من الاعمال والاشغال الا ما تطيق وتستطيع فكيف بالاذهان الصغيرة اذا زحمت بها ما لا طاقة لها به وذلك عبء ثقيل قال سبحانه واذ اخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه. فنبذوه المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله خطبة في اصلاح التعليم. الحمد لله الذي امرنا ان نأتي البيوت من ابوابها وان نسير في طريق مصالحنا بتعرف مناهجها واسبابها. واشهد ان لا اله الا الله الذي اخرجنا من بطون امهاتنا لا نعلم من العلوم قليلا كثيرا وجعل لنا الاسماع والابصار والافئدة لنشكره. بصرفها الى المعارف النافعة وكان ربك قديرا. واشهد ان محمدا عبده ورسوله الذي ارسل الى جميع الثقلين بشيرا ونذيرا. وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا. اللهم صلي سلم على محمد وعلى اله واصحابه صلاة وسلاما كاملا كثيرا. اما بعد ايها الناس اتقوا الله بمعرفة الخير واتباعه ومعرفة الشر وتركه واجتنابه. واعلموا ان العلم هو الاساس الذي يستقيم عليه البنيان. وبه الصلاح والفساد والكمال والنقصان فليكن تأسيسكم على علوم نافعة صحيحة ومعارف قوية صادقة رجيحة. فالعلوم النافعة كلها تنقسم الى مقاصد ووسائل. فالمقاصد هي الاصول المصلحة للعقائد والاخلاق والفضائل. وهي العلوم الدينية التي بينها الرسول وحث عليها هي التي لا تنفع العلوم كلها الا اذا بنيت عليها. فوجهوا رحمكم الله وجوهكم ووجوه المتعلمين الى علوم الدين. واغرسوا هذا الغراء قاس الجميل الباقي في اذهان الناشئين. فبذلك تصلح الاحوال وتزكوا الاعمال. وبذلك يتم النجاح في الحال والمآل. وبذلك تصلح العقائد والاخلاق وبه يسير التعليم الى كل خير وينساق. ولا يتم ذلك الا بتخيل الاساتذة الفضلاء الناصحين. هم ملاحظتهم التامة لاخلاق المتعلمين. وان يعلق النجاح والشهادات الراقية لمن جمع بين العلم والدين. فان العلم الخالي من الدين لا يزكي صاحبه وانما هو صنعة من الصناعات. ولابد ان يهبط باصحابه الى اسفل الدرجات. اما رأيتم حالة المدارس المنحرفة حين اهمل فيها تعليم الدين كيف انساق اهلها الى الشر والالحاد؟ وكيف كان الكبر ملء قلوب اهلها؟ واعرضوا عن رب العباد. فالعلوم العصرية اذا لم تبنى على الدين شرها طويل. واذا بنيت على الدين اي نعت بكل ثمرة جميلة وعمل جليل. لقد افترى من زعم ان العلوم تتقوى بغير الدين. ولقد خاب من توسل بعلوم المادة المحضة وخسر الخسران المبين. اما ترون الماديين كيف انحلت منهم الاخلاق جميلة وحصلوا على كل خصلة رذيلة. اما ترونهم يسعون خلف اغراض النفوس وخسيس الشهوات؟ اما تشاهدون احوالهم فوضى قد مرجع تفيهم المعنويات والصفات. اما ترونهم حين عرفوا شيئا من علوم الطبيعة اعجبوا بانفسهم فهم مستكبرون. وحين جاءتهم علوم الرسل احتقروها وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. فنعوذ بالله من علم لا ينفع ومن نفس لا تشبع. ودعاء لا يجاب ولا يشفع. قال الله تعالى ادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة. وقال سبحانه ولكن كونوا ربانيين بما كنتم علمونا الكتاب وبما كنتم تدرسون. لقد ارشدنا ربنا الى الطريقة المثلى في تعليم المتعلمين. وان نسلك اقرب طريق يوصل المعارف الى اذهان المشتغلين. فلا نزحمها بكثرة الفنون. فان الاذهان لا تتحملها ولا تلقي عليها من المسائل ما لا تطيقها ولا تحفظها بل تلقي على كل احد ما يتحمله ذهنه وما يشتاق اليه وتتعاهده بالدرس والاعادة وكثرة المرور عليه عليه. فالقليل الثابت الراسخ البنيان خير من الكثير الذي هو عرضة للزوال والنسيان. فتزاحم العلوم يضيع بعضها بعضا وتوجب الكسل والملل. وذلك من اعظم الاضرار والاخلال وشدة الخلل. فكم من تلميذ على هذا الوصف مكث المدة الطويلة بغير معرفة صحيحة ونجاح. وكم من تلميذ سلك الطريق النافع ففاز بكل خير وفلاح. فكما ان التقوى لا وهو وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم