ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. اما بعد معاشر المؤمنين ها هو الضيف الجليل قد شارف على الرحيل وها هو الشهر قد ذهب معظمه ولكن بقي اعظمه وذهب جله ولكن بقي اجله بقيت من ليالي هذا الشهر الفضيل اعظم ما فيه والاعمال بالخواتيم فمن قصر او تهاون في اول هذا الشهر فلا زال في الوقت متسع ليستدرك ما فاته ومن احسن واجاد فلا زال في الوقت متسع ايضا ليزداد في احسانه ويختم هذا الشهر برحمة الله ورضوانه معشر الاحبة الكرام كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الاواخر من هذا الشهر ما لا يجتهد في غيره كما قالت ام المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل العشر شد مئزره وايقظ اهله واحيا ليله كان عليه الصلاة والسلام اذا دخلت العشر الاواخر من رمضان شد مئزره واحياء ليلة قيل احيا كل ليله وقيل معظم ليله فكان عليه الصلاة والسلام لا يفوت شيئا من وقته الا في طاعة وكان ايضا يوقظ اهله ويوصيهم بالاجتهاد في هذه الليالي الفاضلة المباركة ومن اجتهاده صلى الله عليه وسلم في العشر الاواخر من هذا الشهر انه كان يعتكف فلم يترك النبي صلى الله عليه وسلم الاعتكاف حتى توفاه الله سبحانه وتعالى اعتكف في اول الامر في العشر الاوائل من رمظان فاتاه جبريل عليه السلام وقال يا محمد ان الذي تطلب امامك فاعتكف العشر الاواسط فقال له جبريل عليه السلام كذلك فاستقر اعتكافه في العشر الاواخر من رمضان لما علم ان ليلة القدر هي احدى ليالي هذه العشر قال الله سبحانه وتعالى انا انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر سلام هي حتى مطلع الفجر هذه الليلة من شدة حرص النبي صلى الله عليه وسلم عليها ان اعتزل الناس واعتكف في المسجد لا يخرج منه لاجل ادراك هذه الليلة ونحن نعلم جزما انها في العشر الاواخر عشرة ايام او تسعة ايام اذا احييتها كلها بالطاعة فقد ادركت ليلة القدر جزما وهل هناك عاقل لديه شيء من من العقل ومن معرفة فضل هذه الليلة ان يفوت هذا الفضل العظيم مقابل اجتهاد يسير لا يتجاوز عشرة ايام وربما تسعة ايام لا يستطيع احد ان يجزم لك اية ليلة هي ولكن العاقل من تفرغ ومن اجل اعماله معشر الاحبة ان كل من في المقابر اليوم تحت الارض لم تنجز كل اعمالهم كل من دفن في قبره لم ينجز كل ما في تفكيره فالحياة اعظم واكبر من مجرد اعمال تشغل وقت الانسان اثرها محدود وقاصر على الحياة الدنيا العاقل من فكر في عاقبة امره والعاقل من عمل ليوم سيلقى فيه ربه سبحانه وتعالى لا ينفعه مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم العاقل من اجتهد في بنيان بيت سيسكنه ابد الاباد دون انقطاع ولا موت العاقل وذو اللب ومن وفق لما ينفع نفسه هو من اجتهد لحياة باقية ومن رحمة الله سبحانه وتعالى ان يسر لنا هذا الاجتهاد ولم يطلب من الانسان فوق طاقته قال الله سبحانه وتعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها وكل شيء سيدركه الانسان ان لم تدركوا اليوم اعمالك واشغالك ولغوك وكلامك واصحابك لن يطيروا مع الهواء ولا انت ولن يتغير الكون اذا لم تنجز اعمالك اليسيرة في هذه الايام فلماذا لا نفرغ انفسنا في هذه الليالي القليلة لله سبحانه وتعالى كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قائدا دولة وقائد جيش وكان قاضيا ومفتيا ورسولا وزوجا وعنده ابيات وليس بيتا واحدا ومع ذلك كان يعتزل في هذه العشر مع ربه سبحانه وتعالى وحده هذه الايام الفاضلة ان لم يختلي الانسان فيها بربه فمتى متى يختلي ان لم يتزود في هذه الايام بمدد الايمان الذي سينفعه ان شاء الله تعالى في مقبل الايام فمتى سيتزود لذلك كما قال الله سبحانه وتعالى عن شهر رمضان كله اياما معدودات وفعلا لا نزال نتذكر دخول هذا الشهر ونحن في اخره اليوم وسيمضي سريعا والموفق حقا والسعيد صدقا من لم يمضي عليه هذا الشهر الا وقد استغله واستثمره احسن استغلال والا فالدقائق لا تقف لاحد لا تقف للمجتهد ولا تقف لغيره ولكن العبرة بمن اودعها من اعمال تقر عينه بها اذا رآها يوم القيامة. فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا واياكم لمرضاته وان يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته انه ولي ذلك والقادر عليه. اقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل لذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم