لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة يقول تعالى لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب اي من اليهود والنصارى والمشركين من سائر اصناف الامم منفكين عن كفرهم وضلالهم. الذي هم عليه اي لا يزالون في غيهم وضلالهم لا يزيدهم مرور الاوقات الا كفرا حتى تأتيهم البينة الواضحة والبرهان الساطع ثم فسر تلك البية فقال رسول من الله اي ارسله الله يدعو الناس الى الحق وانزل عليه كتابا يتلوه. ليعلم الناس الحكمة ويزكيهم. ويخرجهم من الظلمات الى النور ولهذا قال يتلو صحفا مطهرة. اي محفوظة من قربان الشياطين. لا يمسها الا المطهرون. لانها على ما يكون من الكلام ولهذا قال عنها فيها اي في تلك في تلك الصحف كتب قيمة اي اخبار صادقة واوامر عادلة تهدي الى الحق والى طريق مستقيم فاذا جاءتهم هذه البينة فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له مقصد في طلبه فيهلك فيهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة واذا لم يؤمن اهل الكتاب بهذا الرسول وينقاد له فليس ببدع من ضلالهم وعنادهم انهم ما تفرقوا واختلفوا وصاروا احزابا الا من بعد ما جاءتهم البينة التي توجب لاهلها الاجتماع والاتفاق ولكنهم لرداءتهم ومنادلاتهم لم يزدهم الهدى الا ضلالا ولا البصيرة الا عمى مع ان الكتب كلها جاءت باصل واحد ودين واحد وما امروا في سائر الشرائع الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. اي قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة باطنة وجه الله وطلب الزلفة لديه. حنفاء اي معرضين مائلين عن سائر الاديان المخالفة لدين التوحيد وخص الصلاة والزكاة بالذكر مع انهما داخلان في قوله ليعبدوا الله مخلصين له الدين بفضلهما وشرفهما وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين وذلك ان التوحيد والاخلاص في الدين هما دين القيمة اي الدين المستقيم هل نوصل الى جنات النعيم وما سواهم فطرق موصلة الى الجحيم ثم ذكر جزاء الكافرين بعد ما جاءتهم البينة فقال ان الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين في نار جهنم قد احاط بهم عذابها واشتد عليهم عقابها خالدين فيها لا يفتر عنهم العذاب وهم فيه مبلسون اولئك هم شر البرية. لانهم عرفوا الحق وتركوه. وخسروا الدنيا والاخرة. ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك خير البرية لانهم عبدوا الله وعرفوه. وفازوا بنعيم الدنيا والاخرة. جزاؤهم عند ربهم جنات عدن. اي جنات اقامة اضعنا فيها ولا رحيل ولا طلب لغاية فوقها تجري من تحت انهار خالدين فيها ابدا رضي الله عنهم ورضوا عنه رضي عنهم بما قاموا به من مراضيه. فرضوا عنه بما اعد لهم من انواع الكرامات ذلك الجزاء الحسن لمن خشي ربه اي لمن خاف الله فاحجم عن معاصيه فقام بما اوجب عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والى الحلقة القادمة غدا ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته