الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فهناك عدد من المصطلحات التي يتكلم بها اهل العلم في كتبهم الفقهية والشرعية ينبغي بطالب العلم ان يحيط بمعانيها وان يعرف مناهج اهل العلم في تفسيرها فاول ذلك لفظة الدليل التي يراد بها ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه الى مطلوب خبري فالدليل هو البرهان وهو المرشد الذي يوصل الى المطلوب الخبري بواسطة النظر الصحيح فيه وهناك منهجان لاهل العلم في الدليل اولهما يقول بان الدليل يقتصر على ما يوصل الى الجزم والقطع دون ما يوصل الى الظن ويسمون ما يوصل الى الظن امارة والمنهج الثاني ان لفظة الدليل تشمل ما يوصل الى القطع وما يوصل الى الظن وهذا منهج اكثر الاصوليين وهو الموافق للغة العرب وهو الذي يتطابق مع استعمالات اكثر المؤلفين في العلوم الشرعية في جميع العلوم وقد ذكر المؤلف مسألة ونسبها الى او نسب الاختلاف فيها الى الائمة وهي هل العلم الذي يحصل بعد الدليل امر مكتسب بحيث يكون للانسان فيه جهد واثر او انه امر فطري كوني قد خلق الله العلم عقيب عقيب الدليل وليس عايدا الى ارادة الناس وبشرنا ان هذه المسألة مبنية على مسألة هل استفادة المعلومات ناتجة من ذوات الادلة او من صفات النفوس قلنا بان المعتزلة يرون رجوعها الى ذات الدليل يخالفهم الاشاعرة الذين يرون ان اكتساب المعلومات عائدي لا صفات النفوس ثم تكلم المؤلف وقلنا بان الصواب وجود تأثير لكل منهما لخاصية الدليل ولصفات النفوس ثم تكلم المؤلف عن الحد وهو ما يتعارف عليه الناس بي بالتعريف او هو اللفظ الدال على حقيقة المعرف عرف بانه الجامع المانع يعني انه اللفظ الدال على حقيقة ما لفظ به بحيث يكون جامعا للافراد الواقعة تحت ذلك اللفظ وهو في نفس الوقت مانع من دخول الافراد التي لا تدخل في حقيقته فلما قيل الانسان حيوان ناطق مثلا كان هذا جامعا لجميع افراد الانسان بحيث يشمل الصغير والكبير والذكر والانثى ويشمل المجنون والعاقل ويشمل افراد الانسان مع اختلاف بلدانهم واختلاف الوانهم واختلاف اهتماماتهم واختلاف اديانهم لكنهم في نفس الوقت مانع بحيث لا يدخل في مفهوم هذا التعريف شيء ليس من حقيقة الانسان فلا يدخل فيه الفرس ولا يدخل فيها الحمار ولا يدخل فيه سائر الحيوانات وهذا يقال له حد وبعضهم يقول هو المطرد المنعكس المراد بقوله المطلب اي الذي يشمل جميع افراده والمنعكس هو الذي هو بمعنى غير المشتمل لما ليس من افراده فالاضطرار هو وجود افراد المعرف في التعريف والانعكاس خروج غير افراد المعرف من التعريف ثم اشار المؤلف الى كلمة ناشئة عند الى شاعرة الا وهي مسألة الكلام الازلي وذلك ان الاشاعر يرون ان الله تكلم في الازل ثم لم يعد يتكلم بعد ذلك وبالتالي وقع الاختلاف فيه هل يسمى خطابا وذلك انه لو سميناه خطابا للزم عليه ان يكون من توجه له قديما ازليا. وهذا ينافي وحدة رب العزة والجلال في الازل. وانه لم يكن معه شيء يقابل الاشاعرة في هذا المعتزلة الذين ينفون صفة الكلام لله عز وجل لان لا يكون هناك شيء قديم مع الله سبحانه وتعالى وكلا المنهجين طريقة خاطئة فان النصوص قد اثبتت نسبة الكلام لله عز وجل وانه صفة له سبحانه وتعالى كما في قوله جل وعلا فاجره حتى يسمع كلام الله. وكما قال تعالى يريدون ان يبدلوا كلام الله وكما قال تعالى وقال لا تتخذوا الهين اثنين وكما قال تعالى يوم يقول فهذه اثبتت صفة الكلام لله سبحانه وتعالى وهكذا هذه النصوص تدل على انه متى شاء تكلم سبحانه وتعالى وانه لا يعجز عن الكلام جل وعلا وترتب على هذه المسألة شيء الا وهي مسألة هل كلام الله عز وجل يتنوع او هو شيء واحد لانه ازلي والازل في ظنهم وقت واحد ولهذا قال قائلهم بان قوله لا تقربوا الزنا هو عين قوله واقيموا الصلاة وذلك انهم اثبتوا الكلام في الازل ثم قالوا بان الله لا يتكلم بعد ذلك لاعتقادهم ان الحدوث في الصفات يقتضي تعدد الذات وهذا فهم مخالف للعقول ولذا يقال بان صفة الكلام لله عز وجل صفة حقيقية و ليس ليس هناك تعدد بين الصفة والموصوف. فالصفة جزء من الموصوف. وبالتالي لا فيقال هما شيئان وانما الصفة متعلقة بالموصوف وكذلك لا يمتنع ان يكون الله جل وعلا يتصرف في كونه ويتصرف بصفاته متى شاء سبحانه وتعالى وهو الذي تدل عليه النصوص السابقة في صفة الكلام هو الذي تدل عليه العقل الذي يثبت صفات الكمال لله سبحانه وتعالى. فان وصف الله بانه عاجز عن الكلام بعد ذهاب وقت الاجل نسبة نقص له سبحانه وتعالى. والله جل وعلا منزه عن النقص واما المصطلح الثالث الذي ذكره المؤلف هنا فمصطلح النظر وذلك ان الناس اختلفوا في اول واجب على المكلفين ما هو فقال المعتزلة بان اول واجب هو الشك. لانه لا يمكن ان نصل الى علم او ظن الا اذا كان هناك تردد بين الاحتمالات الممكنة. وهذا التردد هو الشك وقال كثير من الاشاعرة بان اول واجب على المكلف هو النظر لانه لا يمكن ان نصل الى العلم او الظن الا بواسطة النظر. فيكون النظر واجبا بعظهم قال بان الواجب هو قصد النظر. ولذلك قال كثير من الاشاعرة بان ايمان المقلد لا يصح. وحكموا عليه بانه في النار وذهب اهل السنة الى ان اول واجب على المكلف هو الاقرار بالتوحيد لله عز وجل وافراد العبادة له سبحانه وتعالى وهذا القول هو الذي تدل عليه النصوص بمثل قوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون فخاطب الناس بوجوب العبادة ولم يخاطب ولم يجعل هذه العبادة قائمة او مشترطا فيها سبق النظر. ولذا لما ارسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذا ابن جبل الى اليمن قال ليكن اول ما تدعوهم اليه الى ان يوحدوا الله. وفي لفظ الى شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وكان الاعراب يأتون الى النبي صلى الله عليه وسلم فيقرون بين يديه بالشهادة ينطقونها ويقرون بها لم يكن صلى الله عليه وسلم يسألهم هل ايمانكم هذا ناتج من نظر او هو من تقليد او هو من فطرة بل كان يقبل منهم ذلك بل ورد في عدد من النصوص ما يضاد مذاهب هؤلاء القوم. فانه مثلا في قصة سلام كثير من الانصار لما السلامة اسعد بن زرارة وسعد بن عبادة اسلم كثير من الانصار باسلامهم ومع ذلك لم يسألوا هل نظرتم او هل شككتم؟ وهكذا في حديث الدوسي عندما جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم و طلب منه ان يدعو لدوس بان طلب منه ان يدعو على دوس لكونهم لم يستجيبوا له فدعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم الهداية والايمان. فلما رجع اليهم قال لا اكلم احدا منكم حتى تدخلوا في دين الاسلام. فدخلوا بعد ذلك فلم وقف النبي صلى الله عليه وسلم في الحكم عليهم بالاسلام ولم ينكر عليهم انهم لم يقدموا الشك ومن امثلة ذلك في قوله تعالى واشهدوا اذا تبايعتم وجاء ان النبي صلى الله عليه وسلم اشترى ولم يشهد صرف الامر عن الوجوب فهل نحمله على الندب؟ او نقول نتوقف فيه ولا نحمله على او النظر او قصد النظر قبل ذلك. ولهذا فان النظر ليس الطريق وحيد الموصل الى العلم او الظن. بل قد يتمكن الانسان من الوصول اليهما بطرايق اخرى من مثل الفطرة ومن مثل اتباع الانسان لمن يثق في عقله. فان قال قائل بان النصوص ذمت المقلدين فيجاب عن هذا بان النصوص انما ذمت من قلد في الباطل ولم يكن في النصوص ذم لمن قلد في الحق ثم ذكر المؤلف بعد ذلك ما يتعلق بالادراك وذلك ان الاصل انه يكون هناك نظر ثم بعد ذلك يتوصل بهذا النظر الى الادراك ولادراك صفة من صفات النفوس يحصل بها تمييز ما يقابلها ولادراك على نوعين ادراك الاشياء المفردة وهذا يسمونه التصور فكونك تدرك الاشياء المفردة كادراكك للقلم وادراكك للورقة والدفتر والكتاب فهذا فيسمى تصورا. وذلك انه ادراك للاشياء المفردة. وليس فيه حكم والحكم يراد به اثبات امر لاخر او نفيه عنه. فهنا تصور مجرد ويقابل التصور الادراك الذي يكون لي النسبة بين شيئين بادراك النسبة بين شيئين يقال له التصديق. عندما تدرك ان القلم يكتب وان الورق قد يمكن ان يكتب فيها وان الكتاب مشتمل على معلومات فهنا ادراكك للنسبة بين الكتاب وبين هذه المعلومات المسجلة في يسمى تصديقا. فهذا ادراك بحكم والادراك بحكم الذي هو التصديق ينقسم الى اقسام متعددة القسم الاول تصديق جازم لا يقبل التغير. وهذا يقال له العلم وليعلم بان لفظة العلم قد تطلق ويراد بها معان متعددة منها ما يكون متأثرا بالدليل الذي ينطلق منه الادراك بان يكون دليلا قطعا ومنه ما يكون بالنسبة لذات الادراك بان يكون جازما ومنها ما يكون بالنسبة لموافقة الواقع بان يكون صادقا. وبالتالي وكذلك منها ما يكون باعتبار امكانية التغير. فهذه الاربعة الامور في معايير العلم تجعل للعلم مناهج مختلفة في تفسيره. فمرة يراد بكلمة العلم الجزم كما تقدم معنا في تفسير كلمة النظر حيث قال الفكر المؤدي الى علم او ظن اي لا جزم او ظن قد يكون مرة باعتبار الدليل وقد يكون بموافقة المدرك. ولذا فسر بعضهم العلم بانه ادراك المعلوم على ما هو عليه وهنا فسر المؤلف العلم بانه الادراك الجازم الذي لا يحتمل ان يتغير بينما الادراك الجازم الذي يقبل التغير يسمونه اعتقاد وذلك ان معنى الاعتقاد مربوط من العقد كان القلب عقد على ادراك معين ويقسمون الاعتقاد الذي هو الادراك الجازم الذي يقبل التغير الى قسمين ادراك ادراك اه صحيح واعتقاد صحيح وهو المطابق للواقع. واعتقاد فاسد وهو جازم الذي لم يطابق الواقع اذا التصديق ينقسم الى اقسام القسم الاول الادراك الجازم والثاني الادراك غير لازم والادراك غير الجازم فسره المؤلف او قسمه المؤلف الى ثلاثة اقسام او اولها الظن والمراد بالظن الادراك للاحتمال الراجح ريحان احد الاحتمالات يسميه بعضهم ظنا وبعظهم يجعل الظن بمعنى الادراك وعلى كل فان لفظة الظن هنا يراد بها ما كان طالبا على ذهن الانسان واما القسم الثاني من الادراك غير الجازم فهو الشك الذي هو تساوي الاحتمالات التي ترد على ذهن الانسان. وقد جعل المؤلف نوعا من انواع الادراك. وهذا احد المناهج في هذا الباب وذلك ان الشك فيه ادراك لعدد من الاحتمالات لكنها احتمالات متساوية. بينما اخرون قالوا بان الشك مجرد التردد والتردد لا ادراك فيه وعلى كل المسألة اصطلاحية ولكل قوم ان يصطلحوا على ما ذهبوا اليه واما القسم الثالث من الادراك غير الجازم فهو الوهم. والمراد به الاحتمال المرجوح المقابل الظن هذا التقسيم مبني على انواع متعددة من مدركات التقسيم وبالتالي يقع الاشكال فيه وكان الاولى ان يقال بان الادراك له تقسيمات متعددة بحسب موضوعات مختلفة بالنسبة للموافقة للواقع ينقسم الى صدق وكذب الصدق هو الموافق للواقع والكذب هو المخالف للواقع وبالنسبة ما في النفوس ينقسم الى هذه الاقسام الاربعة العلم او القطع وهو ما يجزم به والظن وهو ما يغلب على فكر الانسان والشك وهو مساوي والاحتمال وهو المقابل للظن وكذلك او هناك تقسيم اخر باعتبار احتمالية التغير وامكان اختلاف ادراك الانسان في قسم الى ما لا يرد عليه احتمال وما يمكن ان يرد عليه احتمال ومن خلال ذلك انتقل المؤلف الى تعريف العلم قد اختلف اهل العلم في امكانية تفسير لفظة العلم فقال طائفة بان العلم لا يمكن تفسيره لانه معلوم ظرورة وبالتالي لا يمكن ان نضع له تعريفا. ولذا نسب المؤلف الى الامام والمراد به الرازي ان العلم ضروري بحيث تصدق به النفوس من غير احتياج الى تعريف ولا دليل وبالتالي لا يمكن تعريفه بينما رأى اخرون بان العلم يمكن تعريفه وايجاد حد له وقد اشار المؤلف الى امكانية او الى ان قول الرازي في هذه المسألة فيه نوع اضطراب لانه قال بانه ضروري ثم في موطن اخر عرفه فقال عن العلم بانه حكم الذهن الجازم اي المقطوع به الذي لا تردد فيه المطابق يعني للواقع لموجب يعني انه انطلق من دليل ولم يكن اعتقادا اه مجردا بلا دليل ونسب المؤلف الى بعضهم بانه ضروري اي تصدق به النفوس وبالتالي لا يمكن ان نوجد له تعريف واشار اشار المؤلف الى ان امام الحرمين الجويني رأى ان تعريف من الامور العسيرة الصعبة ولذا رأى انه يمسك عن تعريفه وسبق ان ذكرت ان هناك عدة معايير وبالتالي عدة معايير في مفهوم العلم. وبالتالي اصبح هناك مناهج مختلفة في تفسير هذه الكلمة ومن ثم لا بد ان يعلم ان كلمة العلم تطلق على ستة معان لكل معني منها مدلول ومن ثم ينبغي بنا ان نميز بين هذه المناهج في تعريف العلم وذلك انه مرة ينظر الى كل واحد مما سبق من المعايير هل هو مؤثر في تفسير العلم او لا. فمثلا في قول المؤلف هنا لموجب يعني لدليل هذا يرى كثير من اهل العلم انه ليس من المعايير التي يصدق عليها لفظ العلم بينما يرى اخرون انه من تلك المعايير وبالتالي يقع الاختلاف في تفسير كلمة العلم. وفي الحقيقة ان هذه المعايير انطلق منها اصطلاحات مختلفة بناء على اثبات كل واحد من هذه المعايير او نفيه ثم اشار المؤلف الى مسألة تفاوت العلوم. هل العلوم متفاوتة؟ او هي على درجة واحدة تقدم معنا ان العلم حكم جازم. وبالتالي هل هذا الجزم على مراتب متفاوتة؟ او هو على مرتبة واحدة فكثير من المتكلمين يرون ان اليقين على مرتبة واحدة. وبالتالي لا يكون فيه في تفاوت وهذا المنهج هو منهج الاشاعرة وقد تابعهم فيه بعض المعتزلة وترتب عليه ان قالوا بان الايمان رتبة واحدة لا يحصل فيها زيادة وقالوا بان ما يحصله الناس من اعتقاد وجود زيادة في العلم هو في الحقيقة زيادة في المعلومات وليس زيادة في العلم اهل السنة يثبتون وجود التفاوت بين العلوم والاعتقادات. ولذلك يرون ان سيتفاوتون في مستوى العلم والجزم. ويقولون بان الجزم ليس رتبة واحدة وترتب على هذا ان جعلوا الايمان متفاوتا يزداد من شخص الى شخص واستدلوا عليه بقوله تعالى واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا فما استدلوا عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم انا اعلمكم بالله واتقاكم له جعل له صفة تفضيل في هذا الباب. قالوا ويدل عليه نصوصا متعددة منها قوله سبحانه واذ قال ابراهيم ربي ارني كيف تحيي الموتى قال ولم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قالوا فكان عنده يقين وعلم ولكنه اراد زيادة علم. ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس الخبر كالمعاينة. ان موسى لما اخبره الله بان قومه عبد العجل لم يلقي صحفه فلما رآهم القاها. فكان عنده علم بوجود عبادة العجل في قومه بخبر الله عز وجل. والعبد يستفيد العلم والقطع من خبر الله جل وعلا ولكنه لما شاهد قومه ازداد علمه ويقينه برؤيتهم. وهكذا ايضا في النصوص التي فارقت بين عين العلم وبين حق بين عين اليقين وعلم اليقين وحق اليقين. فهذه مراتب ثلاث لليقين ولا شك انها متفاوتة وانها ليست على رتبة واحدة ثم تكلم المؤلف عن ما يقابل العلم وهو الجهل والجهل له اطلاقان اطلاق اول به الجهل البسيط بعدم وجود تصور عن ما يراد العلم به وسواء او عدم وجود تصديق. فالعلم يشمل جانب ادراك الاشياء المفردة الذي هو التصور ويشمل ايضا جانب التصديق الذي هو ادراك النسبة بين شيئين فقوله هنا والجهل انتفاء العلم بالمقصود هذا احد نوعي الجهل. وان كان في هذا اشكالية من جهة انه قصر العلم على المجزوم به فعلى قوله يكون الظن والشك والوهم جهلا مع انها جهلا مع انها ليست كذلك كان من اطلاقه للفظة العلم اطلاق هذا اللفظ على اصطلاح يخالف الاصطلاح الذي سار عليه المؤلف ثم ذكر النوع الاخر من انواع الجهل وهو الجهل المركب بادراك الاشياء ياء على غير حقيقتها. وان كان في قوله وقيل ظنوا او وان كان في قوله وقيل امكانية ان يفهم ان هذا قول اخر في تفسير الجهل بينما هو تفسير او نوع اخر من انواع الجهل فالاول هو الجهل البسيط والثاني هو الجهل المركب. ولذا قال تصور المعلوم على خلاف هيئته وليعلم بان كلمة المعلوم هنا يراد بها ما يكون بالقوة لا ما يكون بالفعل من وراء الفاء قصوا هنا تصور المعلوم اي تصور ما يمكن ان يعلم والتصور هنا قال تصوروا المعلوم على خلاف هيئته اي على خلاف حقيقته. ويلاحظ هنا انه قصر الجهل المركب على التصور الذي هو ادراك الاشياء المفردة بينما الجهل يشمل ايضا التصديق الذي هو حكم لاشياء حكم بين اشياء متعددة ولذا كان الاولى به ان يأتي بلفظة تشمل التصور والتصديق ثم عرف السهو بانه الذهول عن المعلوم. والمراد بالمعلوم ما تم العلم به في سطر واحد استخدم كلمة المعلوم على اصطلاحين مختلفين الاول المعلوم الذي هو ما شأنه ان يعلم والثاني المعلوم هو ما سبق ان علم به المكلف وليعلم بان السهو لا يقتصر على الذهول عن المعلوم. فان الذهول عن المظنون يسمى سهوا ايظا وبالتالي ينبغي كان الاولى ان يأتي بلفظ يشمل الامرين معا وحينئذ نعلم ان السهو هو لامور قد ادركها المكلف ثم نسي وغفل عن ادراكه لتلك المدركات وكثير من اهل العلم يفرق بين السهو والنسيان بان السهو هو ما يمكن استرجاع معلومته بان يكون غفلة الانسان وذهوله عن ذلك الامر مؤقت لو تم تذكيره لتذكره. بخلاف النسيان فانه انطماس المع انطماس الادراك الذي كان عند المكلف ثم بعد ذلك تكلم المؤلف عن الحسن والقبيح. فقال الحسن هو مأذون به وهذا التعريف يسير على طريقة الاشاعرة كما سبق لنا في بيان ان منهجهم في تفسير الحسن بانه اذن الشارع بالفعل او طلب الشارع للفعل ويخالفهم في ذلك من يرى اسناد هذا الامر الى العقول او الى المجتمعات والصواب ان الحسن صفات ذاتية في الافعال تقتضي كونها حسنة محققة للمصالح فهي امور كونية منسوبة الى الله عز وجل والشرع والعقل وافراد الناس قد يكتشفون حسن ولا ينشئونها ابتداء. ولذلك لا يختلف حسن الافعال باختلاف في العقول ولا باختلاف الشرائع ولا باختلاف الافراد والمجتمعات وفي جعله الحسن هو المأذون اشكالية فان المباحات مأذون بها وقد وقعت تسوية بين افرادها وحينئذ لا يمكن ان يجعل الشيء وما يقابله حسنا فان هذا فيه نوع من انواع ولذا ادخل المؤلف في هذا النوع الواجبات والمندوبات والمباحات مع ان ادخال مباح في هذا القسم فيه اشكال تم تفسيره فيما سبق وبعض الناس ادخل في الحسن فعل غير المكلف من مثل فعل البهائم وفعل المجانين وقال بانها تدخل في هذا النوع. وفي هذا يظع اشكال لان الخطاب بالواجبات والمندوبات لا يتعلق بافعال غير المكلفين. وبالتالي بافعال غير المكلفين لا تنطلق من ارادة بحيث توصف بكونها حسنة. وان كانت تلك الافعال متوافقة مع طبائع هذه المخلوقات. فكون تأكل وكونها ترعى وكونها تسير على الارض الى غير ذلك من افعالها لا يمكن ان يعد اه فعلا حسنا مأذونا فيه وانما هي افعال قدرها الله جل وعلا لهذه المخلوقات. وان كان لها ارادة جزئية لكنها متعلقة بارادة رب العزة والجلال. ولهذا كان ما ذكره المؤلف هنا مخالفا للاصول التي اصلها فيما سبق فاختيار مذهب الاشاعرة في هذا الباب ثم قال بان القبيح هو المنهي يعني المنهي عنه ولو بالعموم ودخل في ذلك خلاف الاولى على ما كان يراه المؤلف من التفريق بين اب وخلاف الاولى وهذا المنهج الذي سار عليه المؤلف هو منهج الاشاعرة في جعل القبح والحسن متعلق او منشأها خطاب الشارع ونسب لامام الحرمين الجويني بان المكروه لا يعد قبيحا ولا حسنا اما عده اما عدم عده قبيحا فلانه لا يتعلق به الاثم. واما عدم معده حسنا فلانه منهي عنه لكنه نهي جازم وبالتالي نهي غير وبالتالي لا يكون حسنا وعلى كل فهذا التقسيم. وهذه المسألة مبنية على مذهب الاشاعرة في جعل الحسن والقبح مرتبطا بخطاب الشارع انما ينشأ عن خطاب الشارع على وفق قولهم وسبق ان الصواب ان الحسن والقبح صفات ذاتية في الافعال خلقها الله عز وجل عليها ثم قال المؤلف جائز الترك ليس بواجب وهذا فيه رد بع لاحد المعتزلة يقال له الكعبي. حيث يرى ان المباح واجب شرعا قال لان قال لان المباح يجوز تركه. ويجوز فعله فينسب الى خطاب الشارع. ومن من ثم فيكون واجبا. فهو واجب الاعتقاد وهو واجب ان يفعل فيه احد وجه اي هي وقال بان المباح وهو جائز الترك يحصل به ترك الحرام وترك الحرام واجب فيكون جائز الترك واجبا. ومثل لذلك بان الاكل بها مثل لذلك بان المباح يحصل به ترك محرمات فشرب الماء وهو مباح يحصل به ترك شرب الخمر وترك شرب الخمر واجب فيكون شرب الماء واجبا. هكذا قال وهو قول ساقط مجرد تصوره يدل على سقوطه فان ترك الجائز لا يقال فان ترك الجائز يمكن ان يكون بفعل امر جائز اخر. وبالتالي لا يتعين فعل الجائز الاول بل يمكن ان يفعل احد الجائزات. فترك شرب الخمر يمكن ان يحصل بعدم الشرب بشرب الماء بشرب العصير وبشرب غيرها من المشروبات وبالتالي لا يتعين شرب الماء ليكون طريقا ترك المحرم الذي هو شرب الخمر ثم ذكر المؤلف مسألة اخرى وهو وهي مسألة هل وجوب الفعل متعلق بامكانيته وبورود الخطاب عليه او لا او هو متعلق ارتباطه بذمة المكلف ومثل لذلك بمسألة الحائض والمريض والمسافر. هل يجب عليهم الصوم او لا فاذا قلنا بان الوجوب المراد به تعلق الخطاب بالذمة فانهم يكونون قد وجب الصوم عليهم وان قلنا الوجوب متعلق بذات الفعل فانه حينئذ لا يتعلق بذمتهم هذه الافعال لان الشرع منع الحائض من الصوم واجاز للمسافر والمريض ترك الصوم ولذا قال بعضهم بان المسافر لما كان قادرا على الصوم وجب الصوم عليه. لانه يتمكن من الصوم بخلاف الحائض التي منعت شرعا من الصوم وهناك من قال الواجب احد هذين الامرين وبالتالي يكون من الواجبات التي فيها تخيير. وقال المؤلف بان الخلف لفظي اي مجرد اختلاف الالفاظ فان كلا من هؤلاء يجب عليه ان يصوم بعد ذلك وقول المؤلف انه خلاف لفظي هذا ليس بصحيح بل يترتب على هذه المسألة عدد من المسائل اولها هل القضاء واجب بالامر الاول او نحتاج في القضاء الى امر جديد. فاننا اذا قلنا بان الحائظ ومن معها لا تتعلق بذممهم الخطابات في وقت الشرع يكون وانما تتعلق بعد ذلك فاننا حينئذ نقول بان القضاء لا يحتاج الى بان القضاء يحتاج الى امر جديد. واذا قلنا خطاب الحائض والمسافر المريض بالصوم وقع في اثناء الشهر فاذا لم يفعلوه تعلق القضاء بذممهم من غير دياجا لدليل اخر كان القضاء غير محتاج لامر جديد في بقية المسائل غير مسألة الصوم ولذا وقع الاختلاف بينهم في من ترك الصلاة او ترك شيئا من الواجبات آآ تهاونا هل يجب عليه قضاء هذه الصلاة الواحدة؟ اما اذا ترك صلوات متعددة فان الخلاف يرجع الى مسألة هل تارك الصلاة كافر بذلك او لا وكذلك يترتب عليه ان من اسلمت في يوم عيد الفطر. هل يجب عليها قضاء ايام حيضها من شهر رمضان فمن قال بان الصوم لا يتعلق وبذمة الحائظ في الشهر قال وجب عليها القظاء او لزمه ان يقول ذلك ومن قال بلغ الوجوب بذمتها في اثناء الشهر قال بان من اسلمت في يوم العيد لم يجب عليها قضاء ايام حيضها السابق ثم انتقل المؤلف الى مسألة هل المندوب مأمور به او لا واشار الى وجود الخلاف وصحح ان الندب لا يكلف به والصواب ان هذه المسألة ترجع الى تفسير حقيقة التكليف فان قلنا التكليف هو الخطاب بالالزام كان المندوب مكلفا به كان المندوب غير مكلف به اذ لا الزام فيه. وان قلنا التكليف والخطاب بامر او نهي كان المندوب مكلفا به لان المندوب فيه خطاب بامر وان كان غير جازم واما مسألة هل المندوب مأمور به؟ فهذه رتب عليها بعض اهل العلم مسألة الامر المصروف عن الوجوب. هل يحمل على الندب او اننا نقول بانه مجمل لا نفسره بالندب الا لدليل يرد معه نجدي لا لدليل والاول اصوب. وذلك لانه اذا لم يحمل اللفظ على اكمل لمعانيه لدليل حمل على اقلها واما بالنسبة المباح فان بعض اهل العلم جعله من قبيل التكليف ورعى ان تسميته مكلفة لكونه يجب اعتقاد حكم المباح فالتكليف فيه من جهة اعتقاد حكمه فيجب على الانسان ان يعتقد ان المباح مباح وهذا فيه نظر فان الخطاب الوضعي في الاسباب والعلل والشروط والموانع والصحة والفساد يجب على المكلف ان يعتقدها كذلك ومع ذلك ليست من ومن التكليف وانما هي من الاحكام الوضعية وراء اخرون ان المباح انما ذكر في اقسام التكليف من باب تمام القسمة فان القسمة في المطلوبات لابد ان تشتمل على هذه الاقسام الخمسة قال المؤلف ومن ثم اي بناء على ما سبق من كون المندوب غير مكلف به اصبح تعريف هو الالزام بما فيه كلفة. وتقدم معنا ان هناك ثلاثة مناهج في التكليف هذا احدها وبالتالي لا يدخل المندوب والمكروه في التكليف. ورأى اخرون ان التكليف والخطاب بامر او نهي فيشمل المكروهات والمستحبات. ورأى اخرون ان التكليف هو مقتضى خطاب الشارع فادخلوا المباح فيه. وقد ذكر المؤلف اشارة الى القسمين وينبغي ان يلاحظ هنا بان الخطاب الشرعي له وجهتان خطاب قضائي وخطاب يكون على جهة الديانة الخطاب القضائي لا يكون فيه الا الثلاثة الاحكام. وهي الوجوب والتحريم والاباحة. ويدخل جانب المستحب والمكروه في بينما في خطاب الديانة الذي يتعلق به الثواب والعقاب في الاخرة به الثواب والعقاب الالهي. حتى في الدنيا فهذا يشمل المستحبات وهات ولذا فان القاضي والمحامي لا ينظر الى المستحب ولا ينظر الى حروب وانما ينظر الى المحرم والواجب ثم انتقل المؤلف الى مسألة واظرب مثالها قبل ان ندخل فيها ما حكم اكل التفاح اجيبوا مباح. عندنا هنا شيئان اكل وتفاح جنس الاكل ما حكمه نقول يجب على المكلف ان يأكل والا لا ادى ذلك الى تلفه. فهنا المباح هل يكون جنسا للواجب باعتبار ان اصل الاباحة اصل الفعل على الوجوب. والاباحة انما هي في متعلقات لا في ذاته او فالنظر هنا هل يكون ايلاء المباح الذي يكون بالصفة او الواجب الذي هو متعلق باصل الفعل ولذا قال والاصح ان المباح ليس بجنس للواجب وانه غير مأمور به من حيث هو فان بعض الفقهاء قالوا المباح مأمور به. لا من جهة افراده وانما من جهة اصله واذا نظرنا الى فرقنا حينئذ لا يبقى عندنا اشكال ومنشأ الاشكال في هذه المسألة وفي مسائل كثيرة هو اعتقاد ان الحكم يصدق وعلى ما في الاذهان لا على ما في الخارج فعندنا تصورات ذهنية يظن بعض الناس ان الحكم الشرعي متعلق بها فيقع الاختلاف فيها. ولذا فان المشتركات لا تقع في الخارج الا بحسب بافرادها ولا تقع بحسب جنسها هل شاهدتم يوما اكلا بدون مأكول اذا تصور الاكل بدون ما اقول هذا تصور ذهني واما تصور الاكل مع المأكول الذي يقع في الذهن هذا يمكن ان يقع في الخارج ومن ثم فجنس الفعل هذا تصور ذهني بينما الذي يقع في الخارج هو افراد من هذا الجنس متعلقة افراد معينة وبالتالي نفرق بينهما. وهذا هو الذي جعل بعض الناس ينكر كثيرا من الصفات لانه يتصور ان الحكم الذهني هو الحكم الواقع في الخارج. فلما رأى ان الصفة تصدق على الخالق وعلى المخلوق فحين اذ نفى الصفة لئلا يقع ها تمثيل بين الخالق والمخلوق. بينما الذي في الخارج لا توقع لا توجد صفة غير متعلقة بافرادها وبجزئياتها وصفاتها. وبالتالي هناك فرق بين الصفة والصفة. فان كان الذهن يجعل الحكم عليهما واحدا لكن في الخارج لا بد ان يقع تفريق بين هذه الافراد ثم تكلم عن هل الاباحة حكم شرعي؟ او لا فان بعض المعتزلة قال الاباحة احكام عقلية. الاباحة حكم عقلي وهذا يمكن ان نربطه بما سبق في مسألة حكم الاشياء قبل ورود الشرع فالاشاعرة يقولون لا يوجد خطاب وبالتالي لا حكم لها. والمعتزلة يقولون بان العقل يحكم وبالتالي يمكن ان يكون هناك حكم بالاباحة من طريق العقل. واهل السنة قال لا يخلو زمان من خطاب الشارع وبالتالي لا نحتاج الى ان رضا تلك المسألة وقالوا بان الاحكام منسوبة لله جل وعلا وانتقل بعد ذلك الى مسألة نسخ الوجوب اذا ورد وجوب فعل ثم نسخ هذا الوجوب ولم يعين الحكم المنسوخ اليه. فحينئذ هل على الجواز او يحمل على الاباحة او يحمل على الاستحباب. واضربوا مثلا لذلك جاء في الشريعة ان الشرع نهى عن الاكل ليلة الصيام فاذا نام الانسان في الليل ليلة الصيام وجب عليه الامساك الى مغرب الغد. نسخ هذا الحكم بحيث جعل اول الامساك هو طلوع الفجر فبالتالي ما حكم الاكل والشرب في الليل؟ نقول على الاباحة طيب عندنا جاءنا في الشرع وجوب قيام الليل في اول الاسلام كما اشير اليه في سورة المزمل ثم بعد ذلك نسخ هذا الوجوب فيصبح قيام الليل ما حكمه مستحب كيف قلتم مرة مستحب ومرة قلتم بانه مباح هناك منهجان واحد يقول بقي الجواز او الاباحة وهناك من يقول هو على الاستحباب. انتم على اي منهجين يقول الصواب قول اخر وهو انه اذا نسخ حكم الوجوب عاد الحكم على ما كان عليه الامر قبل الوجوب فكان قيام الليل مستحبا فنسخ الى الوجوب ثم رفع حكم الوجوب فعاد الحكم على ما كان عليه من الاستحباب. وكان الاكل بالليل مباحا فاوجب الشارع ترك الاكل في الليل ليلة الصيام ثم بعد ذلك رفع هذا الحكم فيعود الحكم على ما كان عليه سابقا من كونه ايش مباحة لعلنا نقف على هذا وان كنا نريد ان آآ نكمل ما يتعلق آآ الخطاب الشرعي ولكن لعل ان شاء الله في لقاء قادم. اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم كل خير وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين