سلام عليكم سلام قال سلام قوم منكرون قوم منكرون هذا ايضا خبر مبتدأ محذوف دل عليه سياق لانه جاءه هؤلاء دخلوا عليه فقال قوم منكرون اي انتم قوم منكرون انتم قوم منكرون المبتدأ حين يدل عليه او الكلام حين يدل عليه دليل انه يحذف انه ابلغ ولان ما يعلم فهو كالمذكور وهذه قاعدة العرب. قاعدة العرب انهم يستغنون عن الشيء الذي يعلم وحذف ما يعلم جائز كما تقول زيد بعد من عندكما هذي قاعدة عظيمة في العربية حذف ما يعلم جائز. والعرب بنت كلام بنت كلامها على الاختصار واختصار يتضح معها الكلام يكون ابلغ في ضبط الكلام وابلغ في بلاغة الكلام ولهذا قال قوم منكرون قوم منكرون والمظمر او ما او الشي اللي يدل على اشياء كالمذكور المذكورة قوم منكرون منكرون هذا الاسم هو جو مذكرة سالم صفة لقوم سلام قوم منكرون قوله قوم منكرون هل قاله عليه الصلاة والسلام لهم خاطبهم به اوقى له في نفسه الاظهر والله اعلم انه قاله في نفسه يدل له ما ذكره سبحانه وتعالى في سورة هود لان الله سبحانه ذكر القصة وبسطها اكثر في عدة سور منها سورة هود حيث قال سبحانه ولقد جاءت رسلنا لوطا قالوا سلاما قال سلام. فما لبث ان جاء بعجل حنيذ. فلما رأى لا تصل اليه ناكرهم. واوجس منهم خير. فلما رأى ايديهم لا تصل لا تصلين مناكرهم. واوجس منهم خيفة فقوله فلما رأى ايديهم لا تصل هناك لهم واوجس من خيقال ولا تخف طمأنوه عليه الصلاة والسلام. فطمأنوه عليه الصلاة والسلام وقولنا كرهم يعني اوجس من خيفة اوجس من مخيفة نكرهم عليه الصلاة والسلام يعني استنكر حالهم حين رآهم آآ على هذه الصورة حينما جاءوه وقيل انهم دخلوا عليه بغير استئذان عليهم الصلاة والسلام فسلموا لانهم جاءوا بامر من الله سبحانه وتعالى فنكرة ولقد جاءت روسنا لوطا قالوا سلاما قال سلام فما لبث ان جاء بعينه فلما رأى ايديهم نكرهم واوجس مخيفة وقالوا لا تخف قالوا لا تخافوا ارسلنا الى قوم لوط وامرأته قائمة وضحكت فبشرناها باسحاق من وراء اسحاق يعقوب. فقوله نكرهم هذا يبين انه في نفسه ويقال فاوجس ابن خيفة مثل قوله عليه الصلاة قوله سبحانه وتعالى فاوجس في نفسه خيفة موسى فهذا هو الظاهر انه وقع منه هذا الشيء بدليل بدليل انه لم يذكر سبحانه وتعالى جواب الملائكة لانها لما لو كان خطابا لهم وكلاما معهم انه خاطبهم بهذا الشيء وقال لهم انتم قوم كرون خاتموا بهذا؟ لاجابوا فلم يذكر في في القرآن انه وجابوه فدل على انه اضمره في نفسه وهذا هو اللائق بابراهيم عليه الصلاة والسلام وان كان الامر عليه شديد حين وصلوا اليه على هذه الصورة العظيمة جاءوا في سورة شباب الوجوه على هيئة لم يعرفهم عليه الصلاة والسلام لكن بيته بيت ضيافة وكانوا وكان عليه الصلاة والسلام مضيافا ويسمى ابا الاضياف نحو من هذه العبارة فلهذا قال سلام قوم منكرون قوم منكرون عند ذلك بادر عليه الصلاة والسلام الى اكرامهم مع انه لم يعرفهم واستنكرهم الا انه سعى الى كرامة عظيمة. فاذا كان هذه حاله عليه الصلاة والسلام في من جاؤوه على هذه الصفة ومع وقع منه مما خاف في نفسه فعل هذه الكرامة كما سيأتي فكيف بغيرهم وهم عليهم الصلاة والسلام طمأنوه قالوا لا تخفن انا ارسلنا الى قوم لوط وفي نفس الايات فلما ذهب عن ابراهيم الروع وجاءته البشرى جالسون في قوم لوط لانهم اخبروه بالامر عليه الصلاة والسلام ولهذا فراغ الى اهله فجاء بعجل سمين مادة راغة تدل على التحول والانصراف عنه في خفية بدون شعور منهم وهذا غاية في الاكرام