الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد وقد جاء في الصحيحين من حديث ابي هريرة من حديث ابي موسى الاشعري رضي الله تعالى عنه انه قال كان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا اتاه طالب حاجة اقبل على جلسائه اذا جاءه طالب حاجة يعني ساع في امر من الامور اقبل على جلسائه من اصحابه رضي الله تعالى عنهم وقال لهم اشفعوا تؤجروا اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله او نبيه ما احب وفي رواية ما يشاء هذا الحديث الشريف فيه طيب خصال النبي صلى الله عليه وسلم وعظيم حرصه على قضاء حوائج الناس فانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا جاءه طالب حاجة اي يطلب حاجة لنفسه او لغيره اقبل على اصحابه على جلسائه مذكرا لهم فضل الشفاعة وهي التوسط للغير في جلب خير او دفع ضر فيأمرهم صلى الله عليه وسلم قائلا اشفعوا اشفعوا اي توسطوا لغيركم عند من لا يتمكن من الوصول الى حاجته الا من طريقكم او عندما لا يتم له مراده الا من قبلكم ومن جهة توسطكم اشفعوا فالوساطة في الخير مأمور بها. وقد قال الله تعالى في كتابه من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها الشفاعة الحسنة هي ما اوصل الى مباح او ما حقق مصلحة ودرء مفسدة سواء كانت دينية او دنيوية فهي ما يوصل الى المباحات من امر الدنيا وما يحقق مصلحة او يدفع مفسدة سواء كانت دينية او دنيوية كالاصلاح بين الناس والتوسط لهم في اسقاط الحقوق او في الانذار عند المدينين او نحو ذلك مما يكون مما يتحقق مما يكون به مصلحة ولا فرق في ذلك في في الشفاعة المأمور بها بين ان تكون عند السلطان او عند ذي الجاه او عند احد من الناس فكل من كان لا تصل لا يصل الانسان الى الى حاجته الا بالتوسط فان التوسط فيه مندوب لكن هذا في الشفاعة الحسنة وهي التي توصل الى مباح او تحق حقا او تبطل باطلا. اما ما كان من الشفاعات التي ينتزع فيها الانسان ما لا يستحق او يسقط فيها حقا من حقوق الله او حقوق الخلق فذاك مذموم وهو المذكور في قوله ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها اي يكن له نصيب من اثمها ووزرها وعقوبتها فينبغي للانسان ان يحرص على الشفاعة التي يتحقق بها الخير ويحرص على اعانة اخوانه فمن كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه واخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالمثوبة المرتبة على الشفاعة حثا للناس على الاقبال عليها قال تؤجر اي تثاب وتدركون بذلك اجرا وثوابا من الله عز وجل فبالشفاعة وحصولها يدرك الانسان الاجر والمثوبة ولا فرق في ذلك بين ان يدرك الانسان ويتحقق بالشفاعة المطلوب او لا يتحقق انما العشر المرتب على الشفاعة مجردة. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ويقضي الله ويقضي الله على لسان نبي ما احب وفي رواية ما يشاء يعني من امضاء الامر او عدمه فالمندوب هو اشتغال الانسان بحاجة اخيه وبذله الوسع في ادراك هذه الحاجة ان حصلت فذاك فضل الله للجميع وان لم يحصل فالشافع عائد بالاجر والمثوبة وهذا من حقوق اهل الاسلام والشفاعة من حيث الحكم تنقسم الى اقسام فمنها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب مندوب ومنها ما هو محرما محرم الشفاعة السيئة ومن ذلك الشفاعات في انتزاع حقوق ليس للانسان فيها حق او ابطال حق واسقاطه سواء كان حق لله او حق للخلق اذا كان في اسقاطه ما يترتب على ذلك من الظلم او البغي او الاعتداء اما ما يتعلق بالواجب من الشفاعات هو ما كان يتحقق به واجب شرعي وفي مقدور الانسان ان يشفع اما ما يندب اليه فهو الاصل في الشفاعات التي توصل الى المباحات وتوصل الى الى الخير غير المتعين الواجب من جلب خير او دفع ضر وقوله تؤجر لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم الاجر لم يعين الاجر انما اثبت اصله وذلك ان الاجر يتفاوت بقدر ما يحصل بالشفاعة من نفع اذا عظم الخير المرتب على الشفاعة عظم الاجر وذلك انه من دعا الى هدى كان له من الاجر مثل اجور من تبعه. فالاعمال المتعدية يعظم اجرها الاعمال ذات النفع المتعدي يعظم اجرها بقدر ما يترتب عليها من المصالح والمنافع اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. واجعلنا من خير عبادك لعبادك. واعنا على ما فيه الخير والرشد وصلى الله وسلم على نبينا محمد