الحمد لله رب على مين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن سار على نهجه الى يوم الدين. اما بعد قال الامام النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين وعن ابي زيد اسامة بن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه وابن به رضي الله عنهما قال ارسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم ان ابني قد احتضر فاشهدنا فارسل فلا يقرأ السلام ويقول ان ان لله ما اخذ وله ما اعطى وكل شيء عنده باجل مسمى اصبر ولتحتسب فارسلت اليه تقسم عليه ليأتينها. فقال فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن بل وابي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال رضي الله عنهم. فرفع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبي فاقعده في حجره ونفسه تقعقع ففاضت عيناه فقال سعد يا رسول الله ما هذا؟ قال هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده. وفي رواية في قلوب من شاء من عباده. وانما يرحم الله من عباده الرحماء. متفق عليه ومعنى تقعقع تتحرك وتظطرب. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الحديث الشريف الذي فيه خبر بعث احدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم رسولا الى النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه الى ان يأتي لكون احد ابنائها حضره الوفاة رد النبي صلى الله عليه وسلم الرسول بهذه التعزية فامره ان يقول لها هذه الكلمات الموجزات المتضمنة عظيم التسليم لله عز وجل والصبر على قضائه وقدره وطلب الاجر منه ان لله ما اخذ وله ما اعطى وكل شيء عنده الى اجل مسمى فلتصبر ولتحتسب فهذه صيغة من صيغ التعزية وهي حاصلة قبل الوفاة لكنها للتذكير بالتهيأ للمصيبة والصبر عليها مهما عظمت فالذي اخذ هو الذي اعطى وما جرى من الاقدار لا يرده جزع ولا يعيقه ظجر من المصاب بل هو ماض كما قدره الله تعالى لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه وانما تقابل اقدار الله واقضيته بالصبر والاحتساب. ولذلك قال لها قال لها قال للرسول في وصيته فلتصبر هل تحبس نفسها عن الجزاء ولتحتسب اي تطلب الثواب والاجر على مصابها من الله تعالى. لا تطلبه من احد سواه لا لان قال صابر ولا لان يقال آآ قوي او ما الى ذلك مما آآ يمدح به من يتحمل المصائب بل يقال الاجر عند الله تعالى فلتصبر ولتحتسب. فيكون قصده طلب الاجر من الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم ردت عليه ابنته الرسول تطلب منه ان يأتي واقسمت عليه والاقسام هو ان يلحها الانسان على الشخص بطلب امر سائقا اليمين في طلبه اقسم عليك الا ان تأتي او اقسم عليك بالله الا ان تأتي فاجاب النبي صلى الله عليه وسلم ابنته وابر قسمها وهذا من مواضع التي ينبغي للانسان ان يبادر الى ابرار القسم فيه فان ابراء القسم مما شرعه الله تعالى ولذلك بادر النبي صلى الله عليه وسلم الى ما طلبته ابنته فذهب الى الى الى بيتها من ظاهر سياق الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم كان مشغولا اناس معه ولذلك لما جاء جاء معه قيد ابن ثابت رضي الله عنه وابي بن كعب وعبد الرحمن ابن عوف وعبادة سعد ابن عبادة وجماعة من الصحابة قال الراوي واخرون لم يذكرهم فجاؤوا الى الى بيت زينب رضي الله عنها ابنة النبي صلى الله عليه وسلم فرفع عليه الصبي اي اوتي اليه بالصبي فوضعه في حجره وكان في النزع. ولذلك وصف الراوي حاله بان بان نفسه كانت تقعقع اي تضطرب وذلك لشدة الاحتضار وخروج الروح فدمعت عين النبي صلى الله عليه وسلم فاضت عيناه فلما رأى ذلك احد الصحابة قال ما هذا؟ يعني هل هذا بكاء جزع هل هذا مشروع استفهام وطلب اجابة عن ما رآه مما يخالف حال النبي صلى الله عليه وسلم في المصائب من الصبر والتحمل فقال النبي صلى الله عليه وسلم انما هذه رحمة وانما يرحم الله تعالى من عباده الرحماء. اي هذه الدموع التي نزلت وفاضت بهذا الموقف الذي يقتضي الرحمة انما هي من رحمة الله تعالى. فهي رحمة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم فاضت بها عيناه الما على ما اصاب الولد من شدة النزع لفراقه وشدة ما يكون من المصيبة بالموت فقال النبي صلى الله عليه وسلم انما يرحم الله من عباده الرحماء انما يرحم الله تعالى من عباده الرحماء اي الذين يتصفون ويتخلقون بهذا الخلق وفي هذا الحديث فوائد عديدة من ابرزها صيغة التعزية المشروعة عند المصيبة سواء كان ذلك في مصيبة موت ابن او غيره ممن يموت ويفقد من المحبوبين انا لله ما اخذ وله ما اعطى وكل شيء عنده الى اجل مسمى فلتصبر ولتحتسب. وفيه تذكير المصاب بالصبر والاحتساب لانه قد يغفل شدة ما ينزل به وفيه ان الانسان قد يعتذر عن العيادة او التعزية بشغل كما جرى من النبي صلى الله عليه وسلم في اعتذاره اولا وفيه انه يجوز الاقسام على الغير فيما لا مشقة عليه فيه وفيما فيه مصلحة وانه يندب لمن عليه بالله عز وجل في شيء ان يجيب لكن هذا على وجه السنة لا على وجه الوجوب الا ان الا ان يكون المطلوب واجبا فان النبي صلى الله عليه وسلم ابر ابنته بالمجيء اليها لما اقسمت عليه. وفيه ان العيادة والتعزية لا يشترط فيها علم الانسان بمن يعوده وبمن يعزيه لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يستأذن في صحبة من جاءه من جاء معه من فجاؤوا للتعزية وللتصبير وحضور هذا المصاب فكان ذلك دالا على انه في المصائب لا ان يشتأن ان ان يستأذن في فيمن يأتي ويحظر للتعزية او لعيادة المريض. وفيه مشروعية عيادة المريض ولو كان في النزع الاخير ولو كان المريض لا يعرف ولا يعقل فهذا صبي صغير لا يعرف ولا يقل لكن هذا تطيبا لخاطر اهله وفيه من المصالح من من عود الاجر على الزائر ما ينبغي ان يحرص عليه. وفيه ايضا ان النزع شديد حتى على صغار وفيه ان البكاء عند المصيبة ليس مذموما بل هو مما قد يؤجر عليه الانسان اذا كان ذلك رحمة فالنبي صلى الله عليه وسلم رتب على هذه الرحمة رحمة رب العالمين وبه نعرف ان البكاء على انواع ثلاثة. النوع الاول بكاء الرحمة على المصاب هذا مما يؤجر عليه كأن يرحمه لشدة ما اصابه او لعظيم المصيبة التي نزلت بمن حوله فيرحمهم فيبكي وهذه التي يقصد بها قوله صلى الله عليه وسلم انما يرحم الله من عباده الرحماء. النوع الثاني من البكاء بكاء الجزع والسخط وهذا محرم ومن كبائر الذنوب وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم النائحة والمستأجرة في النياحة كالنائحة ايضا الثالث من البكاء هو ان يبكي الانسان لفوات حظه ونصيبه من ممن مات او ممن فارقه او ممن اصيب به وليس رحمة للميت انما لالم الفراق. وهذا مباح فتبين ان البكاء قد يكون عبادة يؤجر عليها الانسان فيما اذا كان رحمة وقد يكون اثما فيما اذا كان تسخطا وجزعا وقد يكون امرا عاديا مباحا تقتضيه الطبيعة فيما اذا كان لمفارقة من يحب وفيها انه ينبغي للانسان ان يتحلى بالرحمة فان الرحمة موجبة لرحمة الله انما يرحم الله من عباده الرحماء. اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزقنا واياكم الرحمة في قلوبنا وان يعيننا على الطاعة والاحسان وان يرزقنا الصبر والاحتساب عند كل مصاب دقيق او جليل وصلى الله وسلم على نبينا محمد حتى نكون الاقرب اليكم بامكانكم دائما مشاهدة العديد من برامجنا على قناتنا على يوتيوب