فلم يظهر لهم انه يريد ان يحضر شيئا او يسألهم ماذا اه احضروا لكم او ماذا تأكلون على اعتقاده عليه الصلاة والسلام انهم اضياف كعادته في اضياف الذين يأتون اليه لكنه راغ تدل على هذا مثل الروغان يكون في خفية في خفية فلا ينتبه له. فراغ الى اهله الانسان حين يأتيه اضياف فيرحب بهم فلا يريد ان آآ يجد شيئا من المشقة او يعتقدون انهم اثقلوا عليه بل لا يظهر شيئا من ذلك. المضيف لا يظهر شيئا من ذلك بل تكون اموره على اليسر والسماحة والسهولة انصرف انصرف اه الاعتياد ربما على خفية آآ حين يريد ان يحضر شيئا يريد ان يحضر شيئا كما في هذه القصة ولي قال فراغ الى اهله ثم قول فراغ الى اهله لم يقل مثلا انه ذهب الى مكان بعيد الى السوق الى مكان يشتريه لا رغى الى اهله يعني الى بيته عليه الصلاة والسلام هذا يبين ان بيت ابراهيم عليه الصلاة والسلام كان معد للظيفان وفي مكان خاص بالضيافة ان ما يعد للأضياف عنده مما في ما يعد للطبخ ونحو ذلك كان متوفرا متهيأ وان ما يحتاج اليه كان موجود في بيته عليه الصلاة والسلام. ولهذا ذهب الى اهله الى اهلي واهله في هذه الايات وفي هذه البشارة يا سارة زوجه سارة فراغ الى اهله الى اهله فجاء بعجل سمين جاء بعجل جميل قوله فراغ الى اهله فجاء بعجل سمين قوله فجاء الفاء هنا تتابعت في مواضع فراغ الى اهله. فجاء بعجن سمير فقربه اليهم الى اخر الايات كلها متتابعة فيدل على سرعة إبراهيم عليه الصلاة والسلام في الكرامة ومبادرته اليها واجتهاده في تحضيره ولم يؤخر ضيافتهم ولا كرامتهم مع انه قدم كرامة عظيمة. ويقال فراغ الى اهله فجاء ان يبين انه عليه هو الذي جاء به هو الذي يحمله جاء بعجل سمين فلم يستغرق الوقت شيئا يطول فجاء بعجل سمين وظاهر هالاية انه عجل ولد البقر الذكر من اولاد البقر والصغير واولاد البقر وهو الذ ما يكون واطيب ما يكون عجل سبيل سورة هود حنيف عجل حنين فهو سمين حليف هذان الوصفان غاية في النبل والكرم. منه عليه الصلاة والسلام وذلك ان الحنيذ هو الذي يطبخ على الرف والحجارة بحرارة الحجارة توقد عليه النار تطبخه ويكون اه الطبخ في هذه الحال على اللحم السمين هذا فلا يتضرر بالنار ولا يسود اللحم ولا يحترق فليكونوا برفظ الحجارة ويكون الذ ما يكون ولهذا قال سمينه والاية الاخرى حنيذ فهو سبيل حنيذ. فاذا كان على هذا الوصف مع سيمانه وما يعلوه من اه هذا السمن وهذا الدهن الذي فيه لا شك انه يكون الذ ما يكون ثم هو الذي قدمه عليه الصلاة والسلام وهو الذي حمله. ثم قال فجاء بعجل سمين اليهم يعني انه في مكانهم مباشرة بادر بذلك فقربه اليهم تقربه اليهم لم يقربهم اليه ولم يقل تقدموا مثلا الى هذا المكان او طعامكم في هذا المكان لا في نفس المكان. وهذا غاية في الاكرام في تقديمه اليهم وجعله بين يديهم تقربه اليهم وهذا هو هدي النبي عليه الصلاة والسلام وهدي اصحابه ايضا لانه يقدم اليهم فيما فيما وان كانت الاعراف تختلف في هذا لا شك لكن ان الاصل في الكرامة هي على هذا الوجه. ولهذا هذه الايات جمعت اصول واداب اكرام الضيف ثبت في صحيح مسلم رواية يزيد ابن كيسان عن ابي حازم سلمان المدني عن ابي هريرة رضي الله عنه ان ابو هريرة قال خرج ابو بكر او خرج النبي عليه الصلاة والسلام من بيته ووجد او فصاده فلقي ابا بكر وعمر فقال فقال ما الذي اخرجكما وكان هذا في وقت يعني قد يقل فيه الخروج. يعني اما في وسط الظهيرة او نحو ذلك فقالوا يا رسول الله اخرجنا الجوع يقوله ابو بكر وعمر رضي الله عنه فقال الرسول وسلم وانا ما اخرجني الا ذلك ثم قال انطلقوا بنا الى رجل من الانصار قال فذهبوا الى ابي الحيثم ابن التيهان ابي الهيثم وهو مالك من التيهات الانصاري رضي الله عنه فذهبوا اليه وكان له بستان وبيته في بستانه. فلما جاءوا وجدوا صاحبة البيت فقالوا لها اين فلان او اين صاحبك؟ قالت ذهب يستعجب لنا الماء ورحبت بهم ثم ما لبث ان جاء يحمل قربة يجعبها فلما رأى الرسول عليه الصلاة والسلام وابا بكر وعمر قال ما احد اكرم اضيافا مني اليوم رضي الله عنه اوليس احد اكرم اضيافا مني اليوم وهذه من اعظم خصال العرب التي كانوا عليها والتي جاء الاسلام بترسيخها كما امر النبي عليه الصلاة والسلام قال انك على خصال في الجاهلية فاجعلها في الاسلام واجعلها في الاسلام تقري الضيف وتكرم اليتيم وتحسن الى الجار قاله للساع بن عبدالله لما قالوا قالوا له يرى تعرف الساير عبد الله طيب كيف لا اعرفه وهو صاحبي في الجاهلية كان صاحبه الجاهلية فقال انك على خصال يقول النبي له انك على خصال من جانبه فاجعلها في الاسلام. اقر الضيف واكرم اليتيم واحسن الى الجار. هذي الخسارة العظيمة هذه خصال اهل الاسلام العرب عندهم خصال عظيم والنبي يقول في الجاهلية خياركم في الاسلام اذا فقهوا يكون مع الفقه العلم والايمان ترفع صاحبها وجاء الاسلام بهذا الخصال العظيمة واعظم القرى حين يكون طلاقة الوجه قبل تقديم القراءة من اعظم ما يكون في اكرام الضيف ولهذا رحب بهم وقال كلاما يدل على فرحه وانه يود لو يقدم لهم من الطعام من الجمال والغنم ما لا يحصى لكن يعلم ان النبي عليه الصلاة والسلام لا يرضى هذا مباشرة لما جاءوا عند النبي عليه الصلاة والسلام جاء بعذق جاء بعذق العذق هو العود الذي فيه الشماريخ بالكسر والعذق هو النخلة في فتح العذق بالفتح والنخلة والعذق بالكسر هو العود الذي فيه الشماريخ. فجاء بعذق فيه رطب وتمر. قال النبي عليه الصلاة والسلام هل انتقيت لنا منه؟ يقولها عليه. يعني لا يريد ان يكلف علي ان تقني منه ويجعل بعظه في فقال يا رسول الله اردت ان تنتقوا يعني ان تتخيلوا منه حين يكون الشيء كثير فاخذ المدية مباشرة وضعه واخذ المدية فقال النبي عليه الصلاة والسلام اياك والحلوب اياك والحلوم. علم انه سوف يذبح شاة وان هذه خصال كانت موجودة اياك والحلول ما انكر عليه بل حثه على ذلك. يعني او او في اخبار اخرى بل النبي عليه الصلاة والسلام كان اذا جارت غنمه على مئة ذبى ذبح واحدة منها عليه الصلاة والسلام واحيانا قد يكون عنده مال فتتسع الحال واحيانا يقل الامر مثل هذي مثل في هذه القصة فاشتد الامر عليه وعلى اصحابه حتى اشتد بوجوع وخرجوا كما في هذا الخبر وهذه القصة ليست قبل فتح خيبر وليست يعني في حال لما لم تفتح الفتوح بل بعد ذلك لان الراوي ابو هريرة خيبر هذا يدل على ان النبي عليه الصلاة والسلام مع ما يأتيه من اموال عظيمة والسعة الا انه كان ينفقه يبادر الى انفاقه عليه الصلاة والسلام حتى انه يمضي يمضي الشهر والشهران لا يوقد في بيت رسول الله سلم نار انما الاسودان كما قال عروة عروة عروة لخالتي عائشة رضي الله عنها ما كان يعيشكم يا اماه ما كان يعيشكم ما كانت تعتاشون قالت الاسودان تمر الا انه كان لنا جيران في رواية اخرى من الانصار كانت لهم منائح وكانوا يهدون منها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وفي قصص اخرى فالشاهد ان لنبالغ في اكرام الضيف امر حث عن الاسلام