الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد قال الامام النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين وعن ابي عبدالرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال كأني انظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم. ضربه قومه فادموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون. متفق عليه. الحمد لله رب العالمين واصلي سلموا على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد نقل الامام النووي رحمه الله في رياض الصالحين هذا الحديث حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه الذي فيه انه قال كاني انظر الى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الانبياء ضربه قومه فادموه اي يخبر عن خبر كأنما يراه ويبصره ساعة التحديث به وقولك اني انظر اي انا احدثكم وامام عيني ما شهدته من النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصور لاصحابه نبيا من الانبياء ضربه قومه فادموه اي ضربوه حتى اخرجوا منه الدم فاخذ يمسح الدم عن وجهه وفي رواية يمضح الدم عن وجهه ويقول اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون. اللهم اغفر لقومي اي اللهم اعف عنهم وتجاوز عن ظلمهم الذي وقع علي بهذا الاعتداء واعتذر لقومه لانهم لا يعلمون وان هذا الذي جرى منهم لجهلهم والمقصود بالجهل هنا انهم لا يعلمون العلم الحقيقي الذي به يدركون منفعتهم ويدركون رشدهم وصلاحهم وليس انهم لا يعلمون انه نبي فان الانبياء مؤيدون من الله تعالى بالايات والحجج التي تظهر لقومهم فتنقطع حجتهم تنقطع شبههم ويتبين لهم انهم من الله مرسلون وانهم على الحق وانهم الى الحق دعون لكن قوله فانهم لا يعلمون يعتذر لهم بانهم حملهم على ذلك جهلهم فكل من وقع في خطأ وكل من تورط في اعتداء او سيء من العمل فانه لا يعلم. اذ لو كان يعلم علما حقيقيا لما تورط فيما شؤمه ظاهر ولا ما تورط في السيئات التي عواقبها وخيمة بل نفي العلم له وجهان نفي العلم الذي بمعنى الجهل الكلي المطبق الذي لا يدرك به الانسان شيئا وهذا لا يترتب عليه عقاب لان الشريعة مرتبة والتكليف مرتب على العلم والنوع الثاني من العلم هو عدم العمل بالعلم من لم يعمل بالعلم فلو كان اعلم الناس فانه لا يعلم جاهل وهذا معنى قوله تعالى انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ليس المقصود انهم يجهلون ان هذا محرم وان هذا لا يجوز لكنهم لما لم يعملوا بالعلم كانوا جهالا عملوا عمل الجهال فصدق عليهم انهم لا يعلمون وهكذا كل من لم يعمل بالعلم فانه جاهل فقوله صلى الله عليه وسلم فيما يحكيه عن هذا النبي الكريم اللهم اغفر لقوم فانهم لا يعلمون اي غلبت عليهم جهالتهم التي حملتهم على هذا الفعل باذية اشرف الناس وسادات الدنيا وهم الانبياء الذين قص النبي صلى الله عليه وسلم قصصه واختلف العلماء رحمهم الله في تعيين من هو النبي الذي جرى له ما جرى؟ فقال جماعة من اهل العلم انه نوح عليه السلام وقال اخرون انه نبي من الانبياء لم يسمى وقال اخرون بل هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم وذلك قبل ان يجري له ما جرى في غزوة احد عندما شج رأسه صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته تو فانه ادمي وجهه اصاب منه المشركون ما اصابوا وكان يقول اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون فقيل انه يحكي نفسه قبل ان يقع له هذا اوحي اليه ان نبيا يكون معه هل هذا الموقف فكان هو صلى الله عليه وسلم او ان نبيا جرى له هذا فكان هو صلى الله عليه وسلم هذا الحديث فيه جملة من الفوائد الفائدة الاولى ان المتحدث اذا استوعب الحدث واثر فيه ثم قصه على الناس فانه يقصه كما لو كان يشاهده لشدة تيقنه وتثبته من احداثه ووقعه في نفسه وفيه من فوائد ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقص على اصحابه ويصور لهم بعض القصص يعني يريهم كيف يمسح الدم عن وجهه. يصور لهم كيف يفعل آآ النبي في في مسح ما ما اصابه من الدم وفي ان الانبياء من اعظم الناس صبرا حيث ان اقوامهم اذوهم ابلغ الاذى كما قال الله تعالى فيما قص عن الرسل انهم كذبوا واوذوا كذبوا هذا فيما يتعلق بخبرهم واذوا فيما يتعلق خبرهم وانفسهم واتباعهم فكان الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم في غاية الصبر على ما اصابهم من اذى قومهم وفي هذا الحديث عظيم شفقة هذا النبي فانه كان يقابل تلك الاساءة بهذه الكلمات الحانية التي امتلأت شفقة ورحمة على قومه اللهم اغفر لقومه فانهم لا يعلمون وهكذا هو دأب اهل الايمان معاملتهم مع اهل المعصية بين رحمة عدل بين شفقة وعدل فكانوا يشفقون عليهم. يشعرون بالالم على ما هم عليه من ظلالة وعلى ما هم عليه من سوء وعلى ما فاتهم من خير والله تعالى ذكر لنا صاحب الرجل الذي جاء الى قومه فقال يا قومي اتبعوا المرسلين ثم لما قتلوه ماذا قال قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين هذا هو دأب اهل الايمان يعتسون في ذلك بالانبياء والرسل حيث امتلأت قلوبهم رحمة لاقوامهم فاحبوا لهم الخير وتألموا على ما فاتهم من صلاح واستقامة وهداية وحسن معال. من فوائد هذا الحديث جواز الاستغفار للمشرك الحي للكافر الحي لان النبي كان يقول لقومه اللهم اغفر لقومه فانهم لا يعلمون وهذا يدل على انه يجوز الدعاء للمشرك بالمغفرة حال حياته اما بعد موته فقد قال الله تعالى ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي القربى من بعد ما تبين. انظر من بعد ما تبين لهم انهم اصحاب الجحيم. متى يتبين؟ يتبين بموته. اذا مات على الكفر فظاهر حاله انه من اصحاب الجحيم فلا يستغفر له. ولهذا جاء في الصحيح من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال استأذنت ربي بان استغفر لامي فلم ياذن لي واستأذنته في ان ازور قبرها فاذن لي وذلك ان امه ماتت في الفترة فلم يأذن له الله تعالى بان يستغفر لها فلا يجوز الاستغفار للمشرك اذا مات. اما في حال حياته فانه يجوز الدعاء له بخير بالمغفرة والهداية وسائر ما يكون من الدعوات الصالحات. فالنبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث ابي هريرة جاءه طفيل ابن عمرو الدوسي وكان قد دعا قومه الى الاسلام فابوا عليه فقالوا فجاء قائلا للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ادعوا الله على دوس فانهم ابوا ان يسلموا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اهد دوسا وات بهم اللهم اهد دوسا وات بهم. اللهم اهد دوسا وات بهم. فدعا لهم وكرر الدعاء مع ان الذي طلب منه طفيل ان يدعو عليهم لكنه غلب جانب الدعاء بالهداية لهم حيث الطمع في صلاحهم واستقامتهم وكان ما دعا. اذ اسلم الدوس ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم المقصود ان الدعاء للمشرك او الكافر حال حياته بالمغفرة والهداية لا بأس به. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قد استشكل بعض اهل العلم كيف يدعى له بالمغفرة وهو لا يغفر له شركه وكفره بالله عز وجل قالوا ان الدعاء بالمغفرة هو ان ييسر الله له اسباب التوبة ليغفر له. وليس ان يغفر له الشرك فان الشرك قد قال فيه ربنا جل وعلا ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومسألة يسأل عنها كثير من الناس ويتكلمون فيها مسألة الدعاء للميت بالرحمة بعد موته. هل يدعى له؟ فيقال اللهم ارحمه اذا كان كافرا الرحمة هي الجنة. سؤالك للميت اللهم ارحمه اي بلغه الجنة ونجه من النار. والله تعالى قد حرم الجنة على المشركين وقد جاء في الحديث الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انه لن يدخل الجنة الا نفس مؤمنة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى للجنة انت رحمتي ارحم بك من اشاء من عبادي وبالتالي لا يجوز لاحد ان يسأل الله تعالى الجنة لميت مات على الكفر. لماذا؟ ليس بخلا بالجنة فالجنة في يد الله لا يملكها احد انما لان الله حرم الجنة على اهل الشرك والكفر. فكيف تسأل كيف تسأل الله تعالى ما منعه المشركين والكفار ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. ان الله حرك وقد قال الله تعالى في تحريمه النار على المشركين قال جل وعلا انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من انصار. فلا يجوز لاحد ان ان يسأل لميت كافر الجنة. لما نقول ما يجوز انك تسأل لميت كافر الجنة لا يعني انك ادخلته النار. فالشهادة للمعين بجنة او نار لابد فيها من نص لابد فيها من وحي ما يمكن نشهد لمسلم يصلي اربعة وعشرين ساعة في عبادة وطاعة لا نشهد باحد بالجنة ولو كان ما كان في الصلاح والطاعة فلا يشهد لمعين بالجنة كما لا يشهد لمعين بالنار الا بدليل ونص لكن نقول كل مؤمن في الجنة وكل كافر في النار. اما فلان من المؤمنين وفلان من الكافرين في النار او في الجنة فهذا يحتاج الى نص من كلام الله عز وجل او كلام رسوله والا فلنمسك اللهم الهمنا رشدنا وقنا شر انفسنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد حتى نكون الاقرب اليكم بامكانكم دائما مشاهدة العديد من برامجنا على قناتنا على يوتيوب