قراءة من تفسير الشيخ عبدالرحمن بن سعدي. تيسير الكريم الرحمن. في تفسيرك المنان. تقديم الشيخ محمد العرفج. اعوذ بالله من الشيطان بسم الله الرحمن الرحيم ويل للمطففين الذين اذا اكتالوا على الناس يستوفون واذا كانوا هم او وزنوهم يخسرون الا يظن اولئك انهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين كلا ان كتاب الفجار لفي سجيل كتاب مرفوق ويل يومئذ للمكذبين الذين يكذبون بيوم الدين وما يكذب به الا كل معتد اثيم اذا تتلى عليه اياتنا قال اساطير الاولين كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون يومئذ لمحجوبون ثم انهم لصالح ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول الله سبحانه ويل للمطففين الذين اذا قالوا على الناس يستوفون ويل كلمة عذاب وعقاب للمطففين فسر الله المطففين بانهم الذين اذا اكتالوا على الناس اي اخذوا منهم وفاء اخذوا منهم وفاء لهم عما قبلهم يستوفون كاملا من غير نقص واذا كالوهم او وزنوهم اي اذا اعطوا الناس حقهم الذي لهم عليهم بكيل او وزن يخسرون اي ينقصونهم اما بمكيال وميزان ناقصين او بعدم ملء المكيال والميزان او بغير ذلك فهذا سرقة لاموال الناس وعدم انصاف لهم منهم واذا كان هذا وعيدا على الذين يبخسون الناس بالمكيال والميزان فالذي يأخذ اموالهم قهرا وسرقة اولى بها هذا الوعيد من المطففين. ودلت الاية الكريمة على ان الانسان كما يأخذ من الناس الذي له يجب ان يعطيه كل ما لهم من اموال والمعاملات بل يدخل في عموم هذا الحجج والمقالات فانه كما ان متناظرين فجرت العادة ان كل واحد منهما يحرص على ما له من حجج فيجب عليه ايضا ان يبين ما لخصمه من حجة التي لا يعلمها وان ينظر في ادلة خصمه كما ينظر في ادلته هو وفي هذا الموضع يعرف انصاف الانسان من تعصبه واعتسافه وتواضعه من كبره من كبره وعقله من سفهه نسأل الله التوفيق لكل خير ثم توعد تعالى المطففين وتعجب من حالهم واقامتهم على ما هم عليه فقال الا يظن اولئك انهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين الذي جرأهم على التطفيف عدم ايمانهم باليوم الاخر. والا فلو امنوا به وعرفوا انهم سيقومون بين يدي الله حاسبهم على القليل والكثير. لاقلعوا عن ذلك وتابوا منه ثم يقول سبحانه كلا ان كتاب الفجار وهذا شامل لكل فاجر. من انواع الكفرة والمنافقين والفاسقين. لفي سجين ثم فسر ذلك بقوله وما ادراك ما سجين كتاب مرقوم اي كتاب مذكور فيه اعمالهم الخبيثة والسجين محل الضيق الضنك وسجين ضد عليين. الذي هو محل كتاب الابرار كما سيأتي. وقد قيل ان سجينه اسفل الارض السابعة مأوى الفجار مستقرهم في معادهم ويل يومئذ للمكذبين. ثم بينهم بقوله الذين يكذبون بيوم الدين. اي يوم الجزاء يوم يدين الله اسى به باعمالهم وما يكذب به الا كل معتد على محارم الله متعدي الحلال الى الحرام. اثيم اي كثير الاثم. فهذا يحمله عدوان على التكذيب. ويوجب له كبره رد الحق ولهذا قال اذا تتلى عليه اياتنا الدالة على الحق وعلى صدق ما جاءت برسل كذبها وعاندها قال هذه اساطير الاولين. اي من ترهات المتقدمين واخبار الامم الغابرين. ليست من عند الله تكبرا وعنادا. واما يا من انصف وكان مقصود الحق المبين فانه لا يكذب بيوم الدين لان الله قد اقام عليه من ادلة القاطعة والبراهين ما اجعلوا حق اليقين وصارني بصائرهم بمنزلة الشمس للابصار بخلاف من ران على قلبه كسبه وغطته معاصيه فانه محجوب عن حق ولهذا جزي على ذلك بان حجب عن الله كما حجب قلبه عن ايات الله. ثم انهم مع هذه العقوبة البليغة لصالوا الجحيم ثم يقال لهم توبيخا وتقريعا. هذا الذي كنتم به تكذبون ذكر لهم ثلاثة انواع من عذاب عذاب الجحيم وعذاب التوبيخ واللوم وعذاب الحجاب عن رب العالمين متضمن لسخطه وغضبه به عليهم وهو اعظم عليهم من عذاب النار موديل مفهوم الاية على ان المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة في الجنة ويتلذذون بالنظر اليه اعظم من سائر اللذات ويبتهجون بخطاب ويفرحون بقربه كما ذكر الله ذلك في عدة ايات من القرآن وتواتر فيها النقل عن رسول الله وفي هذه الايات التحذير من الذنوب فانها ترين على القلب وتغطيه شيئا فشيئا حتى ينطمس نوره وتموت بصيرته فتنقلب عليه الحقائق فيرى الباطل حقا. والحق باطلا وهذا من اعظم عقوبات الذنوب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. الى الحلقة القادمة غدا ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته