قال تعالى ويل لكل همزة لمزة ويل كلمة يراد بها التهديد الشديد والوعيد الاكيد. هذا معناه الصحيح عند جمهور العلماء وعند عامة اهل اللغة. واما الحديث الوارد عن ابي سعيد عند احمد يغير ان ويل نهر عفوا واد في جهنم لو سالت فيه جبال الدنيا لذابت من حره فهو حديث ضعيف. حديث ضعيف لا يحتج به في هذا الباب. فويل هي كلمة تهديد ووعيد شديد لكل همزة لمزة الهماز اللماس هذه صفة قبح وهما صفتان مذمومتان والمراد بهما كثير الهمز وكثير اللمز وقد اختلفوا كثيرا في معنى الهمزة وفي معنى اللمزة فقال بعضهم انهما شيء واحد وهو الذي يسخر بالناس بقوله او فعله او حركاته او وغمزاته او ما اشبه ذلك وقال بعض العلماء التأسيس اولى من التأكيد الهمزة هو الذي يطعن في الناس ويعيبهم اه بفعله واللمزة هو الذي يفعل ذلك بكلامه. وهذا القول لعله كما قلنا قبل ان التأسيس اولى من التأكيد لكن من قال انهما شيء واحد فهما فهو قول مقبول وهما كلمتان اذا اجتمعتا افترقتا واذا افترقتا اجتمعتا كما هي القاعدة في مثل هذا الباب. والله اعلم. قال تعالى ومنهم من يلمزك الصدقات وقال تعالى الذين يلمزون المطوعين وهذا كله يكون بالقول ثم قال تعالى في بعض اوصاف هؤلاء قال الذي جمع مالا وعدده يعني يجمع الاموال ولا ينفقها في ابواب الخير ويعددها يحصيها كل يوم لا ينقص منها شيء وهذه صفة البخلاء البخيل هو الذي كل يوم يجلس عند امواله ويعدها وينبسط اذا ينشرح صدره اذا لم ينقص منها ريالا ولم يقول الحمد لله زادت ولم تنقص وهذا صفة البخيل ولذلك ما ينبغي للمال للمؤمن ان يكثر من احصاء الاموال ومن تعديدها الا اذا كان يحصيها لاجل دين او لحقوق الناس او لامر لابد له منه ثم بين ان ماله هذا قد ضيعه واضله عن سواء السبيل. فكثرة امواله جعلته يظن انه سوف يخلد في هذه الدنيا فظن ان امواله ستخلده. والحقيقة ان هذا الوصف موجود عند كثير اليوم من تجار الذين لا ينفقون اموالهم في سبيل الله. ولذلك تجدهم عندهم مليارات ويظنون انهم سيخلدون. تجده في فراش الموت ويغلب على ظنه وظن كل من حوله انه سيموت بعد عدة ايام. وهو يظن ان اموال امواله سوف تبقيه وما علم انه سوف يموت ويتركها حسرة للورثة. الذين لربما لم يعطوه لن يعطوه منها هللة واحدة. ولن يتصدقوا عنه منها بريال واحد ولذلك يجب على هؤلاء ان يتنبهوا لانفسهم وان يبنوا قصورهم في الدنيا بدل ان يبنوها في الاخرة وحال كثير من تجار اليوم ستجد عندهم المليارات وهم لا ينفقون شيئا في سبيل الله حتى اذا قيل لهم اعطوا الزكاة تهربوا منها وتركوا اخراجها. بل يقول قائلهم فنطعم من لو يشاء الله اطعمه وهذا حال اهل النار والعياذ بالله ثم تهددهم رب العالمين فقال كلا يعني هؤلاء الذين هذه صفاتهم يزجرهم رب العالمين بتنون التوكيد الثقيلة واللام الموطئة للقسم لينبذن في الحطمة وذكر اسم الحطمة لكي يعلم ان جسمه هذا الذي ينعم به في الدنيا سوف يتكسب ويتحطم ويتفتت في نار جهنم ولن يغني عنه من الله شيئا. سماها حطمة لان كل من كان فيها سوف يحطم سيحطم منه كل شيء ثم يعاد بناؤه من جديد فيعاد له امره مرة اخرى ليذوقوا العذاب. كما قال جل وعلا في كتابه الكريم ثم بين وما ادراك ما الحطمة باب تحويل تعظيم امرها وهذا اسلوب معروف من اساليب آآ اللغة العربية. والقرآن نزل بافصح لغات العرب ثم بين حقيقة هذه الحطمة فقال نار الله فاظافها الى الله اظافة تخويف وتهويل وتعظيم فليست هذه مجرد نار انها نار الجبار جل في علاه. ونار الله ليست هي نار الدنيا بل هي مضاعفة اضعافا كثيرة مضاعفة على للدنيا بسبعين ضعفا ثم زادها بيانا وتهويلا وتخويفا فقال الموقد فالنار يا عباد الله موقدة من قديم ولا زالت موقدة ولا زالت مهيأة للكفار والعصاة ممن لا يرجون الله جل وعلا ثم بين انها من شدة عذابها تطلع على قلوبهم لارق ما فيهم وهي الافئدة ثم بين انها مغلقة عليهم فلا مفر لهم منها. ولا نفس يخرج منها ولا تخفيف منها فهي مغلقة اشد