ان الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة واجر كبير واسروا قولكم او اجهروا به. انه عليم بذات الصدور الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى صلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد وبين ايدينا سورة عظيمة هي سورة المزمل وهذه السورة احد السور المكية التي نزلت في اول الاسلام ومن مقاصدها تقوية الصلة بالله عز وجل عن طريق امرين عن طريق قيام الليل وعن طريق ترتيل القرآن وتدبره ومن مقاصدها ايضا تصبير النبي صلى الله عليه وسلم على ما يلقى من اذى قومه لا سيما في اول الدعوة ومن مقاصدها اثبات المعاد والجزاء والحساب ولهذا فقد تضمنت هذه السورة هذه المعاني التربوية المتعلقة بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين من الاوائل الذين استجابوا لدعوته ولقوا في ذات الله ما لقوا تستهل هذه السورة بهذا الميدان. يا ايها المزمل هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. نداء له بابي هو وامي من ربه عز وجل. بوصف تلبس به في حال من الاحوال ولا حرج ان يوصف او ينادى احد بصفته الراهنة فكما قال الله يا ايها المدثر يا ايها المزمل اشارة الى الحالة التي خوطب فيها او نودي فيها ومما قيل في سبب وصفه بهذا آآ ذكر في اسباب النزول ان قريشا اجتمعوا ليوصفوا حال النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم هو كاهن وقال بعضهم هو ساحر وقال بعضهم كاذب وارادوا ان يكيفوا كيفية معينة له صلى الله عليه وسلم ليصدوا الناس عن دعوته وينفروا الناس منه. فلما بلغه ذلك ضاق فالتف بكساء وتجمل به فانزل الله عليه يا ايها المزمل الليل الا قليلا هذا هو المخرج حينما يضيق الصدر تتراكم الهموم فان الفرج والمخرج بان ينشئ العبد بينه وبين ربه علاقة حميمة حتى يسرب ما في نفسه من الضيق. والهم والغم والكدر. لهذا ندبه ربه عز وجل الى قيام الليل قم الليل الا قليلا. نصفه او انقص منه قليلا او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا وقد كان قيام الليل واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم وظل كذلك. كما قال له ربه عز وجل ومن الليل به نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا. فقيام الليل في حقه صلى الله عليه وسلم من وها هنا اعاد ذكر الوجوب وذكر ايضا تقديره. فقال قم الليل الا قليلا. نصفه او انقص منه قليلا. وما دون النصف هو الثلث او زد عليه زد على ذلك ورتل القرآن ترتيلا مما يدل على ان في الامر سعة وان هذا يرتبط يتعلق بحال القائم فتارة يتمكن من القيام نصف الليل او اكثر من ذلك وتارة دون ذلك. كما ان الانسان ايضا قد يعذر بترك قيام الليل حتى هو صلى الله عليه وسلم. فقد آآ اخبرت عائشة رضي الله عنها انه بابي هو وامي اذا غلبه مرض او نوم صلى من النهار شتاء صلى من النهار شفحا. فهذه العوارض البشرية تعتريه كما تعتري سائر الناس قم الليل الا قليلا نصفه او انقص منه قليلا او زد عليه. ورتل القرآن ترتيلا القرآن اي قراءته بتؤدة. وتمهل لكي يكون اكثر وقعا. كما بين الله تعالى لاحقا. ورتل القرآن ترتيلا. وقد كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم كما آآ وصف وصفت عائشة وغيرها مدا كان اذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد ويمد الرحمن ويمد الرحيل. كما انه كان يقف على رؤوس الاية. لم يكن يهده هد الذقن او هد الرمل بل كان يتأنى في تلاوته ورتل القرآن ترتيلا. ذلك ان القرآن مكنز للمعاني والعظات والعبر ويحتاج الى قدر من المهلة للذهن لاستيعاب ما يتضمنه من هذه المعاني. وهذا لا يتأتى بالقراءة المترسلة السريعة. نعم ربما في بعض الاحوال يحتاج الانسان الى قراءة مترسلة لكن قيام الليل شأنه يختلف قيام الليل المقصد منه ان يفرغ الانسان ويخلو بربه عز وجل ويتذوق كلامه ورتل القرآن ترتيلا. وما القرآن؟ القرآن كلام الله وهذا اجل اوصافه الجملة التي لا يجوز تخطيها. من الخطأ ان نقول القرآن هو المفتتح بالفاتحة المختتم بالناس. هذا تعريف جانبي يجب ان يكون التعريف الاول للقرآن العظيم انه كلام الله لان هذه الجملة تلقي في النفس القدسية والعصمة والعظمة التي تنبغي لهذا الكلام. فاذا علم العبد ان هذا كلام الله عز وجل تهيأت نفسك وتكيفت لاستقباله بما يليق به. حتى كان عكرمة رضي الله عنه يأخذ المصحف بين يديه ويبكي ويرتجف ويقول كلام ربي كلام ربي القرآن كلام الله منزل من عنده نزل به الروح الامين على قلبك لتكون لم يقل على اذنك على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي وهو كلام الله منزل غير مخلوق. ولذلك فان الذين اه حاولوا ان يخرج القرآن عن قدسيته. وصفوه بانه مخلوق بناء على اصلهم الفاسد آآ وهو انكارهم لصفات الباري عز وجل. واقاموا في ذلك ملحمة ومحنة آآ فتنوا فيها خيار المؤمنين في وقت من الاوقات ابى اهل السنة الا ان يقولوا منزل غير مخلوق منه بدا واليه يعود. تكلم الله به حقيقة. فاوحاه الى فنزل به على قلب محمد صلى الله عليه وسلم. حينما يمتلئ القلب يقينا بهذا بهذه الحقيقة وان القرآن كلام الله عز وجل حينئذ يخضع ويطأطأ يسلم سمعه وبصره وقلبه وجميع مشاعره لاستقبال هذا الكلام الكريم ورتل القرآن ترتيلا انا سنلقي عليك قولا ثقيلا هكذا وصف الله سبحانه وتعالى القرآن بانه ثقيل. واي والله انه لثقيل. ثقيل في معانيه ثقيل فيما تضمنه من الهدايات ثقيل في مقاصده وغاياته فليس كاي كلام فان العرب قد عرفت الشعر والسجع والبديع وسائر المحسنات ولكنهم لم يقفوا يوما من الايام على مثل هذا. فلذلك بهروا حينما سمعوه حتى ان صناديد قريش كانوا يهدفون الى استماعه سرا حتى لا يراهم العامة فكانوا يسيرون في جنح الظلام ويقربون من بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يترنم بالقرآن. فيقع بعضهم على بعض فيتلاومون قال الله تعالى وهم ينهون عنه وينأون عنه وان يهلكون الا انفسهم لا يمنعهم من ذلك الا خشية ان يفتتن العامة باقبالهم عليه والمهم ان هذا القرآن كما وصفه الله عز وجل ثقيل في مبانيك ثقيل في معانيه لا تعرف العرب له نظيرا. انا سنلقي عليك قولا ثقيلا. وفي هذا التعبير ما يدل ايضا على انه صادر من علو لان الالقاء يكون من اعلى الى اسفل انا سنلقي عليك قولا ثقيلا ولا ريب انه يوصف بانه قوم ومن اصدق من الله قيلا فهو قول قول الله عز وجل ان ناشئة الليل هي اشد وطئا واقوم قيلا. عود الى التذكير بقيام الليل. وناشئة الليل للمفسرين فيها قولا منهم من قال ان ناشئة الليل كل اناءه من اوله او اوسطه او اخره ومنهم من قال ان ناشئة الليل هي التي تكون اثر نوم. التي تكون اثر نوم وذلك ان النفس تستجم بالنوم فاذا قام الانسان من نومته يكون قد صفا باله وسكنت نفسه وآآ صارت جوارحه مسترخية مستعدة للتأمل والتدبر وايا كان فالامر بعظه من بعظ قريب لان الليل بجملته محل للسكن. فالله تعالى جعل الليل لباسا وجعل النهار معاشا. فلو ان امرأ صلى من اول الليل لصدق عليه انه قد قام الليل. وقد اخبرت عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى من الليل من اوله ومن اوسطه ومن اخره. الا انه الغالب وعلى عليه صلى الله عليه وسلم انه كان يقوم اخر الليل. لانه افضل اوقاته لانه افضل اوقاته حيث يتنزل الرب سبحانه وتعالى كما في حديث ابي هريرة آآ الصحيح ينزل ربنا الى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الاخر. فيقول من يسألني فاعطيه؟ من يستغفرني فاغفر له من يدعوني فاستجيب له. وذلك كل ليلة فاخر الليل اسمع واوقع لهذا قال ان ناشئة الليل هي اشد وطئا واقوم قيلا اشد وطئا اي اشد مواطأة بين القلب واللسان فيكون تم علاقة مباشرة بين ما يلهج به اللسان وما ينفعل به القلب اشد وطئا واقوم قيلا فهذا معنى يدركه كل من قام الليل ويجد الفرق بينا بين صلاته بالليل وصلاته بالنهار فان الله جعل لليل خصائص وجعل للنهار خصائص. ولهذا قال بعدها قال ان ناشئة الليل هي اشد وطئا واقوم قيلا ان لك في النهار سبحا طويلا. ان لك في النهار سبحا طويلا. ومعنى سبحا اي فراغا ممتدا وبغية منقلبا ومجالا للتطوع بمختلف اه انواعه. فجعل الله سبحانه وتعالى النهار معاشا وجعل الليل لباسا وظيفة الليل هي الخلوة. ووظيفة النهار هي الجلوة وظيفة الليل ان يخلو العبد بربه عز وجل ويناجيه بعيدا عن الابصار ويبثه شكوى ودعوة ويلجأ اليه ويضرع ويتعبد اليه فهذه الحال تسكب في قلب المؤمن من المعاني ما لا يتأتى في النهار. وفي النهار وظائف كثيرة يمكن ان يباشرها الانسان من السعي على نفسه واهله وجاره وعامة الناس ويضرب في الارض الى غير ذلك من المصالح. والموفق هو من ينزل كل وظيفة في المكان المناسب لها هكذا ومن تأمل هدي النبي صلى الله عليه وسلم وجد انه يجعل لكل مقام مقالة ولكل حال وظيفة تناسبه. وهذه هي حقيقة التعبد. فاحسن التعبد ان تشغل الوقت بالعبادة المناسبة فاذا اذن المؤذن فالوظيفة هي اجابة المؤذن. واذا اه نودي للصلاة فالوظيفة هي نقل الخطى الى المساجد واذا حل حول الزكاة فالوظيفة اخراجه. واتوا حقه يوم حصاده وهكذا في كل امر حقيقة التعبد لله تعالى هو الاتيان بما ندب الله اليه عباده في ذلك الحال. اما اولئك الذين اسروا انفسهم باحوال وهيئات ورسوم اه طرقية بحيث لا يريدون ان يعكروا على انفسهم هذه الوضعية ولا يغير سمتا معين. فهؤلاء ما احسنوا التعبد التعبد هو ان يفعل الانسان ما يناسب الحال فلو قدر ان انسانا ما كان له طريقة ووردا وحزبا ثم حل به ظيف والوظيفة هي اكرام الضيف. ولو تخلف بعض ما كان يجري عليه وهكذا فينبغي للانسان الموفق ان يتلمس هدي النبي صلى الله عليه وسلم في سبحه في النهار. ان لك في النهار سبحا طويلا الى ثم قال واذكر اسم ربك. فان المقصود من عبادة الليل ومن عبادة النهار ذكر اسم الله اسم ربك الاعلى فالذكر حقيقته ارتباط القلب بالله. واذكر اسم ربك ان اجل العبادات هو ان يكون الانسان موصولا بالله تعالى يكون المتعبد متصلا بخالقه لا يغيب عنه وهذه حقيقة الذكر. فلاجل ذا ضخ الشارع الكريم من الاذكار في مختلف المناسبات والاحوال والهيئات ما يجعل الانسان اه متصلا بالله بشكل مضطرب اذكار الصباح والمساء اذكار النوم واليقظة اذكار الطعام والشراب اذكار دخول المسجد والخروج منه بل واذكار اكرمكم والله اجلكم دخول الخلاء والخروج منه بل وحتى اتيان اهله والاستمتاع بهم وسائر الاشياء. لا تكاد تجد مرفق من مرافق الحياة الا وقد اقترن به ذكر حسن جميل. يذكر العبد بالله تعالى. هذا هو الذكر الحق وليس الذكر بان يتخذ الانسان المسابح ويطقطقها يتلو بعض المحفوظات وقلبه ساهل لاه لا. بل ينبغي ان يكون الذكر يتواطأ فيه القلب واللسان. ولهذا قال العلماء ان اعظم احوال الذكر ما تواطأ فيه القلب واللسان يليه في المرتبة ما استقل به القلب عن اللسان. يليه في المرتبة ما استقل به اللسان عن القلب. فربما درج بعض الناس على بعض الاذكار وعندهم نوع من الذهول لا يقال انه لا اجر لهم بل يؤجرون لكنهم دون من آآ احيوا ذكر الله تعالى بقلوبهم ولاجل اذا كان الذكر هو الغنيمة الباردة يقول النبي صلى الله عليه وسلم الا انبئكم بخير اعمالكم وازكاها عند مليككم وارفعها في درجاتكم وخير لكم من انفاق الذهب والورق وخير لكم من ان تلقوا عدوكم فتضربوا اعناقهم ويضربوا اعناقكم. قالوا بلى يا رسول الله. قال ذكر الله يا له من عرض مغر الانسان وهو متكئ ويتقلب في مصالحه اليومية يتمتم بهذه الاذكار ويلهج بها فينال بذلك اعلى الدرجات. ولما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ان شرائع الاسلام قد كثرت علي فدلني على امر اتشبث به. قال لا يزال لسانك رطبا بذكر الله. لهذا قال واذكر اسم ربك وتبتل اليه تبتيلا اعبد حق عبادته ودم على ذلك التبتل هو الانقطاع في العبادة لله عز وجل وليس معنى ذلك ان يأوي الى الديارات والمغارات المفازات وينقطع عن الناس لا المقصود بذلك ان ينقطع بقلبه لله تعالى فهو يعافس الاهل والاولاد يضرب في الارض لكنه موصول بالله تعالى يتعبد لله تعالى في كل ما يأتي وما يدر هكذا تكون العبادة الحقة. ولا اعبد لله تعالى من انبيائه وخير هدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. فقد كان زوجا وابا واماما وقائدا ومعلما ومع ذلك فانه هو اعبد الناس لله تعالى يفعل كل كل هذه الاشياء وهو موصول بربه عز وجل واذكر اسم ربك وتبتل اليه تبتيلا قال الله عز وجل واذكر اسم ربك وتبتل اليه تبتيلا رب المشرق والمغرب لا اله الا هو فاتخذه وكيلا. وهذا التعقيب بعد الامر بذكره وعبادته اه تنويه استحقاقه سبحانه وتعالى لاخلاص العبادة له لانه الرب رب المشرق والمغرب والمقصود بالمشرق والمغرب هذا هنا اسمه جنس. يعني رب المشارق والمغارب كما جاء في بعض الايات رب المشرق والمغرب. فكل مشرق وكل مغرب في اي موضع من الارض او غير الارض في اي ساعة من الساعات الله تعالى خالقه ومالكه ومدبره هذه هي حقيقة الربوبية تدور حول هذه المعاني الثلاث وهي الخلق والملك والتدبير. رب المشرق والمغرب لا لا اله الا هو. هكذا يقترن توحيد الربوبية بتوحيد الالوهية. لا اله الا هو اي لا معبود بحق الا هو فكل عبودية مزعومة مدعاة فهي باطلة. الا عبوديته سبحانه وبحمده. وهذا هو معنى كلمة التوحيد التي هي اول الاسلام واوسطه واخره. ومما تواخر كلامه من الدنيا لا اله الا الله دخل الجنة الا انها يجب ان تقال بعلم ويقين وصدق واخلاص ومحبة لا يقولها الانسان بمجرد لسانه دون ان يعي معناها من قالها بلسانه وهو لا يعي معناها ولا يعمل مقتضاها لم تغني عنه شيئا ولو ملأ الجو تهليلا. يجب ان يعلم ان مقتضى قوله لا اله الا الله اي لا معبود بحق الا الله. لان الاله هو الذي تألهه القلوب محبة وتعظيما تألهه تنجذب اليه وتتعلق به فهذا لا يكون الا لله الواحد القهار. فحينئذ يخلص المحبة ويخلص الخوف ويخلص الرجاء لله تعالى. وهكذا بقية اعمال القلوب لا اله الا هو فاتخذه وكيلا والتوكل مظهر للعبودية واي مظهر لان التوكل هو اعتماد القلب على الله عز وجل في جلب المصالح ودفع المضار مع فعل الاسباب التي نصبها الله اسبابا فلذلك نجد دوما آآ الارتباط بين التوكل والايمان. الله تعالى يقول وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين قال وتوكل على الحي الذي لا يموت. وقال انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون وقال الله تعالى عنهم الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. ارأيتم ان التوكل مظهر من اجل مظاهر الايمان. فكون القلب يفزع الى الله عز وجل دليل على حسن ظنه بالله. وصدق تعبده له. بينما من يفزع قلبه يمنة ويسرة في المظائق ويلتفت الى مخلوقين هذا سلم في الايمان. دليل على ضعف الايمان اول ما ينبغي ان يتبادر الى القلب في المظائق والمآزق الفزع الى الله عز وجل. ثم بعد ذلك ينظر في الاسباب التي نصبها الله اسبابا حسا وشرعا فيتذرع بها لان الله نصبها لا لانها مستقلة بالتأثير فلهذا تأملوا هذه الاية كيف جمعت توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية التوكل رب المشرق والمغرب لا اله الا هو فاتخذه وكيلا لما قدم بهذه الجمل العظيمة المتتالية. وندب نبيه الى قيام الليل والصبر عليه. حينئذ هيأه للتصبير على ما يلقى من قومه فقال رب المشرق والمغرب لا اله الا هو فاتخذه وكيلا. واصبر على ما يقولون. واهجرهم هجرا جميلا. واصبر على ما يقولون. هذه التهم الجزاء هذه الالقاب السيئة التي يوزعونها يمنة ويسرة دون مبالاة ويصمون اكرم الناس واشرف الناس بالسحر والكذب والكهانة الى غير ذلك لا ريب انها تقدح في النفس وتخدشها لكن ليس تم الا الصبر. ومنزلة الصبر من الدين كمنزلة الرأس من الجسد لابد من صبره والصبر من اشرف المقامات وهو ثلاثة انواع صبر على طاعة الله وصبر عن معصية الله وصبر على اقدار الله المؤلمة والصبر على طاعة الله بان يلزم الانسان نفسه امتثال اوامر الله والصبر عن معصية الله بان يحجز العبد نفسه عن انتهاك حرمات الله والصبر على اقدار الله المؤلمة. ان يتلقى ما يقضيه الله تعالى من الامور الموجعة والمؤلمة رضا ويقين ويمسك لسانه وجوارحه من ان تخرج الى دعوى الجاهلية لهذا امر الله نبيه بالصبر. قال واصبر على ما يقولون. وقال له في مواضع فاصبر كما صبر اولي العزم من الرسل فما من نبي الا وقد وجه له سيل من التهم. لكنهم كانوا يصبرون كانوا يصبرون. فامر الله نبيه بالصبر على هذه الدعاوى آآ التي آآ القيت عليه ونيل منه آآ بها وامره ايضا بالهجر الجميل. والهجر الجميل هو الذي لا عتاب فيه ودوما نجد ان الله سبحانه وتعالى آآ يندب الى اشياء يصفها بالجمال. فاصفح الصفح الجميل وامر هنا بالهجر الجميل اه لذلك ينبغي ان يكون الهجر جميلا اي لا ينحط فيه الصابر الى نوع من العتاب والمؤاخذة المحاسبة وغير ذلك. وانما يحتمل وغاية ما في الامر هو ان يدفع عن نفسه قالة السوء فلما قال قوم هود ليهود عليه السلام انا لنراك في سفاهة. ماذا كان منه عليه الصلاة والسلام؟ فقط قال القومي ليس بسفاهة. هذا من الصبر الجميل فليس مقتضى الصبر الا يدب الا يذب آآ المرء عن عرضه ولكن لا ينحط ولا ينزل الى سفاسف لهذا ادب الله نبيه بهذا الادب فقال له واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا واهجرهم هجرا جميلا ثم قال تعالى مهددا موعدا اعدائه ان لدينا انكالا وجحيما وطعاما داهوا وعذابا اليما. اي لو شاء ربك لاخذهم اخذ عزيز مقتدر. لكن الله تعالى حليم يمهل ولا هو سبحانه وتعالى يؤجل لحكمة. والا فالله يرى والله يسمع. والله يعلم. لكنه سبحانه تعالى حليم يمهل للظالم حتى اذا اخذه لم يفلته. فنبه نبيه صلى الله عليه وسلم الى ان هؤلاء الذين يشغبون عليه ويؤذونه في القبضة وانه لو شاء الله تعالى لاهلكهم فذكره بقوله ان لدينا انكالا وجحيما اي اه عذابا مؤلما موجعا وجحيما في الاخرة وهي النار وطعاما ذا غصة والطعام ذي الغصة هو الغساق والغسلين الذي ورد ذكره في مواضع اخرى في القرآن وكونه اداب غصة يعني انه يعلق آآ تركنا اية نعم نتم هذه الاية وكونه موصوفا بانه ذا غصة اي انه يعلق بالحلق ولا اشد من شيء يعلق بالحلق فلا هو يخرج ولا هو يهبب لهذا قال وطعاما ذا غصة وعذابا اليما نعم وقد فاتنا آآ قول الله عز وجل وذرني والمكذبين اولي النعمة ومهلهم قليلا. قبل هذه الايات فيها ما فيها من الوعيد الشديد. فحسبك ان يقول رب العالمين خلي بيني وبين هؤلاء. ذرني يعني انما يقول دعني افعل بهم ما يليق بهم وذرني والمكذبين اولي النعمة. اي اصحاب التنعم والاشهر والبطر. وهذا هو الغالب على من انغمس في النعيم الغالب على من اترف