المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي واحضرت اي اذا خافت المرأة نشوز زوجها فيها اي ترفعه عنها وعدم رغبته فيها واعراضه عنها فالاحسن في هذه الحالة ان يصلح بينهما صلحا بان تسمح المرأة عن بعض حقوقها اللازمة لزوجها على وجه تبقى مع زوجها. اما ان ترضى باقل من الواجب لها من النفقة او الكسوة او المسكن او القسم بان تسقط حقها منه او تهب يومها وليلتها لزوجها او لضرتها. فاذا اتفقا على هذه الحالة فلا جناح ولا بأس عليهما فيها لا عليها ولا على الزوج. فيجوز حينئذ لزوجها البقاء معها على هذه الحال. وهي خير من الفرقة. ولهذا قال والصلح خير ويؤخذ من عموم هذا اللفظ والمعنى ان الصلح بين من بينهما حق او منازعة في جميع الاشياء انه خير من استقصاء كل منهما على كل حقه. لما فيها من الاصلاح وبقاء الالفة والاتصاف بصفة السماح. وهو جائز في جميع الاشياء الا اذا احل حرامه او حرم حلالا فانه لا يكون صلحا. وانما يكون جورا. واعلم ان كل حكم من الاحكام لا يتم ولا يكمل. الا بوجود مقتضيه وانتفاء موانعه. فمن ذلك هذا الحكم الكبير الذي هو الصلح. فذكر تعالى المقتضي لذلك ونبه على انه خير. والخير كل عاقل يطلبه ويرغب فيه. فان كان مع ذلك قد امر الله به وحث عليه. ازداد المؤمن طلبا له ورغبة فيه. وذكر المانع بقوله الانفس الشح اي جبلت النفوس على الشح. وهو عدم الرغبة في بذل ما على الانسان. والحرص على الحق الذي له. فالنفوس مجبولة على كذلك طمعا اي فينبغي لكم ان تحرصوا على قلع هذا الخلق الدنيء من نفوسكم وتستبدل به ضده وهو السماحة وهو بذل الحق الذي عليك والاقتناع ببعض الحق الذي لك. فمتى وفق الانسان لهذا الخلق الحسن؟ سهل حينئذ عليه الصلح بينه وبين خصمه ومعامله وتسهلت الطريق للوصول الى المطلوب. بخلاف من لم يجتهد في ازالة الشح من نفسه. فانه يعسر عليه الصلح والموافقة. لانه لا يرضيه الا جميع ما له. ولا يرضى ان يؤدي ما عليه. فان كان خصمه مثله اشتد الامر. ثم قال وان تحسنوا وتتقوا اي تحسنوا في عبادة الخالق بان يعبد العبد ربه كانه يراه. فان لم يكن يراه فانه يراه. وتحسن الى المخلوقين بجميع طرق الاحسان من نفع بمال او علم او جاه او غير ذلك. وتتقوا الله بفعل جميع المأمورات وترك جميع المحظورات. او بفعل المأمور وتتقوا بترك المحظور. فان الله كان بما تعملون خبيرا. قد احاط به علما وخبرا بظاهره وباطنه فيحفظه لكم ويجازيكم عليه اتم الجزاء يخبر تعالى ان الازواج لا يستطيعون وليس في قدرة العدل التام بين النساء. وذلك لان العدل يستلزم وجود المحبة على السواء. والداعي على السواء والميل في القلب اليهن على السواء ثم العمل بمقتضى ذلك. وهذا متعذر غير ممكن. فلذلك عفا الله عما لا يستطاع. ونهى عما هو ممكن بقوله. فلا تميل كل الميل فتذروها كالمعلقة. اي لا تميل ميلا كثيرا بحيث لا تؤدون حقوقهن الواجبة. بل افعلوا ما هو باستطاعتكم من فالنفقة والكسوة والقسم ونحوها عليكم ان تعدلوا بينهن فيها. بخلاف الحب والوطء ونحو ذلك. فان الزوجة اذا ترك زوجها ما يجب لها صارت كالمعلقة التي لا زوج لها فتستريح. وتستعد للتزوج ولا ذات زوج يقوم بحقوقها ان تصلحوا ما بينكم وبين زوجاتكم باجبار انفسكم على فعل ما لا تهواه النفس احتسابا وقياما بحق الزوجة. وتصلح ايضا فيما بينكم وبين الناس وتصلح ايضا بين الناس فيما تنازعوا فيه. وهذا يستلزم الحث على كل طريق يوصل الى الصلح مطلقا كما تقدم وتتقوا الله بفعل المأمور وترك المحظور والصبر على المقدور فان الله كان غفورا رحيما. يغفر ما صدر منكم من الذنوب والتقصير في الحق الواجب. ويرحمكم كما عطفتم على ازواجكم ورحمتموهن. وان يتفرقا يغني الله كل هذه الحالة الثالثة بين الزوجين اذ اذا تعذر الاتفاق فانه لا بأس بالفراق فقال وان يتفرقا اي بطلاق او فسخ او خلع او غير ذلك يغني كلا من الزوجين من سعته. اي من فضله واحسانه الواسع الشامل. فيغني الزوج بزوجة خير له منها. ويغنيها من فضله وان انقطع نصيبها من زوجها فان رزقها على المتكفل بارزاق جميع الخلق القائم بمصالحهم ولعل الله يرزقها زوجا خيرا منه. وكان الله واسعا اي كثير الفضل واسع الرحمة. وصلت رحمته واحسانه الى حيث وصل اليه علمه. ولكن انه مع ذلك حكيما ان يعطي بحكمته ويمنع لحكمته. فاذا اقتضت حكمته منع بعض عباده من احسانه بسبب من العبد لا يستحق معه الاحسان حرمه عدلا وحكمة