بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد حياكم الله تعالى ايها الاخوة في مجلسنا الثالث من سلسلة دروس اسرار البيان في تفسير وتدبر القرآن ولا يزال حديثنا مستمرا بتفسير وتدبر سورة مريم عليها السلام وكنا قد وصلنا في الدرس الفائت الى قول الله سبحانه وتعالى واذكر في الكتاب مريم اذ انتبذت من اهلها مكانا شرقيا وسيتلو علينا الايات المقررة لهذا الدرس ويفسرها تفسيرا اجماليا فضيلة الشيخ سعد الشوبكي فليتفضل مشكورا بسم الله الرحمن الرحيم يقول جل ذكره واذكر في الكتاب مريم اذ انتبدت من اهلها مكانا شرقيا اي اذكر يا محمد في كتاب الله الذي انزله عليك. مريم ابنة عمران حين تنحت من اهلها واعتزلتهم في مكان شرقي بيت المقدس. على ليس ترى يسترها عن اهلها لتتخلى للعباد سلمى اليها روحنا. هو جبريل عليه السلام فتمثل لها بشرا سويا. كيف لها في صورة ادمي تام الخلقة. فخافت مريم من جبريل وظنته رجلا يريدها عن نفسها فبادرته بالتعوذ قبل ان يكلمها. قال اي يستجير بالرحمن من ان تنال مني ما حرمه عليك. واستعاذتي بجناب الله منك فيها موعظة لك. يحثه على الكف عنها بالطف وجه وابلغه. فان من تعرض لمن استعاذ بالله فقد عرض نفسه لعظيم سخطه يقول الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم واذكر في الكتاب اي في كتاب الله سبحانه وتعالى الذي انزله اليك مريم اذ انتبذت من اهلها مكانا شرقيا اي تنحت من اهلها في مكان شرقي بيت المقدس مريم عليها السلام ارادت ان فتعبد ربها في خلوة اتخذت لنفسها موضعا تتعبد ربها فيه في شرقي بيت المقدس وكان هذا الموضع على مقربة من المسجد الاقصى المبارك ومن اهلها. وعندنا في الاية وقفات لما خصت سورة مريم عليها السلام دون باقي السور بزيادة في الكتاب بعد الامر اذكر الله سبحانه وتعالى في سورة مريم فقط دون باقي السور يا شيخ انس يقول لك واذكر في الكتاب اما باقي سور القرآن الكريم واذكر ما السر في ذلك السر في ذلك هو التنبيه الى ان النبي صلى الله عليه وسلم قد امره ربه ان يذكر قصة مريم وغيرها من القصص في هذه السورة المباركة لقومه بلفظها بنصها بخلاف غيرها اذ يحتمل ان يعبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها باسلوبه الخاص بادارته الخاصة بخلاف قصص سورة مريم فقد امر بتبليغها بنصها عندنا وقفة اخرى في هذه الاية يا شيخ في سر ذكر اسم مريم في القرآن دون نساء العالمين. الله سبحانه وتعالى ما ذكر امرأة باسمها في القرآن الا مريم ما السر في ذلك وقد وقد ذكرت مريم في نحو ثلاثين موضعا بل اكثر السبب الذي من اجله ذكرت مريم في اكثر من ثلاثين موضع في كتاب الله سبحانه وتعالى هو ان هو ان الله سبحانه وتعالى اراد ان يرد على النصارى الذين زعموا انها ام للاله وبعض النصارى يؤله مريم تذكرها باسمها في كتابه ليشير الى انها امة من اماء الله سبحانه وتعالى. بان العرب اذا ذكرت الحرائر لم تسمه يقنون عنهم بالاهل والايال. واذا ذكرت الاماء سمت الاناء ولم تكني واراد الله سبحانه وتعالى ان يشير الى كونها امة من اماء الله سبحانه وتعالى لينزلها منزلتها ردا على النصارى الذين الهوها او جعلوها اما للاله. والله تعالى اعلى واعلم. اما مريم في الارامية هي امة وهذا مركب من كلمتين من كلمة ماري ومن كلمة امة ماري في الارامية هي الرب. واما في الارامية هي الامة باللغة العربية نفس اللفظ وبالتالي مريم هي امة الرب. والعرب تقول لمريم مريم طبعا لاهل اليونان وبالمناسبة اللغة الارامية هي اللغة التي كانت محكية في بلاد الشام في زمان المسيح عليه السلام. ولم يكونوا يتكلمون اللغة العبرية ولذلك اسمها فسر بالارامية بما ذكرت لكم. والله تعالى اعلى واعلم فان قيل الله سبحانه وتعالى ذكر انها انتقلت من السكنة في بيت اهلها الى السكنى في مكان في شرقي بيت المقدس. فما الحامل لها على ذلك؟ ذكرنا لكم انها انتقلت لتتخلى لابادة ربها. على انها كانت في نفس الوقت تخدم في بيت المقدس لان امها قالت لما حملت بها اني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني. فالله سبحانه وتعالى ايش قال بعد ذلك؟ فتقبلها بقبول حسن وانبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا فاذا مريم عليها السلام صحيح انها تركت السكنى مع اهلها لتتعبد لربها. لكن في نفس الوقت لم تترك خدمة بيت المقدس والصواب ان المكان الذي ذهبت اليه هو موضع قريب من المسجد الاقصى اليوم ويدل على ذلك ان الله سبحانه وتعالى قال بعد ذلك فحملته فانتبذت به مكانا قصير مريم لما حملت بايسا وارادت ان تستر على نفسها تركت بيت المقدس وانتقلت الى مدينة اخرى هي مدينة بيت لحم بعيدة حوالي عشرة كيلو متر جنوب بيت المقدس الله سبحانه وتعالى لما ذكر لنا بيت لحم قال فانتبذت به مكانا قصيا. اي مكانا بعيدا. المكان الثاني الذي ارتحلت اليه مريم كان مكانا بعيدا. وهذا يدلنا على ان المكان الاول في شرقي بيت المقدس كان مكانا قريبا من اهلها ومن المسجد الاقصى ليتأتى لها الخدمة في المسجد الاقصى. والله الله تعالى اعلى واعلم امر اخر الله سبحانه وتعالى وصف المكان الذي تنحت فيه مريم بانه في جهة الشرق والجهات مستوية عقلا. ما الفرق بين ان تذهب الى الجهة الشرق او جهة الغرب او جهة الشمال او جهة الجنوب لماذا يذكر الله سبحانه وتعالى لنا امرا ليس بذات الاهمية؟ والقرآن منزه عن ان يذكر لك امورا ليست مهمة يقول العلماء ومنهم ابن عباس رضي الله عنه وارضاه ما معناه ان الله سبحانه وتعالى اشار الى جهة الشرق ليشير لنا الى اتخاذ النصارى جهة الشرق قبلة لهم في صلاتهم. وذلك ان مريم عليها السلام قد حملت بعيسى عليه السلام الذي يزعمون انه ابن للرب في هذا الموضع الذي اعتزلت فيه اذا هذا المكان الذي اعتزلت فيه في شرقي بيت المقدس هناك جاءها الملك فيها وحملت بي عيسى عليه الصلاة والسلام الان لماذا النصارى يتخذون جهة الشرق قبلة لكون مريم كانت وقت حملها في هذا المكان الشرقي فاراد القرآن ان ينبهنا الى كونهم قد اتخذوا الجهة الشرقية قبلة لصلاتهم لان مريم حملت في جهة شرقية من بيت المقدس ثم قال جل ذكره فاتخذت من دونهم حجابا فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا ما المراد بالبشر السوي؟ البشر السوي والبشر المسوى اي هو تام الخلقة. الله سبحانه وتعالى جعل جبريل عليه السلام يتمثل بصورة وهيئة انسان تام الخلقة والراجح من اقوال اهل العلم ان الذي تمثل لها هو جبريل عليه الصلاة والسلام طيب قد يقول قائل الله سبحانه وتعالى سمى عيسى روحا في كتابه وروح منه وسمى جبريل روحا نزل به روح الامين على قلبك الان لماذا نحن رجحنا هنا ان المراد جبريل عليه السلام وليس المراد هو عيسى لانه بعض العلماء وعلى رأسهم ابي بن كعب رضي الله عنه وارضاه وهو من الصحابة قال الذي تمثل لها كان رح عيسى وليس جبريل لكن الصواب ان الذي تمثل لها كان ملكا من الملائكة والدليل على ذلك ان الله سبحانه وتعالى قال في سورة ال عمران اذ قالت الملائكة يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم. فاذا الذي تمثل لها الذي قال انما انا رسول ربك لك غلاما ذكيا هو هو من هو الملك الذي بشرها بالولد. لكن الله سبحانه وتعالى يعبر في اساليب مختلفة في مواضع مختلفة من كتابه اذا الراجح ان الذي تمثل لها هو جبريل عليه السلام ولماذا سمى الله سبحانه وتعالى جبريل روحا؟ قالوا لانه يحيي القلوب بنزوله بالوحي على انبياء الله سبحانه وتعالى الان جبريل عليه السلام ملك وهذا الملك خاطب مريم. فهل يلزم من ذلك ان تكون مريم نبية من الانبياء نقول لا يلزم. لا يلزم. لان الله سبحانه وتعالى ذكر مرتبتها في القرآن وذكر انها صديقة. قال ما المسيح ابن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل وامه صديقة كانا يأكلان الطعام. فلو كانت نبية لوصفها بالنبوة لان مرتبة النبوة اعلى من مرتبة الصديقين وقد ذكر في نفس الاية ان ابنها رسول فلماذا يذكر مرتبة الصديقية ويترك مرتبة النبوة؟ طالما انها نبية يتضح لنا من كل ذلك انها لم تكن ماذا؟ انها لم تكن نبية وكانت صديقة فان قيل كيف توجهون الوحي الذي كانت تتلقاه من جبريل؟ نقول الوحي هو الاعلام في الخفاء وجبريل عليه السلام نعم اعلمها لكن موحى به لها لم يكن شرعا او شيئا متعلق بالشرع. انما كان بشرى بالغلام فلما تعلق الوحي بامر دنيوي متعلق ببشرى بغلام لم يعتبر ذلك من وحي النبوة. والله تعالى اعلى واعلم. اذا لابد ان ننظر في الموحى به لنحدد هل كانت هذه نبوة او كان وحيا من ما تحدث به الملائكة بعض الناس مريم لما جاءها جبريل وداهمها قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا وعندنا في الاية وقفات اولا مبادرة مريم عليها السلام لجبريل بقولها اني اعوذ بالرحمن منك قبل ان يكلمها مع كونه قد تمثل لها في صورة رجل تام الخلقة هذا يدل على كمال افتها وانه لم يخطر ببالها شائبة ميل اليه فضلا عن وقوع الميل والشهوة. يعني حتى مجرد الهم بالميل اليه ما وقع منها. ولذلك ما سمحت له بالكلام. بادرته مباشرة بالتعوذ قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا قبل ان يكلمها هو. وقالت اني اعوذ بالرحمن منك ولم تقل اني اعوذ بالله لانها ارادت ان يرحمها الله سبحانه وتعالى بدفع من حسبته يريدها على نفسها فكأني بها تقول يا ربي فاني عذت بك ارحمني بدفع هذا الرجل اني طيب عندنا هنا اشكال هي قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقي استعاذت ثم علقت الاستعاذة الظاهر بشرط ما هو هذا الشرط ان كنت تقي؟ فهل يفهم من ذلك انها لم تكن استعيذ بالله منه ان كان فاجرا هي قالت اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا. مفهوم المخالفة في الظاهر ان لم تكن تقيا ان كنت فاجرا فلا استعيذ بالله منك. هذا الذي قد يقوله بعض الناس والصواب انها في استعاذتها طلبت امرين الامر الاول طالبت العوذة من الله سبحانه وتعالى. وطالبت اللجوء الى كنف الله سبحانه وتعالى. وهذا مدلول عليه بدلالة المطابقة. هذا هو معنى الذي يطابق هذا اللفظ. لكن ارادت امرا اخر نعم استعاذت بالله لكنها ايضا ارادت ان تعظه وتخوفه بالله فان من تعرض لمن استعاذ بالله فقد عرض نفسه لعظيم سخط الله سبحانه وتعالى فكأني بها تقول له واستعاذتي بجناب الله سبحانه وتعالى على مسمعك. ينبغي ان يكون لك فيها موعظة ان كنت من اهل التقوى فاذا الشرط لا يتعلق هنا باستعاذتها المعنى المطابق للاستعاذة استعاذت بالله واسمعته استعاذتها ليش اسمعته استعاذتها؟ كي يتعظ كانها قالت له انا استعذت بالله كي تتعظ؟ ان كنت فان لم تكن تقية لن تتعظ اذا الشرط متعلق بماذا؟ الشرط يتعلق هنا باتعاظه وانكفافه عنها. لا باستعاذتها من هندي امران الاستعاذة ووعظه بالابتعاد عنها وتركها الشرط يتعلق بالثاني يعني انا وعظتك ان كنت تقي ستتعظ ان لم تكن تقيا لن تتعظ واضح وايضا قالت له ان كنت تقيا اي كانت التقوى من خصالك المستقرة التعبير بكونت اذا كنت من اهل التقوى اذا كنت من الراسخين في التقوى ستتعظ الاستعاذة بالله لانه من تعرض لمن استعاذ بالله سبحانه وتعالى فقد عرظ نفسه لعظيم سخط الله يقول ابن كثير هنا في هذا المقام هذا هو المشروع في الدفع ان يكون بالاسهل الاسهل فخوفته اولا بالله عز وجل. يعني هي ما فرت منه ولم تصرخ في وجهه ولم تضربه انما استعاذت بالله سبحانه وتعالى منه دفعت عن نفسها بالاسهل فالاسهل. ماذا كان جواب جبريل عليه الصلاة والسلام؟ قال انما انا رسول ربك اهب لك غلاما زكيا. انما انا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا وقرأ في المتواتر ليهب لك غلاما زكي كيف نجمع بين القراءتين نقول الهبة كانت من الله على جهة الخلق والايجاد وكانت من جبريل عليه السلام على جهة التسبب. لان الذي نفخ في مريم فحملته جبريل لكن نفخة جبريل والروح التي نفخها في مريم روح عيسى التي نفخها في مريم من خلق الله سبحانه وتعالى اهب لك غلاما ذكيا. اي طاهرا من الذنوب وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم ان عيسى عليه السلام كان معصوما من الذنوب اين ورد ذلك في حديث الشفاعة؟ لما ذهب الناس يستشفئونه الى انبياء الله سبحانه وتعالى فكل منهم كان يذكر ذنبا الا عيسى عليه السلام لما جاءوه لم يذكر ذنبا ثم قال لهم نفسي نفسي نفسي اذهبوا الى غيري اذهبوا الى محمد صلى الله عليه وسلم اذا هذا يستلزم ان عيسى عليه الصلاة والسلام كان معصوما من الذنوب وهذا يفسر قول الله سبحانه وتعالى غلاما ذكيا اي طاهرا من الذنوب. نعم قال اي جبريل انما انا رسول ربك لاهملك غلاما زكيا ظاهرا من الذنوب قالت اي مريم انا يكون لي غلام؟ اي على اي حال يكون لي ولد ولم يمسسني بشر بنكاح حلال. ولم اك بغيا. اي لم اكن زانية. قال لجبريل كذلك هكذا الامر كما وصفت لكم من انك ستحملين به من غير جماع. قال ربك هو علي هين. اي لا يتعذر علي خلقه فيك من غير جماع. ولنجعله اية للناس. اي برهانا للناس على كمال قدرة على خلق ما يشاء كيف شاء. والله تعالى قد خلق ادم من غير ذكر ولا انثى. وخلق حواء من ذكر بلا انثى. وخلق عيسى من انثى بلا ذكر خلق يحيى من انثى عاقب رجل قاعد في السن. وخلق بقية الناس من ذكر وانثى شابين سويين ورحمة منا. ايها الذين اجعله رحمة منا لمن امن به وصدقه. واسترشد بهداه. وكان امرا اي وكان خلقه امرا قد قضاه الله فليس منه مد. وقال تعالى في ال عمران يخلق ما يشاء اذا قضى امرا فانما يقول له نفخ جبريل في مريم فحملت بعيسى عليه السلام. قال تعالى فحملته فانتبذت به مكان اي فاعتزلت الناس بحملها وتنحت عنهم في مكان بعيد في بيت لحمه. حتى لا يشعر احد بحملها. فاجاب الى جذع من نخلة. اي فالجأها وجع الولادة الى جذع النخلة يا ليتني مت قبل هذا قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا من اي يا ليتني مت قبل هذا وكنت شيئا حقيرا قد نسيه اهله وتركوه. فلا يلتفتون اليه حياء من الناس وخوفا من ماذا كانت ردة فعل مريم؟ قالت انى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم اك بغيا ما المراد بالمساس هنا المساس هو اللمس وهو كناية عن الجماع هو كناية عن الجماع بالحلال لان الحمل لا يكون بمجرد المس. يعني نحن لماذا قلنا لم يمسسني هنا نحملها على معناها الكنائي لانه لا يحصل الحمل بمجرد المس. فنقول المساس هنا كناية عن ماذا يا شيخ؟ كناية عن الجماع بالحلال ما المراد بالكناية؟ الكناية مرت معنا وستمر معنا كثيرا. الكناية هي تركيب يراد منه لازمه. يعني ان تذكر الشيء وان تريد من الشيء لازمه. مثل ماذا مثل لو قلت لك يا شيخ انس الان فلان كثير الرمد رماده كثير الذي يكون رماده كثير يكون كريما. لماذا لان كثرة الرماد تدل على كثرة الطبخ وكثرة وكثرة الطبخ تدل على كثرة الضيوف. وكثرة الضيوف تضل على الذي يطبخ. واضح ولو قلت لك انا جاءك رجل قلت لك فلان كثير الرماد. هذا يدل باللزوم على كرمه لكن هذا هو المعنى المجازي لهذه الكناية بهذا التركيب المعنى المجازي هو معنى لازم باصل المعنى ويلزم من كونه كثير الرماد انه ماذا انه كريم. واضح لكن هل الكناية تمنع من ارادة المعنى الاصلي لا لا تمنع القرين في الكناية لا تمنع من ارادة المعنى الاصلي يمكن ان يكون فعلا عنده رماد يطبخ عن طريق رمادو في نفس الوقت هو كريم. ويمكن ان يكون يطبخ بالادوات الحديثة كالنار التي مثلا عن طريق الغاز وما الى ذلك ونقول فلان كثير الرماد لاني انا اريد لازم المعنى لا اريد المعنى الاصلي لكن هل يمكن ان يراد المعنى الاصلي؟ نعم يمكن ان يراد المعنى الاصلي مع المعنى المجازي. هذا هو معنى الكناية باختصار ما المراد بالبغي يا شيخ انس؟ البغي هي التي يبغيها اي يريدها الرجال للفجور هي قالت لجبريل عليه السلام ولم اك بغيا. وهذا نفي لان تكون بغيا قبل ذلك وكانها تريد ان تقول له انا ما كنت بغيا قبل ذلك، فلا ارضى بان اكون بغيا الان وحتى عندنا في العامية نقول فلان صاحب سوابق او فلان ليس بصاحب سوابق. لما تأتي مثلا لهذا الشخص اللي ما اله سوابق سابقة تريد ان تحتج على نزاهته وبراءته الان. تقول فلان ليس من من اصحاب السوابق فانت تستصحب ماضيه لتستدل به على حاضره. نعم. هذا هو الذي اردته. وهذا ايضا من الكناية بالمناسبة. لانها ذكرت انها ما كانت بغيا في الماضي. وهذا يستلزم انها اه في الحاضر ايضا لن تكون من البغايا. والله تعالى اعلى واعلم قال جبريل قال كذلك قال ربك هو علي هين. ولنجعله اية للناس ورحمة منا وكان امرا مقضيا اي وكان امرا واقعا بمقتضى ما قدر الله سبحانه وتعالى عندنا في الاية وقفة قوله سبحانه وتعالى ولنجعله اية للناس اي ولنجعله برهان للناس على كمال قدرة الله سبحانه وتعالى على خلق ما يشاء كيف شاء ومولده على هذه الجهة فيه امران. الامر الاول اثبات الكرامة لمريم ومولده على هذه الجهة فيه اثبات لكرامات الاولياء فهو كرامة لمريم وهو كذلك ارهاص من ارهاصات نبوة عيسى عليه السلام. ما المراد بالارهاص؟ هناك فرق بين ايات ومعجزات الانبياء وبين الارهاص. الارهاص هو ما يظهر من الخوارق والايات قبل النبوة عليه الصلاة والسلام مولده المعجز هذا كان قبل النبوة. لكن في مولده المعجز ارهاص على انه سيكون له شأن. والارهاص يراد به التمهيد التمهيد للنبوة ثم قال جل ذكره يا شيخ انس فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. كيف حملت به عملت به بان نفخ جبريل عليه السلام فيها. قال الله سبحانه وتعالى ومريم ابنة عمران التي احصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا قيل ان جبريل نفخ في فيها فحملت النفخ كان من الله خلقا وايجادا وكان من جبريل مباشرة ويدل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى قبل ذلك لاهب لك غلاما زكيا الهبة الى جبريل كيف ننسب كيف ننسب الهبة الى جبريل؟ في نفخه الروح في مريم. هذا اولا في قراءة اخرى متواترة ليهب لك غلاما ذكي الهبة هنا يهب ان يهب الله لك غلاما زكيا فالهبة هنا من الله على جهة الخلق والايجاد فان قيل ما مدة حملها ما كانت مدة حمل مريم عليها السلام روي عن بعض العلماء كابن عباس انها حملت ساعة وضعت عيسى عليه الصلاة والسلام لكن الصواب ان يقال لا دليل على ذلك. لا دليل على ذلك. والاصل ان نستصحب ان نستصحب عادة النساء في الحمل والنساء في الاصل تحمل كم شهر تقريبا تسعة شهور لذلك نقول لا دليل على انها حملت به ووضعته في ساعة. نعم ما هو المكان القصي الذي قال الله سبحانه وتعالى فيه فحملته فانتبذت به فلما حملت ذهبت بحملها الى مكان قصير. قبل ان تلد هي لم ترده في بيت المقدس انما ولدته في مدينة بيت لحم وهي موجودة اليوم في فلسطين. وهي تقع على بعد عشرة كيلومتر تقريبا جنوبي المسجد الاقصى قال النبي صلى الله عليه وسلم صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى عليه السلام وقد ذكر عن ابن عباس انها ولدته في المكان الشرقي هذا لكن الصواب انها ولدته في بيت لحم وبيت لحم لا تقع شرقي بيت المقدس حتى نقول وردته في هذا الموضع بيت لحم تقع في جنوب بيت المقدس على مسافة عشرة كيلو متر تقريبا ثم قال جل ذكره فاجائها المخاض الى جذع النخلة فجاءها اي الجأها الكلمة جاء جاء بها الى جذع النخلة لازال الباء واتى بهذا الفعل الذي يتعدى الى المفعول. الان فعل جاء يتعدى الى المفعول ولا يتعدى. لا يتعدى. تقول جاء محمد اذا اردت ان تؤديه الى مفعول قلت جاء محمد بالورقة مثلا اذا اردت ان تحذف هذه الباء وتجعل الفعل هذا من الافعال المتعدية ايش تقول؟ اجاءه جاءها المخاض الى جذع النخلة. اي جاء بها المخاض الى جذع النخلة جاء بها المخاض الى جذع النخلة لتتكئ عليه. آآ هي لما اصابها والمخاض هو وجع الولادة وهو الطلق. الطلق اللي بنسميه اليوم الطلق. ونفس المخاض وهو وجع الولادة. فلما اصابها وجع الولادة الجأ هذا الوجع الى نخلة. فاتكأت على النخلة. نعم. قال فجاءها المخاض الى جذع قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا النسيو هو الشيء الذي يترك فينسى الشيء التافه الذي تتركه فتنساه هذا يسمى النسي واضح؟ طب لماذا هنا؟ قال منسية ومنسية نعت للنسي. اه منسية فيه مبالغة في نسيانه فكأنه طرح فلم يؤبه به قط بعد ذلك هذا فيه مبالغة بالنفي. فهي كأنها تقول يا ربي يا ليتني كنت شيئا نسيه الناس وتركوه فلم يذكروه بعد الان وفي هذه الاية وقفات هل يجوز للمرء يا شيخ انس ان يتمنى الموت يتمنت الموتون الله سبحانه وتعالى لم يعقب على كلامه. يقول ابن كثير وفي الاية دليل على تمني الموت عند الفتنة. اذا خشي الانسان على نفسه الفتنة جاز له ان يتمنى الموت. قال فانها عرفت انها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود. نعم وكأنها رأت ان الموت خير لها من حياة تعيش فيها متهمة بالزنا. تخيل لو انها عاشت تعيش كل حياتها متهمة وكأنها رأت ان الموت خير لها من ذلك. لم تكن تعلم ان الله سبحانه وتعالى سيجعل لافتها ومعجزة سيظهر الله سبحانه وتعالى للناس كافة عفتها باية ومعجزة وهي كلام عيسى الذي سيأتينا ان شاء الله سبحانه وتعالى في الدرس القادم قد يقول قائل الملك بشرها بعيسى وبشرها بكونه غلام زكي وبشرها بكونه رحمة للناس. قالوا رحمة منا. اليس كذلك فلما تمنت الموت مع البشارة بايس الاصل انه الانسان يستبشر بالبشارة اليس كذلك يجاب هنا بانها انما تمنت الموت لانها صحيح انها بشرت بعيسى عليه الصلاة والسلام لكن الملك لم يعدها نفي التهمة عنه الملك لما جاءها بشرها بعيسى لكن لم يعدها بان الله سبحانه وتعالى سييسر لها معجزة تنفي التهمة عنها فاستحيت من ان يتكلم الناس في عرضها. وخشيت لائمتهم فتمنت الموت. نعم هي قد تكون فرحت بهذا المولود. لكن فرحوا وبهذا المولود لا يمنع ان تتهم بالزنا وان تظل تعير بهذا الزنا طيلة حياتها ونكون بذلك قد انتهينا من هذا المجلس الثالث وفي مجلسنا القادم بحول الله سبحانه وتعالى سنشرع في الكلام على ولادة مريم عليها السلام ثم قدومها على قومها ستقدم على قومها بهذا الغلام كيف ستثبت انها بريئة من الزنا. كيف ستثبت انها حملت على جهة المعجزة من الله سبحانه وتعالى؟ هذا كله سيظهر لنا في الدرس القادم. سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لا اله الا انت نستغفرك ونتوب ونتوب اليك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته