ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله غيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فاتقوا الله عباد الله اتقوا الله في السر والعلن وقوموا بما فرض الله تعالى عليكم من الحقوق له ولخلقه ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها فالسعادة في الدنيا مرتكزة على ثلاث قواعد اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن. هكذا اجمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الوصايا الثلاث مرتكزات السعادة التي يدرك بها الانسان نعيم الدنيا وفوز الاخرة ان الابرار لفي نعيم. نعم انهم لفي نعيم بطاعة الله عز وجل. وبالقيام بحقه وبأداء الامانة الى فان ذلك مما تطيب به القلوب ويدرك به الانسان الحياة الطيبة في دنياه وفي قبره ويوم بعثه ونشوره اللهم اجعلنا من عبادك المتقين وحزبك المفلحين واوليائك الصالحين ايها المؤمنون عباد الله ان اعظم ما تقوم به الصلات الحسنة بين الناس ان يكون الانسان في معاملته للخلق على نصح وصدق فالصدق والبيان والنصح وسلامة السريرة من اعظم ما يدرك به الانسان صلاح ما بينه صلاح ما بينه وبين الخلق فصلاح ما بينك وبين الناس مرتكز على النصيحة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم. وقد بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من اصحابه على النصح لكل مسلم بايعهم على السمع والطاعة والنصح لكل مسلم فان النصح يجلب كل خير ويدفع كل سيئة وشر النصح مبدأه سلامة في القلب وصلاح في السريرة فانه لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه ولن يسلم الانسان من النار ولن يفوز بالجنة ولن تستقيم حاله ومعاشه ومآله الا بان يأتي الى الناس الذي يحب ان يؤتى. قال النبي صلى الله عليه وسلم من احب ان يزحزح عن النار وان يدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الاخر وليأتي الى الناس الذي يحب ان يؤتى اي ليعامل الناس بما يحب ان يعاملوه. فكل ما شق عليك في معاملة الناس. كل ما وجدت فيه غضاضة على نفسك او كراهية من معاملة غيرك لك فلا تعامل به غيرك بذلك تحقق النصيحة وبذلك تحقق النجاح وبذلك تكمل الديانة وبذلك يستقيم سرك اعلانك فان العبد اذا جرى على هاتين القاعدتين ان يحب لاخيه ان يحب لاخيه ما يحب لنفسه وهذا عمل قلبي وان يأتي للناس الذي يحب ان يعاملوه به وهذا مسلك عملي بهما يستقيم الحال ويصلح المعاش ويستقيم للانسان ما امره الله تعالى به من الحقوق. ايها المؤمنون عباد الله ان الله تعالى امرنا بالعدل ونهانا عن الظلم والامر بالعدل يشمل كل شيء في احوال الانسان واعماله. كما ان النهي عن الظلم يشمل كل شيء دقيق او دليل فالظلم ليس مقصورا على فئة من الناس ولا على بعض من تولوا الولايات او صار في ايديهم شيء من المسؤوليات بل هو في كل حال وشأن. لذلك قال الله عز وجل لعباده في خطاب عام يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا طالما فليحذر الانسان الظلم دقيقه وجليله وليسعى الى اقامة العدل في كل شأن صغير او كبير دقيق او جليل وان من اسباب الظلم التي يقع فيها كثير من الناس ويتورط فيها فئام من الخلق الغش ذاك المسلك الرديء الذي يخل بهاتين القاعدتين فالغشاش لا يحب لاخيه ما يحب لنفسه. والغشاش لا يعامل الناس بما يحب ان يعاملوه به. وبالتالي فانه فقد من الايمان ما به من المؤاخذة وما يذهب عنه ما يكون للمؤمنين من النعيم في الدنيا والفوز في الاخرة. ايها المؤمنون عباد الله اه من غش فليس منا هذا ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منبثق من القواعد المتقدمة التي تكلمنا عنها في اداء الحقوق للخلق وقواعد السعادة وما ينبغي ان يكون عليه الانسان في معاملة غيره في سره واعلانه في اعتقاد وقلبه وفي معاملته وعمله. ينبغي ان يعلم ان الغش ان الغش يهدم ذلك كله. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم من غش فليس منا. والغش منظومة من الاخلاق تظهر في القول وتظهر في العمل تظهر في معاملة الله وتظهر في معاملة الخلق. ولذلك ينبغي للمؤمن ان يحرص على قطع دابر الغش في سلوكه وفي اخلاقه وفي معاملته وفي دقيق شأنه وجليله ليحقق السلامة من تلك الخصال. فالمنافقون غششة والمؤمنون نصحة المنافقون لب مسارهم ومنطلق اعمالهم اظهار الايمان وابطال الكفر. فغشوا الناس ان المنافقين يخادعون الله والذين امنوا. وما يخدعون الا انفسهم. فكل من غش في معاملة الله او في معاملة الخلق فانما يغش نفسه ولذلك جاءت النصوص متوافرة في النهي عن الغش في كل صوره ولا يفهمن فاهم او لا يتوهمن متوهم ان الغش محصور في معاملة مالية او في صورة من صور التجارات ونحو ذلك. بل الغش منظومة من الاخلاق منبثقة من خلط الرديء بالطيب وعدم باقامة ما امر الله تعالى به من سلامة الباطن وصلاح الظاهر. من احب ان يزحزح عن النار ويدخل جنة فلتأتيه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الاخر. وليأتي الى الناس الذي يحب ان يؤتى. لو غششت في عودي اراك لوجدت في ذلك غضاضة ولرأيت انك قد بخست حقك ولو كان في ادنى ما يكون. فكيف بالغش فيما هو اكبر من ذلك فواجب على المؤمن ان يحذر الغش في كل معاملاته وفي كل شأنه دقيقه وجليله اللهم اجعلنا من عبادك المتقين وحزبك المفلحين واوليائك الصالحين يا رب العالمين. اقول هذا القول واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه. انه هو الغفور الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه احمده حق حمده له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون. ايها المؤمنون عباد الله ان الله تعالى امرنا بتوحيده وجعل على توحيده نجاة الدنيا وفوز الاخرة. فمن كان اخر كلامه من الدنيا لا اله الا الله دخل الجنة فنشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله ونسأله ان يقيمنا على هذه الشهادة وان يتوفانا عليها ان يبعثنا في زمرة رسوله صلى الله عليه وسلم عباد الله ان الله تعالى امرنا بالعدل ونهانا عن الظلم. امرنا بالعدل في كل شؤوننا. وليعلم ان العدل لا يقتصر فقط في مقام الحكم وفي مقام فصل النزاعات بل العدل يكون في كل شأن. ولذلك يجب ان يستحضر المؤمن ان العدل المأمور ينتظم به معاشه وتستقيم به حياته يصلح ما بينه وبين زوجه. ما بينه وبين ولده ما بينه وبين والده ما بينه وبين ارحامه ما بينه وبين قراباته ما بينه وبين جيرانه ما بينه وبين من يتعامل معهم من عموم الخلق ما بينه ما بينه وبين اصحاب العمل فان ذلك كله ينتظم بالعدل والنصح واقامة الحق واداء الواجب لمن امر الانسان ان يبذل اليه الحق والواجب. ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها. عباد الله ان الفساد الواقعة في حياة الناس يرجع كثير منه الى عدم النصح الذي به تستقيم المعاملات. فذاك الذي يأخذ الرشوة لا عمل وذاك الذي يقصر في وظيفته وذاك الذي يقصر في حق زوجته او يقصر في حق اولاده او لا يقوم فيجب عليه من الحقوق لجيرانه او لغير ذلك من اصحاب الحقوق فانما يحمله على ذلك جهله بان النصح يخالف هذا المسار ويباعد هذا المسلك فان النصح بيان وصدق ومبادرة الى كل بر وخير وقيام بكل ما ينبغي ان تستقيم به معاملتك مع الخلق وقبل ذلك ما يستقيم به معاملتك مع الخالق فان المعاملة مع الله عز وجل مبناها على النصح لذلك قال صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله فالنصح لله باخلاص العمل له الا يبتغي اجرا من سواه والنصح لكتابه بالاقبال عليه والاخذ منه وتعظيمه وتلاوته اناء الليل والنهار والقيام بما فيه من من الحقوق والاوامر والنواهي واما النصح لرسوله فذاك باتباع ما كان عليه من الهدي القويم لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة. والنصح لولاة الامر الذب عنهم والنصح لهم فيما يرشدهم الى البر ويباعدهم عن السوء والاجتماع عليهم وترك المخالفة وعدم بنزع اليد من الطاعة وعدم نزع يد الطاعة من ايديهم. والنصح لعموم المسلمين يكون بتلك القاعدتين ان تحب لاخيك ما تحب لنفسه وان تعاملهم بما تحب ان يعاملوك به. ايها المؤمنون عباد الله من غش ليس منا هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يظهر هذا في كل شؤونك واليك هذه القصة التي جاءت في خبر جرير ابن عبد الله الذي اخبر ان النبي صلى الله عليه وسلم بايعه على النصح لكل مسلم بعث جرير رجلا يشتري له فرسا فجاءه بفرسا بثلاث مئة درهم فلما جاء رأى الفرس في الجودة والطيب اعلى من ذلك سعرا فاتى الى صاحبه قال ان فرسك ثمنه اعلى من ذلك اترظى باربع مئة؟ قال نعم ثم عاود التفكير في جودة الفرس فقال هو باكثر من ذلك حتى بلغه ثمان مئة درهم. وقد رضي الرجل في بيعه الاول بثلاث مئة الذي حمله على ذلك انه بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم هكذا يحقق المؤمن وليأتي الى الناس الذي يحب ان يؤتاه عامل الناس بما تحب ان يعاملوك به ولا تنتظر منهم جزاء فالناس قد قال الله تعالى في شأنهم ان الانسان لربه لكنود اي يجحد نعمه ويبخس حقه جل في علاه. فاذا كان هذا هو مسلك الانسان مع ربه الذي لم ينفك عن احسانه. لم ينفك عن جودة وكرمه وعطائه في كل لحظة فكيف بمعاملته من مع الخلق انه ظلوم جهول في غالب احواله. لا يسلم من ذلك الا من زكى ايمانه وصلح قلبه وظاهره. واستقام على شرع ربه هو الذي يسلم من الظلم والجهل والكنود. لذلك لا تنتظر من الناس مقابلا على تقوى الله والقيام بحقه واداء الحقوق وصلاح العمل فانك ستتعب ولن تجني من الناس الا في الغالب حنظلة ذاك هو المسلك الذي تسلم به من كل ضيق في النفس لانك لا ترجو الاجر والجزاء الا من الرب انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. فادي النصيحة واحذر الغش واعدل في واعدل في معاملتك مع الخلق. وخالق بخلق حسن وانتظر الاجر من الله. فانه جل وعلا سيبادرك بعظيم الاجور في دنياك قبل اخراك فالابرار في نعيم في دنياهم وفي قبورهم وفي اخراهم. اللهم اجعلنا من عبادك المتقين وحزبك المفلحين يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم من سعى في بلاد المسلمين بسوء او شر او فساد او ضر فرد كيده في نحره واكف المسلمين شره. اللهم انا نسألك ان تعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم اذا اردت بعبادك فتنة فاقبضنا اليك غير مفتونين يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن. نعوذ بك من فتنة القبر وعذاب بجهنم ومن فتنة المسيح الدجال. ونعوذ بك من فتنة كل ذي فتنة يا ذا الجلال والاكرام. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار