يسر اخوانكم في الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عثمان السبق ان يقدموا لكم هذه المادة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اما هذا الدرس فهو درس عام لا نقرأ فيه من كتاب وانما نفسر فيه الايات وهو درس لجميع الاخوان من طلبة العلم ومن غيرهم من المتخصصين وغير المتخصصين يستفيد منه الجميع باذن الله عز وجل ولذلك لم اربطه بكتاب معين بالا نشتغل بعبارات المؤلف مناقشة وتقريرا او ردا وما الى ذلك وانما يذكر في هذا المجلس معاني القرآن الكريم وما يحتاج الى معرفته ويذكر ما فيه من العبر والفوائد والمعاني البديعة وما الى ذلك مما يحتاج الى معرفته في كتاب الله تبارك وتعالى. فهذا القرآن اودع الله عز وجل فيه من العلوم والمنافع والوان الهدايات ما لا يقاضى قدره وما لا يحصيه الا الله تبارك وتعالى وكل يأخذ منه بحسب ما اعطاه الله عز وجل من الفهم وما فتح عليه من العلم وما كل غائص وقانص يظفر منه بالدر واللآلئ فكل انسان يأخذ بحسب ما عنده من الملكات والقدر وما عنده من الة العلم التي يكون بها الاستنباط. لعلنا نبدأ الان افسر لكم الاستعاذة والبسملة ثم افسر لكم فاتحة الكتاب نسأل الله عز وجل ان يعيننا واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته الاستعاذة ايها الاخوان بالاجماع ليست من القرآن ولكن نحن نفسرها هنا لاننا مطالبون بقراءتها بين يدي التلاوة فالله عز وجل يقول يأمرنا اذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم فما معنى الاستعاذة الاستعاذة بمعنى الاستجارة فمن استعاذ بغيره فقد استجار به وهي بمعنى الالتجاء اي انه يلتجئ اليه يلتجئ اليه من ماذا يلتجئ اليه من المخاوف والشرور والافات كما انه يلتجئ اليه ايضا في طلب الامور المحبوبة فهو يلتجأ في دفع المكاره ويلتجئ اليه ايضا في طلبه للامور المحبوبة اليه والمشهور ان الاستعاذة تكون في الالتجاء لدفع الامور المكروهة هكذا يقول بعض اهل العلم والذي يكون فيه الالتجاء لطلب الامور المحبوبة يقولون عنه يعبرون عنه باللوث عاذ بفلان اي لجأ اليه لدفع المخاوف. والشرور ولاذ به اي انه لجأ اليه لتحصيل مطلوبة لتحصيل امر يرغب بتحصيله. فهذا الذي لجأت اليه تكون معتصما به فكل من لجأ الى غيره مستعيذا به يكون معتصما به ويكون متحرزا بهذا المستعاذ به وهذا التفريق يدل عليه قول الشاعر وهو المتنبي يا من الوذ به فيما اؤمله ومن اعوذ به ممن اذيره ففرق بين الامرين فجعل في الامور المكروهة العوز يا من الوذ به فيما اؤمله ومن اعوذ به ذلك فلا يكون اله الا من كان هو الذي يرزق وهو الذي يضر وينفع ويعطي ويمنع وهذا هو ومعنى الربوبية فصار ذلك الاسم الكريم يتضمن صفة الالهية التي تتضمن صفة الربوبية وصفة ممن احاذره وجعل في الامور المحبوبة اللوز. فالحاصل انه يكثر في الاستعمال اطلاق الاستعاذة عن الالتجاء بالغير لدفع المكاره. ومنه يقال العوذة ويقال العوذة ايضا وهي ما على الصبي او المرأة او غيرهما ليدفعوا بزعمهم بذلك ليدفعوا المكروه يدفعوا تعدي الشياطين او اذا يدفع العين بزعمهم وهو امر لا يجوز. لكن لماذا قيل لها عودة؟ وقيل لها عودة بالفتح والضم من اجل هذا المعنى وهي الاحراج التي تعلق على الادميين على ايديهم او على رقابهم ولربما علقت على الدواب بل لربما علقت على الجمادات كالذي يعلقها بالسيارة او نحو ذلك مما يخاف عليه. هذا معنى العوز واذا كان هذا معناه فهل يجوز لعبد ان يعوذ بعبد مثله؟ الاقرب والله تعالى اعلم انه يجوز ان يلاذ بالمخلوق وان يعاذ به في الامور التي يقدر عليها وقد جاء في حديث المخزومية التي سرقت انها عازت ببعض امهات المؤمنين وكذلك ابن مسعود رضي الله تعالى عنه حينما كان يضرب غلاما له فعاذ بالله عز وجل ثم عاذ برسول الله صلى الله عليه وسلم فاطلقه وتركه. وهناك ادلة اخرى تدل على هذا المعنى لا حاجة لذكرها في هذا المقام. لكن الذي ينبغي ان يعرف ان الامور لا التي لا يقدر على فكاكك منها الا الله عز وجل لا يجوز ان تستعيذ بالمخلوق. فمن استعاذ بالمخلوق في امر لا يقدر عليه ولا يطيقه او لا يعلم ان المخلوق يقدر على ذلك