انه يقع بينه وبين قبول الحق حجاب لان الترف والنعيم يجعل الانسان ينزع الى الدنيا ويميل اليها ويتباعد عن الاخرة وعن الامور فلذلك كان المترفون هم غالبا هم اهل النار والصابرون هم اهل الجنة قال الله وذرني والمكذبين اولي النعمة ومهلهم قليلا. فهذا الذي آآ يتقلبون فيه انما هو متاع زائل. عما قليل يتقشع ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الامل فسوف يعلمون وفي هذا ما يشعر المؤمن بان ما قد يراه يمنة ويسرة من ماجريات الامور ينبغي الا تزلزل ايمانه بسنن الله الكونية وان الله سبحانه وتعالى قد يمتع بعض بني ادم ببعض المتع يريهم او يستدرجهم ويستزلهم للتمادي لكنه سبحانه لهم بالمرصاد قوله وذرني والمكذبين اولي النعمة ومهلهم قليلا فيها وعيد شديد وفيها تهديد اكيد لمن لبس بهذه الاوصاف انا لدينا انكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا اليما. يوم ترجف الارض والجبال. وكانت الجبال كتيبا مهينا. هذا تذكير باليوم الاخر حتى وان فلتوا في هذه الدنيا من عقوبة عاجلة لكن ما امامهم يوم القيامة اين المفر يوم ترجف الارض والجبال ومعنى ترجف اي تهتز وتميد. وقد ذكر الله تعالى هذا المعنى في مواضع كثيرة وهي من مشاهد القيامة التي ينبغي للموفق ان يستدعيها وان يستحضرها وان يطلق فكره في تصورها متى يمتلئ قلبه خشية لله تعالى. تأمل قول الله عز وجل اذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة الراتب اذا رجت الارض رجا وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا تعمد هذه الارض القارة تضع عليها يدك فلا تشعر باي اضطراب يأتيها ما يأتيها. بل ان الناس اذا اصابهم نوع من الزلزال الطارئ الذي يدوم لبضع ثواني تنقلب الامور رأسا على عقب وتنحط البنايات العالية تسقط قرى باكملها في جوف الارض وهي حدث دنيوي فقط فكيف بيوم القيامة ويسألونك عن الجبال وقل ينسفها ربي نسفا وحينما نقول الجبال تذكر هذه السلاسل الهائلة من الجبال كجبال الهملايا وجبال الالب وجبال الاطلس وغيرها من الجبال الضخمة التي يشهق البصر وهو ينظر اليها ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا. فيذرها قاعا صفسطا لا ترى فيها عوجا ولا امتع يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له. وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع الا همسا هذه حقائق هذه امور قادمة ستقع حتما واحوال الجبال آآ متغيرة لان يوم القيامة طويل. فقد اخبر الله عن الجبال بانها تكون في احوال متعددة قال وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب. فيأتي عليها حين تبدو للناظر آآ انها جامدة وهي في الواقع تمر مر السحاب. ثم بعد ذلك تحمل وتدك كما اخبر ربنا في سورة الحاقة. ثم بعد ذلك تدق وتبس فتصبح كتيبا مهيلا. كما قال ربنا عز وجل يوم ترجف الارض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا. والكثيب هو الرمل مهيلا منثورا فتعود هذه الجبال الصم الصلدة تعود اه كالرمل المبثوث وتعود كالقرص او كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كالخبزة قد مدت مد الاديم ليس فيها معلم لاحد ليس فيها جبل يرتقى ولا آآ واد يهبط اليه ولا غار يكتن به هذا كله ات يوم القيامة وكانت الجبال كثيبا مهيلا. ففي هذا ايقاظ وتذكير في هذا الامر الذي هم مقبلون عليه. ان فيه عظة وعبرة لمن كان في قلبه بقية حياة يمكن ان يستدرك وان يؤوب الى رشده ثمان الله سبحانه وتعالى اتاهم باسلوب اخر من اساليب التأثير. وهو التأثير بالتاريخ الاثار السابقة فقال انا ارسلنا اليكم رسولا شاهدا عليكم كما ارسلنا الى فرعون رسولا فعصى فرعون الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة. وها هنا قال واقيموا الصلاة واتوا الزكاة. واقرضوا الله قرضا حسنا له من اغراء ان آآ يندب الله عباده الى اقراظه لان هذا القرض فاخذناه اخذا وبيلا اذا هذا شاهد تاريخي يحفظه التاريخ ويتناقله الرواة الله يخبر هؤلاء المخاطبين من مشركي قريش ومن ورائهم من العرب والامم قال انا ارسلنا اليكم رسولا عليكم وفي الجملة اثبات رسالته صلى الله عليه وسلم وشهادته اثبات شهادته على على امته سواء امة الدعوة او امة الاجابة. بالبلاغ المبين ونظر هذا حال موسى مع فرعون كما ارسلنا الى فرعون رسولا. وذلكم الرسول هو موسى عليه السلام احد اولي العزم من الرسل وقصته مبسوطة آآ في مواضع كثيرة من القرآن العظيم. لكن اقتصر في هذا السياق على الثمرة المناسبة للمقام. وهو ماذا كان رد فعله؟ وماذا كان وماذا كانت عاقبته عصا فرعون الرسول. يعني كما انتم الان تعصوه فماذا كانت النتيجة؟ فاخذناه اخذا وبينا. وذلكم الاخ هو ان الله سبحانه وتعالى اغرقه وملأ في البحر ادخله الله تعالى وساقه بقدميه وبجنده وملأه حتى اغراه باقتحام البحر خلف بني اسرائيل حتى اذا تكامل بنو اسرائيل خارجي وتكامل ال فرعون داخلين امر الله تعالى البحر ان ينطبق عليهم واترك البحر رهوا. انهم جند مهرقون. كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين هو الاخ الوبيب فالله تعالى يذكرهم بهذه العقوبة وان من عصى الرسول فهذا فهذه عاقبته ليس لاحد نسب ولا حسب آآ يجري به على الله عز وجل هي سنن مضطردة مع صافي علوم الرسول فاخذناه اخذا وبيلا. فكيف تتقون ان كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا هذا السياق الى ذكر اليوم الاخر. والتخويف منه. فكيف تتقون ان كفرتم؟ يعني ان اصررتم على كفر يوما اذن يكون العامل في قوله يوما تتقون فكيف تتقون يوما ويحتمل ان يكون العامل فيها كفرتم. يعني ان كفرتم يوما ولا تعارض بين المعنيين. يعني يمكن ان يكون التقدير فكيف تتقون يوما ان كفرتم ويمكن ان يكون التقدير فكيف تتقون ان كفرتم يوما؟ يعني ان كفرتم بذلك اليوم وانكرتموه. ولا تعارظ بينهما كلاهما محمل حسن فكيف تتقون ان كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا. وهو يوم القيامة فان ذلك اليوم كما وصف ربنا عز وجل يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما ارضعت. وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد استذكار ذلك اليوم مهم في احياء الايمان في القلوب. وكثير من الناس يقصي التفكير في اليوم الاخر. ويبعده عن مخيلته لانه يريد ان يستمتع يريد ان يتلهى في هذه الدنيا لكن هذا ما اشبهه بالنعامة التي تدس رأسها قد تظن ان الصياد لا يراها العاقل اللبيب هو الذي يدرك بان ما هو ات جدير بالاحتساب وبالذكرى وان هذا القلق قلق مبارك. ليس قلقا ينكد العيش ويصرف الانسان عن مصالحه. لكنه قلق يحمله على تقوى الله عز وجل. وامتثال اوامره واجتناب نواهيه وحسب. ولهذا لا يحتاج الانسان من خوف الله تعالى الا الى القدر الذي يحجزه عن معاصيه وما زاد فلا حاجة له به يعني ليس المرء بحاجة الى ان يزيد في حصة الخوف الى درجة ان يشعر بالنكد والضيق والاضطراب له كان النبي صلى الله عليه وسلم من اطيب الناس عيشا. واهنأهم مجلسا. مع شدة خوفه وخشيته لربه عز وجل. فانت لا تحتاج من خشية بمشيئة الله الا الى القدر الذي يحجزك عن معصية الله. وما زاد فلا حاجة لك به يقول الله عز وجل فكيف تتقون ان كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا السماء منفطر به يعني منشق متصدع كما اخبر الله عز وجل فيما مر بنا في آآ آآ السوء والملك على ارجائها آآ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية وصف الله تعالى السماء بانها واهية وانها تتشقق فهذا من مشاهد يوم القيامة التي تكرر ذكرها في القرآن. السماء منفطر به ومنفطر به اختلف في كلمتي به ما مرجع الضمير في قوله منفطر به؟ فقال بعض بعض المفسرين السماء منفطر به اي بسبب بسببه يعني بسبب يوم القيامة فهذه من لوازمه وقيل ان السماء منفطر به. اي بالله عز وجل. ولكن هذا القول فيه ضعف. لانه لم يرد له ذكر فيما ومضى حتى يرجع الضمير اليه ولا ادري هل يستقيم لغة ان تكون به هنا؟ بمعنى فيه ام لا تحتاج مزيج بحث السماء منفطر به؟ يعني هل يستقيم ان يقال السماء منفطر به؟ يعني ايه السماء منفطر فيه يعني في ذلك اليوم وهل تتسع اللغة لذلك السماء منفطر به. كان وعده مفعولا هكذا يقر الايمان في القلوب وتمتلئ يقينا بما اخبر الله عز وجل كان وعده مفعولا. لا يمكن ان يتخلف وعد الله عز وجل. ان الله لا لا يخلف الميعاد كما ترون ان القرآن يملأ القلب بهذه الحقائق. حتى تصل الى درجة القطع واليقين والجزم وهو ما يسمى الاعتقاد. مأخوذ من العقد وهو الشد والربط والجزب ان هذه تذكرة. فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا. ان هذه تذكرة يعني هذه السورة او هذي هذه المواعظ التي سبق ذكرها او مجمل الايات تذكرة اي انها تذكر القلوب وتحييها والذكرى تنفع المؤمنين. لان القلب يصنع كما يصدأ الحديد وجلاؤه ذكر الله. فالتذكرة تصقل القلب وتعيد له بهاءه ورونقه. وتأثره واستجابته اما اذا كان القلب بعيدا عن الذكرى فانه يتكلس ويصبح عليه غلاف يصبح قلبا اغلفا يصبح قلبا اغلى يحيط به حجب واغشية وران وغان تمنع وصول الحق اليه كما قال ربنا عز وجل كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون. فلهذا تجد ان الغارق في الشهوات لا تؤثر فيه المواعظ. يحتاج الى من يجلو قلبه من يجلو قلبه حتى تنفذ اليه الذكرى لهذا كان المرء بامس الحاجة الى ان يتعاهد قلبه بالذكرى ولا يسترسل في الغفلات في الغفلات بل يتعاهد نفسه بالذكرى ليظل قلبه حيا يقظا ان هذه تذكرة فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا وهذه الاية رد على الجبرية الذين ينكرون فعل العبد مشيئته الله سبحانه وتعالى في هذه الاية يثبت للعبد مشيئة. ويثبت للعبد فعلا. لانه قال فمن شاء فاسند المشيئة الى المخاطب اتخذ وهذا فعل لان الاتخاذ نوع من الفعل والاداء فهذا يدل على ان الانسان له مشيئة حقيقية بها يأتي وبها يذر. وله فعل حقيقي وهذا هو الحق. كما قال ربنا عز وجل اما من اعطى. واتقى وصدق بالحسنى. فسنيسره لليسرى. واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى. اذا من الذي اعطى واتقى وصدق؟ ومن الذي بخل واستغنى وكذب؟ العبد ولهذا كان الثواب والعقاب مرتبان على ما يبدر من العبد من طاعة او معصية. وما ربك بظلام للعبيد؟ فليس احد ان يحتج على الله بقدره السابق. نعم الله قد قدر المقادير وفرغ من العباد. لكن الله سبحانه وتعالى اخفى القدر واظهر الشرع وقال اعملوا فكل ميسر الانسان فيما يأتي وما يذر يجد في نفسه ارادة ومشيئة وفعلا حقيقي حقيقيا ليس صوريا ولا قسريا ولا قهريا. بل هو سبق اصرار بحث اختيار به يأتي وبه يذر فلذلك يرتب عليه الثواب والعقاب فهذه الاية رد عظيم على القائلين بالجبر الذين يزعمون ان العبد مجبور على فعله ولهذا نبهنا في اكثر من درس على انه لا يصلح ان يقال العبد مسير باطلاق ولا يقال العبد مخير باطلاق بل ينبغي ان يقال العبد ميسر بقول الله فسنيسره لليسرى. فسنيسره للعسرى. وقول النبي صلى الله عليه وسلم اعملوا فكل ميسر لما خلق له فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا. وهذه ليس المراد منها فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا. يعني ان شئت فاتخذ وان شئت لا تتخذ لا المقصود انه لا عذر لاحد. فمن اراد النجاة والفكاك فليتخذ الى ربه من جنس قول الله تعالى من جنس قول الله تعالى اعملوا ما شئتم انه بما تعملون بصير ليس المقصود اعملوا ما شئتم انني ابحت لكم ما تشاؤون. لكن معناه انتم مجزيون بما تشاؤون ومثله قول الله تعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. ليس مراده اه تسويق ان يشاء الكفر وانما المراد ان هذا وهذا كلاهما بمقدورك تضغط فاختر لنفسك وما تختاره سيترتب عليه الثواب او العقاب ان هذه تذكرة. فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا. ثم قال ان ربك يعلم انك تقوم ادنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك وقد كان الامر في اول الاسلام على الوجوب. كان السابقون الاولون من المؤمنين مأمورون شرعا بالقيام على سبيل الوجوب ثم ان الله سبحانه وتعالى خفف عنهم فاسقط عنهم وجوب قيام الليل وابقى استحبابه فظله هو الترغيب به ان ربك يعلم انك تقوم ادنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه اي كما تقدم تفصيله في اول السورة وذلك ان الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم في الاصل خطاب لامته. الا ان يقوم دليل على التخصيص. هذه قاعدة اصولية الخطاب الموجه للنبي صلى الله عليه وسلم خطاب له وخطاب لامته من بعده. الا ان يقوم دليل على التخصيص مثلا يقول الله عز وجل يا ايها النبي يا ايها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحسن عدة. فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم لكنه ينسحب على امته وكذا يا ايها النبي لما تحرم ما احل الله لك تبتغي مرضاة ازواجك. والله غفور رحيم. قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم فالخطاب له خطاب لامته الا ان يأتي ما يدل على التخصيص كقول الله تعالى وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها النبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين اذا نقول قد كان الامر بقيام الليل واجبا عليه صلى الله عليه وسلم وعلى جميع المؤمنين. ثم ان الله تعالى خفف عنهم ونسخ الوجوب الى الاستحباب كما في اخر السورة ان ربك يعلم وانك تقوم وادنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار. علم ان لن تحصوه فتاب عليكم. يعني اما ان لن تحصوه يعني الا تتمكنوا من الوفاء به لما يعرض لكم من العوارض الحياتية. فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن. والمقصود بقوله فاقرأوا ما تيسر من القرآن. يعني صلوا فان القراءة تأتي بمعنى الصلاة. والصلاة تأتي بمعنى القراءة. الم يقل الله تعالى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها يعني لا تجهر بقراءتك ولا تخافك بها. فسمى الصلاة تسمى القراءة صلاة. وهنا العكس قال علم ان لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن. يعني في الصلاة تقرأ ما تيسر من القرآن ثم ذكر المعادن الاعذار التي تعرض لبني ادم علم ان سيكون منكم مرضى. واخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله. واخرون يقاتلون في سبيل الله. هذه ساذج للاعذار التي تعتري بني ادم. احدها المرض. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا مرض العبد او سافر كتب له ما كان يعمله من العمل صحيحا مقيما. وقال لعمران ابن حصين لما اصابته البواسير صلي قائما. فان لم تستطع فجالسا. فان لم تستطع فعلى جنبك اذا هؤلاء هم اهل الاعذار. ومن ذلك ان الله سبحانه وتعالى قد خفف الصلاة عن المسافر وحطها محطة الرباعية الى اثنتين واذن واباح الجمع بين الصلاتين للمرض وللسفر المطر ولعموم الحرج كل هذا من تخفيف الله تعالى على عباده وتيسيره وارقى من ذلك ان يكون مشغولا بالجهاد في سبيل الله كما قال الله تعالى واخرون يقاتلون في سبيل الله اقرأوا ما تيسر منه. يعني صلوا ما تيسر وقد استدل بهذه الاية اصحاب ابي حنيفة رحمهم الله على ان قراءة الفاتحة ليست ركن لانه قال فاقرأوا ما تيسر من القرآن فقالوا لو قرأ باي شيء لصحت صلاته ولكن هذا لا يتم لوجود الاحاديث الصحيحة المتفق عليها كحديث عبادة ابن الصامت لا صلاة لمن لم اقرأ بفاتحة الكتاب وحديث من لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصلاته خداج خداج يعني ناقصة فيكون هذا من باب بيان السنة للقرآن. فمعنى قوله فاقرأوا ما تيسر منه يعني مع قراءة الفاتحة. فان قراءة الفاتحة ركن في كل ركعة في كل صلاة والعلماء اه في هذه المسألة اه لهم تفاصيل يعني مختلفة فمنهم من يوجب قراءة الفاتحة اه في في كل ركعة في كل صلاة فرضا او نفلا سرية او جهرية لكل مصل اماما كان او مأموما او منفردا وهذا مذهب الشافعي وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين رحمه الله ومنهم من يرى ان آآ ان صلاة الامام صلاة او قراءة الامام قراءة لمن خلفه وهو مذهب الحنابلة ومنهم من يفرق بين السرية والجهرية المقصود ان قوله فاقرأوا ما تيسر من القرآن ان هذا لا يتعارض مع ركنية الفاتحة فاقرأوا ما تيسر من القرآن ثم قال واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واقرضوا الله قرضا حسنا امرهم باقامة الصلاة. واقامة الصلاة اي فعلها على وجه الاستقامة. هذا معنى اقامة الصلاة. لهذا ما قال صلوا قال اقيموا الصلاة. يعني ادوها على وجه الاستقامة. واقيموا الصلاة واتوا الزكاة. مما يدل على ان هاتين الشعيرتين من اعظم مباني الاسلام. ودوما يقرن الله تعالى بينهما ولا يكادان ينفكان حتى ان الله تعالى يجعلهما دين القيمة مع الاخلاص والتوحيد. وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء وماذا سيرد وسيرد مضاعفا. ففيه اغراء عظيم بالبذل والنفقة. فالزكاة التي تقدمت هي المال الواجب الذي لابد منه هو يدل ايضا على انه فرضية الزكاة وقعت في مكة وانما تأخر بيان انصبائها ومقاديرها الى المدينة. لكنها اصلها في مكة ونجد هذا في سور مكية اخرى كقول الله تعالى الذين لا يؤتون الزكاة في سورة فصلت وهي مكية فقال واقرض الله قرضا حسنا وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا واعظم اجرا فهذا طمأنة واغراء بان كل هذا الذي يقدم فانه لا يضيع. يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا. فلا يضيع عند الله شيء. ولا تأس على ما فات. ثق ان الله قد حفظه وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله. هو خيرا واعظم اجرا. واستغفروا الله ان الله غفور رحيم وما احسن هذا الختام الذي ينبئ على حاجة الانسان الى الاستغفار حتى في ختام الطاعات. لان العمل والطاعة لا بد ان يعتريه خلل يحتاج الى ترقيع. يحتاج الى تكميل. وهذا يكون بالاستغفار ولهذا نجد ان المصلي اذا انفتل من صلاته بالسلام قال استغفر الله استغفر الله استغفر الله بعض الناس يظن ان الاستغفار لا الا لذنب. لا الاستغفار اعم من ذلك. وهكذا نذهب الله المؤمنين في مناسك الحج فاذا قضيتم مناسككم آآ تذكروا الله كذكركم واباءكم او اشد ذكرا. وآآ قال قبل ذلك واستغفروا الله استغفار الله طلب مغفرته لما قد ينوب العبادة من الخلل والتقصير. ان الله غفور رحيم وهما اسمان كريم ايمان من اسماء الله الحسنى تضمن صفتي المغفرة والرحمة وسنرجئ ان شاء الله تعالى سرد الفوائد الى المجلس القادم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين