ان الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة واجر كبير انه عليم بذات الصدور الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد نستفتح في هذه الليلة تفسير سورة المعارج وانما سميت بهذا الاسم لورود هذا اللفظ فيها من الله ذي المعارج وهذه السورة الشريفة ذات مقصدين واضحين احدهما اثبات المعاد وبيان احوال القيامة وهذا بين في اولها واوسطها واخرها واما المقصد الثاني فهي بيان صفات الناجين في ذلك اليوم. وهم المصلون على هذين المقصدين تدور ايات هذه السورة يقول الله عز وجل في مستهلها سأل سائل بعذاب واقع سأل سائل اي دعا داع بعذاب واقع وكأنه وقع في الاية تظويم والتظمين من من الاساليب القرآنية. وهو ان يأتي فعل ويضمن معنى فعل غيره والدليل على وجود هذا التضمين انه قال بعذاب وهذا يؤيد ان ذلك ان الروح في الاية انما هي انما هو جبريل. لان هذا التعليق دب ظرف في يوم كان مقداره خمسين الف سنة آآ يتعلق بالملائكة كبيرهم وهو جبريل عليه فدل ذلك على وجود فعل مضمن وهو استعجل مستعجل بعذاب واقع واستعجال المشركين بعذاب الله تكرر منهم في اه اية كثر ذكرها الله سبحانه وتعالى ويستعجلونك ولن يخلف الله وعده. اتى امر الله فلا تستعجلوه فقد كانوا لفرط تكذيبهم وانكارهم وجحودهم يستبعدون العذاب بل آآ ينكرونه ويزعمون الا بعد فهم لتحديهم للنبي صلى الله عليه وسلم يقولون ائتنا بعذاب الله ان كنت من الصادقين ولهذا وقع منهم هذا الاستعجال وقيل ان الذي سأل هذا السؤال ودعا بهذه الدعوة هو النظر ابن الحارث ابن كلدة كما حكى الله سبحانه وتعالى ذلك عنهم اه في سورة الانفال حين قالوا اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء. او ائتنا بعذاب اليم ما احمقهم! كيف يستنطرون العذاب ويستدعون وماذا ينتفعون من وراء ذلك وانما هدف اه من هذا الكلام الى اقناع اتباعهم من الغوغاء والدهماء ان هذا امر لا حقيقة له. الى درجة انهم يتحدون النبي باستعجال العذاب فلا يقع ذلك قال تعالى سأل سائل بعذاب واقع ووصف الله تعالى هذا العذاب بانه واقع. كما قال في اية اخرى ان عذاب ربك لواقع وقال سبحانه وتعالى والذاريات ذروة الحاملات وقرا فالجاريات يسرا فالمقسمات امرا ان عذاب ربك انما توعدون لواقع انما توعدون لصادق وان الدين لواقع وقال في اية الطور ان عذاب ربك لواقع وكذا قال في في المرسلات آآ والمرسلات عرفا فالعاصفات عصفا والناشرات نشرا. فالفارقات فرقا فالملقيات ذكرا انما توعدون لواقع الله سبحانه وتعالى اكد وقوع العذاب بمؤكدات متعددة بحيث لا يبقى ادنى ذرة من شك من تحقق وعيد الله تعالى. كل هذا بازاء محاولاتهم اليائسة لانكار عذاب الله ووقوعه وتحققه. سأل سائل بعذاب واقع. وانما نكره الله تعالى وابهمه يعني تحقيرا له. فلم يصرح به ولا وصفه وانما فقط قال سأله سائل للكافرين اليس له دافع كما تقدم في الايات. فلا مدفع لعذاب الله تعالى ولا مرد له. فاذا جاءهم العذاب لم يتمكنوا من رده ودفعه ان سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله بالمعارج وصف الله نفسه بانه ذو المعارج ومعنى ذو المعارج هو ما فسرته الاية بعدها. تعرج الملائكة والروح اليه فهو سبحانه وتعالى له الرتب العلا وله سبحانه وتعالى اه العلو المطلق في ذاته كما له العلو المطلق في اسمائه وصفاته وقهره والله تعالى ذو المعارج. وقد جاء هذا اللفظ آآ في ذكر الطلبيات التي كان يلبي بها آآ آآ الناس حين حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر في صحيح مسلم قال والناس يلبون لبيك يا ذا الفواضل. لبيك ذا المعارج ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك الى اخره. لكنه اقرهم ولم ينكر عليهم هذا فهو سبحانه وتعالى ذو المعارج والعروج هو الصعود العروج هو الصعود. وفي الاية دليل على علوه سبحانه وتعالى. فان الملائكة تعرج اليه. وكذلك الروح تعرج الملائكة والروح اليه عروج الملائكة يكون بصعودها اذ الملائكة عليهم صلوات الله وسلامه يهبطون ويصعدون ما بين السماء ايها الأرض بأمر الله تعالى اذ هم المنفذون لأوامره الكونية واما الروح فربما كان جبريل عليه السلام كما قال في الاية الاخرى تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم. وقال نزل به الروح الامين على قلبك من اسماء جبريل او القابه الروح يحتمل ان المراد بالروح ها هنا جبريل عليه السلام وهذا اقرب ويحتمل ايضا ان ان يراد بالروح جنس الارواح. وذلك ان الارواح تصعد الى السماوات. فاما رح المؤمن فانه اذا صعد بها بعد مفارقة البدن فانه يستفتح لها في كل سماع. كما في حديث البراء بن عازب. فيقال من يقال فلان ابن فلان باحب الاسماء التي كان يسمى بها في الدنيا ويرحب بها ملائكة الرحمن حتى تبلغ الى السماء السابعة التي فيها الرحمن سبحانه. فيأمر سبحانه ان ترد في الارض كما قال منها خلقناكم وفيها نعيدكم نخرجكم تارة اخرى لكنها تفتح لهم ابواب السماء اما رح الكافر فانها اذا عرج بها وصعد بها وقيل فلان ابن فلان ردوه وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم لا تفتح لهم ابواب السماء. فترد في الارض دون ان تبلغ السماوات العلا تعرج الملائكة والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنة السلام ولا يكون ذلك بالنسبة لارواح العباد وآآ قد قيل اقوال متعددة في ذلك اليوم او في التقرير الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في يوم كان مقداره خمسين الف سنة وقيل ان خمسين الف سنة هذا وصف مساحي للمسافة بين العرش وبين الارض السفلى فما بين العرش وبين الارض السفلى مسيرة خمسين الف سنة فيما يعهدون وقد وردت احاديث كثر في بيان ما بين كل سماء وسماء وكثف كل سماء وان ما بين كل سماء ماء وسماء مسيرة خمسمائة سنة وان كتف كل سماء خمسمائة سنة فوقها بحر الى غير لذلك مما جاء في بعض الاحاديث كان القول الاول ان المراد بخمسين الف سنة هي المسافة ما بين العرش العظيم الذي خلقه الله تعالى واستوى عليه الى مركز الارض السابعة والقول الثاني ان المقصود بهذا هو ما قبل يوم القيامة وهو الفصل او المسافة الفاصلة ما بين قيام الى قيام الساعة الى بعث الناس وقيل ان ذلك اليوم هو يوم القيامة. انه هو نفسه يوم القيامة. وهذا هو اقرب الاقوال. اه وانه في ذلك اليوم انه يوم طويل جدا على الكافرين غير يسير الا حتى ان النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث لما قرأ عليهم ذلك قالوا ما اول هذا اليوم يا رسول الله. قال ان الله يخففه على العبد المؤمن حتى كأنما هو اه فريضة من الفرائض. يعني كأنما هو صلاة من الصلوات والله سبحانه وتعالى يجري مقاديره اثارها على خلقه واثارها على خلقه بحسب ما تقتضيه حكمته فهذه اقوال قيلت فيما يتعلق بذلك اليوم. في يوم كان مقداره خمسين الف سنة فاصبر صبرا جميلا امر الله تعالى نبيه بالصبر الجميل. والصبر الجميل هو الذي لا ضجر فيه. ولا تبرم ولا تأفف اليس كل صبر يكون جميلا من الصبر ما يكون صبرا اضطراريا يصبر صاحبه على مضى. اما الصبر الجميل فهو الصبر المقرون بالرضا وحسن الظن بالله تعالى. فامره سبحانه وتعالى ان يصبر صبرا جميلا على اذى المكذبين. فانهم تفننوا في انكار ما جاء به النبي صلى الله عليه حتى ان احدهم ليأتي بالعظم ويفته امام النبي صلى الله عليه وسلم ويقول اتزعم يا محمد ان ربك يحيي هذا بعد انصار الرميما ويهزأون به ويقولون ائتوا بابائنا ان كنتم صادقين. الى غير ذلك من صور الانكار التي كانوا اه يشبهون بها النبي صلى الله عليه وسلم فامره ربه بالصبر الجميل. ففي هذا ملحظ لكل من دعا الى الله تعالى وعلم ان الصبر الجميل. فان الصبر الجميل اه يهون على صاحبه. اما الصبر الذي يكون مصحوبا بضجر وتبرم فانه ثقيل على صاحبه واصبر صبرا جميلا. انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا. اي ان اولئك المنكرين المكذبين ينظرون الى يوم القيامة انه بعيد فهم يستبعدونه بل وينكرونه سيرونه رؤية علمية فيما يبدو لهم بعيد التحقق اما من جهة الرب سبحانه وتعالى والمؤمنين ونراه قريبا فان كل ات قريب كل ات قريب فهو لتحققه ووثوق خبره يبدو قريبا ونراه قريبا ولما ان ذكر الله سبحانه وتعالى هذه المفارقة بين نظر هؤلاء ونظر المؤمنين وصف ذلك اليوم ويلاحظ الانسان عناية القرآن بمشاهد القيامة فان مشاهد القيامة في القرآن تبسط بسطا وتفصل تفصيلا ويعيش قارئها كأنما هو في المشهد. وكأن هذه الحوادث والاحوال تكتنفه من كل جانب. ان رفع رأسه وان طاطا تحولات كبرى في السماوات وفي الاراضين وفي الجبال وفي الناس. تأمل في هذا الموضع كيف قال يوم تكون السماء كالمهلة. كما قال في اية اخرى وردة كالدهان والمهل قيل انه ذائب الفضة وقيل ان المهل هو دردي الزيت. يعني الزيت العكر. الذي يبقى من الزيت عكرا. فتتحول هذه السماء الزرقاء الى ما يشبه هذا اللون وردة كالدهان الفضة فيتغير لونها ويستحيل تصبح باهتة يوم تكون السماء كالمهل. وهذا تغير في اللون والا فهناك تغيرات اخرى وفتحت السماء فكانت ابوابا. ويوم تشقق السماء بالغمام. ونزل الملائكة تنزيلا. وكما مر بنا ان السماء كما التي وصفها ربنا في اول سورة تبارك ترجع البصر هل ترى من فطور؟ ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير تصبح واهية. ومر بنا ايضا في سورة الحاقة اه والملك على ارجائها. يعني على ارجائها اذ باتت واهية فهم على اطرافها يوم تكون السماء كالمهل. وتكون الجبال كالعهد. هذه الجبال الشاهقة. هذه الجبال السامقة. هذه الجبال الصلبة تصبح كالعهن وما العهن العهن هو الصوف وكما قال سبحانه وتعالى في سورة القارعة القارعة ما القارعة. وما ادراك ما القارعة؟ يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش. يعني كالصوف المثار فهكذا تستحيل هذه الجبال الصلدة الصماء الى ما يشبه الصوف المنفوش وهذا حال من احوالها. والا فان الجبال يوم القيامة تمر باطوار شتى. قال الله عز وجل وبست الجبال يعني فتت وذريت وقال في اية اخرى ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها مقاعا صف صفعة لا ترى فيها عوجا ولا امتى وفي موقف من المواقف يقول وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي اتقنه كل شيء هذه الجبال تمر في وقت من الاوقات يوم القيامة مر السحاب ولا صحة لما يدعيه بعض المعاصرين من ان المقصود بذلك سير الجبال في هذه الحياة الدنيا بحكم استدارتها على الارض لا ليس هو هذا هو المقصود ان الايات جاءت في صفة يوم القيامة فالمراد ان الجبال تمر بمراحل واحوال متعددة يوم القيامة الى ان تصبح قاعا صفصفا والصورة المرسومة في في السياق الذي قرأناه حال كونها كالصوف المنفوش اليوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن لا يسأل حميم حميما اي لا احد يلتفت لاحد مهما بلغت درجة قرابته وحميم صلته. كل مشغول بنفسه كل معني ببصيره لا يدري اين يساق ولا يسأل حميم حميما. وحميم نكرة في سياق النفي. فدلت على العموم فهذا ينسحب على كل احد لا احد يسأل عن عن غيبك. كل مشغول بنفسه يريد النجاة والفكاك ولا يسأل حميم حميمة. لا لانهم لا يرونهم لا لانهم مغيبون عنهم كلا. فقد قال الله يبصرونهم يبصرونه يعني يرونه ويعرفونهم يعرفوا ان هذا اه اخوه وابوه والده وولده الى غير ذلك يعرفون جميع الصلات القرابات لكن كل ينفض نفسه عن الاخر. الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه. اجارنا الله واياكم تخيلوا هذه الحال هذا الكرب الذي يبلغ بالانسان ان يفتدي ببنيه نحن في هذه الدنيا اعز من علينا ابناؤنا الانسان يفتديهم بما يستطيع. يتمنى ان يقع المصاب عليه دون بنيه. ويحوطهم ويمنعهم يدفع الغالي والنفيس في سبيل حفظ بنيه ثم هو يوم القيامة يود مود مودة من سويداء قلبه ان يفتدي ببنيه يود المجرم يومئذ يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه ومن ايضا وصاحبته زوجته خليلته التي كان كانت اقرب الناس اليه يحبها محبة من نوع اخر ليست كمحبة بنيه ومع ذلك فانه مستعد ان يفتدي بها وصاحبته واخيه اخوها الذي كان يعضده في الدنيا ويقف الى جنبه ويعتزي به يفرط به يوم القيامة ويستعد ان كيف تهدي به ومن ايضا وفصيلته التي تؤويه فصيلته قيل هي امه. لانه انفصل عنها وقيل فصيلته قبيلته لانه آآ واحد وفرد منها فينمى اليها فهو كأنه فصيل من فصائلها كما يقال فصيلة كذا يعني جنس كذا اذا جميع هؤلاء الاحبة والاقرباء والاصدقاء كلهم كأنما هم في سوق مزاد مستعد ان ان يبيعهم وان يتخلى عنهم. يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته واخيه وفصيلته التي تؤويه. ومن في الارض جميعا ثم ينجيه الى هذا الحد لو كل من عليها يقعون فداء له لما تردد في ذلك. وذلك لهول العذاب بهول العذاب الذي بين يديه فهو عذاب شديد قد يعني ادرك والم بشيء من مقدماته فان اهل الموقف يجدون من مقدمات العذاب ما يحملهم على هذا الامر ويتذكرون وعيد الله عز وجل يسمعون قبل ان يدخلوها. ولهذا قال ربنا عز وجل ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت انفسهم خالدون. وجاءوا بالنار يوم القيامة لها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك سبعون الف ملك او على كل زمام سبعون الف ملك ومن في الارض جميعا ثم ينجيه. ثم قال الله عز وجل كلمة قاطعة حاسمة لا تبقي مجالا لرجاء وتشعر بالتيئيس المطلق فقال كلا اي لن يكون ذلك ولن يقع فداء كلا انها رضا انها مرجع الضمير الى النار وهذا من اسمائها التي هي اعلام واوصاف. فمن اسمائها انها لظى اجارنا الله واياكم. وهذا هذا الاسم وصف كما انه علم وذلك لتلظيها لتلظيها على اصحابها. كلا انها لظى نزاعة للشوى. والمراد بالشوى قيل جلدة الرأس وقيل المقادم واطراف اليدين والرجلين. فهي تنزعه كالشواء كما كالذي يأتي بالجدي بالخروف يضعه يصليه على النار ثم ينزع منه هذا اللحم نزاعة للشوا تدعو من ادبر وتولى وتأمل في هذا التعبير تدعو من ادبر وتولى اذ كان في الدنيا يدعى فيدبر ينادى فيولي فينقلب الحال يوم القيامة فاذا بهذه النار التي كان يكذب بها ويحذر منها هي التي تطلبه. تدعو من وتولى كأنما تقول الي الي وقد قال الله عز وجل يوم نقول لجهنم هل امتلأت؟ وتقول هل من مزيد تدعو من ادبر وتولى وجمع فاوعى اي ان غايته في هذه الدنيا كانت مجرد جمع الحطام واللهات خلف شهوات الدنيا تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار. تعس عبد الخميلة. تعس اه عبد الخميصة. تعس وانتكس. واذا شيك فلن لما كان هذا حاله مجرد الجمع يجمع ثم ماذا؟ جمع فاوعى اي انه جموع منوح فهو يجمع ويوعي ويوكل عليها ولا يبذلها لطالبيها. وهذا يدلنا معشر الكرام على التلازم الوثيق بين الاعتقاد والسلوك. وهذا نجده في القرآن كثيرا. وقد مر بنا امثلة له كما مر بنا في آآ سورة القلم آآ في صفة المكذب بانه مناع للخير ابن اثيم. هنا جمع فاوعى وكما قال الله تعالى في سورة الماعون الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون فلما انطوت قلوبهم على الكفر بالله تعالى فسدت فطرهم وامزجتهم وغلب عليهم الشح تلاهم ادوا ادوا حق الله ولا هم ادوا حق عباد الله فهو يجمع ويوعي ويمنع. فلا يصل خيره الى احد وجمع فاوعى. فهذه صفته هذا مشهد من مشاهد يوم القيامة. ونستفيد من هذه الايات ثماني عشرة جملة من الفوائد منها اولا التنبيه على اسلوب التظمين في القرآن الكريم وان فائدة اسلوب التظمين انه يجمع معنيين المعنى المستفاد من الفعل الظاهر. والمعنى المستفاد من الفعل المظمن الفائدة الثانية جهالة الكفار وحماقتهم بطلب العذاب لقد بلغ بهم الجهل والحمق ان استعجلوا عذاب الله تعالى وكان لهم سعة كان لهم سعة في الامر ان يراجعوا انفسهم الفائدة الثالثة ثبوت العذاب والجزاء وحتميته. هكذا تأتي ايات الكتاب قاطعة حاسمة لا تدع مجالا للشك ان عذاب ربك لواقع ما له من دافع وقع هذه الايات على السامعين تعطي هذا المعنى الاكيد هذا المعنى الذي لا شك فيه ولا تردد من الفوائد ايضا اثبات علو الله تعالى. بدلالة لفظ العروج وعلو الله تعالى تنوعت دلالة الكتاب والسنة عليه. فلهذا نجد ها هنا لفظ العروج. العروج لا يكون الا الى اعلى. الصعود اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح الصالح يرفعه. فالصعود والرفع لا يكون الا الى اعلى دلالة الكتاب والسنة على اثبات علو الله بذاته متنوعة اه من الفوائد ايضا اثبات صعود الارواح على القول على احد القولين بان الروح في الاية آآ يراد بها ارواح العباد والروح امرها خفي فقد قال الله تعالى ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي لكن دلت النصوص على ان الروح خلق لطيف يصعد ويهبط ويدخل ويخرج لها اوصاف دلت عليها النصوص لا يتعداها الانسان ولا يتجاوزها فمن اوصافها انها تصعد وتهبط الله يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في من امها يقول الداعي حينما آآ يأخذ فراشه ان امسكت نفسي فارحمها وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين اه ايضا آآ مما تفيده الايات سعة اقطار السماوات تأملوا من الله ذي المعارج تعرج الملائكة والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنة ما اوسع خلق الله! خلق عظيم هائل وقد كان الناس يبصرون هذا بالعين المجردة ولا زالوا. فلا اقسم بمواقع النجوم وانه لقسم لو تعلمون عظيم. فلما جاء علم الفلك الحديث اتى بعلوم باهرة في اه تحديد المسافات بين الاجرام السماوية وقياسها بالسني الضوئية. مما يدل على اننا نقطة وذرة صغيرة في هذا الكون حتى ان الشمس التي هي اقرب النجوم الينا. اذا النجم هو اي شيء اي اي جرم سماوي ملتهب يعد نجما. فالشمس وان يغلب عليها هذا الاسم انما هي نجم يصل يصل ضوئها الينا في مدة ثمان دقائق مع سرعة الظوء الهائلة التي تبلغ ثلاث مئة الف كيلو متر في الثانية. ومع ذلك يستغرق ثمان دقائق ليصل اليها نجم بعد الشمس يقال له قنطورس يحتاج الضوء ليصل الينا الى نحو اربع سنين. فتأمل في ملك الله هذا في مجرة واحدة وهي المجرة التي تتبعها مجموعتنا الشمسية. فكيف بالمجرات البعيدة التي تراها في في السماوات بعيدة سحيقة. الله خالقها سبحانه وبحمده. فما اعجب حال هؤلاء الملاحدة المنكرات لوجود الله المنكرين لربوبيته. اين يذهبون يا لهم من اقزام سفهاء حينما يتبجح احدهم وينكر الله تعالى ويطالب باثبات وجوده الى اه من الفوائد المستفادة ايضا من هذه الايات فضيلة الصبر الجميل. والصبر من امهات الاخلاق وينبغي للمؤمن ان يوطن نفسه عليه. فان منزلة الصبر من الدين كمنزلة الرأس من الجسد. وقد قال ربنا عز وجل انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب والصبر انواع صبر على طاعة الله وصبر عن معصية الله وصبر على اقدار الله المؤلمة فينبغي للمؤمن ان يتحلى بانواع الصبر الثلاثة. فان الصبر يبلغ به الانسان ما لا يبلغ بعمله. لا يزال لا باحدكم حتى يمشي على وجه الارض وليس عليه خطيئة فضيلة الصبر ومن الفوائد اضطراب موازين الكفار ومقاييسهم الزمانية والمساحية والموضوعية. نظرة الكفار قاصرة وخاطئة فهم في تقديرهم للامور لا لا يدركون جزءا يسيرا من الحقيقة. فهم لا يتصورون هذا الخلق الفسيح ومساحاته الهائلة. ولا يتصورون الزمان الذي يجريه الله سبحانه وتعالى حتى انهم يتحدثون بسذاجة يقولون كما سيأتينا عند قول الله تعالى في صفة النار عليها تسعة عشر يتصورون انهم يمكن ان يهجموا عليهم وان يقضوا على خزنة النار لان عددهم يسير. ولهذا قال الله وما جعلنا اصحاب النار الا ملائكة وما جعلنا عدتهم الا فتنة للذين كفروا فنظرتهم قاصرة وخاطئة وساذجة وسامجة فهي امام التقديرات القرآنية تبدو كذلك ثم ايضا من الفوائد من هذه الايات بيان التحولات الكبرى التي تقع في السماوات والارض والجبال يوم القيامة كثيرا ما يذكر الله تعالى هذه آآ الابعاد الثلاثة السماوات والارض والجبال وربما ذكر اثنين دون الثالث كما ها هنا ومن الفوائد شدة هول يوم القيامة. وما كان الله معشر المؤمنين ليفيض في ذكر مشاهد القيامة لمجرد الوصف العابر. وانما لتحصل الموعظة لتحصل الموعظة فينبغي للمؤمن اذا امسك بدثتي المسحة ومرت به هذه الايات التي فيها ذكر صفة القيامة ان يتكيف وان يعيش هذه الاحوال. نعم هو لن يدرك حقيقتها وكونها مهما امعن وادمن في التفكير لكن ينبغي ان يتفكر فيها بالمعنى المشترك الذي يكون في الاذهان فان هذا يعظه ويثقل قلبه ويلينه فاذا اراد الانسان ان يستلين قلبه ويداويه عليه بموعظة القرآن. فلا موعظة ابلغ من موعظة القرآن آآ من الفوائد ايضا تقطع الاواصر يوم القيامة طلبا للنجاة والافتداء ما ادلة هذه الايات لا يوجد تعبير يعني يسد مسدها كما يقول الله تعالى في عبس يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه وها هنا يقول يقول الله تعالى يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته واخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الارض جميعا ثم ينجيه فجميع الاواصر تتقطع الا ما كان لله لهذا قال ربنا الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين التقوى عاصرة التقوى تبقى ومن الفوائد هيقيسوا الكفار من النجاة يوم القيامة. وذلك بهذا اللفظ القاطع الحازم كلا اي ليس كما يتوهم الكافر. كلا انها لظع. تأملوا صاحب الجنة سورة الكهف يقول ولئن رجعت الى ربي لاجدن خيرا منها منقلبا. يعني هو متردد وقع في كفر شك قال ما اظن ان تبيد هذه ابدا. وما اظن الساعة قائمة. ها وعلى فرض قيامها ولا ان رجعت الى ربي لاجدن خيرا منها لكن الله تعالى يقول غير ذلك. كلا انها لظى فمن انكر القيامة او شك فيها فانه بمنأى عن النجاة وفي الايات ايضا شدة عذاب النار اجارنا الله واياكم انها لظى الشوا تدعو من ادبر وتولى وجمع فاوعى. وهذا كما اسلفنا من مواعظ القرآن التي ينبغي للانسان ان يمرها على قلبه. والانسان معشر المؤمنين يحتاج من الخوف من الله عز وجل الى القدر الذي يحجزه عن معاصيه وحسبه وما زاد فلا حاجة له به. لكن ليتنا نحصل هذا القدر يعني ربما ربما بلغ الخوف في بعض الاحوال مبلغا آآ يحصل به كدر ونكد في العيش فيكون الانسان قلقا مضطربا هذا ليس مطلوبا هذا ليس مطلوبا القدر المطلوب من خوف الله تعالى ومن خوف وعيده هو القدر الذي يحجز العبد عن معصية الله. وما زاد فلا حاجة له به لانه صفوة ويفسد عيشه. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من اهنأ الناس عيشا واطيبهم مجلسا عليك ان المعادلة بين الخوف والرجاء يا ليتنا نحصل هذا الحد الادنى من خوف الله تعالى وخوف وعيدها الذي يحجزنا عن الوقوع في معاصيه من الفوائد اه الملحظ الذي ذكرناه وهو مقابلة الادبار المعنوي في الدنيا بالطلب الحسي في الاخرة ادعو من ادبر. فتأمل الدعوة استجلاب. والادبار اه اعطاء للظهر قابل الله تعالى ادبارهم في الدنيا بطلب لهم في في الاخرة فالنار تطلبهم. وتقول الي الي تدعو من ادبر وتولى اه وهذا يقع في القرآن هذه الصور العجيبة المؤثرة يعني تأملوا قول الله تعالى قل ان الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيكم تأمل شخص يفر من الموت ويتوقع ان يأتيه من وراء ظهره فاذا به يأتيه من تلقاء وجه فانه ملاقيكم اين تذهبون ومن الفوائد ايضا ما ذكرنا انفا وهو الاقتران بين الكفر والشح النفس الكافرة نفس شحيحة منوعة جموعة والنفس المؤمنة نفس باذلة. ولهذا ذم الله الكافرين فقال الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالاخرة هم كافرون ما بين الكفر وبين البخل والشح والمنع اقتران. اذ ان السلوك ثمرة لما يقوم في القلب واذا كانت النفس مؤمنة هانت عليها امور الدنيا وعلمت ان هذا مجرد متاع وانه يكون في اليد لا يكون في القلب فسهل عليها البذل والعطاء وزكاة النفس ولعلنا في هذا المجلس نقتصر على هذا القدر لوجود منتدى هذه الليلة ان شاء الله تعالى آآ نستضيف فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد الغنيمان في مركز المشير. فنحتاج ان نتهيأ للقاء. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين