في غيبته بدون مسروغ شرعي مجرد تقطيع الوقت لا تقول هذا الكلام له لتنصحه ولا تقوله لتحذر ربما من الخطأ الذي وقع فيه. وانما تقوله لمجرد تسلية او تقضية وقت ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. اما بعد فان خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وان شر الامور محدثاتها وان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ومن هدي النبي صلى الله عليه وسلم ومنهج حياته الذي حث المسلمين على انتهاجه ان يحرص الانسان على ما ينفعه وقد لخص النبي صلى الله عليه وسلم هذا المنهج بوصيته الشهيرة احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز الانسان معشر الاحبة الكرام محدود في عمره ومحدود في وقته ومحدود في طاقته فمن الغبن ومن الخسارة ان يهدر الانسان عمره ووقته وطاقاته العقلية والجسدية والنفسية بغير ما ينفعه جعل الله سبحانه وتعالى هذه الدنيا ميدانا للعمل واعطانا الصحة والفراغ لنقدمهما ونزرعهما في ميدان الحياة لنحصدهما بعد ذلك يوم القيامة ولكن كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الناس اكثرهم يخسر في هذه الصفقة فقال عليه الصلاة والسلام نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس. الصحة والفراغ رأس المال الذي اذا استثمره الانسان انتج له الثمار التي يقطفها في يوم القطاف يوم القيامة وجعل لنا مساحة لاستثمار هذا العمر بهذا الزمن لذلك حثنا عليه الصلاة والسلام ان نحرص على ما ينفعنا والا يقدم الانسان على امر الا وفيه منفعة في الدنيا وفي الاخرة فيابى بعض الناس الا ان يشتت هذه الطاقات وان يهدر هذا الوقت فيما لا يعود عليه بالنفع ويتفنن الشيطان في هذا التشتيت كل بما يستهويه كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى بكتابه اغاثة اللهفان يأتي الشيطان الانسان فيتشامى بيعرف ما الذي يستهويه فبعض الناس يستهويه تتبع الشهوات وبعض الناس يستهويه الغلو وبعض الناس يستهويه النظر ومراقبة وتتبع عورات الاخرين فيمد كل واحد بما يستهويه وهذا من اعظم ما يضيع على الانسان حسناته وعمره وطاقاته قال الله سبحانه وتعالى ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وابقى فينظر الانسان الى غيره بنظرين النظر الاول نظر تتبع ما اعطى رب العالمين سبحانه وتعالى هذا الانسان من نعم فيتحسروا وقد يصل به الحال الى ان يحسده فيهدر وقته وطاقته وحسناته في هذا والنظر الثاني نظر تتبع العورات والزلات فينظر ويتصيد الانسان ويراقب غيره ليتلقف منه زلة هنا او خطأ هناك حتى يذكرها بين الناس ويدخل في غيبة هذا الانسان وهذا مما اغرى الشيطان به كثيرا من الناس ليهدر به حسناتهم واوقاتهم وعمرهم ويشغلهم في غيرهم وقد حذر رب العالمين سبحانه وتعالى من هذا الخلق الذميم في اكثر من موضع في كتابه وحذر منه النبي صلى الله عليه وسلم كذلك قال الله عز وجل في قصة الافك التي وقعت فيها الطاهرة المطهرة ام المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها طائفة من الناس وقعوا في عرضها وتكلموا فيها كذبا وافتراء قال الله عز وجل اذ تلقونه بالسنتكم وتقولون بافواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم يجلس الانسان في مجلس من المجالس يقطع الوقت مع اصحابه فيتناولون سيرة فلان او عرظ فلان ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم فلان سرق كذا فلان فعل كذا فلان حصل له كذا وكذا اذ تلقونه بالسنتكم وتقولون بافواهكم ما ليس لكم به علم. هذا الكلام الذي قالوه لم يروه باعينهم ولم يتثبتوا منه بانفسهم بل تلقفوه بالسنتهم وهذا التعبير القرآني الدقيق الذي يدل على عدم التحقق وعدم التثبت بل كأن الكلمة مجرد ما وقعت وقعت على لسانه مباشرة تلقونه بالسنتكم مع ان الانسان يتلقى الكلام باذنه لكن هذا الانسان لشدة حرصه على نقل الكلام كأنه يتلقى الكلام بلسانه اذ تلقونه بالسنتكم مباشرة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم بحسب امرئ من الشر ان يحدث بكل ما سمع وتقولون بافواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينة. يقولها في جلسة دقائق يشرب معها الشاي ويتضاحك مع اصحابه ويمضي ويظن ان الامر هين وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم وفي سنن ابي داود وغيره عن ابي برزة الاسلمي رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا معشر من امن بلسانه ولم يدخل الايمان في قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فان من اتبع عورة اخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه في جوف داره تحذير واضح صريح من النبي عليه الصلاة والسلام في امرين اثنين الاول لا تغتابوا المسلمين والغيبة بينها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث وهو ذكرك اخاك بما يكره حتى لو كان فيه ما تقول لان الصحابة رضي الله عنهم قالوا يا رسول الله ارأيت ان كان فيه ما اقول؟ يعني فعلا فلان فعل هذا الشيء قد يكون رأيته بعيني ربما قال عليه الصلاة والسلام ان كان فيه ما تقول فقد اغتبته. وان لم يكن فيه ما تقول فقد اهته فالغيبة ذكرك مساوئ اخيك فهذا كما قال عليه الصلاة والسلام لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم بعض الناس يتتبع يبحث في افعال الناس واقوالهم وكلامهم ليقف على زلة هنا او عثرة هناك فيترك المحاسن ويركز ويذكر المساوئ هذا الذي يفعل ذلك توعده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله فمن تتبع عورة اخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في داره حتى لو تستر بداره فمن شاء الله سبحانه وتعالى ان يفضحه فضحه. لذلك اخواني الكرام من هدي النبي صلى الله عليه وسلم انه يحث الانسان على الحرص على ما ينفعه وعدم اهدار حسناته وعمره واوقاته في غير ما ينفعه بل فيما يضره مع الاسف الشديد. اقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب غفروه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد ابن عبدالله وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد معشر الاحبة الكرام علينا الا نحرص فقط على تحصيل الحسنات والاجور بل علينا ان نحرص كذلك على المحافظة على هذه الحسنات والاجور فان بعض الناس ربما يكسب جملة من الحسنات من جهة ويهدرها ويظيعها من جهة اخرى وان اعظم ما يهدر الانسان به حسناته هو الطعن والاعتداء وظلم الاخرين. سواء في اموالهم او في اعراضهم او في ابدانهم لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشهير اتدرون من المفلس فقالوا يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال عليه الصلاة والسلام المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات امثال الجبال ولكن يأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا واكل مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته وهذا من حسناته حتى اذا فنيت حسناته اذا اكثر الانسان من هذه الافعال نسأل الله السلامة والعافية سيكثر طلابه يوم القيامة وربما لا تكفي حسناته لسد هذه الديون ويبقى من الناس بقية لم يحصلوا على حقوقهم فما الذي يحدث؟ قال عليه الصلاة والسلام حتى اذا فنيت حسناته اخذ من سيئاتهم ثم طرحت عليه فطرح في النار يطرح بالنار جراء سيئات الاخرين الذين اغتابهم اداء لحقهم يوم القيامة والمضحك في الامر ان هؤلاء الذين اعطاهم من حسناته الثمينة يوم القيامة هم الذين كان يبغضهم في الدنيا لذلك قال بعض السلف والله لو كنت مغتابا احدا لاغتبت والدي فهم اولى الناس بحسناتي لو كنت ساغتاب احدا لن اغتاب الا والدي لانهم اولى الناس بحسناتي تأتي يوم القيامة بمن اغتبتهم ووقعت فيهم في الدنيا وانت تنظر يأخذون حسناتك وصيامك وصدقاتك وغيرها من اعمالك. بل يعطونك سيئاتهم بان هذه حقوق وحقوق الناس لا تضيع كما قال الله سبحانه وتعالى احصاه الله ونسوه لذلك كانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم العظيمة والشهيرة انه قال لمعاذ امسك عليك هذا امسك عليك هذا واشار الى لسانه عليه الصلاة والسلام فقال يا رسول الله او نؤاخذ بما نقول؟ فقال ثكلتك امك يا معاذ. يعني كيف تسأل هذا السؤال؟ وهل يكب الناس بالنار على وجوههم او قال على مناخرهم الا حصائد السنتهم مما يدل على ان من اخطر الاسباب الدافعة للناس في دخول جهنم. نسأل الله السلامة والعافية هو هذا اللسان ربما لا يجسر المسلم على الزنا ولا على السرقة ولا على كثير من الفجور. ويظن انه قد نجا بينما يطلق لسانه يمنة ويسرة في اعراض الناس يغتاب الناس ويكسب كل يوم من الاثام الخطيرة والعظيمة حتى يراها نسأل الله السلامة والعافية يوم القيامة كامثال الجبال فتؤخذ حسناته امام عينه وهو يرى ووالله يا اخواني ان هذا من اعظم الغبن والخسارة ارأيت لو فتحت دارك ورأيت الناس يدخلون الى دارك هذا يأخذ جهازا وهذا يأخذ اثاثا وهذا يفتح ويأخذ مالك وانت ترى لا تستطيع ان تفعل شيئا. ما شعورك سيحدث اعظم من هذا يوم القيامة اذا تساهلت في اعراض الناس. وتساهلت في الكلام بالناس سيأخذ الناس حسناتك امام عينيك وانت تراه الذي يرظى لنفسه بهذا فانه يرظى لها بامر ثقيل فلنتخفف اخواني اليوم فان الانسان مليء بالزلات والتقصير فمن الحمق ان يحمل الانسان نفسه من الزلات والاوزار فوق ما تحتمله. فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يبصرنا بحقيقة انفسنا وان يجنبنا الزلل وان يعيننا على طاعته وذكره وشكره وحسن عبادته. اللهم اغفر لنا ذنوبنا اللهم اغفر لنا ذنوبنا اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. اللهم لا تدع لنا في في مقامنا هذا ذنبا الا غفرته. ولا عيبا الا سترته. ولا هما الا فرجته. ولا حاجة من حوائج الدنيا والاخرة هي لك رضا ولنا فيها صلاح الا يسرتها واتممتها يا رب العالمين اللهم فرج هم المهمومين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين اللهم اشف مرضانا او مرضى المسلمين وارحم موتانا وموتى المسلمين. اللهم انصر اخواننا المستضعفين في كل مكان. اللهم انصر اخواننا مستضعفين في كل مكان. اللهم انصر اخواننا المستضعفين في كل مكان. اللهم امنا في اوطاننا. واصلح ائمتنا وولاة امورنا ووفق للحق امامنا وولي امرنا يا رب العالمين. اللهم ابرم لهذا البلد امرا رشدا. يعز فيه اهل الطاعة ويذل فيه اهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر. عباد الله ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون. فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم. ولذكر الله والله يعلم ما تصنعون