ولا يكون هذا من الاشراف بل هو من امر المطلوب الامر المطلوب حينما يكون اسرافا وتبذيرا ان هذا هو المنهي عنه. اما على وجه الكرامة على وجه الكرامة. ويعلم ان هذا الطعام يبقى وينتفع به هذا امر مما جاءت الادلة به ومما يذكر في هذا في قصة اه ان الامام احمد رحمه الله ذهب هو ويحيى ابن معين رحمه الله رحمة الله عليهم جميعا وابن ابي خيتمة الحافظ الى احد اصحاب الامام احمد رحمه الله كان قد دعا الامام احمد رحمه الله دعاه الى بيته فلما جاءوا يا احمد رحمه الله وكان صاحب البيت وضع مائدة فيها من الاطعمة والحلويات من افخر انواع الحلويات في ذلك الزمن مين قال له زنج والفالوذج وغير ذلك فقال يعني من ارفع ما يكون الامام احمد معروف تقشفه وجهده وتقلله حتى انه ربما يتعيش بالدرهم الشهر الشهر كامل رحمه الله وهذا طعام عظيم قيل انه بنحو من ثمانين دينار فلما رآه ابن ابي خيثمة وكان الامام احمد ساكت كانوا على الطعام فلما رأى ابن ابي خيثمة ورأى شدة كلامه لم يتحمل فقال ما هذا؟ هذا اسراف يقوله صاحب المنزل موجود فالامام احمد رحمه الله قال كلمة عظيمة. قال لو ان الدنيا تكون مقدار لقمة الدنيا كلها لو ان الدنيا تكون مقدار لقمة فاخذها امرؤ مسلم فجعل في فم اخيه لما كان كثيرا. فقال يحيى بن معين اصاب الله بك يا ابا عبد الله. اعجبته هذه الكلمة العظيمة هؤلاء علماء ربانيون ينطقون الكلام العظيم القصير اه الذي يكون فيه من الشيء العظيم لما كانوا عليه من علم عظيم والعلم بكتاب الله وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. الشاهد ان ابراهيم عليه الصلاة والسلام خرب هذا العجل اليهم تقربه اليهم قال الا تأكلون؟ ففيه ضيافة واكرام بالفعل واكرام بالقول فلم يقل لهم كلوا ولم يقل لهم تقدموا الى هذا المكان الى موضع الطعام بل ادناه اليهم قال الا تأكلون على سبيل العرض اللطيف الا تأكلون لانه رآهم لم يتقدموا ولم يمدوا ايديهم عند ذلك فاوجس الفاهنا فصيحة يعني لما رأى انهم لم يمد ايديهم او نحو من هذا لانها تفصح عن شيء دل عليه السياق. الا تأكلوه فاوجس. لماذا اوجس؟ لانه لم يرهم لان العادة ان الطعام اذا قدم للضيف الضيف يبادر الى الطعام. الا تأكلون وهذا يبين ان وضع الطعام اذن بالاكل به منه وضع الطعام بين يدي الظيفان اذن من الاكل او تناوله قال الا تأكلون لما رأى انهم لم يمدوا ايديهم اوجس بمخيفة هذا معناه فاوجس فهي الفاع الفصيحة فاوجس منهم خيفة كما في الايات المتقدمة في سورة هود قالوا لا تخف قالوا لا تخاف هنا قال فاوجس منه مخيفة هو عليه الصلاة والسلام هذي الخيفة ظهرت عليه لانه قال خيفة او صيغة فعله لتكون في الهيئة. واذا كانت في الهيئة في الغالب انها تظهر وتبين وانهم علموا ذلك منه. وهذا واضح حين يدعى الضيف ليأكل ولا يأكل لا شك انه يستريب المضيف من عادة العرب انهم يتوجسون بل الناس الى يومنا هذا. حين يتكلم له بالطعام ومع ذلك يأبى من الاكل لا شك انه يخشى انه اضمر شرا ولهذا كانوا حين يأتون مثلا الى انسانه لهم امر حاجة فيقولون لا نأكل حتى تحقق لنا هذا الشيء. او ما اشبه ذلك ولهذا من لم يأكل طعامك يعني من امثلة العرب من لم يأكل طعامك لم يحفظ ذمامك تخشى منه انه اضمر شرا اضمر سوءا ولهذا اوجس منه الخيفة عليه الصلاة والسلام لانه لم يعرفهم. تقدم نقاب قوم منكرون اي ايضا في نفسه ان هذا كله في نفسه كذلك اوجس اي اظمر منهم خيفة قالوا لا تخف لانهم رأوا ذلك عليه اما انه بما اعلمهم الله سبحانه وتعالى بالحال وان هذا سيقع او انهم عليهم الصلاة والسلام رأوا هذا منه وتبين عليه وهذا واضح. انه يبدو على الانسان حين يقدم الطعام الى ظيفانه. يأبون ان تأكل لا شك انه يبدو عليه علامات الاستغراب والدهشة في ظهر هذا منه اذا كان يدركه عامة الناس بعض بعضهم مع بعض فكيف بملائكة الله سبحانه وتعالى قالوا لا تخف اذا هنا بداية البشرى بداية الخير يعني مما كان يخافه حصل له الاطمئنان عليه الصلاة والسلام قالوا لا تخف طمأنوه بهذا عليه الصلاة والسلام فجمعوا بين امرين عظيمين نفي الخوف وهو دفع الشر والسوء والبشرى وتحقيق فجمعوا له بين ما فيه ذهاب المفسدة وما فيه حصول المصلحة وهكذا ملائكة الرحمن يأتون بما يحصل الخير ويثبت الخير وما يدفع الشر ويفدي الشر الله سبحانه وتعالى ينزله وما يتنزل الا بامر ربك ويتنزلون بالحق وهذا هو الحق تحصيل الخير ودفع الشر والشرائع وديرت بنيت على هذا تحصيل المصالح وتعطيل المفاسد مفاسد فهم بينوا له هذا الامر العظيم فقالوا لا تخف. مما يطمئن قلبه ويؤنس نفسه عليه الصلاة والسلام وبشروه لغلام عليم والتبشير له تبشير لزوجه سارة ولهذا في سورة هود لما قال ولا تخف وامرأته قائمة فضحكت قائمة قيل على خدمته فضحكت بشرناها باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب التي في سورة هود بشرى اشارة ويا بشرى لابراهيم والتي في الذرية بشرى لابراهيم وهي بشرى يسرى فهي بشرى لهم ولهذا كانت البشرى هذه باسحاق على قول عامة المفسرين يروا قول يروى عن مجاهد انه المبشر به اسماعيل ولا شك ان هذا خلاف الاية والله اعلم عل التأول ثبت ذلك عنه لان الله نص في سورة هود فبشرناها باسحاق ومن وراء اسحاق يقوم. بخلاف الذي في سورة الصافات فهو اسماعيل عليه الصلاة والسلام قال فاقبلت امرأة في صرة نعم. قالوا لا تخف وبشروه وسميت البشرى. بشرى ان تظهر على البشرة سائر السرور والرضا والراحة لغلام عليم وصف الغلام بانه عليم قالوا غلام باعتبار انه يحيى ويبقى وانه يعيش وان في سورة هود بشرناها باسحاق وانه يعيش حتى يولد له ومن ورا اسحاق يعقوب قالت يا ويلتاه االد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا ان هذا لشيء عجيب قال وتعجبين من امر الله رحمة الله وبركاته عليكم بالبيت انه حميد مجيد فاقبلت امرأته في صرة وصكت وجهها وقالت عجوز عقيم فاقبلت ليس الاقبال الاقبال ما كان الى ما كان اقبلت لكن معنى اخذت وابتدأت في صرة اي في صيحة اي في صحيح. وهي المذكورة في قوله سبحانه وتعالى قالت يا ويلتى وانا عجوز يقول وانا عجوز يفسر قوله عجوز عقيم يقول انا عجوز وهنا قال العجوز دل على قوله عجوز خبر تقدير انا عجوز عقيم عجوز عقيم قوله في صرة هذا متعلق محبوب حال اي سارة هذا الجار المجرم متعلق بحال فاقبلت امرأته اي سارة في سرة اي في صيحة وهي قولها يا ويلتا وانا عجوز وهذا بعدي شيخا في سرة فصكت وجهها صكت وجهها وقالت عجوز عقيم. صكت وجهها قيل اي ضربت جبينها باصابعها متعجبة وقيل صكت وجهها على ما جاء في الاية وانه يعني ربما يقع من النساء حين اه تتعجب من امر ان تفعل هذا الشيء فاذا كان المعنى صكت وجهها يعني الجبين هذا امر لا اشكال فيه وان كان المراد انها لطمت وجهها فهذا قال بعض اهل العلم ان كان في ذلك الشرع هو شرعي في شرعها جائز هو في شرعنا نهى النبي عن لطم الخدود نهى عن لطم الخدود وقيل غير هذا المقصود انه قال فاقبلت امرأته في سرة فصكت