وفي الانتفاع به وفي امساكه في الارض فان الله تعالى برحمته جعل الارض حواء تحفظه لكم كما قال جل وعلا وانزلنا من السماء ماء فاسكناه في الارض وانا على ذهاب الخاسرين اقول هذا القول واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. حمدا يرضيه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولي مرشدا واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين. لا اله الا هو الرحمن الرحيم. واشهد ان محمدا عبده الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد فاتقوا الله عباد الله اتقوا الله حق التقوى في السر والعلن في الغيب والشهادة فيما بينكم وبينه وفيما بينكم وبين الخلق ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له اجرا. ايها المؤمنون عباد الله ان نزول الامطار نعمة عظمى يتفضل الله بها على عباده وقد ذكرهم جل في علاه بهذه النعمة في مواضع كثيرة من كتابه ممتنا بها عليهم ومذكرا لهم بها. قال تعالى الم ترى ان الله انزل من السماء ماء فتصبح الارض مخضرة. ان الله لطيف خبير. والمطر ايها المؤمنون رحمة يرحم الله تعالى بها العبادة والبلاد. يرحم الله بها الحي والجماد. ولذلك سماه الله تعالى في كتابه رحمة. فقال تعالى وهو الذي ارسل الرياح بشرا بين يدي رحمته. وقال سبحانه وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد. وقال جل في علاه فانظر الى اثار رحمة الله كيف يحيي الارض بعد موتها فبهذا الماء النازل من السماء يحيي الله تعالى العباد والبلاد به تطيب حياة الناس معاشهم يطيب مالهم من حياة في هذه الدنيا. فلا قوام لهم الا به. قال الله جل على وانزلنا من السماء ماء طهورا لنحيا به بلدة ميتة ونسقيه مما خلقنا انعاما واناسي كثيرا قال جل في علاه والذي نزل من السماء ماء بقدر فانشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون ومن اياته انك ترى الارض خاشعة. فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت. ان الذي احياها لمحيي الموتى انه على كل شيء قدير. فبالماء حياة كل شيء كما قال الحق جل في علاه. وجعلنا من الماء شيء حي فانتم ايها الناس الى الله فقراء في كل اموركم. انتم ايها الناس الى الله فقراء في كل شؤونكم واحوالكم. فما بكم غنى عن فضله ورحمته هو الذي ينزل الغيث فتحي به الارض فمنه تشربون ومنه تزرعون وبه تحيون افرأيتم الماء الذي تشربون فانتم انزلتموه من المزني ام نحن المنزلون؟ لو نشاء جعلناه اجاجا فلولا تشكرون وارسلنا الرياح لواقح فانزلنا من الماء من السماء ماء فاسقيناكموه وما انتم له بخازنين. انتم الفقراء الى الله يا عباد الله. في كل احوالكم في نزول في نزول القطر من به لقادرون وهذا اشارة الى نعمة اخرى ينعم الله تعالى بها على عباده فان مياه الابار انهار ومياه العيون وما يجري على الارض من ماء عذب طيب اصله من ماء السماء الذي ينزله الله تعالى بقدر فيسكنه في الارض وهو على ذهاب به قادر. قل ارأيتم ان فمن يأتيكم بماء معين؟ انتم انتم الفقراء الى الله في الماء النازل من السماء والماء النابع اي من الارض لا غنى بكم عن فضله طرفة عين جل في علاه. وهو سبحانه يجري ما ينزله من السماء اي من الماء وغيره بقدر لا يزيد ولا ينقص. قال جل في علاه وانزلنا من السماء ماء بقدر اي بمقدار لا يتجاوز ذلك القدر فيه حكمة بالغة ورحمة عظيمة فلو زاد لهلك الناس ولو نقص لهلك الناس قال جل في وان من شيء الا عندنا خزائنه فكل خزائن المطلوبات والمحبوبات والمرغوبات عند رب الارض والسماوات وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم. ان الله تعالى يجري نزول هذه الامطار على رحمة وحكمة فقد صرفه بين عباده فتجد من الجهات والاماكن ما امطاره متتابعة وله في ذلك حكمة. ومن البقاع والاراضي ما لا يأتيه القطر الا قليلا. وفي ذلك حكمة ورحمة. قال جل في علاه وهو الذي ارسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وانزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتة ونسقيه من ما خلقنا انعاما واناسي كثيرا. ثم قال جل في علاه ولقد صرفناه بينهم. صرف الله تعالى الامطار بحكمة ورحمته بين عباده فيه في غاية الاتقان والاحكام فهو الحكيم الخبير جل في علاه يعلم ما اصلحوا الناس وما يفسد معاشهم يعلم ما يصلح حياتهم وما يفسد حياتهم. ولذلك اجرى كل ذلك وفق حكمته فصرفه بينهم ليذكروا. اجره جل في علاه على هذا النحو المتفاوت في القدر وفي النزول وفي الامساك كل ذلك وفق حكمة ورحمة وما تشاؤون الا ان يشاء الله ان الله كان عليما حكيما ولكن الله جل في علاه برحمته جعل هذا الامساك موجبا لاقبال العباد اليه وافتقارهم اليه. فالعباد اليه فقراء في العطاء في العطاء والمنع وفي الامساك والهبات. كل ذلك لا يخرجهم عن كونهم فقراء الى الله عن كونهم وقرأ الى الله عز وجل فاستشعروا فقركم اليه. فالانسان اذا احس بالغنى طغى كما قال تعالى كلا ان الانسان لا يطغى ان رآه استغنى وانظر الى قوله ان رآه استغنى اي اذا ظن انه استغنى ولا غنى باحد عن الله مهما بلغ قوة وقدرة ومكنا فالعباد كلهم في قبضته جل في علاه وهم اليه فقراء ان كل من في السماوات والارض الا اتي الا اتي الرحمن عبدا. وكل من في السماوات والارض له قانت. فلا خروج لاحد قدر الله وحكمه جل في علاه. فاستشعروا فقركم اليه وعظيم فاقتكم اليه. فبذلك تستجلبون الخيرات يستدفعون البليات وتقوموا بما امركم الله تعالى. ولهذا كان من اهم الاسباب التي تستجلب بها الخيرات بها المكروهات ويدرك بها الانسان المرغوبات ان يتقي رب الارض والسماوات ان يستشعر تقوى الله عز وجل في سره وعلنه في غيبته وشهادته في حق الله وفي حق عباده. فبهذا يدرك العبد خيرا عظيما وبر كبيرا من الله عز وجل فان تقوى الله جل في علاه تجلب كل خير ويستدفع بها العبد كل شر ويدرك بها ما وامله من سعادة الدنيا وفوز الاخرة. ولذلك ذكر الله تعالى عباده بعظيم نفع التقوى فقال ولو ان يا اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض. وقال جل في علاه ولو انهم اقاموا التوراة والانجيل وما انزل اليهم ربهم لاكلوا من فوقهم ومن تحت ارجلهم. وقال جل وعلا وان لو استقاموا على الطريق لاسقيناهم ماء غدقا كل ذلك وعد منه جل في علاه. كل ذلك وعد منه سبحانه وبحمده. ان العبادة اذا استقاموا على طاعته وقاموا بما امر الله تعالى به فتح الله لهم بركات السماء والارض واكلوا من فوقهم ومن تحت ارجلهم وفتحت عليهم الخيرات وادركوا ذلك سعادة الدارين سعادة الدنيا بولاية الله ونصرته وتأييده واعانته واجابة الدعوات وسعادة بالفوز والسبق وتزودوا فان خير الزاد التقوى. اللهم اجعلنا من عبادك المتقين وحزبك المفلحين واوليائك واغفر لنا يا ذا الجلال والاكرام كل ذنب صغير او كبير. ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد فاتقوا الله عباد الله. اتقوا الله تعالى واستغفروا. ان ربي رحيم ودود. استغفروا ربكم وتوبوا اليه ان ان ربي قريب مجيب. استغفروا ربكم وتوبوا اليه في الدقيق والجليل والصغير والكبير والسر والعلن. فان من اعظم الاسباب التي تدرك بها المطالب وينجو بها الانسان من الكروب والمخاوف ان يكثر الاوبة والرجوع الى الله تعالى بالتوبة والاستغفار فالاستغفار من اعظم اسباب نزول الغيث. كثرة الاستغفار والتوبة موجبة لعطاء الله عز وجل. فاذا احتبس المطر وارادوا خيرا فليكثروا من استغفار الله عز وجل وادراك ما يؤملون بالتوبة اليه جل في علاه. وهذا جاء في ثلاثة خطابات نبوية للامم التي بعثوا اليها فهذا نوح اول رسول ارسله الله تعالى الى اهل الارض يقول في دعوته لقومه فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا اي متتابعا يروي يروي الله تعالى به الشعاب والوهاد ويحيي به العباد والبلاد ويمددكم باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا. كل ذلك من ثمرات الاستغفار ونتائجه وجميل عواقبه وقال هود لقومه ويا قومي استغفروا ربكم ثم توبوا اليه. يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة الى قوتكم فالمطر به تقوى الابدان وتقوى اقتصاديات وتقوى حياة الناس فبفظل الله عز وجل اذا استغفر العباد الله عز وجل صادقين انزل عليهم ما تقوى به قلوبهم وتحيا بها وتحيا به ابدانهم نطيب به معاشهم ويكثر الخير بينهم. وقد قال وقد قال الله عز وجل في كتابه الحكيم وان استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يمتعكم متاعا حسنا الى اجل مسمى. ويؤتي كل ذي فضل فضلا. فهذه الايات الكريمات تبين ان الاستغفار من مفاتيح البركات التي يدرك بها الناس بركات السماء والارض. لذلك قال تعالى فاستغفروا وثم توبوا اليه ان ربي قريب مجيب. ايها المؤمنون عباد الله استغفروا الله عز وجل في صلواتكم وفي سائر اوقاتكم وارجو من الله العطاء فانه جل في علاه يجزل لعباده المستغفرين المستغفرين الهبات والعطايا ايها المؤمنون ان مما يستجلب به المطر بل مما يستجلب به كل خير يرجوه الانسان ان يحسن بقوله وقلبه وعمله فالاحسان من موجبات عطاء الله عز وجل. ولذلك قال جل في علاه هل جزاء الاحسان الا الاحسان وقال سبحانه وتعالى ان رحمة الله قريب من المحسنين. فاحسنوا بكل ما تستطيعون بالكلمة الطيبة وبالصالح من العمل وباعانة غيركم وببذل اموالكم وارجو الله تعالى وارجو من الله تعالى الخير والعطاء فانه سبحانه كريم جواد يحب المحسنين رحمته قريب من المحسنين ويجازي المحسنين بالاحسان فاحسنوا بكل ما تستطيعون ولا تحقروا من المعروف شيئا ولو كان ادنى ما يكون. قال النبي صلى الله عليه وسلم اتقوا النار ارى ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة. ايها المؤمنون عباد الله ان مما تستجلب به الخيرات ويستجلب به المطر ان يكثر العبد من سؤال الله عز وجل ودعائه وان يلح عليه في طلب خيري الدنيا والاخرة. فالدعاء واعظم اسلحة المؤمن الدعاء باب عظيم من ابواب الخير يستفتح به عطاء الله عز وجل ويستجلب به ما يأمله الانسان من سعادة الدارين وفي الاستسقاء عدة صور من الدعاء من ذلك صلاة الاستسقاء التي شرعها النبي صلى الله عليه وسلم حيث وعد صلى الله عليه وسلم اصحابه وخرج بهم الى المصلى فصلى ركعتين ثم ودعا واستقبل القبلة وحول رداءه صلى الله عليه وسلم. وهذه سنة عمل بها النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه وجرى عمل اهل الاسلام الى يومنا هذا. ايها المؤمنون عباد الله ان من صور الدعاء في الاستسقاء ان يدعو الانسان الله عز وجل في خاصة نفسه في صلاته في سجوده في ادبار الصلوات وبين الاذان والاقامة وفي اعطني الاجابة ان يغيث الله تعالى العباد والبلاد. ومن صور الاستسقاء وطلب الغيث ما جرى من النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة حيث دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فقال قائما مخاطبا رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هلكت الاموال وانقطعت السبل فادعوا الله ان يغيثنا فادعوا الله ان يغيثنا قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه لما سمع هذا الرجل فقال اللهم اغثنا اللهم اغثنا اللهم اغثنا كررها ثلاثا صلى الله عليه وسلم فما نزل صلى الله عليه وسلم من من منبره الا والماء يتحذر من لحيته صلى الله عليه وسلم حتى قال انس لم نرى الشمس اسبوعا من ذلك اليوم حتى الجمعة القادمة. حتى الجمعة القادمة جاء رجل اخر فقال يا رسول الله هلكت الاموال وانقطعت السبل فادعوا الله يمسكها عنا اي كثر فترتب عليه من الاذى للناس ما جعل هذا الرجل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ان يدعو الله بامساك الامطار لم يدعو النبي صلى الله عليه وسلم بامساك المطر بل قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الاكام والظراب وبطون الاودية منابت الشجر فانقطعت فانقلعت وانقشعت الامطار عن المدينة وامطر ما حولها. ايها المؤمنون عباد الله ارجو من الله خيرا وايقنوا ان الله جواد كريم. وانه ما من احد يرفع يديه الى ربه جل في علاه. الا ويجد خيرا عظيما من الله اما ان يجيبه الى دعائه واما ان يصرف عنه من الشر مثلما دعا واما ان يدخرها اجرا له في الاخرة. فلا احرموا انفسكم هذا الخير العظيم بالنشأ الى الله ودعائه ولا يقل احد دعوت فلم يستجب لي. فالله كريم عظيم جواد عليم خبير حكيم فيما يعطي حكيم فيما يمنع. اللهم امنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم وفق ولي امرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الى ما تحب وترظى. خذ بنواصيهم الى البر والتقوى سددهم في الاقوال والاعمال يا ذا الجلال والاكرام. ربنا ادفع عنا وعن المسلمين كل شر وبلاء وفتنة. اللهم من ارادنا والمسلمين او فتنة او ضر فرد كيده في نحره واكفناه بما شئت يا ذا الجلال والاكرام. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم على ال ابراهيم انك حميد مجيد