السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمدلله الحمد لله علام الغيوب احمده سبحانه المطلع على القلوب واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له العالم بالخطوب واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى اثره اما بعد فاوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون ايها المسلمون ان الناس يتفاوتون عند الله تعالى اكثر ما يتفاوتون فيه باعمال قلوبهم ليست بصلواتهم مجردة ولا بصدقاتهم الظاهرة فلا ينبغي ايها العبد ان تهتم بالظاهر وتغفل القلب بل واجب العناية باعمال القلوب اعظم من عنايتنا بملابسنا وهيئاتنا فان ذلك من جملة الايمان بل ان ذلك من اول ما يدخل في الايمان وذلك من اكمل ما يوصل الى درجات الاحسان فينبغي علينا ان نفتش قلوبنا فنصل الى الاعمال التي فيها فنزكيها من الخيرات وما فيها من الدغل والغش فنخرجها ونغسلها لنجعل قلوبنا كالاسفنجة تتراكم عليها الاوساخ حتى تثقل بل نجعل قلوبنا كالمراية ما ان يرى عليها اثر الغبار الا وادنى شيء يزيله ينبغي علينا ان نصل بقلوبنا الى درجة تطمئن بذكر باريها الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب ومن اعظم اعمال القلوب حب الله تعالى حبا عظيما يجعلنا نقدم محبوباته على كل محبوب وخشية الله تعالى خشية عظيمة والتوكل عليه والانابة اليه وتعلق الرجاء به والرغبة فيما عنده والرهبة منه وتعظيمه وتوقيره والحياء منه جل في علاه في الخلوات والجلوات فذلك يا عبد الله من اولى الاعمال التي هي اولى واجلى واثقل واعظم امنوا الى صراط مستقيم قال العلامة ابن القيم رحمه الله فكل اسلام ظاهر لا ينفذ صاحبه منه الى حقيقة الايمان الباطنة فليس بنافع حتى يكون معه شيء من الايمان الباطن في الايمان بالاتفاق ومن اعمال القلوب تعظيم حرمات الله تعالى تعظيم شعائره تعظيم دينه وانبيائه تعظيم اصحاب نبيه تعظيم كتابه تعظيم شعائره من مناسك الحج والعمرة ومقاماتها ومشاهدها وعدم الالتفات الى المشاهد الزائفة المزورة المزوقة التي وضعها الناس ومن ذلك تعظيم شعائر الله الزمانية كالعيدين وعدم الالتفات الى الازمنة المبتدعة المحدثة التي يضاهي فيها الناس عيد المسلمين ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب ولين القلب من اهم اعمال القلوب ووجل القلب من اعظم عبادات القلوب. وهو ان تعيش بين الخوف والرجاء قال الله تعالى عن اوليائه والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة انهم الى ربهم راجعون. اولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون وطمأنينة القلب انما يحصل بطلب الادلة والبراهين وبالمشاهدة في الايات المنزلة في الكتاب المبين وبالعبادات العظيمة التي شرعت لاجل اصلاح القلوب ومن سبقت منه الحسنات فانه يرجى له الثبات عند البليات والاستقامة حتى الممات قال الله تعالى الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن منشرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم عباد الله عمل القلب اشد وجوبا من عمل الجوارح فالخشية التي هي في القلب اعظم وجوبا من خشية الجوارح في الصلاة عباد الله يقول العلامة ابن القيم رحمه الله ومن تأمل الشريعة في مصادرها ومواردها علم ارتباط اعمال الجوارح باعمال القلوب وانها لا تنفع بدونها وان اعمال القلوب افرض على العبد من اعمال الجوارح وهل يميز المؤمن عن المنافق الا بما في قلب كل واحد منهما من الاعمال التي ميزت بينهما وهل يمكن احد الدخول في الاسلام الا بعمل قلبه قبل جوارحه وعبودية القلب اعظم من عبودية الجوارح واكثر وادوم فهي واجبة في كل وقت انتهى كلامه رحمه الله ايها المؤمن انظر الى قلبك انما كان لعمل القلب هذه الاهمية الكبيرة لان القلب ملك الجوارح وسائق النفس وقائدها واذا قام بالقلب الاقرار بعبودية الواحد الاحد وامتلى بالمحبة له لزم ضرورة ان يتحرك البدن بموجب ذلك من الاقوال الظاهرة والاعمال الظاهرة فما يظهر على البدن من الاقوال والاعمال انما هو موجب ما في القلب ولازمه. ودليله وملوله كما ان ما يقوم بالبدن من الاقوال والاعمال له ايضا تأثير فيما في القلب فكل منهما مؤثر على الاخر تأثيرة تأثير العلة للمعلول لكن القلب هو الاصل والبدن فرع له والفرع يستمد من اصله والاصل يثبت ويبقى بفرعه فما احوجنا الى الاهتمام باعمال قلوبنا واخراج السقيم منها وملئها بما يصلحها اخرج ما فيها من غل وحقد وحسد فوالله لا تجتمع مع حسن اعمال القلوب من خشية الله ومحبته وتعظيمه اللهم لا تخزنا يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة وبما فيهما من الايات والحكم واقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروا انه هو الغفور الرحيم الحمد لله الكريم الوهاب احمده سبحانه الرحيم بالعباد واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم وبعد عباد الله اتقوا ربكم واصلحوا قلوبكم واحذروا من غشها ومخادعتها فمن تخدع هل تخادع نفسك ومهما اخفيت فان الله تعالى يعلم ما في قلبك فاياك واياك ان يظهر فيه ما يسخط الله ولا تكن ممن يقول بفمه ما ليس في قلبه واحذرن زغاته واحذر من هوى القلب وقسوته وشدته ولتجد قلبك عند تلاوة ايات ربك انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واحذر يا عبد الله ريب القلب فانه ضعف في الايمان قد يؤدي الى الكفران. واجعل قلبك مخبتا اواها منيبا. يشتاق يا رب ويشتاق لذكره والانس به. وبشر المخبتين. الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما اصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ايها المسلمون ان من اعظم ما يصلح عمل القلب العلم والعبادة. على سبيل وسنة واستقامة. قال الله تعالى يعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وان الله لهادي وكل حقيقة باطنة لا يقوم صاحبها بشرائع الاسلام الظاهرة لا تنفع ولو كانت ما كانت فلو مزق القلب بالمحبة والخوف ولم يتعبد بالامر وظاهر الشرع لم ينجه ذلك من النار. كما انه لو قام بظواهر الاسلام وليس في باطنه حقيقة الايمان لم ينجه من النار. انتهى كلامه الى الله. انتهى كلامه رحمه الله اي عباد الله ان السائرين الى الله في اعمال القلوب اقسام فانظر رعاك الله. اين قلبك؟ واين نفسك وانت من هؤلاء فالقسم الاول قوم اعتنوا بالاعمال الظاهرة. نظفوا ثيابهم وابدانهم واعمالهم الظاهرة دأبهم لا لا يتعدى الظاهر الى الباطن. فترى احدهم يقيم الصلاة لا يعتني بخشوعها ولا باظهار الذل بين يدي الله فيها ولا الانس بالله فيها. ويعتني بعدم سماع المحرم من غيبة او نميمة لكن قلبه خمور بالحقد والحسد والغل القسم الثاني قوم صرفوا اهتمامهم بصلاح قلوبهم زعموا واعتنوا باعمال القلوب ويقولون ان القلب ابيظ والعمل بما ها هنا ثم لا تراهم يهتمون بالعبادات الظاهرة من صلاة وجمعة وجماعة وصدقات وصلة ولا دعوة الناس وتعليمهم ونحو ذلك. فاعلم ان في القلب خرابا لم ينتبه له القسم الثالث جعلني الله واياكم منهم قوم توسطوا فاعتنوا باعمال القلوب كما اعتنوا بالاعمال الظاهرة. غير ان لعمل القلب عندهم فضلا. فهؤلاء وفقهم الله اه وسددهم فجمعوا بين عبودية الظاهر وعبودية الباطن. وهذا طريق السابقين العارفين قال الامام مالك رحمه الله بلغني ان عيسى ابن مريم عليه السلام يقول لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم فان القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون ولا تنظروا في ذنوب الناس كانكم مرباب وانظروا في ذنوبكم كانكم عبيد. فانما الناس مبتلى ومعافى فارحموا اهل البلاء واحمدوا الله على العافية وفيما رواه مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله لا ينظر الى اجسادكم ولا الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم اللهم انا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل اثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم اغسل قلوبنا بالماء والثلج والبرد وطهر نفوسنا يا رب العالمين وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات المؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات اللهم وفق ولي امرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى واجعل هذا البلد امنا مطمئنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين. قوموا الى صلاتكم يرحمكم الله