ففعله ذلك من الاشراك. ولهذا قال الله عز وجل وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا. ولهذا فان العلماء عادة يذكرون هذا الموضوع موضوع الاستعاذة يذكرونه في كتاب التوحيد يجعلون من انواع الشرك شرك الاستعاذة وينبغي هذا ان يقيد ان يقال الاستعاذة بمخلوق في بامر لا يقدر عليه او لا يعلم انه يقدر عليه. فهؤلاء الذين يعوذون برجال من الجن هم لا يعلمون انهم يستطيعون ذلك ولم يرخص لهم بهذا وهذه امور غيبية لا يعلمها الا الله عز وجل فيتلاعب بهم الشياطين ومن ثم فانهم يقدمون لهم الوان العبوديات والقرابين من اجل ان يحققوا لهم هذه هذه المطالب. وانت حينما تقول اعوذ بالله قولك اعوذ بالله الباء هنا تدل على الاستعانة الباء وهي حرف معنى في مثل هذا الاستعمال لها معان متعددة يهمنا منها هنا انها للاستعانة يعني انك اذا قلت اعوذ بالله اي انك تلتجئ من هذا المخوف والمكروه مستعينا بالله عز وجل على دفعه ورده عنك وتخليصك منه. وهذا يعني ان العبد مفتقر الى ربه تبارك وتعالى ليخلصه وهو من كل المكاره وهو يدل ايضا بالضرورة على ان العبد عاجز فقير ضعيف لا يستطيع ان يدفع عن نفسه كيد الشيطان ولا يستطيع ان يدفع عن نفسه شيئا من هذه المكاره الا ما شاء الله عز وجل ان يدفعه ليدفعه عنه فمن وقع في مكروه او كربة او وقع في مصيبة او في ورطة فما عليه الا ان يلتجئ مستعينا بالله عز وجل هذا معنى الباء اعوذ بالله اي مستعينا مستعينا بالله اعوذ بالله ولفظ الجلالة الله هو اعظم الاسماء الحسنى. وكثير من العلماء يقولون انه الاسم الاعظم فسيأتي بيان ذلك عند الكلام على سورة الفاتحة او عند الكلام على البسملة ان شاء الله. لكن هذا الاسم الكريم اعوذ بالله ذكره هنا في غاية المناسبة. يمكن للعبد ان يقول اعوذ بالرحمن اعوذ بالعزيز اعوذ بالجبار اعوذ بالقاهر وما شابه ذلك. ولكن الاستعاذة حينما تربط بهذا الاسم الكريم فان ذلك اليق والسبب في ذلك والله اعلم هو ان هذا الاسم الكريم يتضمن او يستلزم سائر الاسماء الحسنى وهي تعود اليه لفظا ومعنى. تعود اليه باللفظ اي انها دائما تأتي معطوفة عليه. تقول هو الله الخالق البارئ المصور الى اخره. ما تقول هو والمصور الله العزيز الحكيم لا تأتي بالله اولا بهذا الاسم ثم تأتي بسائر الاسماء فهي تعود اليه لفظ اي تكون معطوفة عليه دائما. ولا يأتي بعد شيء منها لا يأتي معطوفا عليها. كما انها تعود اليه من جهة المعنى لان الله هذا الاسم متضمن للصفة الالهية. والصفة الالهية من كان متصفا بها فهذا يتضمن انه هو الرب. لانه لا يكون اله الا من كان خالقا رازقا مدبرا محيا مميتا قادرا مريدا وما اشبه ذلك الالهية من اوسع الاوصاف السبب الذي ذكرته قبل قليل. كما ان صفة الربوبية من اوسع الصفات كما سيأتي ايضاحه في على سورة الفاتحة ان شاء الله. ثم هذا الاسم الكريم الله كما انه يتضمن صفة الالوهية التي تتضمن صفة الربوبية فانه ايضا يستلزم اثبات جميع صفات الكمال لان الاله لابد ان كاملا من كل وجه ولا يتصور اله وهو ناقص وعاجز او فقير او جاهل ولهذا كان الله عز وجل عيبوا الهة المشركين ويلفت انظارهم الى انها لا تصلح للالهية بذكر ما فيها من النقائص الهم ارجل يمشون بها الى اخر في ذكر هذه الاوصاف الناقصة فيها ليدلل على انها لا تصلح للالوهية. فالاله لابد ان يكون كاملا. فاذا الله هذا الاسم الكريم مشتق هو اسم عظيم من اعظم الاسماء الحسنى وهو مشتق مشتق من يأله تقول من اله بمعنى اله اي عبدا اله يأله اي عبد يعبد الهة اي عبادة وفي القراءة غير المتواترة ويذرك والهتك يعني وعبادتك فالالهة هي العبادة والمألوه هو المعبود فهذا الاسم الكريم يمكن ان يكون مشتقا اذا اردنا ان نرجعه الى الفعل اشتقاق فنقول من الهيأله فهو مألوه اي معبود وهو اله ويمكن ان يكون مشتقا من الاله او من الاله اهية التي هي الصفة وعلى كل حال هذا الاسم يختص بالله عز وجل ولا يجوز ان يسمى به غير الله تبارك وتعالى بحال من الاحوال. ولا يعرف ان احدا تسمى به فهو من الاسماء المختصة فلا يليق تسمية المخلوق به لا من جهة اللفظ مجرد لفظ ان يسمى فلان يقال له الله بغض النظر عن المعنى ولا من جهة المعنى لانه كما عرفنا يتضمن صفة الالهية والالهية لا تصلح للمخلوق اطلاقا وانما الذي يصلح له ضدها وهو عبودية فبالتالي يكون هذا الاسم الكريم ممتنع على المخلوق من جهة اللفظ فلا يسمى به ولو لمجرد العلمية مجرد التسمية من غير نظر الى المعنى ولا يجوز ايضا ان يكون للمخلوق شيء من معناه لان الالهية لا تصلح للمخلوق اطلاقا وحينما تقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم من هذه ماذا تقصد بها؟ يمكن ان تكون لابتداء غاية ويمكن ان تكون للتعليل اي اعوذ بالله لاجل الشيطان الرجيم. اعوذ مستعين بالله لاجل الشيطان الرجيم فتكون من بهذا المعنى وبهذا الاعتبار دالة على التعليل. واما الشيطان الله واياكم منه فهو يطلق على كل متمرد على الارجح من الجن ومن الانس ومن الدواب الله عز وجل يقول شياطين الانس والجن يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا. فجعل للانس شياطين والنبي صلى الله عليه وسلم يقول الكلب الاسود شيطان فاطلقه على هذه الدابة. فكل متمرد فهو شيطان والشيطان من اجل ان نفهم معناه لابد ان نعرف من اي شيء اخذ هذا اللفظ من اين اشتق؟ اكثر اهل اهل العلم هو قول الجمهور انه مأخوذ من ومعنى شطنا اي بعد تقول شطنت الديار يعني نأت الديار صارت بعيدة وتقول شطنت البئر يعني صارت هذه البئر بعيدة الغور لا تصل اليها الدلال وتقول شطن فلان اي بعد صار بعيدا وهكذا ومنه قول النابضة الذبياني نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهين. نأت بسعاد عنك نوى شطون. يعني بعدت فهذا شطون اي بعيدة كثيرة البعد فبانت والفؤاد بها رهين. طيب اذا كان من شطنا بمعنى بعد الشيطان من شطن بمعنى بعد. فما العلاقة بين البعد وبين الشيطان؟ نقول هناك علاقة واضحة وهي ان الشيطان بعيد عن رحمة الله وبعيد عن الخير وبعيد عن الهدى وبعيد عن الصراط المستقيم وبهذا الاعتبار اذا كان الشيطان مأخوذ من شطنا فهو على وزن فيعال باللام وهذا يدل على انه قد بلغ الغاية في بعيد تماما عن رحمة ربه وعن الخير وعن المعروف فهو معدن الشر واساسه ومنبعه وهو رأس الوساوس والافكار والخواطر الرديئة التي يلقيها الى الخلق من الجن والانس ليضلهم بذلك. ومنه بهذا المعنى قول امية ابن ابي الصلت يمدح سليمان عليه الصلاة والسلام. يقول اي ما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والاكبال يتكلم عن سليمان ان الله سخر له الشياطين يقول ايما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والاكبال اي نشاط اي شيطان فجعله منشطنة اي بعد شطنا فهو شاطن ويمكن ان يكون الشيطان مأخوذ من شاط يشيط لا شطن شاط يشيط تقول استشاط فلان غضبا فهذا يدل على المبالغة والامتلاء والكثرة شاط اي انه هاج او اشتد غضبا هلك احترق ولا يخفى الارتباط بين هذه المعاني وبين الشيطان. فهو متمرد عات ولا شك ان الشيطان هالك ولا شك انه محترق وان اصله من النار وكذلك ايضا تعرفون طبيعة النار ما فيها من الخفة والارتفاع والاضطراب والحركة. وما فيها من الاتلاف وما فيها من الحرارة فلفظ شاط يشيط له تعلق بهذه المعاني. ولهذا يقال لمن عتى وتمرد يقال عنه شيطان بهذا الاعتبار كما قال الشاعر يصف الغواني ايام يدعونني الشيطان من غزل وكن يهوينني اذ كنت شيطانا يدعونني الشيطان يعني يقول حينما كنت في زمن الشباب والقوة والفتوة والحسن والوضاءة فانهن يداعبنه ويتغزلن به فتسميه الواحدة منهن تسميه الشيطان لكثرة فساده ولكثرة تمرده ولكثرة عتوه ولكثرة فجوره. فالواحدة منهن تعجب به فتقول له على سبيل الاستملاح تقول له شيطان ايام يدعونني الشيطان من غزل يعني تقول لذلك متغزلة وكن وينني اذ كنت شيطانا. يقول اما الان لما صار المفرق ابيضا من الشيب وتبدلت الحال وذهبت نضارة الشباب اصبح هؤلاء الغواني لا ينظرن الي بحال من الاحوال. واذا قلنا ان الشيطان مأخوذ من شاط يشيط فهو على وزن فعلان ولا شك ان هذا الوزن يدل على الامتلاء. تقول عطشان شبعان رحمن وما الى ذلك فهو يدل على الامتلاء بهذا الوصف المذكور. اعوذ بالله من الشيطان ال هذا في الشيطان. هل هي للعهد؟ فانت تعوذ بالله من الشيطان الذي هو ابليس الذي اخرج ابانا ادم صلى الله عليه وسلم من الجنة وسلبنا منها فانزلنا في هذه الارض كما قال ابن القيم رحمه الله وانما نحن سبي العدو فيا ترى نرد الى اوطاننا فنسلم. هل المقصود به ابليس؟ ولا شك انه كبير الشياطين؟ فاذا قلنا ان العهدية فمعنى انك حينما تقول اعوذ بالله من الشيطان يعني الشيطان المعهود وهو ابليس الذي اخرجنا من الجنة الذي توعدنا قال لاغوينهم اجمعين او ان المقصود بالهنا الجنس. وهل يفترق المعنى؟ الجواب نعم. فاذا قلنا انها للجنس فمعنى ذلك اننا حينما نقول الشيطان اي نعوذ بالله من كل شيطان. وهذا يشمل ابليس وجميع شياطين الجن وجميع شياطين الانس. فنستعيذ بالله عز وجل من كل موصوف بهذا الوصف القبيح. من الشياطين وقل ربي اعوذ بك من همزات الشياطين واعوذ بك ربي ان يحضرون فجعل الاستعاذة من همزات الشياطين جميعا. واخبر ان الشياطين كما سبق يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا يعني شياطين الانس شياطين الجن. وقال الله عز وجل عن وحي الشيطان وان الشياطين الى اوليائهم ليجادلوكم وان اطعتموهم انكم لمشركون. يوحون اليهم بالشبه يلقونها اليهم. فيجادلونكم بها فيقولون هذه الميتة تقولون حرام والله ذبحها بسكين من ذهب وذبيحتكم التي ذبحتموها بايديكم تقولون حلال اذا ذبحكم اشرف واكرم من ذبح الله عز وجل فانتم تجعلون انفسكم في منزلة اعظم من منزلة الله هذه شبهة شيطانية القاها الشيطان على السن اولياءه ليجادلوا بها المؤمنين. وان الشياطين ما قال وان الشيطان وان الشياطين ليوحون الى اوليائهم فاعتبار للجنس اقرب وارجح لهذا المعنى والله تعالى الا اعلم واما كون الشيطان مأخوذ من او منشاطة فالواقع انه يصدق عليه ذلك جميعا فهو بعيد عن رحمة الله فهو من شطنا بعيد عن الخير وهو ايضا مستشيط من طبيعته الغضب ومن طبيعته الخفة والافساد والاحراق والتدمير. فيصدق عليه هذا وهذا واذا اردنا ان نرجح احد المعنيين فالاول ارجع انه من شطنة ولكن يمكن ان يجتمع هذا وهذا لانها اوصاف متحققة فيه فلا تعارف والعلم عند الله عز وجل. اذا اذا قلت اعوذ بالله من الشيطان فانت تلتجئ الى الله وتستعين به طالبا منه العوذ ان يجيرك من كل شيطان من شياطين الانس ومن شياطين الجن. فلا يقتصر ذلك على كبيرهم وهو ابليس وهذا يحتاج الى فهمه يحتاج العبد الى فهمه ويحتاج الى استحضاره لانه حينما يقول ذلك فهو ينوي معنى معينا ان يكون حاضرا في قلبه وان يكون فاهما لمعناه. ولا شك ان هذه الاذكار ان من فهم معناها ودلالتها فانه يحصل له من اثر ذلك ومنافعه ما لا يحصل لمن جرت على لسانه وهو لا يفقه شيئا لا يفقه شيئا منها والله تعالى اعلم لماذا سمي الشيطان بذلك؟ اذا عرفتم مادة اشتقاقه عرفتم سبب تسميته. سمي بذلك لانه متمرد صار بني جنسه فارقهم وفي اخلاقه في افعاله في صفاته في طباعه بسبب فسقه وبعده عن الحق وعن رحمة الله عز وجل. الشيطان الرجيم هذه صفة للشيطان. والرجيم مشتق من واصل الرجم هو الرمي بالرجام وهي الحجارة وهذا يحتمل قول الله عز وجل عن ازر حينما قال لابراهيم عليه الصلاة والسلام لارجمنك واهجرني مليا اي لارجمنك بالحجارة حتى تموت ويحتمل ان يكون الرجم وهو معنى صحيح ان يكون الرجم بالسب والشتم واللعن والقبيح من القول وهذا يحتمله قوله تبارك وتعالى تعالى في الاية السابقة لارجمنك اي لاسمعنك ما تكره. من قبيح القول والسب والشتم والذم وما الى ذلك هذا كله تحتمله الاية السابقة. فانت اذا قلت اعوذ بالله من الشيطان الرجيم يمكن ان يكون الرجيم بمعنى المرجوم فهو بمعنى مفعول رجيم بمعنى مرجوم وما معنى كون الشيطان مرجوم؟ مرجوم اي بالشهب انا ارسلنا الله عز وجل يقول ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واسط. يقذفون بالشهب يرجمون فيها وجعلناها رجوما فيرجمون بالشهب وكذلك ايضا يرجمون باللعن وبالسب والشتم والقبيح من القول فهذا امر او معمل متحقق بهم بهؤلاء الشياطين. وهذا المعنى هو الاقرب والله تعالى اعلم. ان الرجيم بمعنى المرجوم فعيل بمعنى بمعنى مفعول اي انه يرجم بالشهب وباللعن والسب والشتم وما الى ذلك من المعاني. طيب ويحتمل ان بمعنى راجم الشيطان الرجيم اي الراجم راجم بماذا؟ راجم بالافكار المضللة والوساوس والخواطر الرديئة فهو يلقيها في قلوب الناس ويلقي اليهم الشبه التي يجادلون بها اهل الايمان او يتشككون بها في حقائقه فهو يرجمهم بذلك وهذا معنى محتمل الا ان المعنى الاول اقرب. مع ان الشيطان موصوف بهذا وبهذا ايضا. فهو رجيم بمعنى راجم يرجمه غيره بما سبق وهو رجيم بمعنى مرجوم اي انه يقع عليه ما سبق ايضا. وعلى كل حال الرجم كما قلت اصله الرجم تجارة ويأتي بمعان اخر كالقتل واللعن والطرد والشتم. بعد ذلك اقول الاستعاذة هذه حينما يقولها العبد بهذه صيغة اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. هل هو مخبر او داعي حينما تستعيذ؟ هل انت تخبر عن استعاذتك؟ اعوذ الجملة خبرية او انت تدعو بذلك يقال الصيغة خبرية تخبر انك تلتجئ الى الله عز وجل تستجير به من الشيطان الرجيم. وهي متضمنة لمعنى الدعاء والطلب. فانت لا تقصد مجرد الاخبار وانما تريد بهذا القول ان يعيذك الله عز وجل وان يعصمك من هذا الشيطان. فهي اذا خبر متضمن لمعنى الطلب. والسؤال وبالتالي لسنا بحاجة الى ان نرجح فنقول هي خبر او نقول غير ذلك. هي خبر متضمن لمعنى الدعاء. الله عز وجل يقول فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. اذا قرأت فاستعذ فظاهره انك اذا فرغت من القراءة فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. ما تقول الاستعاذة قبل القراءة. وهل هذا هو المراد بعض العلماء يقولون الاية على ظاهرها والله امرنا اذا قرأنا القرآن ان نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم طيب ما الفائدة من ذلك قالوا دفع العجب لان الانسان اذا قرأ لربما يلتفت الى عمله فيعجب به فيكون ذلك سببا لحبوطه او لنقصانه فاذا قرأ يقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم فيدفع عنه ذلك كما ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا فرغ من الصلاة استغفر ثلاثا مع انه فرغ من عبادة والله عز وجل يقول فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم اباءكم او اشد ذكرا فامر بالذكر بعد الفراغ من عبادة هي من اجل العبادات وهي قضاء المناسك. فاذا هؤلاء يقولون هي على ظاهرها بمعنى انك فاستعيذوا بعد ان تفرغ من قراءتك. وهذا قال به بعض الكبار ومنهم القارئ المشهور وهو احد السبعة حمزة وقال به ابو حاتم السجستاني صاحب الغريب غريب القرآن وهو ايضا مروي عن ابي هريرة رضي الله عنه وعن ابن سيرين في رواية وبه قال النخعي وداوود الظاهري. وبعض العلماء اراد ان يجمع بين الظاهر وبين ما جاء عن النبي صلى الله عليه سلم من انه كان يستعيذ في اول القراءة وايضا ما يدل عليه الامر بالاستعاذة حيث انه يدل فيما يظهر على ان العبد حينما يقرأ القرآن يستعيذ من اجل ان يطرد عنه الشيطان فلا يشوشه وعليه في قراءته ولا يلبس عليه فيكون متهيئا للتدبر والتفهم الذي يعقبه العمل ومعلوم ان الشيطان حينما يشوش على حبس الصلاة فان العبد يكون مأمورا بالاستعاذة منه كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم. فبعض العلماء اراد ان يجمع بين هذا هذا فقالوا يستعيذ في اول القراءة ويستعيذ في اخرها فيجمع بين الامرين. وبعضهم قال وهو الارجح وعليه الجمهور قال ان الاستعاذة تكون قبل القراءة. فالاية وان كان ظاهرها ان الاستعاذة تكون بعد القراءة الا انها مبينة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. حيث كان يستعيذ بين يدي القراءة. وهي نظير قول الله عز وجل اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الى اخره. فهل المراد ان العبد اذا قام الى الصلاة انه يغسل وجهه ويتوضأ بعد الفراغ منها؟ الجواب لا. وانما المراد اذا قمتم الى الصلاة اي اردتم القيام للصلاة وكذلك هنا اذا قرأت القرآن اذا اردت القراءة قراءة القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. يدل على ذلك ابي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه المخرج عند احمد وابي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة كان رسول الله صلى الله الله عليه وسلم اذا قام من الليل فاستفتح صلاته وكبر قال ثم ذكر قال ثم يقول اعوذ بالله العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفسه. هذا يقوله النبي صلى الله عليه وسلم متى؟ اذا كبر واستفتح يقول بين يدي القراءة ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ابدا انه استعاذ بعد الفراغ من القراءة. فاذا هذه الاية تبينها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبينها ايضا الاية الاخرى وهي اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا ولا يمكن ان يقول احد بان الوضوء يكون بعد الفراغ من الصلاة وانما المراد اذا اردتم القيام الى الصلاة اذا اردتم القراءة بعد ذلك هذه الاستعاذة التي امرنا الله عز وجل بها فاستعذ بالله. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ كما سبق. فهل هي واجبة او وانها مستحبة ولا يمكن ان يقال غير هذا يعني غير الوجوب او الاستحباب لان الشارع امرنا بذلك فهذا الامر يدل على وهي وهي دائرة بين الاستحباب والوجوب. فعامة اهل العلم وهو قول الجمهور انها مستحبة وليست بواجبة. وبعض العلماء ما يقولون هي واجبة في العمر مرة واحدة؟ ولماذا مرة واحدة؟ قالوا لانه يتحقق به مقتضى الامر. الله امرنا ان اذ اذا قرأت القرآن فاستعذ لو انه استعاذ في عمرة مرة واحدة لكفاه. وهذا القول يمكن ان يناقش ان الامر هنا ربط بشرط ومثله غالبا يدل على التكرار اذا قرأت القرآن اي كلما قرأت القرآن فاستعذ ما قال تعوذوا بالله من الشيطان الرجيم فانه لو قال ذلك لا امكن لهذا القائل ان يقول يكفي ذلك في العمر مرة. فعلى كل حال القائل بانه يكفي في العمر مرة واحدة هو ابن سيرين رحمه الله تعالى وبعضهم يقول تجب عند القراءة كل ما اراد الانسان ان يقرأ فانه يجب عليه ان يستعيذ وما الدليل على ذلك؟ الدليل هذه الاية اذا قرأت القرآن فاستعذ فهذا امر علق بشرط اذا والامر الذي علق بشرط فانه يتكرر بتكرره فكلما وقت القراءة يجب عليك ان ان تستعيذ. طيب الله عز وجل يقول فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. ما قال فقولوا اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ما ذكر لنا صيغة معينة وانما امرنا بالاستعاذة فقط. فما هي صيغتها؟ لها عدة صيغ الذي عليه عامة اهل العلم من الفقهاء والقراء انه يقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. هذا قول الجماهير من السلف والخلف. وبعضهم يقول يقول ذلك مع زيادة السميع العليم. فتكون الصيغة هكذا. اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. والدليل على ذلك حديث ابي سعيد الذي سبق. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قام الى الصلاة الى ان قال ثم يقول اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. فجيء بالسميع العليم بعد لفظ اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. والله عز وجل يقول واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه سميع عليم. وفي الاية الاخرى واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم. فذكر السميع العليم. وبعضهم يقول نقول اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. من همزه ونفخه ونفخه والدليل على ذلك هو حديث ابي سعيد المتقدم فهذا من تمامه. وكان صلى الله عليه وسلم يقول ذلك في صلاة الليل. وهل بين الصيغ الثلاث تعاروا فنحتاج الى ان نرجح الجواب لا. فهذه الصيغ كلها صحيح. فاذا قال العبد واحدة منها فان يكون قد جاء بالمطلوب ولو انه اخذ بالاكمل فهذا افضل ولكن القدر الذي يجزئه ان يقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم والصيغة الكاملة ان يقول اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونسخه ونفسه وما معنى الهمز الهمز هو الموتة بضم الميم. الموتة وما معنى الموتة؟ الموتة بمعنى الخنق. واثرها هو الصرع او الجنون ويتخبطه الشيطان يخنقه الشيطان يصرعه الشيطان هذه هي الموتة هذا الهمز واما النفخ وهو نفس الشيء يفسر بالكبر اعوذ بالله من الشيطان اي من صرعه وتخبطه وتسببه في لحوق الجنون بالانسان لان انواع الجنون تكون بسبب الشيطان وصرع الشيطان. واما النفخ فهو الكبر واما النفس بالثاء فهو الشعر او السحر الصيغ الاخرى التي ذكرها بعض اهل العلم فمنها ان يقول العبد اللهم اني اعوذ بك من الشيطان الرجيم وهمزه و ونفخه ونفسه وهذه الصيغة ورد فيها حديث ابن مسعود مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم كما عند ابن ماجة وابن خزيمة وابن ابي شيبة باسناد صحيح يعني اذا اراد ان يقرأ يقول اللهم اني اعوذ بك من الشيطان الرجيم وهمزه ونفخه ونفسه فهذه صيغة وهناك صيغ اخرى قالها العلماء بطريق الاجتهاد ولا يصح فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم حسب ما اعلم. والعلم عند الله عز وجل وبالتالي لا يقول العبد شيئا منها. ولكن قد يقول قائل كيف ساغ لهؤلاء العلماء رحمهم الله تعالى ان يقولوا ذلك؟ يقال الذي بنوا عليه قولهم هو انهم فهموا من هذا الامر فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ان العبد مطالب ان يحقق الاستعاذة بان يستعيذ ولم يحدد الشارع له صفة يأمره بها فلا مانع من ان يستعيذ باي صيغة تحققوا فيها هذا المطلوب هكذا قالوا ولكن يقال قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم هذه الصيغ الاربع في الاستعاذة والسنة اهل القرآن فينبغي للعبد ان يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه امور من جملة الاذكار وهي اشياء مبناها على توقيف كالصيغ التي يذكرها العلماء على كل حال فيما زاد على ذلك تزيد على العشر تزيد على العشر الزائدة على هذه الصيغ الاربع عليها كثيرا فهي اه يوصلها بعضهم الى سبع عشرة صيغة. والمعتمد على الاربعة المذكورة العلم عند الله عز وجل. واما اركان الاستعاذة ومعنى اركان الاستعاذة الامور التي تدور عليها عملية الاستعاذة. ما هي؟ تقول انت اركان كان البيع مثلا اركان النكاح ما هي الامور التي يدور عليها هذا الامر؟ فنقول عندنا مستعيث وهو من صدرت منه الاستعاذة والتجأ الله عز وجل وعندنا مستعاذ منه وهو الشيطان هنا وعندنا مستعاذ به وهو الله جل جلاله عندنا الصيغة كأن تقول مثلا اعوذ بالله من الشيطان الرجيم هذه يقال لها استعاذة. وعندنا ايضا الامور التي استعذت من اجلها. ما هي مطالبك؟ تطلب ماذا؟ حينما استعذت ان تلتجئ اليه من ماذا؟ من شياطين الانس من شياطين الجن من اذاهم البدني الحسي او من اذاهم المعنوي ويوسوس لهما الى ذلك من القاء الشبهات دفع الشرور طلب العون اذا قلنا بان الاستعاذة تشمل هذا وهذا اللي هو الالتزام جاء لينفك العبد من المخاوف ويتخلص منها والامور المكروهة وكذلك تحصيل الامور المطلوبة المحبوبة فانت تستعيذ لماذا لينجيك من المكاره او تستعيذ لتحصل مطلوبك الذي تحبه وتتمنى حصوله وقبل ان اختم على الاستعاذة اذكر هنا وقفتان الوقفة الاولى وهي ان العبد حينما ينوي قراءة القرآن او يريد طاعة القرآن فانه مطالب شرعا باي شيء مطالب شرعا بالطهارة بالماء الطهارة الحسية ان يتوضأ وكثير من العلماء يقولون اذا كان عليه حدث اكبر فانه يجب عليه ان يتطهر. لادلة لا مجال لذكرها هنا. وان كان الذي اظنه والله اعلم انه لا يجب التطهر بالغسل او بالوضوء عند قراءة القرآن لانه لا يوجد دليل يدل على ذلك صراحة مع صحته. واما مس المصحف فانه لا يجوز لاحد ان يمس المصحف الا ان يكون متطهر الطهارة الكبرى والطهارة الصغرى الطهارة بالماء او ما يقوم مقامه وكذلك التطهر من الكفر والشرك بالله عز وجل فلا يجوز للكافر ان يمكن من مس المصحف. وادلة هذا لا مجال لذكرها هنا. لكن يجوز للحائض وللجنب والنفساء ويجوز لمن كان عليه حدث اصغر ان يقرأ ما شاء من القرآن من اوله الى اخره لانه لا يوجد دليل يمنع من ذلك وهو ظاهر صحيح البخاري رحمه الله في الصحيح وان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن على كل احواله فعلى كل حال الان اذا اراد الانسان ان يقرأ فالذي يشرع له وان يتطهر بالماء اليس كذلك؟ هذا بالاجماع والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كرهت ان اذكر الله الا على طهر فاذا اراد الانسان ان يقرأ القرآن او يذكر ربه فاما ان يتوضأ او يتيمم فالحاصل هذه طهارة حسية بالماء او ما يقوم مقامه يتهيأ بها العبد لقراءة القرآن والاستعاذة هي طهارة للفم معنوية من اللغو والرفث وهي استعانة بالله عز وجل واعتراف له بالقدرة وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة الشيطان وحينما يفعل الانسان ذلك يقول اعوذ بالله من الشيطان الرجيم يكون قد تطهر وتخلص باذن الله عز وجل من كيد الشيطان ومن وسوسته ومما يوقعه للعبد من الامور التي تشوش ذهنه فلا يعقل ما قرأ. فيكون لاحظ هذا اجتماع هذه المعاني ودقتها يكون قد استمع للعبد هذا وهذا اذا قام للصلاة فانه اذا اراد ان يقرأ فانه يتوضأ او يغتسل اذا كان عليه حدث اكبر فهذه طهارة بالماء وكذلك ايضا يتهيأ لها بالطهارة المعنوية التي تكون من الشيطان فلا يعرظ له في قراءته هذه اللطيفة الاولى الوقفة الثانية وهي ان الله عز وجل امرنا ان نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ولا نستطيع ان انفك وان نتخلص من كيده الا بالاستعاذة. ليس الشيطان متمثلا امامك فتأخذ عصا او حجرا في ضرب به فانت لا تستطيع ذلك اطلاقا. فالله امرنا بالاستعاذة. واما مع شياطين الانس ومن يمكن ان يلحقك مكروه من جهته من الانس فالله ارشدنا الى شيء اخر. يمكن به ان تدفع عنك اذى هذا الانسان. فالله عز وجل يقول مثلا خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله من الشيطان فاستعذ بالله فالحاصل انه في بني ادم قال خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين. وفي الشيطان قال واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ فالشيطان من الانس او الادمي الذي يمكن ان يصل اليك الضرر من جهته اذا صنعته واعرظت عن اساءته اعرظ عن جاهدين؟ ولم تلتفت اليه وقابلت الاساءة بالاحسان فان ذلك يدفع عنك اساءته بل لربما تحول الى نصير لك ومحب كما قال الله عز وجل ادفع بالتي هي احسن السيئة نحن اعلم بما يصفون فهؤلاء من الادميين ادفع بالتي هي احسن السيئة يعني ادفع السيئة بالتي هي احسن. لا ترد الاساءة بالاساءة. ثم امره مع شياطين الجن ان يقول وقل ربي ادفع بالتي هي احسن السيئة نحن له بما يصفون وقل ربي اعوذ بك من همزات الشياطين. فهذا في الشياطين. وكذلك يقول الله عز وجل ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم. وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم. ثم قال واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله. فالادمي يمكن ان يحسن اليه وان تقابل اساءته بالاحسان فينكف عنك شره فيه حيلة من هذه الحيثية واما الشيطان من الجن فانه لا سبيل الى مصانعته وهو لا يريد الا غوايتك مهما احسنت اليه فانه لا يتوقف عن اذيتك والاساءة اليك الا بتحصيل مطلوبه وهو ازاغة العبد واظلال وصده عن التوحيد وعن ذكر الله عز وجل. يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله يقول وقد نزلت الملائكة لمقاتلة العدو البشري فمن قتله العدو الظاهر البشري كان شهيدا. الملائكة نزلوا يقاتلون الكفار. وهؤلاء الكفار او الاعداء من البشر اذا قتل الواحد منهم احدا من الناس من المسلمين فانه يكون شهيدا. ومن قتله العدو الباطني كان طريدا. من قتله عدوه من الشياطين ان كان طريدا معنى قتله يعني ازاغه واضله كان طريدا يقول ومن غلبه العدو الظاهري كان مأجورا هو من قهره العدو الباطني كان مفتونا او موزورا يقول ولما كان الشيطان يرى الانسان من حيث لا يراه استعاذ منه بالذي يراه ولا يراه بالله عز وجل ثم يقول يقول فهذه ثلاث ايات ليس لهن رابعة في معناها التي ذكرتها قبل قليل وهو ان الله تعالى يأمر بمصانعة العدو الانسي والاحسان اليه ليرده عن طبعه الطيب الاصل الى الموالاة والمصافاة ويأمر بالاستعاذة من العدو الشيطاني لا محالة اذ لا يقبل مصانعة ولا احسانا ولا يبتغي غير هلاك ابن ادم لشدة العداوة بينه وبين ابيه ادم هذه لطائف تتعلق بالاستعاذة للمزيد من مواد فضيلة الشيخ الدكتور خالد بن عثمان السبت يرجى زيارة الموقع الرسمي لفضيلته على الرابط دبليو دبليو دبليو دوت خالد السبت دوت كوم