اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى وما خلق الذكر والانثى واما من بخل واستغفر وكذب بالحسنى فسنيسره للعشرى. وما يغني عنهما فانذرتكم نارا لا يصلها وسيجنبها الاتقى الذي يؤتي ما له يتزكى. وما لاحد عنده من نعمة لا تجزى الا ابتغاء وجه ربه الاعلى ولسوف يرضى بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول الله سبحانه والليل اذا يغشى النهار اذا تجلى الايات هذا قسم من الله بالزمان الذي تقع فيه افعال العباد على تفاوت احوالهم فقال والليل اذا يغشى ان كل الخلق بظلامه فيسكن يا مأواه ومسكنه. ويستريح العباد من الكد والتعب. والنهار اذا تجلى للخوف هل قد استباؤوا بنوره وانتشروا في مصالحهم وما خلق الذكر والانثى ان كانت ما موصولة كان اقساما بنفسه الكريمة الموصوفة بكونه خالق الذكور والاناث وان كانت مصدرية كان قسما بخلقه للذكر والانثى وكمال حكمته في ذلك ان خلق من كل صنف من حيوانات التي يريد ابقاءها ذكرا وانثى. ليبقى النوع ولا يضمحل. وقاد كلا منهما الى الاخر سلسلة الشهوة وجعل كلا منهما مناسبا للاخر فتبارك الله احسن الخالقين وقوله ان سعيكم لشتى. هذا هو المقسم عليه. اي ان سعيكم ايها المكلفون لمتفاوت تفاوتا كثيرا وذلك بحسب تفاوت نفس الاعمال ومقدارها والنشاط فيها وبحسب الغاية المقصودة بتلك الاعمال هل هو وجه الله الباقي فيبقى العمل له ببقائه وينتفع به صاحبه؟ ام هي غاية مضمحلة فانية؟ فيبطل السعي ببطلان ويضمحل باضمحلالها وهذا كل عمل يقصد به غير وجه الله في هذا الوصف ولهذا فضل الله العاملين ووصف اعمالهم فقال فاما من اعطى اي ما امر به من العبادات المالية كالزكوات والنفقات والكفارات والصدقات والانفاق في وجوه الخير. والعبادة البدنية كالحج والعمرة ونحوهما واتقى ما نهي عنه من المحرمات والمعاصي على اختلاف اجناسها. وصدق بالحسنى اي صدق بلا اله الا الله وما دلت عليه من العقائد الدينية وما ترتب عليها من الجزاء فسنيسره لليسرى اي نيسر له امره ونجعله مسهلا عليه مسهلا عليه كل خير مسهلا عليه كل خير ميسرا له ترك كل لانه اتى باسباب التيسير فيسر الله له ذلك واما من بخل بما امر به فترك الانفاق الواجب والمستحب. ولم تسمح نفسه باداء ما وجب لله. واستغنى عن الله فترك عبوديته جانبا ولم ير نفسه مفتقرة غاية الافتقار الى ربها الذي لا نجاة لها ولا فوز ولا فلاح الا بان يكون هو محبوبها ومعبودها. الذي تقصده وتتوجه اليه وكذب بالحسنى اي بما اوجب الله العباد التصديق به من عقائد الحسنة فسنيسره للعسرى اي للحالة العسرة والخصال الذميمة بان يكون ميسرا للشر اينما كان ومقيضا له افعال المعاصي نسأل الله العافية وما يغني عنه ما له الذي اطغاه واستغنى به وبخل به اذا تردى اي هلك ومات فانه لا يصحب الانسان الا عمله الصالح واما ماله الذي لم يخرج منه الواجب فانه يكون وبالا عليه اذ لم يقدم منه لاخرته شيئا ان علينا للهدى. اي ان الهدى المستقيم طريقه. يوصل الى الله ويدني من رضاه. واما الضلال فطرقه مسدودة عن الله لا توصي صاحبها الا للعذاب الشديد. وان لنا للاخرة والاولى ملكا وتصرفا. ليس له فيهما مشارك الارغب الراغبون اليه في الطلب ولينقطع رجاؤهم عن المخلوقين. فانذرتكم نارا تلظى اي تستعر وتتوقد لا يصلاها الا الاشقى الذي كذب بالخير. وتولى عن الامر وسيجنبها الاتقى الذي يؤتي ما له يتزكى. بان يكون قصده به تزكية نفسه. وتطهيرها من الذنوب والادناس. قاصدا به وجه الله تعالى فدل هذا على انه اذا تضمن الانفاق المستحب ترك واجب كدين ونفقة ونحوهما فانه غير مشروع. فلتكون عطية مردودة عند كثير من العلماء. لانه يتزكى بفعل مستحب. يفوت عليه الواجب لا لاحد عنده من نعمة تجزى. اي ليس لاحد من الخلق على هذا الاتقى نعمة تجزى الا وقد كافأه عليها. ربما بقي له الفضل والمنة على الناس. فتمحض عبدا لله لانه رقيق احسانه وحده اما من بقيت عليه نعمة الناس فلم يجزها ويكافئها فانه لا بد ان يترك الناس ويفعل لهم ما اخلاصا وهذه الاية وان كانت متناولة لابي بكر الصديق رضي الله عنه بل قد قيل انها نزلت بسببه فانه رضي الله عنه ما لاحد عنده من نعمة تجزى حتى ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الا نعمة الرسول الذي لا يمكن جزاؤها وهي نعمة الدعوة الى دين الاسلام وتعليم الهدى ودين الحق فان لله ورسوله المنة على كل احد. منة لا يمكن لها جزاء ولا مقابلة. فانها متناولة لكل من اتصف بهذا الوصف الفاضل فلم يبقى لاحد عليه من الخلق نعمة تجزى. فبقيت اعماله خالصة لوجه الله تعالى. ولهذا قال الا ابتغاء وجه ربه الاعلى ولسوف يرضى هذا اتقى بما يعطيه الله من انواع الكرامات والمثوبات. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين الى الحلقة القادمة غدا ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته