بسم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين. نبينا محمد وعلى آله واصحابه اجمعين. ومن اتبع اتبعهم باحسان الى يوم الدين. رب اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين. اما بعد قال الامام النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين. وعن امير المؤمنين ابي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه. متفق عليه الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد. فهذا الحديث حديث عمر ابن الخطاب رضي الله عنه من اعظم الاحاديث واوسعها فائدة احوجها الى العناية والدراسة. يقول البخاري رحمه الله ليس شيء من احاديث النبي صلى الله عليه وسلم ولا اغنى ولا اكثر من حديث انما الاعمال بالنيات. ذلك كون هذا الحديث يدخل في ابواب طلاب العلم كلها ويدخل في الاعمال كلها فما من عمل الا لابد له من نية. والنية هي القصد ارادة والهدف والغرض. فقول النبي صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات اي الاعمال كلها ظاهرها وباطنها خفيها وجهرها كلها بالنية لابد لها من نية تصاحبها. والنية هنا المقصود بها نية العمل. ونية المعمول به. فلا بد في كل عمل من نية هي قصده وغرضه وغايته ولابد ايضا من نية تميز العمل ولهذا بحث النية يتناول امرين الامر الاول نية المعمول له وهو ان يكون العمل لله وحده لا شريك له وهذا هو اصل الدين وامر الله تعالى به الاولين والاخرين ونية العمل اي ما المقصود بهذا العمل ما الذي تريد ان تبرئ ذمتك به من هذا العمل؟ وهنا يكون التمييز بين المتشابهة فانت اذا جئت تصلي العصر الان نويت العصر فلو لم تنوي العصر لكانت مثل الظهر في الصورة اربع ركعات هي تميز الظهر عن العصر تميز الفرائض بعضها عن بعض كما انها تميز بين الفرائض والسنن لابد للعمل من نية فالصلاة لابد لها من نية والصوم لابد له من نية والزكاة لابد لها من نية والحج لابد له من نية بل الاعمال التي تكون من غير غرظ ولا قصد في العادة. لا يستحضر الانسان فيها النية. النية تكون سببا لمزيد اجر وفضل واثابة لذلك يقول الله تعالى لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس. الاصلاح بين الناس يفعله بعض الناس على وجه التقرب. يعني يصلح بين اثنين لانهم اصحابه اصحاب او لانهم اقاربه ولا يستحضر نية العبادة. فهو مأجور على هذا لكن اذا فعل ذلك طاعة لله انا اعظم ولذلك قال لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس ثم قال ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه اجرا عظيما فجعل الاجر العظيم مرتبا على ايش؟ على ان ينوي فلا بد ان يلاحظ النية في كل عمل ان يكون عمله لله خالصا. فقوله صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات يعني صحتها. يعني قبولها يعني اعتبارها يعني كل ما يتعلق بها لا يكون العمل صحيحا ولا مقبولا ولا مثابا عليه ولا معتبرا الا اذا كان انا مصاحبا لنية صحيحة سليمة. ولكل امرئ ما نوى. هذا اشارة الى ان الناس في نواها ياهم يختلفون ليسوا على وجه واحد كلنا قد نقوم بعمل واحد. كلنا جئنا الى الصلاة في صورتنا واحدة لكن نوايانا مختلفة. وهكذا كل الاعمال مختلفة لا يقصد ليس فقط في في الاصل المقصود نرجو ان نكون جميعا نقصد الله جل وعلا بعملنا. لكن ايضا في اخلاص العمل درجة هذا القصد مختلفة. ولهذا تتفاوت الاجور بقدر ما يكون في قلوب اصحابها من نوايا صحيحة ومقاصد طيبة. العاملان يكونون يقولان في سورة واحدة لكن بينهما في الاجر والفظل كما بين السماء والارض في فضل وفي رجحان. اثنان يسجدان يكون بينهما هذا ساجد لله وهذا ساجد لغير الله هذا في اسفل سافلين دك في اعلى عليين. الصور صورة العمل واحدة او مختلفة. سورة العمل واحدة لكن ما الذي فرق بين هذا؟ جعل هذا ساجد في اسفل سافلين وذاك في اعلى عليين ما قام في قلبه من قصد ولذلك قال ولكل امرئ ما نوى لك من الاجر والثواب والفضل والقبول او العقاب بقدر ما قام في قلبك من قصد وارادة. بعد هذا التقعيد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم مثالا فقال فمن كانت هجرته الى الله هذا مثال يبين تفاوت الناس في النية وتفاوتهم في الاجر وتفاوتهم في القبول والفظل فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله. تفخيم وتعظيم ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها او امرأة ينكحها او ذكر المرأة على وجه الخصوص لانها من اعظم مقاصد الدنيا ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها. او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه. لم يذكر عقوبة انما الى ما هاجر اليه. فقد كن مباحا وقد يكون مكروها وقد يكون محرما لكن الهجرة لله ورسوله هي اعظم المنازل والهجرة هي انتقال الانسان من حال سئل حال الصلاح مكانا وحالا ولذلك الهجرة التي لا تنقطع بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم هي هجرة ما نهى الله عنه ورسوله. فالنبي صلى الله عليه وسلم في عام قال لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية. هذه الهجرة انقطعت وهي الانتقال من مكة الى المدينة لان مكة اصبحت دار اسلام. لكن الهجرة الباقية هي هجرة ما نهى الله عنه ورسوله ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه وفي الصحيح صحيح من حديث معقل ابن يسار قال صلى الله عليه وسلم العبادة في الهرج يعني في زمن الفتن كهجرة اليه. اسأل الله ان يجعلنا واياكم من المهاجرين قلوبنا واعمالنا الى الله ورسوله وان يجعلنا من القائمين بالطاعة والاحسان وصلى الله وسلم على نبينا محمد