بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحبه ربنا جل وعلا ويرضاه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين ثم اما بعد فاننا في هذه الليلة ليلة الخامس من شهر صفر من عام الف واربع مئة واربعة واربعين من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم نجتمع في هذا المكان المبارك الجامع الكبير لنتذاكر هذا الحديث الجليل الذي خرجه البخاري في صحيحه واجتماعنا في هذا المكان المبارك امارة خير بمشيئة الله عز وجل اذ ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله عز وجل يتذاكرون كلام الله الا حفتهم الملائكة وذكرهم الله عز وجل فيمن عنده وكون هذا اللقاء وهذا الاجتماع في الجامع الكبير له خصوصية اذ هذا الجامع بخصوصه تتابع على الاقراء فيه والتدريس والامامة جمع من اهل العلم منذ قرون متوالية كما يعلم ذلك كل من عني بتاريخ هذا المسجد وللمسجد العتيق والقديم في البلد فضل عند اهل العلم. فقد روى نعيم ابن حماد ان ابن عباس رضي الله عنه قال ان الجماعة في الجامع العتيق افضل من غيره. ولذا اخذ فقهاؤنا رحمهم الله تعالى ان الجماعة اذا كانت في مسجد عتيق فهي افضل من المسجد الجديد وكما ان الجماعة في في المسجد الذي يكون اكثر جماعة افضل من المسجد الذي يكون دونه ومن اللطائف ان نراوي الحديث الذي معنا وهو ابو عبدالرحمن السلمي رحمه الله تعالى كان اقراءه وتدريسه لكلام الله عز وجل في الجامع الاعظم في الكوفة قال ابو اسحاق السبيعي رحمه الله تعالى مكث ابو عبدالرحمن السلمي اكثر من اربعين عاما يقرأ كتاب الله عز وجل في الجامع الاعظم في الكوفة يعني عتيقة والاقدم والاكبر ايها الاخوة لقد روى البخاري في الصحيح من حديث سعد بن عبيدة عن ابي عبدالرحمن السلمي عن عثمان رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه هذه الجملة المختصرة من النبي صلى الله عليه وسلم مكونة من مبتدأ وخبر لكنها حوت معاني عظيمة ودلائل جليلة والنبي صلى الله عليه وسلم اوتي جوامع الكلم وقد ذكر جمع من اهل العلم كالقاظي عياظ ان ما خرج من في النبي صلى الله عليه واله وسلم من الاقوال البليغة فانه معصوم فيها لا يمكن ان يطرأ عليه في بليغ كلامه خطأ ولا نسيان ولا زلل. صلوات الله وسلامه عليه. وحكى الاجماع على ذلك. وهذا الحديث الذي بين ايدينا في هذه الليلة هو داخل في ذلك. فان فيه من المعاني الكثيرة التي اطال اهل العلم واطنبوا في ذكر هذه المعاني وتفصيلها. واوردت اسناد حديثي هذا الباب لان فيه نكتة. وذلك ان راوي عن عثمان ابن عفان رضي الله عنه وهو ابو عبد الرحمن السلمي حينما حدث بهذا الحديث حدثه عنه سعد بن عبادة قال سعد فقال لي ابو عبدالرحمن السلمي ما اقعدني هذا المقعد الا هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سعد بن عبادة وكان قد اقرأني في عهد الحجاج او بعد وجوده بعد وجود الحجاج او نحوا مما ذكر سعد بن عبيدة. المقصود من هذا ان هذا الحديث قد تسلسل في روايته عدد من ائمة القراءة. فاما ابو عبدالرحمن السلمي فلا شك انه من ائمة القراء من التابعين. فقد ولد في عهد النبي صلى الله عليه واله وسلم وابواه ابوه وامه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حمل على عاتقه اقراء كتاب الله عز وجل. وقد مكث من عهد عثمان وهو يقرئ الناس القرآن الى عن مات في في وقت ولاية الحجاج ابن يوسف الثقفي ما يزيد عن اربعين عاما يقرأ الناس القرآن في المسجد اعلمهم ذلك وكان ابو عبد الرحمن السلمي رحمه الله تعالى قد قرأ القرآن على عثمان بن عفان ثم قرأه على علي بن ابي طالب ثم قرأه على ابن مسعود ثم قرأه على زيد ابن ثابت وقرأه كذلك اولا على ابيه وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم وقد حكى رضي الله عنه ورحمه كيف كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمون الناس القرآن قال ابو عبدالرحمن حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انهم كانوا لا يقرأون خمس ايات ويتجاوزونها الى غيرها حتى يعلموا ما فيها من الحلال والحرام ويعملوا بما فيها. وكذلك كان هو يفعل قال سعد بن عبيدة الراوي عنه كان ابو عبدالرحمن السلمي رحمه الله تعالى لا يقرؤنا الا عشر ايات ات ثم عشر ايات فكان ابو عبد الرحمن السلمي يعلم الناس هذا الكتاب العظيم ليس بكثرة تعليم في يوم واحد وانما يعلمهم كما تعلمه مجزأ عشر ايات ثم عشر ايات. وقول ابي عبد الرحمن لهذا فيه فوائد اوردها اهل العلم من هذه الفوائد كيف ان هذا الحديث اثر فيهم؟ وان سماعهم بحديث واحد عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم جعلهم يلتزمون معناه ومضمونه سنين طوالا. فابو عبدالرحمن السلمي من حين سمع هذا الحديث من عثمان رضي الله عنه وقرأ معنى ذلك الحديث في قلبه ولم يك كغيره لا يجاوز سمعه وانما وقر في قلبه والتزم معناه ومكث اربعين سنة او اكثر من اربعين سنة وهو يعلم الناس وقبل ان انتقل لفائدة اخرى من قول ابي عبد الرحمن لنتأمل ذلك فان اكمل الناس معرفة بالقرآن بعد الصحابة رضوان الله عليهم هم التابعون ومن اعلم التابعين بالاقراء ابو عبدالرحمن السلمي باتفاق المقرئين. فانظر حينما سمع هذا الحديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه قال كلمته الجميلة ذاك الذي اقعدني مقعدي هذا فمن حين سمع هذا الحديث لزم معناه وعني بتعليم الناس القرآن ليس مرة ولا مرتين ولا يوما ولا شهرا ولا شهرين وانما مكث اكثر من اربعين عاما يعلم الناس القرآن بسبب سماعه هذا الحديث. ولذا فاني اقول نفسي اولا ولاخواني ثانيا اما وقد سمعنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمرء فلنرعي سمعنا له ولنلقي ركابنا عند معانيه. ولنجعل معناه داخلا في قلوبنا ليس طارقا لسمعنا غير ومن فوائد هذا الحديث او من فوائد قول ابي عبد الرحمن السلمي عندما قال ذاك الذي اقعدني هذا المقعد عد استفاد منه بعض اهل العلم ان ابا عبد الرحمن السلمي ادرك عثمان. وذلك ان صاحبه سعد بن عبيدة قال وكان قد اقرأ من زمن عثمان الى حين الحجاج بن يوسف الثقفي. وذلك ان بعضا من اهل العلم قال ان ابا سلمة يا ابى ان ابا عبد الرحمن السلمي لم يسمع من عثمان واحتج البخاري على سماعه بقوله هذا وبشهادة سعد بن عبيدة له بذلك واما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه. هذا الحديث الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ذكر جمع من اهل العلم انه في القرآن لان ما من شيء الا القرآن الدلالة عليه ما فرطنا في الكتاب من شيء. وذكروا عددا من الاية التي تدل على معنى هذا الحديث. ومن الاية التي ذكروا انها في معنى هذا الحديث فتدل عليه وزيادة قول الله عز وجل ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين. ومن دعا الى الله عز وجل فانه يدعو بطرائق متعددة. قال الحافظ ابن حجر ولا شك ان من اعظم الوسائل التي تكون بها الدعوة الى الله واجلها هو تعليم الناس كلام الله عز عز وجل. فهذا الحديث داخل في قول الله عز وجل ومن احسن قولا ممن دعا الى الله. ولذلك كان هو خير الناس. وقول النبي صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه. قوله صلى الله عليه وسلم خيره ذكر اهل اللغة والبيان ان هذه صفة مشتقة جاءت بمعنى افعل التفضيل فكأنه قال اخيركم وافضلكم من تعلم القرآن وعلمه. وقد جاء ما يشهد على هذا المعنى ففي لفظ عند البخاري من حديث سفيان ان النبي صلى الله عليه وسلم قال افظلكم من تعلم القرآن وعلمه. فقول النبي صلى الله عليه وسلم ان خيركم الخير يقابل امرين يقابل الشر ويقابل من لا خير فيه. اذا مفهومها يشمل الامرين من لا خير فيه ومن كان فيه شر فمن كان عالما للقرآن متعلما له ومعلما من معا فانه يكون قد حوى الخير داخلا في كونه احسن الناس وافضلهم. وقد جاء في لفظ عند ابي داود ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال اشرف امتي من تعلم القرآن وعلمه. فهذا الحديث بالفاظه يدل على ان اخير امة محمد صلى الله عليه وسلم وافظلهم واشرفهم هو من تعلم القرآن وعلمه. وهو كذلك فان من جمع بين هاتين الصفتين تعلم تعلم القرآن وتعليمه فلا شك انه اشرف امة محمد فان اشرف امة محمد هم علماؤها ولا علم الا بالقرآن. بل ان اشرف الثقلين هم انبياء الله صلوات الله وسلامه عليه واشرفهم وافظلهم محمد صلى الله عليه واله وسلم. وهو اعلم الناس بالله وبكلامه جل وعلا ومن تعلم القرآن وعلمه فهو خير الناس. خيرهم في الدنيا وخيرهم في الاخرة. وقد عني العلماء رحمهم الله تعالى بذكر هذه الخيريات وقد جاء في كتاب الله عز وجل نحوا من ثلاثين افظلية وخيرية لمن كان القرآن في جوفه وجاء في سنة النبي صلى الله عليه واله وسلم ما يزيد على ذلك بضعفه. ولذلك فلو اراد احدنا ان يتحدث عن الخيريات والفظائل التي تترتب على من تعلم القرآن وعلمه لانقظى مجلسنا ونحو من عشرة امثاله في تعداد ما جاء في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. ولكن نكفي من ذلك بهذه الكلمة خيركم اي ان اخير الناس وافضلهم واشرفهم كما جاءت في الالفاظ الاخرى هو من جمع الوصفين تعلم القرآن وعلمه وقول النبي صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه وان كانت صفة الصفة الفعل المشتق بمعنى افعل التفضيل لكن بعضا من اهل العلم قال انها ليست على سبيل الاطلاق. فانه قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بضعة عشر حديثا ذكر فيها افعالا ان من فعلها فانه يتصف وبانه خير الناس. فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم خيركم خيركم لاهله. وقوله صلى الله عليه وسلم خيركم احسنكم قضاء. وقوله صلى الله عليه وسلم خير الناس من طال عمره وحسنه عمله وغيرها من احاديث تزيد عن عشرة واوصلها بعض المعاصرين الى نحو من اربعين بايراد ما في معناها المقصود من هذا ان هذه الاحاديث المتعددة التي جاءت في ان من فعل فعلا بعينه فان ذلك الفعل يكون المتصل به خير الناس جمع اهل العلم بين هذه الامور بجموع متعددة. اذكر من هذه الجموع ما يسمح به الوقت فاول هذه الجموع ما ذكره بعض كبار الشافعية وهو القفال الكبير حينما ذكر ان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه اي خيركم في حال دون حال. فالحال باعتبار العلم اخير من الناس من تعلم القرآن وعلمه. واخيرهم باعتبار قضاء الاوقات في الطاعات منعا تعلم القرآن وعلمه وافظلهم بمن اتى بالفرائض واتى باخلاص الله عز وجل هو من تعلم القرآن وعلمه وهذا وجه ان الخيرية المطلقة هنا تكون في حال دون حال. وقال بعض الشراح ان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم خيركم اي من خيركم باظمار من التبعيظية اذ يأتي في لسان العرب كثيرا ان يأتوا بافعال التفضيل ويقصدون بعض المراد بذلك وليس جميعهم. اوليس جميع الاطلاق. ومن ذلك قولهم ازهد الناس في العالم اهله وجيرانه وليس المراد ان اهله وجيرانه هم اشد الناس زهدا ولكنهم من ازهد الناس فيه. فقد يكون بعيد نائم عنه جاهل بحاله زاهد فيه كذلك. فهذا في لسان العرب انهم يأتون بافعل التفضيل مع اظمار من التي التبعيض فكأنه يقول ان من خيركم من اتصف بهذه الاوصاف. ويحتمل الجمع بين الامرين فنقول ان خير وافضلهم واشرفهم من تعلم القرآن وعلمه احيانا على سبيل الاطلاق واحيانا على سبيل التأقيت. فيكون كونوا على سبيل الاطلاق افضل الناس من تعلم القرآن وعلمه. اذا كملت فيه الاوصاف التي سنوردها بعد قليل. ويكون على سبيل الاختلاف من حال الى حال كما قال القفال اذا قصر في بعض الاوصاف التي اوردها اهل العلم. ويشهد لهذا المعنى ما جاء عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه انه قال ان القرآن سيقرأه اقوام ليسوا بخياركم ليسوا بخياركم. وهذا يدلنا على ان الخيرية في بعض الناس تكون نسبية ولا تكون مطلقة بل قد تكون الخيرية له في الدنيا فقط دون الاخرة كالمنافق. فان المنافق اذا قرأ القرآن فانه يكسب فيه في الدنيا ثناء ويكسب فيه في الدنيا ربما مالا ويكسب به رفعة ولكنه يكون عليه وباء الم في الاخرة وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ان المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثله كمثل ما يكون ريحه طيب وداخله مر. وهو الريحانة فان ريحها طيب امام الناس في الظاهر ولكن طعمها امر وذلك بسبب عدم ايمانه وهذا الذي قرره اهل العلم فيما سنذكره بعد قليل عندما نتكلم عن معنى اه التعلم الكامل الذي اورده اهل العلم. واخر مسألة متعلقة بمبتدأ هذه الجملة وهو قوله خيركم ان النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه ذكر بعض اهل العلم نكتة لما جعل خيرا ناسي من تعلم القرآن وعلمه قالوا لان الخيرية تفضل بفظل الم تعلم فان خير الكلام كلام الله جل وعلا كما صدق كما ثبت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم وكان يقوله عمر رضي الله عنه. وهنا نكتة او ردها ابن الجوزي وتبعه عليها الشيخ تقي الدين ان هذا الحديث موجود في بعض الكتب هكذا خيركم من تعلم القرآن وعلمه وان وذلك ان فظل كلام الله على كلام خلقه كفظل الله على خلقه هذه الزيادة ليست من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانما هي من كلام الراوي عن عثمان ابو عبدالرحمن السلمي الذي كان من اعلم التابعين بكلام الله عز وجل واقراءه. فانه علل الحديث بذلك. فظن بعظ الناس انها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس ذلك كذلك. فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هذه الجملة. وانما قالها ابو عبدالرحمن ومعناها ايه لكنها ليست من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه. قوله صلى الله عليه وسلم في خبر هذا الحديث تعلم القرآن وعلمه. جاء هذا الحديث بلفظ في الصحيح اللفظ الاول بالعطف بحرف الواو علم القرآن تعلم القرآن وعلمه واللفظ الثاني بلفظ او التي تفيد التخيير لا التشكيك فالنبي قال فيه خيركم من تعلم القرآن او علمه. واصح اللفظين مع صحتهما جميعا هو وهو اكثر نسخ الصحيح عليه. وعلى ذلك فاننا نقول ان لفظ الواو تدلنا على معان متعددة الواو تدل على مطلق الجمع. الواو تدل على مطلق الجمع. فحينما يقول دخلت او دخل فلان وفلان فيدل على ان هذين الاثنين قد اجتمعا في الدخول او في الفعل الذي جمع فيه. وهذا المعنى المشترك في الواو في بجميع استخداماتها واو العطف. وحينما نقول ان الواو هنا للعطف يستفيد فائدتين جليلتين. المعنى الاول ان تكون الجمع الجمع في الاجر. وهذا المعنى صحيح. فقول النبي صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه فيكون المتعلم والعالم في الاجر سواء. وهذا صحيح ومما وممن نص على هذا المعنى ابن مفلح في الفروع ومن الشراح ابن الامير الصنعاني في شرحه على الجامع فقال ان فقالوا ان ظاهر هذا الحديث وهو ظاهر ما نص عليه فقهاؤنا كذلك انه في حلق العلم الم تعلم والعالم اجرهما واحد سواء. لا فضل لاحدهما على الاخر. والنبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما في الفضل والخيرية فقال خيركم وفي لفظ اشرف الناس وفي لفظ افظلكم من تعلم القرآن وعلمه فجمع بينهم بالواو وهذا معنى صحيح قلت لكم ابن مفلح قال انه ظاهر كلام فقهائنا رحمهم الله تعالى. وهذا يدلنا على مسألة وهو ان التعليم الاجر فيه مستو بين المعلم والمتعلم بين الملقن والمتلقن. فاجرهما في حال التعليم سوا. واما بعد التعليم. فان عمل الم تعلم بما علم. فانه يؤجر اجرا اعظم من اجر المعلم. وان كان للمعلم اجر من عمل بسبب ما علمه. فانه قد في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من دل على هدى كان له مثل اجر من عمل به من غير ان ينقص من اجره شيئا. قال شره الحديث رحمهم الله تعالى قالوا فمن دل على الخير وعلمه وهدى اليه كان له مثل اجره دون مضاعفة العمل. فالمتعلم اذا عمل بما علم وتعبد الله عز وجل به وقرأ كتاب الله عز وجل وتلاه فانه يؤجر على العمل ويضاعف له الاجر الى سبعمائة ضعف ومعلمه لا يؤجر هذا التضعيف وانما يؤجر على اصل العمل. هكذا قال الشراح جمعا بين الاحاديث في الباب اذا عرفت ذلك فانه قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله عز وجل يدخل في بالسهم الواحد متى ثلاثة؟ يدخل به صانعه وباريه وراميه. وهذا يدلنا على ان فضل الله واسع. وان من رحمة الله عز وجل بهذه الامة ان جعل لهذه الامة اجورا عظيمة على اعمال قليلة تستمر لها هذه الاجور بعد وفاتها. ولذلك من انعم الله عز وجل عليه فكان معلما للقرآن. وكان سببا في تلقينه لغيره فان اجره مستمر عليه في حياته وبعد وفاته. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث. ومن هذه الثلاث ولد صالح يدعو له او علم ينتفع به او صدقة جارية والعلم الذي ينتفع به اعظمه واجله واعلاه وافضله هو كلام الله عز وجل. وكفى بشرفا وفخرا ان يوصف انه معلم كتاب الله عز وجل. وقد ذكر الذهبي في بعض مصنفاته انه عيب على بعض كبار الفقهاء من باب اللمز انه كان معلما للصبيان القرآن في اول عمره وفي تاليه. فرد عليه شمس الدين الذهبي بكلمة جميلة قال كفى فلانا شرفا وفضلا انه معلم صبيان معلم للقرآن للصبيان وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه. نعم ايها الفاضل ان من الناس من يرى تقديم بعض بعض اشغال الدنيا على تعليم القرآن. وان من من الناس من يرى ان تعليم القرآن قد ينقص من قدره ومكانته وقد يذهب وقته وشغله وما علم ذلك الشخص انه قد فوت على نفسه اجرا عظيما وباب خير جليل وهذا من اخطر الامور انت اذا تأملت ما جاء عند ابي داود ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ان من اخر الزمان من علاماته ان الناس افعون الامامة فكل يدفع غيره ليؤم الناس فان من معنى ذلك تدافعهم حتى في قضية التعليم. ولذا فان ابا عبد الرحمن قال ما اقعدني مقعدي هذا الا هذا الحديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه. صبر في الكوفة لاكثر من اربعين عاما على ما مر فيها من محن ومر فيها من فتن وما كان فيها من امور ومع ذلك رحمه الله واحتسب وقد كان ابو عبد الرحمن السلمي راوي هذا الحديث والمتعظ بمعناه وبلفظه كان يقرأ الناس القرآن حتى وهو في الطريق قال بعض الرواة عنه فيما نقله ابن الجزري في ترجمته في طبقات القراء انه كان اعمى وانه كان يقرأ الناس القرآن في المسجد وفي مروره في الطريق يقرأون عليه القرآن وهو في الطريق كذلك. وهذا من الامور المهمة التي يعنى بها طالب العلم اما وقد انعم الله عز وجل عليك فاحسنت وتعلمت وتلقنت كتاب الله عز وجل فادي زكاته وادي واجبة بان تعلم الناس ما علمك الله عز وجل ولو ان تجلس لطالب واحد. ومما اذكره من بعض المشايخ في الحرمين في مكة والمدينة انهم اذا اقرأوا شخصا القرآن وحفظ القرآن على ايديهم اشترطوا عليه شرطا ان يقرأ القرآن وان يحفظه اثنين او ثلاثة فيشترطون عليه هذا الشرط. ومن قام باقراء شخص واحد القرآن كله اصبح اقراء الناس القرآن وتعليمهم القرآن لذة له فلا ينقطع عنها بفضل الله عز وجل واحسانه وانعامه للمؤمنين. اذا هذه الكلمة التي قلتها قبل قليل اردت ان تعلم فضل معلم القرآن. ويشترك ربما معه في بعض الاجر من كان سببا لكنه ولا شك في الاجر من كان سببا بدعم مال او بحث ولد على تعلم القرآن او بسبب ادارة في جمعية او نحو ذلك فمن الاسباب الكثيرة فلا شك ان لهم اجر لكن اكمل الناس اجرا اثنان. الم تعلم والعالم قال ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم خيركم وفي لفظ افضلكم من تعلم القرآن وعلمه. وفي الواو هذه واو الجمع التي ذكرتها لكم قبل قليل خيركم من تعلم القرآن وعلمه نكتة لطيفة اخرى. وهو ان الجمع هنا يدل على ان هذه الخيرية والافضلية والشرف كما تعدد اللفظ في متصف بهذا الامر انما يتحقق لمن جمع بين هذين الامرين تعليم الناس القرآن وتعلمه قبل ذلك. فاما التعلم فهو شرط التعليم ولا شك. فمن علم الناس بلا تعلم فانه يعلمهم خطأ. وقد جاء في الخبر من قال في القرآن برأيه فقد اخطأ ولو اصاب. فمن ظن انه سيعلم الناس معاني القرآن بلا تعلم مقدم فان تعليمه خاطئ وهو اثم ولو لم يك تعليمه خارجا عن الصواب. ولذلك هناك لطيفة اوردها ابن هبيرة الوزير ابو المظفر بن هبيرة شيخ ابي الفرج ابن الجوزي قال ان الفطنة واليقظ هو الذي اذا تعلم اية علمها الناس. ولم يصبر وينتظر حتى يتعلم القرآن كله ثم يعلمه الناس. قال لانه اذا انه لو انتظر لربما جاءه امر من فواجع الدنيا ومن نوازلها فاشغله عن تعليم الناس. فاليقظ والفطن كما عبر ابن هبيرة هو الذي يعلم الناس من حين يتعلم ادنى شيء. فمن حين تتعلم ايات قليلة. علم بها علمها من استطعت. ممن يكون اعجمي اللسان او ان يكون صغير السن او ان يكون قد كان غير محسن القرآن. ومن المعاصرين من الف كتابا وذكر فيه انه قد بلغ من العمر ما جاوز الستين. وانه ممن يشار اليه بالبنان في بعض العلوم العربية والشرعية كذلك قال وقرأت في المسجد بصوت جهول مرة فكان بجانبي شاب فقال يا ابا فلان لقد اخطأت هذه الاية وانما صواب قراءتها كذا وكذا. فانت لا تستنكف ولا تستكبر ولا تستحي. ان تعلم ان كتاب الله عز وجل ولو شيئا منه كما سيأتينا بعد قليل فيما الذي يعلم من كتاب الله عز وجل؟ اذا هذا ما يتعلق بمسألة في خيركم من تعلم القرآن وعلمه فيما يتعلق بالواو هذه فقط. وكيف انها تدلنا على حكمين مهمين نص عليهما اهل العلم. واما ما جاء في بعض نسخ البخاري انها او فانه قد جزم جمع من الشراح كالكدمان وغيره ان الواو اصح ولكن ان قيل بصحتها فانها تدل على ان من انشغل باحدهما فان الله سيعطيه بعض الخيرية. اختم حديث ابن موضوع مهم هو جن موضوعنا وزبدته واصله واليه يستمد. وهو ان قول النبي صلى الله عليه واله وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه ان التعلم بما يكون والتعليم بما يكون هل التعلم مجرد الوقوف عند الحروف؟ لتحسن التلاوة؟ لا. فان ابن مسعود رضي الله عنه قال سيقرأ القرآن اقوام ليسوا بخياركم. وبين النبي صلى الله عليه وسلم ان في اخر الزمان يكثر القراء ويقل الفقهاء اذا ما الذي يكون فيه ما الذي يكون به التعلم ويحصل به كذلك التعليم؟ ذكر واهل العلم ان اهم هذه الامور خمس. وكل واحد من هذه الامور الخمس يحتاج تفصيلا وتبيينا. فاول هذه الامور معرفة الفاظه واحسانها نطقا لحروفها وظبطا اعرابها وحركاتها وكذلك حسنا في ادائها. وهذه الامور الثلاث من الامور المهمة التي يختلف الناس فيها فليس الناس متساوين في ذلك كمال التساوي بل بعضهم اعلى من بعض. وقد جاء عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال اعربوا القرآن وكان ابو بكر الصديق رضي الله عنه يقول كذلك في فضل الاعراب ان اعراب القرآن من كثرة قراءته. والمراد باعراب القرآن هو نطقه كما ينطقه العرب. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء عند البيهقي وغيره اقرأوا القرآن بلحون العرب اي كما ينطقه العرب. وبناء على ذلك فان النطق الصحيح يكون اولا باخراج الحروف من المخرج الذي نزل به القرآن. القرآن جاء بهذه الحروف العربية بلسان عربي مبين. وان بعض الناس قد ينطق بعض الحروف بغير النطق الذي جاء به القرآن. واضرب لذلك مثالا وهو القاف. فان القاف عند العرب نوعان. قاف مشقوقة وقاف غير مشقوقة وكلاهما نطق بها العرب. واما القاف غير المشقوقة فانها لغة مضر. قال ابن عاجب او قاله ابن خلدون نسيت الان ولا استبعد ان النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بها. والقاف غير مشقوقة هي التي ينطق بها كثير من الناس عندنا وفي بلادنا حينما يقولون فيقول اهدنا الصراط المستقيم وغير ذلك من هذه فصيحة عربية لكن اتفق علماء الاقراء انه لم ينزل بها قرآن ولذا قال جمع من اهل العلم وافرد بعضهم رسالة فيه كالشوكاني انه لا يجوز قراءة القرآن بذلك. اذا عرفت ذلك فان معرفة نطق الحروف مهم في القاف تنطق كما نزل في كتاب الله عز وجل وان كان لها مخرج في لسان العرب صحيح لكنه لم ينزل في في كتاب الله عز وجل ولم يتلى به فلا يجوز قراءته به. ومثله بعض الحروف عند بعض الناس عندما يستثقل بلهجته بعض الحروف كالزاي والثاء وغيرها والقاف عند بعض الناس حينما يقلبها غينا فحينئذ يلزمه ان يحسن مخارج الحروف. هذا الامر فيما يتعلق بالحروف. الامر الثاني فيما يتعلق بالحركات. صرفا فالصرف للحركات وسط الكلم والاعراب للحركات في اخر الكلمة. وهذه لابد من معرفتها. اذ تغيير حركة لربما غير المعنى وتغيير الحركة قد يكون فيه اللحم لحما جليا وقد يكون اللحم لحما خفيا. فاما علماء فيرون ان تغيير كل حركة يكون من اللحن الجلي. واما الفقهاء فانهم يقولون ان تحريكا لحركة وتغييرها على غير ما جاء بها النقل يكون من اللحن الخفي الا اذا تغير به المعنى فيكون لحنا جليا. مثل ان يقول بدلا من ان يقول اياك نعبد يكسر حرف الكاف فيتغير المعنى حين ذاك معنى قبيحا. فالمقصود المقصود من ذلك ان آآ هذا معرفة الحركات مهم. بل ان تغيير بعض الحركات يجعل اللحن لحنا جليا للصلاة فلا بد من التنبه له. والامر الثالث والاخير هو ما يتعلق بالاداء في قضية الغنن والادغام وما يتعلق كذلك بالمدود مدود العرب فلا يزيد ولا ينقص فان الزيادة قبيحة والنقص كذلك والنقص كذلك قبيح وغير ذلك من الامور وهذه الامور الثلاث لنعلم انه لا يمكن تعلمها الا بالتلقي. وهذا امر قد خص الله به امة محمد اذ الامم قبلنا اليهود والنصارى وغيرهم كانوا يأخذون دينهم وكتابهم من الصحف فكانوا ينقلونها كتبا. واما قرآننا ومثله سنة النبي صلى الله عليه وسلم في العصور الاول. ان تنقل نقلا ورواية وشفاها. ولذا جاء عن عبد الله ابن مبارك رحمه الله تعالى المتوفى سنة وثمانين ومئة من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم انه قال الاسناد من الدين. فان قيل عمن بقي. اي حار ولم يستطع ان يجيب. ولذلك فان القرآن لا يمكن معرفة دقة الفاظه وحسن الاداء فيه الا اخذي عن الاشياخ وهذا الذي جعل معنى القرآن متواترا بين الناس. فلو ان امرأ اراد ان يغير حرفا بل حركة بل نطق حرف من غير تحريك حركته لا ما استطاع لان في كل بلد من استفاض بهم وتواتر بهم العدد ممن يحسن القراءة. ولذا فلا بد ان الشخص يمكث عند شخص ويقرأ عليه ولا يستعيب وان طال عمره كبر جاهه في اهل بلده ان يقرأ القرآن عند من هو دونه. سنا او شرفا او غير ذلك من الامور المعروفة. وقد كان الاكابر من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بعضهم عند بعض. ويتعلم بعضهم من بعض. وهذا من خصائص هذا دين ان العلم يأخذه بعضنا كابرا عن كابر ونتوارثه بعضا عن بعض كما قال النبي صلى الله عليه وسلم تسمعون ويسمع منكم وهذا من نبوءاته صلى الله عليه واله وسلم وصدقا. هذا الامر الاول وهو وهو ما يتعلق باعراب بمعرفة لفظه واعرابه. الامر الثاني فيما يتعلق بتعلم القرآن وهو تعلم غريبه. وذلك ان في الفاظا غريبة بعظ الناس لا يعرفها. وقد جاء عن ابي هريرة رظي الله عنه انه قال القرآن والتمسوا غرائبه. فقول ابي هريرة رضي الله عنه والتمسوا غرائب اي تعلموا بيان معنى الكلمات الغريبة. فان احد فان احد الامور التي يتحقق بها معرفة وتعلم القرآن تعلم الغريب. اذ القرآن فيه الفاظ غريبة. كثير من الناس لا يستعملها. بل ربما استعملها هذا اللفظ في غير معناها كما يوجد في بعظ اللهجات. ولذا فان من المهم على متعلم القرآن ان يعنى بمعرفة كلم القرآن وغريبه فيعرف دلالة كل لفظة ولا يكون تعرفه ذلك الا بلسان العرب فقط. اذ القرآن نزل بلسان عربي مبين وما من كلمة في كتاب الله عز وجل الا وقد فصلها علماء اللغة تفصيلا كاملا ايوه وما من كلمة في كتاب الله عز وجل من الغريب الا وقد بينها علماء اللغة وعلماء التفسير بيانا تاما كاملا. واعطيك منا الامور امرا اخر ان من كلام الله عز وجل ما يحتمل معنيين وقد جاء ذلك عن ابي الدرداء وغيره وليس هذا محل بيانه الامر الثالث الذي يتحقق به تعلم كتاب الله عز وجل وتعليمه. وهو امر عظيم جليل تنقطع الاعناق دون الوصول لبعضه. اذ لا يمكن الوصول لكله. وهو معرفة معانيه وقد جاء في الحديث الذي رواه الحارث الاعور عن علي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كتاب الله فيه خبر من قبلكم ونبأ من بعدكم ما قال في هذا الحديث لا تنقضي عجائبهم. مهما نظرت في معاني كتاب بالله عز وجل فان معانيه لا تنقضي. فيما يتعلق باخباره عن انفسنا وفي انفسكم افلا تبصرون. عن ابداننا وعن طبائعنا وعن ما احدثه الله عز وجل قبلنا من الامم. وما اخبر الله عز وجل به وعما يصلح حالنا من الاحكام والاخلاق وغيرها وقبل ذلك توحيده سبحانه وتعالى لوجدت في ذلك عجبا جدة ولذلك يقول ابو هريرة رضي الله عنه اعرف القرآن والتمسوا غرائبه فان الله عز وجل الا يحب ان يعرض ثم قال انزل الله عز وجل القرآن على خمسة اوجه حلال وحرام ومحكم ومتشابه وامثال. فاعملوا بالحلال واجتنبوا حرام واتبعوا المحكم. وامنوا بالمتشابه واعتبروا بالامثال. هذه الكلمة التي قالها ابو هريرة رضي الله عنه كلمة في غاية النفاسة. ولننظر في هذه الامور الخمس ونمر عليها اجمالا فانها ذات اهمية اوله اولها قوله رضي الله عنه اعملوا بالحلال واجتنبوا الحرام. ان كتاب الله عز وجل قد دلنا على كل الاحكام. صغيرها وكبيرها. دقيقها وجليلها حلالها وحرامها مندوبها ومكروهها. ولكن الله عز وجل يبين ذلك لمن شاء من عباده ويفتحه عليه. وقد من الله عز وجل علينا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم. فبينت كلام الله عز وجل. وقد الف الشيخ تقييم الدين ابو احمد ابن عبد الحليم رسالة لطيفة ذكر في مقدمتها ان جميع الاحكام من الحلال والحرام في القرآن ما فرطنا في الكتاب من شيء ولكن الاستنباط لهذه الايات يفتح الله عز وجل فيها على بعض العباد دون بعضهم ويسترشدون بالسنة لكي لا يكون فهمهم خاطئا. ثم ضرب لذلك مثالا في مسألة الفرائض وذكر ان بعض الفقهاء قالوا ان عددا من مسائل الفرائض ليست في القرآن ومنها الجدة وغيرها. ثم ذكر في تلك الرسالة ان هذه المسائل موجودة في القرآن لمن تنبه لمعاني القرآن ودلائل الفاظه. اذا معرفة والحرام عظيم جدا ان يؤخذ من القرآن. وهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في ابن مسعود في ابن عباس رضي الله عنه هذه الامة ولكن الله عز وجل يفتح لاناس في معاني ما لا يفتحه لاخرين. الكلمة الثانية قوله رضي الله وعن واعتبروا بامثاله. قوله اعتبروا اي اجعلوها عبرة لكم. والامثال نوعان مثل مضى اعتبروا به وتذكروه ومثل باق وهو بين جنبيك. مما جعله الله عز وجل مما تراه. من نفسك ومن الجبال ومن السماوات ومن الاراضين ومن الحيوان ومن غيرها من الامور. ومن تأمل فيما امر الله عز وجل في بالتفكر فيه والاتعاظ فانه في الحقيقة عالم بكتاب الله عز وجل لغيره ان اهتدى بكتاب الله. وقوله رضي الله عنه وامنوا بمتشابهه واه وامنوا بمتشابهه واتبعوا محكمه. هذه هي المسألة الرابعة المهمة. التي يكون بها التعلم اذ مر معنا ان التعلم للالفاظ والتعلم للغريب والتعلم للمعاني والامر الرابع هو والذي ذكره من ابو هريرة في الحديث وهو التعلم الذي يكون به الايمان. وكيف يكون التعلم ايمانا قال اهل العلم رحمهم الله تعالى ان الايمان لا يقتصر على التصديق. بل ان العمل داخل وفي مسمى الايمان كما كان ابو الدرداء ومعاذ رضي الله عنهما يجتمعان فيقول احدهما للاخر تعال بنا نؤمن ساعة فيجلسان فيقرآن كتاب الله عز وجل. اذا القرآن تعلمه هو الايمان به. فمن كان مؤمنا بالقرآن بمحكمه كما قال ابو هريرة مصدقا عاملا كمال بهذا القرآن وبالمعاني فانه يكون من اعلم الناس به. انا اعلمكم بالله واتقاكم له. ولا يمكن ان يكون المرء مؤمنا اكمل الايمان بالقرآن الا ان يكون عالما بمعانيه. لان من شرط الايمان وكماله العلم. والناس يتفاضلون في العلم فيتفاضلون في الايمان. كما قال الله جل وعلا فاعلم انه لا الا الله واستغفر لذنبك. المقصود من هذا ان مسألة الايمان بالكتاب عز بالله عز وجل وكماله يتحقق به الاخلاص له سبحانه وتعالى ونفي العمل لاجل لا رياء ولا سمعة ولا تشريكا. فانه يكون اكمل ما يتحقق به الايمان. وهنا نكتة لطيفة اذكرها ايضا عن ابي عبد الرحمن السلمي رحمه الله تعالى. قلت لك هنا في مسألة الايمان ان اكمله ان يجعل المرء عمله خالصا لله عز وجل لا رياء ولا سمعة ولا تشريك. ومن التشريك ان يأخذ المرء اجرة على اقراء نعم اخذ الاجرة عليها جائز وخاصة ان كان من جهة عامة. لكن ان يعلم المرء القرآن لله مخلصا من غير اجرة فهو اعظم. جاء ان ابا عبد الرحمن السلمي راوي هذا الحديث عندما اقرأها اقرأ رجلا القرآن جاءه ذلك التلميذ بهدية واعطاه اياها. فقال له ابو عبدالرحمن هل قبل ان تقرأ القرآن علي؟ هلا اهديتني هذه الهداية قبل؟ هذه الهدية قبل لكي لا تكون بمثابة الثواب على هذا العمل الصالح. قلت هذا لاني قلت لك قبل قليل ان كمال الاخلاص يتفاوت الناس يتفاوت الناس فيه وهذي المسألة مشهورة بمسألة التشريك في النية. ما من غازية يغزون فيغنمون الا تعجلوا ثلثي اجرهم. واكمل الناس في اخلاص ومنع علم الناس القرآن لله. لا يرجو جزاء ولا يرجو شكورا لا يرجو اجرة لا يرجو رفعة لا يرجو تقدما انما يرجو ما عند الله عز وجل. وهذا يدلنا على هذا المعنى العظيم. وقالوا ان البخاري رحمه الله تعالى استدل على جواز اخذ الاجرة على تعليم القرآن وخاصة اذا كانت الاجرة من بيت المسلمين او من جهة عامة بانه حينما اورد هذا الحديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه اعقبه بحديث اخر في الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم زوجتك بما معك من القرآن فدل على كمال خيريته وان ان هذا الفعل قد يكون من ذلك ولكن هذه المسألة فيها خلاف. عرفنا الان اربعة امور سابقة. وهي العلم والعمل واتقان اللفظ ومعرفة الغريب والايمان الفاظه وبمحكمه ومتشابهه معا. بقي عند المسألة الاخيرة واقضي واختم بها حديثي لقرب الاذان وهي مسألة العمل فان العمل بما تعلمه المرء دليل صدق ايمانه. ودليل صدق تعلمه كذلك وقد قال ابو عبد الرحمن السلمي حدثنا الذين يقرؤوننا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انهم كانوا اذا تعلموا خمس ايات او عشر ايات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها ويعملوا بما فيها. فان التعلم بما في فان العمل بما في كتاب الله عز وجل هذا هو الذي يدل على ابتلاء الايمان وصدقه. وفي كتاب الله عز وجل ما يدل على ذلك. فقد قال الله عز وجل في سورة البقرة بقرة كما ارسلنا اه كما ارسلنا اليكم رسولا اه كما ارسلنا رسول اه كما ارسلنا اليكم رسولا منكم يتلو عليكم اياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا فاذكروني اذكركم واشكروا لي ولا تكفرون. هذه الاية قرن الله عز وجل فيها بين تعليم التلاوة يتلو اياتنا وبين التزكية وهي التطهير وبين التعليم فهي ثلاثة امور. ولا تكون التزكية الا بالعمل. ولذلك فلابد من العمل ومن اقل العمل ان يعلم المرء ما تعلمه من كتاب الله عز وجل. وقد جاء عن ابي عبد الرحمن صاحبنا راوي هذا الحديث انه كان يقف مع عثمان رضي الله عنه فيسأله عن كثير من الاية ما فقال له عثمان رضي الله عنه اني رجل قد وليت مسلمين اصبحت وليا من ولاة امور المسلمين بل هو خليفة المسلمين واني يشغلني ذلك عنها. اي الاجابة عن كل مسألة. ولكن ايتي زيدا فانه اذا سألته اجابك. فكان ابو عبدالرحمن السلمي يأتي زيدا فيسأله عن معاني الايات ويقف عندها بعد ما احاله على ذلك عثمان رضي الله عنه. لعلنا نقف عند هذا القدر. اسأل الله العظيم رب العرش ان يرزقنا جميعا العلم النافع والعمل الصالح. وان يتولانا بهداه. وان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات. واسأله جل وعلا ان يرزقنا الفقه في الدين. وان يعلمنا كتابه وان يذكرنا منه ما نسينا. وان يعلمنا منه ما جهلنا. وان يرزقنا تلاوته اناء الليل واطراف النهار على الوجه الذي يرظي ربنا جل وعلا عنا. واسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يغفر لوالدينا وان يرحمهم وان يعفو عنهم وان يجزيهم خير الجزاء وان يجزيهم عنا خير الجزاء كما جزى خير والد عن ولده وان يغفر لنا تقصيرنا في واسأله جل وعلا ان يوفق ولاة امورنا وان يدلهم على كل خير وان يجمعنا ووالدينا ومشايخنا وولاة امورنا في جنات النعيم مع النبيين والصديقين وحسن اولئك رفيقا. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا وامامنا وقدوتنا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين