اسقاط حق او منع واجب فانها ردت الشفاعة لانه طلب منها صلى الله عليه وسلم شيئا غير لازم لها وانما هو على وجه الاحسان وفيه ان الانسان ينبغي الا يكره نفسه على شيء يبغضه الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد روى الامام البخاري في صحيحه من حديث عبد الله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قصة بريرة وزوجها ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لها لو راجعتيه ورواية البخاري لو راجعته فقال النبي صلى الله فقالت للنبي صلى الله عليه وسلم اتأمرني قال صلى الله عليه وسلم انما انا شافع فقالت رضي الله تعالى عنها لا حاجة لي فيه بريرة كانت مملوكة وعتقت اعتقتها عائشة رضي الله تعالى عنها فعانتها حتى افتكت من الرق وكانت مزوجة قبل عتقها برجل من الصحابة اسمه مغيث وهو لم يعتق كان عبدا اسود لم يعتق بقي في الرق فلما عتقت خيرها النبي صلى الله عليه وسلم بين ان تبقى على زوجيتها مع مغيث وبين ان تختار نفسها فاختارت نفسها وكان مغيث رضي الله تعالى عنه يحبها حبا شديدا وهي كارهة للبقاء معه حتى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس الا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثا لما عتقت اختارت نفسها ففارقته فوجد لذلك شيئا عظيما حتى انه كان يجري يسير وراء في الاسواق يبكي يطلب منها ان ترجع وتبقى على زوجيتها فكانت تأبى رضي الله تعالى عنها فرق له النبي صلى الله عليه وسلم وشفع له عند بريرة فقال لها لو راجعته عرظ عليها ان ترجع الى مغيث بعقد نكاح فقالت اتأمرني فهمت او استفهمت من النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الشفاعة اهي امر فيلزمها طاعته ولو كرهت ولم ترضى؟ ام انه شفاعة ورغبة دون امر فقال النبي صلى الله عليه وسلم انما اشفع يعني لست امرا لك بذلك وانما اتوسط في حصول مقصود برير من مراجعتك فقالت رضي الله تعالى عنها لا حاجة لي فيه اي لم تقبل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم واعتذرت وقالت لا حاجة لي فيه يعني لا ارغب في الرجوع اليه. هذا الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده ان الحب قد يكون من طرف واحد ولا يلام الطرف الاخر على ان انه لا يجد ما يجده المحب فالمغيث كان يحب بريرة وبريرة لم تجد له هذا الحب وفيه ايضا ان تصليح الرجل بمحبة زوجه ليس فيه منقصة بل فعله سيد البشر صلى الله عليه وسلم كما في صحيح حيث سأله عبد الله بن عامر حيث سأله عمرو بن العاص من احب الناس اليك؟ قال عائشة قال من الرجال قال ابوها فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمحبته عائشة وهي زوجه وهذا مغيث وجد هذا الوجد العظيم في في في حبه لبريرة وفيه ان التصريح بالحب فيما لا سوء فيه ولا شر ولا فتنة ولا فساد ولا اغراء بسوء انما لطلب الحل اباحة لا حرج فيه فانه اقبرها بمحبته حتى بعد مفارقته لترجع اليه. وعلم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينهى ولم ينهه عن ذلك لان يده سليم وهو انه يرغب في نكاحها وفي مراجعتها وفيه ايضا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان بالمؤمنين رؤوف رحيم. حيث انه صلى الله عليه وسلم رق لحال هذا الرجل فشفع له وتوسط له مع انه لم يظهر انه جاء يطلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم انما رحمه فشفع له في ان في ان ترجع اليه بريرة وفيه ان الشفاعة تكون من الاعلى للادنى ولا غضاضة في ذلك. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه. وكان في اعين اصحابه في الذروة من المكانة منزلة ومع ذلك شفع. وفيه ان المشفوع اليه ينبغي ان يستبين فيما اذا شفع اليه من هو اعلى منه مقاما او من له عليه حق. اهذا على وجه الامر اللازم؟ ام هو على وجه التوسط والرغبة في حصول مقصود دون امر والزام حيث سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت اتأمرني فقال انما انا شافع وفيه ايضا من الفوائد ان رد الشفاعة لا حرج فيه اذا كان في اذا لم يكن في ذلك مهما كان الامر فان في ذلك من التأثير عليه ما قد يسوء به معاشه وفيه ان البغظ قد يكون بين اهل الايمان لتنافر الطباع وليس لاجل البغظة الدينية. فان فان مغيثا وبريرا من الصحابة الكرام وكلاهما على خير ولم يذكر في بريظ في مغيث ما يعيبه. وانما قالت لا حاجة لي فيه اي انها كرهته كرها نفسيا وليس ذلك لاجل نقص في دينه ومثله امرأة ثابت ابن قيس وهو احد وشرينا بالجنة مع ذلك طلبت امرأته منه الفراق وخلعته وجاءت الى النبي صلى الله عليه وسلم تطلب منه آآ المفارقة في قصة فاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها المقصود ان التنافر في الطباع بين اهل الاسلام قد يورث مجانبة وعدم رغبة في المعاشرة والمقاربة. لكن هذا لا يسقط الحقوق وليس ذلك من البغض الديني الذي يذم عليه صاحبه انما هذا انفعال طبيعي اذا لم يسقط حقا ولم يوقع في محرم فانه لا حرج فيه ولذلك لم يعاتبها النبي صلى الله عليه وسلم على ما تجد من بغض ولم افها انها لم تقبل شفاعته وفيه ان الشفاعة اجرها ثابت تم المطلوب او لم يتم. فان النبي صلى الله عليه وسلم ندم فالى ذلك وقال اشفعوا تؤجروا. وهذا اثبات للاجر في كل شافع في مباح او صالح ولو لم يحصل المطلوب من شفاعته اللهم الهمنا رشدنا وقنا شر انفسنا علمنا ما ينفعنا وزدنا علما يا عليم وصلى الله وسلم على نبينا محمد