وجهها وقد يكون ايضا هذا الذي يقع من جهة شدة تعجبها هذه البشرى العظيمة التي ذكرت انها تلد وهي تقول انا عجوز يعني والسرور ذكروا ان لها تسعا وتسعين عاما وابراهيم له مئة عام ثم هي عقيم لما كانت صغيرة كانت عقيم هذا امر ثالث ثاني امر ثالث ذكر في سورة هود وهذا بعلي شيخا هذي الامور العظيمة كونها عجوز تقول ولها تسع وتسعون سنة وكونها لما كانت في صغرها عقيم لا تلد بعلها ابراهيم عليه الصلاة والسلام شيخ كبير لا شك ان هذا امر قد يحمل على مثل هذا الفعل بغير الارادة. فلا يكون من يفعل هذا اذا كان في شرعه محرما لا يكون في هذه الحال مكلفا حين او يعني وقع في امر من هي نعرف لانه قد يكون عن غير ارادة وعن غير قصد فاقبلت امرأته في سرته. بدليل انها اقبلت في صرة في صيحة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم وصفت نفسها بانها عقيم عجوز بمعنى فاعل اي تعجز او عاجزة عقيم فعيل بمعنى مفعول اي معقومة ان الشيء لان امرها وحالها ربط عن امر الولادة. لكن رحمة الله وبركاته عليكم اهل البيت انه حميد مجيد. ثم هذا امر الله سبحانه وتعالى وتقديره واكرامه انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون قالت عجوز قالوا كذلك اجابوها قالوا كذلك قال ربك انه الحكيم العليم. خاطبوها بذلك. كان الخطاب اولا بينهم وبين ابراهيم عليه الصلاة والسلام ثم جرى بينهم وبينها قالوا كذلك وكذلك وصف لمصدر محذوف محذوف قالوا قولا قالوا قولا كذلك متعلق بهذا القول كذلك قال ربك هذا من قوله سبحانه وتعالى ومن امره انه هو الحكيم العليم وهو العليم سبحانه وتعالى بما يقدره وهو العليم من مواقع فضله وهو الحكيم الذي يضع الامور في مواضعها سبحانه وتعالى فليس عن عبد الا التسليم قالوا كذلك قال ربك وهم لا يأتون من عند انفسهم انما يفعلون ما يؤمرون عليهم الصلاة والسلام انه هو الحكيم العليم وفي نفس الاية بغلام عليم هذه البشرى بانه هذا الغلام يشب وانه يكون عليما والله سبحانه وتعالى هو الحكيم العليم. سبحانه وتعالى ثم عاد الخطاب بين ابراهيم عليه الصلاة والسلام وبين هؤلاء الملائكة لما جاءت هذه البشرى وذهب عن ابراهيم الروع كما قال سبحانه في سورة فلما ذهب عن ابراهيم الروع وجاءته البشرى الهلاك هؤلاء القوم وجاءته البشرى ايضا الملائكة بانه يولد لهما ولد وانه يعيش وانه يولد بشرناها باسحاق وهو وراء اسحاق يعقوب قال فما اخاطبكم ايها المرسلون يقول فهنا فصيحة يعني اذا كان امرك ذلك فما خاطبكم ما الذي جاء بكم نحو ذلك؟ لانهم اذا كانوا كذلك وهذا اه ليس بعد ما بشروه بهلاك القوم لانه سيأتي لكن بعد ما بشروه بغلام عليم قال فما خطأ لانه علم عليه الصلاة والسلام انه جاءوا انهم جاؤوا لامر عظيم ايضا غير ما بشروهم به. قال فما خطبكم ايها المرسلون الخطب في الاصل هو الشأن والامر العظيم هو الشعر والامر العظيم يقال خطب يسير. وخطب عظيم ويختلف بحسب السياق يقال فما اخاطبكم ايها المرسلون وسمي الخطب خطبا لانه تجري المخاطبة فيه والكلام بين من يتحدثون في هذا الشيء كما بين ابراهيم عليه الصلاة والسلام والملائكة. عليهم الصلاة والسلام فخاطبهم وخاطبوه وهذه المادة هي من هذا الباب الخطبة والخطبة ايضا الخطبة هي الكلام على يتكلم به عموما للناس خطوة جمعة وغيرها الخطب كذلك. ومن ذلك الاثر المشهور عن عمر رضي الله عنه عند مالك عبد الرزاق وغيرهما لما انه افطر في يوم غيم في رمضان افطر في يوم غيم طلعت الشمس وجاء رجل فقال يا امير المؤمنين طلعت الشمس قال الخطب يسير قد اجتهدنا الخاطب يسير الشأن يسير والامر يسير. الحمد لله لم نتجانف الاثم لم نقع اليه اجتهدنا. والمجتهد على خير قال فما خطبكم ايها المرسلون علم انهم مرسلون. فاذا كانوا مرسلين فانهم جاؤوا لشأن عظيم بشأن لانه رسول عليه الصلاة والسلام ابراهيم ولهذا سألهم وما خطبكم ايها المرسلون قالوا انا ارسلنا الى قوم مجرمين سبحانه وتعالى انهم مجرمون. ثم وصفهم انهم بعد ذلك ما اجترموا من الذنوب العظيم من الشرك بالله سبحانه وتعالى واتيان الفواحش وانهم يأتون الذكران من العالمين وما وقع لهم مع لوط عليه الصلاة والسلام في وذكر ذلك سبحانه وتعالى في سورة هود لما جاءت رسلا لوطى سيئ بهم وضاق بهم درعا وقال هذا يوم عصيب وقاء قومه وكان يدافع لو ان لي بكم قوة او آوي الى ركن شديد قالوا انا رسل ربك لن يصلوا اليك. فاسري بها لك بقطع ولا يلتفت منكم احد الا امرأة انه مصيبها ما اصابه. ان موعدهم الصبح اليس الصبح بقريب فعند ذلك القصة بتمامها ذكر المفسرون ان جبرائيل عليه الصلاة والسلام امره يترك الباب كانوا يدفعونه ويدافعهم عن هؤلاء الملائكة قبل ان يعرفوا خشي على عليهم من هؤلاء فقالوا دع الباب فلما فتح قال ان جبرائيل عليه الصلاة والسلام خطف اعينهم ترى في جناحية ونحو ذلك جعلوا يتخبطون. ذهبت ابصارهم هذا ذكره سبحانه وتعالى. اشار اليه في سورة القمر ايضا فالمقصود انهم قوم مجرمون وقعوا في الشرك وفي الفواحش العظيمة انا ارسلنا الى قوم مجرمين وقد اجتهد معه لوط ودعاهم وحذرهم لكن اصروا على ما اصروا عليه فلم يكن في بقائهم الا الشر والفساد فكان نزول العذاب عليهم دافعا لشرهم وفسادهم انا ارسلنا الى قوم مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين يرسل عليهم حجارة من طين جاء في سورة من سجيل منضود من سجيل منظود. يعني انه متتابع يرمى عليهم والله اعلم قيل انه يعني بامر الله من الارض يخرج حجارة كالحجارة او الطين المحمي الذي يكون قد تصلب شدة حرارة او انه طين مستحجر فالله اعلم. فالمقصود انه يرسل حجارة من طين. قال حجارة من طين وقال في دراس من سجيل منظود اي متتابع عليهم نرسل فنزل عليهم العذاب من السماء من فوقهم ثم هذه الحجارة مسومة اي معلبة اما عليها خطوط معلمة او مشومة عليها اسماؤهم الشومة ويا العلامة اما من الشومة العلامة او مشومة عليها اسماؤهم مسومة عند ربك انه بعلم الله سبحانه وتعالى والله سبحانه قدر مقادير الخلائق وكتبها عنده سبحانه وتعالى فهي مسومة عند ربك لمن للمسرفين الذين بلغوا للجرم غاية الاجرام ثم وصفهم لانهم قد اشرفوا في اجرامهم وبالغوا في معصيتهم ولهذا قال مسومة عند ربك للمسرفين اشرفوا في ضلالهم وفي عصيانهم وفي تعديهم وفي شركهم وفي وقوعهم في هذه الفاحشة ما سبقهم بها من احد من العالمين مشومة عند ربك للمسرفين قال سبحانه فاخرجنا من كان فيها من المؤمنين هذا كما بين سبحانه وتعالى في عدة ايات لانه ذكرها كما تقدم في عدة سور هود وفي العنكبوت وفي الحجر. وان بعد ذلك انه امره الملائكة ان يخرج هو من معه من المؤمنين وليس معه الا هو وبناته عليه الصلاة والسلام فاخرجنا من كان فيها من المؤمنين كما اخبر الله عنوف هليك بقطع من الليل اخرج بهم ولا امره الا يلتفت منهم احد فتبعتهم امرأته عند ذلك اصابها ما اصابهم فاخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين اختلف المفسرون في هذه الاية ومنهم من قال انها يدل على ان الاسلام لمن واحد لكن هذا خلاف الصواب صواب انهما ان الايمان والاسلام حين يجتمعان يفترقان وحين يفترقان يجتمعان هي كسايل الاسماء الاخرى التي تأتي في القرآن مثل البر والتقوى ما اشبه ذلك من الاسماء التي بها اهل الايمان حين تذكر مفردة فانه يدخل فيها سائل الاسماء الاخرى وحين تجمع يكونوا لهذا الاسم وصف ولهذا الاسم وصف. ولهذا في حديث جبرائيل قصة جبرائيل في حديث ابي هريرة في الصحيحين عند مسلم عن عمر رضي الله عن الجميع آآ ذكر الاسلام والايمان والاحسان وذكر وصفا لكل واحد من هذه الرتب من رتب الدين وليقال فاخرجنا من كان فيها من اولى الذين خرجوا هم المؤمنون الذين اسلموا باطنا وظاهرا امنوا باطنا وظاهرا لوط عليه الصلاة والسلام بناته او ابنتاه عليه الصلاة والسلام فما وجدنا اولياء قال فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين لما ذكروا البيت لم يذكروا الاخراج. في الاخراج في الاخراج ذكرهم بوصف الايمان. فاخرجنا من كان فيها من المؤمنين الذين هم من اهل الايمان قد نجوا وسلموا نجاهم الله سبحانه وتعالى كما وجدنا فيها غير بيت فهو بيت لوط عليه الصلاة والسلام. هو هو البيت الذي وصف بالاسلام لماذا وصف بالاسلام لان في بيته زوجه امرأة وهي تظهر الاسلام تظهر ذلك. لكنها في الباطن مع قومها وكانت لما رأت هؤلاء القوم الملائكة عليهم الصلاة والسلام دعت قومه قومها اليهم ولهذا هلكت معهم ثم اصابها ما اصاب قومها. فهلكت كما هلكوا. ولهذا قال هذا هو السر والله اعلم في قوله فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين والانسان قد يغري قد يظهر الاسلام ظاهرا ويكون في الباطن غير ذلك ذلك. ولهذا حين يدعى الى الدين يدعى الى دين الاسلام. الى الشهادتين ليكونوا ظاهروا الاسلام ثم بعد ذلك ينظر في امره ينظر في امره هل قالها حقا ولهذا قال عليه الا بحقها الا بحقها. والنبي عليه الصلاة والسلام يقبل من الناس ظواهرهم ان انقب عن قلوب اهلنا. ان القلوب يعني يشق بطونهم عليه الصلاة والسلام. فليس له الا الظاهر والله يتولى امر السرائر فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين. وتركنا فيها اية للذين يخافون العذاب الاليم بقيت هذه القرى وما وقع فيها من العذاب كان عبرة اية للذين يخافون العذاب فهو تذكير بما اوقع الله سبحانه وتعالى لهؤلاء قولها قالوا سبحانه وانكم لتمرون عليهم مصبحين. وبالليل افلا تعقلون. انتم ترون ديارهم وتمرون عليهم وهي قريب منكم في بلاد الشام سدوم وعموري ونحو ذلك كانت هذه قراهم يرون اثارهم. فالله سبحانه وتعالى يذكر او قريش بما وقع لهذه الامم ممن سبق وسيذكر سبحانه وتعالى امما اخرى وهؤلاء الامم والاكوام اعظم منكم واقوى منكم ينحتون الجبال بيوتا اشياء لا تقدرون عليها ومع ذلك لما عصوا ولم ينفعهم ما كانوا فيه فكيف تصنعون هذا؟ مع اخر رسول اخر الانبياء واكرم رسول واعظم رسول النبي عليه الصلاة والسلام الا تخشون ان يصيبكم ما اصابهم الله سبحانه وتعالى يصلي نبيه اولا بهذه القصة وما وقع قبله وتحذير في قريش وملأ قريش مما هم فيه من الكفر والضلال لعلهم ان يرتدعوا. ثم ذكر سبحانه وتعالى قصة موسى عليه الصلاة والسلام الاشارة الي ان شاء الله في درسنا اية تسأله سبحانه وتعالى لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح بمنه وكرمه امين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد