وكل من سعى في امور العبادة والشريعة والمعاملات بانواعها بما جاءت به سنة محمد عليه الصلاة والسلام فقد سعى في الاخذ بالعدل ورفع الظلم اذا فحقيقة العدل احقاق العقيدة والشريعة حقيقة العدل ان تقوم العقيدة والتوحيد في قلوب العباد قولا وعملا واعتقادا وان يقوم العمل الصالح في العبادات وفي المعاملات فيما بين العبد وبين ربه وفيما بين العبد وبين اخوانه بل وبين الناس على ما جاءت به الشريعة في الكتاب والسنة فمن اقام نفسه على ذلك فقد تبرأ من الظلم ومن احل بشيء فله نصيب من الظلم ولهذا اجمع علماء اللغة على ان حقيقة الظلم في اللغة تعود الى وضع الشيء في غير موضعه اللاصق به فمن وضع العبادة في غير موضعها اللائق بها المستحق لها وهو الله جل وعلا فقد ظلم من توجه في العبادة الى غير الله وصرف العبادة لغير الله فقد ظلم لانه وضع العبادة في غير موضعها اللائق بها من اطاع هواه والشيطان وخالف امر الله جل وعلا فترك الفرائض فقد ظلم من لم يعامل العباد بما انزل الله جل وعلا ولم يعطهم حقوقهم على انواع الحقوق فقد ظلم وهكذا فاذا الظلم عام. فكل من حاد عن الشريعة فله نصيب من الظلم. ولهذا قال جل وعلا ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات باذن الله ذلك هو الفضل الكبير. فجعل خاصة الناس وهم الذين قورفوا الكتاب وهم المسلمون. جعل منهم لنفسه يعني بفعل المحرم او ترك الفريضة. ولهذا لما نزل قول الله جل وعلا في سورة انعام الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون شق ذلك على الصحابة بفهمهم معنى الظلم ولمعرفتهم بسعة معناه. فقالوا يا رسول الله اينا لم يظلم نفسه فقال ليس الظلم الذي تذهبون اليه ليس ذلك الظلم الذي تذهبون اليه انما الظلم الشرك الم تسمعوا قول لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم