اعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم ايا من معدودات فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين. فمن تطوع خيرا فهو خير له خير لكم ان كنتم تعلمون شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه. ومن كان مريضا او فعدة من ايام اخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم واذا سألك عبادي عني فاني قريب. اجيب دعوة الداعي اذا دعاني فليستجيبوا لي. وليؤمنوا بي فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون احل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم هن لباس لكم وانتم لباس لهن. علم الله انكم كنتم فتاب عليكم فتاب عليكم وعفا عنكم. فالآن باشروهن وابتغوهما كتب الله لكم. وكلوا واشربوا. حتى يتبين لكم الخير الابيض من الخيط الاسود من الفجر. ثم اتموا الصيام ان يكون حريصا على اداب النبي على التخلق باخلاق اهل العلم وطلاب العلم في قوله وعمله وسمته ودله وجميع ما يكون من شأنه وامره طالب العلم ارتفع من حظيظ الرذائل الى الليل ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساء تلك حدود الله فلا تقربوها الله اياته كذلك يبين اياته للناس لعلهم يتقون بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الاتمان الاكملان على اشرف الانبياء والمرسلين وخيارة الله من الخلق اجمعين وعلى اله وصحبه ومن سار على سبيله ونهجه وسن بسنته الى يوم الدين اما بعد اسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يجعل اجتماعنا هذا اجتماعا مرحوما وان يجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما ربي لا تجعل فينا ولا منا ولا ممن حضر معنا واستمع الينا شقيا ولا محروما في بداية هذه الدروس يحسن التنبيه على امور ينبغي لطالب العلم ان يستحضرها بل ينبغي على كل مسلم ان يستذكرها خاصة في معاملته مع الله وبالاخص اذا كان طالب علم يريد التقرب الى الله بعلمه فاعظم هذه الامور واجلها على الاطلاق التذكير بحق الله سبحانه وتعالى ان الله سبحانه وتعالى اذا اراد ان يبارك لطالب العلم في طلبه وان يرزقه السداد والتوفيق في تعلمه وعلمه وعمله بذلك العلم وتعليمه للناس اكرمه بالاخلاص لوجهه وارادة ما عند الله سبحانه وتعالى من الاجر والمثوبة وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على تعظيم امر الاخلاص فينبغي على طالب العلم ان يستحضر هذه النية الخالصة لوجه الله سبحانه وتعالى في كل مجلس يجلسه يكون امره مع الله سبحانه وتعالى على اتم الوجوه واكملها من القيام بحقه وحقوقه وادائه على الوجه الذي يرضيه وان يبتعد كل البعد عن الرياء والسمعة والمراء والجدد في العلم الامر الثاني ينبغي على طالب العلم ان يسأل الله مخلصا من قلبه ان يكون علمه نافعا شافعا له يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم فيسأل الله سبحانه وتعالى العلم النافع ولذلك صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يقول في اذكار الصباح بعد صلاة الفجر اللهم اني اسألك علما نافعا وعملا صالحا ورزقا واسعا وعملا متقبلا فهذا يدل على انه ينبغي لطالب العلم ان يستكثر من الدعاء والرجاء في الله سبحانه وتعالى ان يكون علمه نافعا فاذا كان العلم نافعا شرح الله به صدر صاحبه ورزقه الطمأنينة والتيسير في طلبه لذلك العلم وجعل ما يتعلمه نافعا له في دينه ودنياه واخرته فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يجعلنا ان يجعل علمنا نافعا شافعا يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم ومما يدل على وجود النفع في العلم ان يكون هذا العلم سببا في زيادة الخشية لله سبحانه وتعالى ولذلك قال الامام احمد رحمه الله اصل العلم خشية الله وهذا تظهر دلائله انا طالب العلم كلما ازداد من العلم فانه ينكسر قلبه لله جل جلاله ويصبح قريبا من الله وكلما اقترب من ربه هابه وطمع في رحمته ورجى ما عنده من حسن الثواب وحسن العاقبة والمآاب هذا العلم الذي يورث الخشية هو العلم المبارك وهو العلم النافع ولذلك وصف الله اهل العلم الذين اوتوا العلم بحق وكانوا من اهله القائمين بحقه وحقوقه انهم اهل الخشية وتظهر اثار هذه الخشية بالعمل من بعمله بعلمه فان الذي يطلب العلم ويكون في قلبه معظما لله سبحانه وتعالى فانه تظهر اثار العلم في قوله وعمله وسمته ودله. ولذلك قال ابراهيم النخعي رحمه الله عن السلف الصالح من الماضين كان الرجل اذا طلب العلم ظهرت اثار العلم في سمته وشأنه كذلك مما يوصى به طالب العلم ان يكون حريصا على العمل بعلمه فهتف العلم بالعمل فان اجابه والا ارتحل فان الايات والاحاديث المباركة من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم انما يراد بها العمل يحرص طالب العلم على العمل بما علم وان اكون هذا العلم في قوله وعمله وجميع شأنه فاذا فعل ذلك جعله الله مهتديا في نفسه فاذا صار مهتديا لنفسه جعله الله هاديا لغيره المهتدي في نفسه بصلاح قوله وعمله واستقامته لربه ان الله يجعله اماما للمتقين وقدوة للاخيار والصالحين. نسأل الله بعزته وجلاله وعظمته وكماله ان يجعلنا واياكم ذلك الرجل ومما ينبغي على طالب العلم الى قمم الفضائل بالاخلاق الفاضلة التي يقرأها في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم سيحفظ لسانه ويحفظ جوارحه عن كل ما يغضب الله سبحانه وتعالى فيما بينه وبين الله وفيما بينه وبين الناس فاذا فعل ذلك فتحت ابواب الخير في وجهه ويسر الله له امره وشرح له صدره واصبح في نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى. وهذا هو الذي كان عليه الصالحون من المهتدين من الاولين من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم باحسان ومما يعين طالب العلم على طلبه للعلم وسمو نفسه الى الدرجات العلى في طلبه للعلم ان يحرص على اخوة الصادقين وصحبة عباد الله المتقين فهم القوم الذين لا يشقى بهم جليس يحرص طالب العلم على ان يجد القرناء الصالحين الذين يعينونه على محبة الله ومرضاة الله يتذاكر معهم العلم ويتذاكر معهم ما تعلمه من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ومذاكرة العلم ومدارسته مع طلبة العلم. تتفتق بها الاذهان وينشرح بها صدر طالب العلم سيكمل بها نقصه ويجبر بها باذن الله كسره. واعلم بان العلم بالمذاكرة والدرس والفكرة والمناظرة وستكوني ان شاء الله قوله فمن كان مريضا هذا عذر قهري لان المرض ليس بيد الانسان اعاذنا الله واياكم منه وانما هو يدهم على الانسان فهو عذر مقهور عليه واما السفر فانه يسافر متى اراد المجالس في شهر رمضان باذن الله عز وجل في تفسير ايات الصيام ونسأل الله بعزته وجلاله ان يعيننا على ذلك ان يرزقنا الصواب ان يجنبنا الزلل في القول والعمل هذه الاية الكريء ايات الكريمات من سورة البقرة اشتملت على بيان جملة من الاحكام والمسائل المتعلقة بعبادة الصوم استفتحها الله جل جلاله بهذا النداء الكريم الذي ينادي به صفوة خلقه وعباده من الصالحين من عباده الصالحين وهم المؤمنون بالله المصدقون بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به عن الله يقول الله جل جلاله يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام قال بعض العلماء ان هذا النداء يدل على ان من مقتضيات الايمان الصوم ولذلك يقوم المؤمن باداء ما فرض الله عليه وترك ما حرم الله عليه ليتحقق بذلك ايمانه وتصديقه لربه سبحانه وتعالى وهذا النداء نداء عظيم فاذا سمعت الله يقول يا ايها الذين امنوا فارعها سمعك فانما هو خير تؤمن به او شر تنهى عنه من هنا استفتح الله عز وجل هذه الايات الكريمة بهذا النداء ليذكر عباده بخير صفة يتصف بها العبد وهي صفة الايمان يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام الكتم بمعنى الفرض والالزام ودل هذا على وجوب الصوم وهذا هو معنى كتب في كتاب الله واحد معانيها يرد الكتب في القرآن بمعنى الفرض ومنه قوله سبحانه وتعالى كتب عليكم الصيام كما في هذه الاية وقوله سبحانه وتعالى كتب عليكم القصاص اي اوجبنا عليكم القصاص وكذلك قوله سبحانه وتعالى كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت الاية الوصية ووجوبها حينما كانت واجبة في اول الاسلام ويستعمل الكتم بمعنى القضاء. يقال كتب بمعنى قضى. ومنه قوله سبحانه وتعالى قل لن يصيبنا الا الا ما كتب الله لنا ايقظ الله لنا وكذلك قوله سبحانه وتعالى كتب الله لاغلبن انا ورسلي ايقظ ويستعمل الكتم بمعنى الامر ومنه قوله سبحانه وتعالى وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس اي امرناهم بذلك وكذلك ايضا يطلق الكتب بمعنى الجعل ومنه قوله سبحانه وتعالى ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم اي جعل الله لكم دل قوله سبحانه وتعالى كتب عليكم الصيام على وجوب الصوم وفرضه وهذا الوجوب دل عليه دليل كما في هذه الاية. في هذا الموضع وكذلك في قوله سبحانه وتعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه وقوله سبحانه وتعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه يدل على فرض الصوم على المقيم الحاضر فهذا دليل فرض الصيام في كتاب الله واما في سنة النبي صلى الله عليه وسلم فاحاديث كثيرة منها ما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع اليه سبيلا وقوله عليه الصلاة والسلام بني الاسلام على خمس يدل على ان الصوم ركن من اركان الاسلام ودل على ان هذا الوجوب الذي دلت عليه هذه الاية الكريمة هو في اعلى المراتب. حيث انه ركن ركن من اركان الاسلام وقد وكذلك ايضا دل عليه حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في الصحيحين في قصة جبريل وسؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم وفيها وفيه ان تشهد ان عن الاسلام وقال ان تشهد ان لا لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان ومثله حديث ابي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين في قصة الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شرائع الاسلام فقال له ان تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم صوم رمضان وكذلك حديث طلحة ابن عبيد الله رضي الله عنه كما في الصحيحين وغيرها من الاحاديث الصحيحة كلها دلت على ان صوم رمظان فرض واجب وان هذا الفرض في اعلى المراتب حيث انه ركن من اركان الاسلام واجمع العلماء رحمهم الله على ان الصوم ركن من اركان الاسلام واصبح هذا الوجوب الذي دلت عليه هذه الاية الكريمة لفريظة الصوم معلوما من الدين بالظرورة ومن هنا قوله سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام الصيام في اللغة الامساك عن الشيء يقال صام عن الكلام اذا سكت منه قوله سبحانه وتعالى حكاية عن مريم عليها السلام فقولي اني نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا فسر الصوم بامتناعها عن الكلام وتقول العرب صام النهار اذا قام قائم الظهيرة وامسكت الشمس عن الحركة وكذلك ايضا يقولون صامت الخيل اذا امسكت عن الصهيل وقيل اذا امسكت عن الحركة قال النابغة الذبياني خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العكاء تحت العجاج واخرى تعلك اللجما الصوم في لغة العرب الامساك عن الشيء. الامساك مطلقا واما في اصطلاح الشريعة فقد نقلت الشريعة هذه الحقيقة اللغوية من المعنى العام للامساك الى امساك مخصوص ومن هنا عرف العلماء الصوم الشرعي بانه امساك عن اشياء مخصوصة في زمان مخصوص بنية مخصوصة الامساك امساكم مخصوص المراد به الامساك عن شهوتي البطن والفرج وهذه هي حقيقة الصوم في الشرع ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن الله عز وجل انه قال عن الصائم يدع طعامه وشرابه وشهوته من اجل قال العلماء رحمهم الله انه ذكر في الصوم الامتناع عن نوعين من الشهوة النوع الاول شهوة البطن والفرج والنوع الثاني اه النوع الاول شهوة البطن من الاكل والشرب النوع الثاني شهوة الفرج من الجماع فهذه هي حقيقة الصوم واما قولهم بنية مخصوصة وهي نية التقرب الى الله عز وجل كاصل في العبادة والنية الخاصة التي تميز كل عبادة عن غيرها ففي الصوم تميز فرضه بعضه عن بعض وتميز فرضه عن نفله ينوي الصائم ايام واجب من رمضان او كفارة او نذر ونحو ذلك وكذلك ايضا يميز صومه عن الفرض بصيام النافلة سواء كانت مقيدة كصيام الاثنين والخميس او مطلقة. كالصيام مطلقا فهذا هو الصوم الشرعي امساك مخصوص من شخص مخصوص وهو الذي تصح منه هذه العبادة وسيأتي بيان من يجب عليه الصوم ومن يصح منه الصوم وهذا الصيام لقوله سبحانه وتعالى كتب عليكم الصيام الصيام درجتان. الدرجة الاولى ما اوجب الله فيه على الصائم من الامساك عن شهوتي البطن والفرج والدرجة الثانية ما يتعلق بالامساك عن المحرمات يمسك الصائم عن اللغو والسب والشتم وقول الزور ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث ابي هريرة رضي الله عنه وارضاه من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه ومن هنا قرر العلماء رحمهم الله ان الصائم ينبغي عليه اجتناب قول الزور حتى شدد بعض العلماء وقولهم مرجوح ان من قال الزور بطل صومه ولكن الذي عليه جماهير السلف والخلف انه ينقص اجره بحسب ما اصاب من الذنوب لكن الامر عظيم وخطير. لان الله النبي صلى الله عليه وسلم نبه في هذا الحديث على انه ينبغي للصائم ان يتقي المحرمات وقوله سبحانه وتعالى كتب عليكم الصيام. عليكم الصوم واجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر هذا الذي توفرت فيه هذه الشروط هو الذي يجب عليه الصوم يجب الصوم على كل مسلم بالغ والصغير ينظر فيه فان كان يمكن ان يروظ على الصوم ويمكنه الامساك ولو جزءا من اليوم فانه يعود على ذلك كما كان السلف الصالح من الصحابة وغيرهم كما في حديث انس يعودون الصبيان على الصوم فيمنعونهم الى ما قبل او قريبا من منتصف النهار. حتى يعتادوا الصوم. فاذا بلغوا كانت سهلا عليهم ولكن لا يشق عليهم ولا يكرهون عليه لان هذا ينفرهم من الطاعة وانما يرغبون في ذلك ويحثون عليه واما بالنسبة للعقل فانه شرط باجماع فالمجنون لا يجب عليه الصوم وفي حكم المجنون المغمى عليه على تفصيل عند العلماء رحمهم الله قوله سبحانه وتعالى لعل كما كتب على الذين من قبلكم كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم كما كتب تشبيه اي اننا فرضنا عليكم الصوم كما فرضناه على الذين من قبلكم وهذا التشبيه في قولان للعلماء قال بعض العلماء صيامنا يشبه صيام من قبلنا من جهة الحكم والصفة القول الثاني ان صيامنا يشبه صيام من قبلنا من جهة العدد فهذان قولان للعلماء في التشبيه في قوله تعالى كما كتب على الذين من قبلكم على القول الاول ان صيامنا يشبه صيام من قبلنا من جهة الحكم والصفة وهذا عليه كثير من العلماء رحمهم الله من جهة الحكم ان الله فرض علينا الصوم كما فرضه عليهم وقد كان فرضا في الامم السابقة ولم يكن مندوبا ولا مستحبا وانما كان لازما وهكذا بالنسبة لهذه الامة وكذلك فرض علينا الصوم في اول الامر مماثلا ومشابها لما كان عليه من قبلنا من اهل الكتاب فكان الرجل اذا افطر المغرب فانه يجوز له ان يأكل ويشرب ما لم ينم فاذا نام فانه يحرم عليه الاكل والشرب الى غروب الشمس في اليوم الذي يلي ذلك اليوم وهذا في اليوم الذي يليه هذه الكيفية كانت عند من قبلنا من اليهود والنصارى وكان شرع الاسلام للصوم في اول الامر على هذه على هذا الوجه فنشابههم في الحكم ونشابههم في الصفة ثم نسخ ذلك تخفيفا من الله وتيسيرا على هذه الامة كما في الصحيح من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما في سبب نزول قول الله عز وجل احل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم في قصة قيس بنصرمة رضي الله عنه وارضاه وسيأتي بيانها ان شاء الله تعالى. فنسخ الله هذا الحكم واصبح الصيام من طلوع الفجر الى غروب الشمس ويجوز للصائم ليلة رمضان ان يأكل ويشرب ولو نام استيقظ بعد نومه فاصبح في اول الامر صيامنا يشبه صيام اهل الكتاب في الصفة واما بالنسبة للقول الثاني ان التشبيه هو في العدد فهذا قول طائفة من المفسرين وهو قول مرجوح قالوا انه اوجب الله علينا الصيام في العدد العدد الذي اوجبه على من قبلنا فاوجب الله علينا صيام شهر كما اوجب على النصارى صيام شهر الا ان النصارى حينما وجب عليهم صيام الشهر كانوا ينقلونه على حسب اهوائهم فاذا جاء رمظان في الصيف نقلوه الى الشتاء واذا جاء في الزمان الطويل نقلوه الى الزمان القصير وهو الشتاء وهذا مما غيروا به دين الله وشرع الله لكنهم في الاصل كان واجبا عليهم ثلاثين يوما وهو الشهر وهذا القول يقولون انه مشابهة في العدد واختلفوا على قولين قيل كصيام النصارى وثلاثون يوما وقيل الى كالصيام اليهود صيام ثلاثة ايام من كل شهر وصيام عرفة فاوجب الله علينا الصوم في اول الامر بصيام يوم عاشوراء وليس يوم عرفة وكانوا يصومون عاشوراء ويصومون ثلاثة ايام من كل شهر هذا بالنسبة لشرع اليهود قالوا فكان النبي صلى الله عليه وسلم وامته مأمورين بصيام يوم عاشوراء ثم نسخ ذلك بصيام شهر رمضان وهذا مثال عزيز يقل عند من يقول بنسخ الاخف بالاثقل فيه خلاف عند ائمة الاصول لكن من امثلته نسخ صيام يوم عاشوراء بوجوب صيام شهر رمضان فان عاشوراء خف ورمضان اثقل وعلى كل حال فهذان قولان مشهوران لاهل العلم ارجحهم ما في نظري والعلم عند الله هو القول الاول والقول بانه يشبه في العدد بالنسبة للشهر صحيح مستقيم لكن الذي يظهر ما ذكرناه انه مشابهة في الحكم والصفة. قوله تعالى كما كتب على الذين من قبلكم وهذا فيه فائدة يقول بعض العلماء ان الله سبحانه وتعالى ذكر ان الصوم واجب علينا كما هو واجب على من قبلنا وكتب علينا وفرظ كما كتب على من قبلنا وهذا يدل على فضل الله على هذه الامة لانه لو كان واجبا على من قبلنا ولم يجب علينا لفاز من قبلنا بفضل صيامه على وجه الوجوب وفاتنا ذلك الفضل ولكن الله امتن على هذه الامة فجعله واجبا عليها كما هو واجب على من قبلها كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون بين وجه الحكمة في فرض الصيام والزام العباد به وهو انه طريق الى تقوى الله سبحانه وتعالى اختلف ائمة التفسير في هذه الجملة على قولين قال بعض العلماء لعلكم تتقون اي ان الصوم ينتهي بصاحبه الى تقوى الله وهذا قول طائفة من ائمة التفسير القول الثاني ان قوله تعالى لعلكم تتقون اي ان لعلكم تجتنبون ما امرناكم باجتنابه في الصوم من شهوتي البطن والفرج وهذا هو قول الامام ابي جعفر محمد ابن جرير الطبري من ائمة التفسير رحمة الله على الجميع والقول لانه طريق الى التقوى عليه كثير من اهل العلم رحمهم الله لان الله سبحانه وتعالى جعل في هذه العبادة الجليلة انها طريق لتقواه سبحانه وتعالى والتقوى من الوقاية فمن اتقى الله سبحانه وتعالى وقاه ومن اتقى الله اتقى محارمه وحدوده اتقى سخطه وغضبه وذلك بتحصيل امرين بفعل الاوامر وترك النواهي ولذلك اجمع ما قيل في تعريف التقوى ان يقال هي فعل فرائض الله وترك محارم الله ومن فعل ذلك فقد اتقى الله ومن فعل ذلك فقد وقاه الله لانه يأمن من غضب الله وسخط الله وحينئذ يكون متقيا لربه وفي وقاية من ربه والتقوى نور من الله سبحانه وتعالى يقذفه في قلب عبده المؤمن ولذلك في حديث النعمان ابن بشير رضي الله عنه وارضاه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال التقوى ها هنا التقوى ها هنا واشار الى قلبه بابي وامي صلوات الله وسلامه عليه فهي تبدأ من القلب الذي له سلطان على الجوارح فاذا كان القلب معمورا بالخوف من الله والخشية من الله عصم العبد بتوفيق الله في قوله وعمله فلا يقول الا ما يرضي الله ولا يعمل الا ما يرضي الله سبحانه وتعالى. وحينئذ يكون من عباد الله المتقين وهو معنى قول بعضهم ان التقوى ان تقول لله وان ان تعبد الله على نور من الله ترجو ثواب الله. وتخشى عقاب الله فمن رزقه الله عبادته على نور منه ليست بالهوى ولا بالتشهي ولا بالحدث ولكن بنور من الله ونور الله هو نور الوحي من الكتاب والسنة ان يعبد الله بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم اي بما شرع على نور من الله ترجو ثواب الله وتخشى عقاب الله وهما جناح السلامة جناح السلامة للعبد في هذه الدنيا وفي الاخرى جعلنا الله واياكم من اهلها وقوله سبحانه وتعالى كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون فهذا القول الذي يقول ان الصيام يعين على تحصيل التقوى دلت عليه السنة الصحيحة عن رسول الله الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن مسعود في الصحيحين عنه رضي الله عنه وارضاه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر واحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء فبين عليه الصلاة والسلام ان الصوم يحفظ المسلم من انتهاك حدود الله ومحارم الله ولذلك هو طريق الى التقوى هذه الايام التي فرضها الله جل جلاله على اهل الاسلام ان يصوموها يعود المؤمن على تقوى الله وتحثه وتحظه على مراقبة الله سبحانه وتعالى. ثلاثون او تسع وعشرون يوما يستطيع الانسان ان يتوارى عن انظار الناس وان يختلي وان يأكل ويشرب ولكنه لا يفعل ذلك لانه يعلم ان الله يسمعه ويراه لانه يعلم انه ان فعل ذلك اغضب الله دليل يدل عليه وانما هو من الاخبار التي اه في حكم الاسرائيليات ومعلوم حكمها. على كل حال اياما معدودات اما انه محكم واما انه منسوخ فعلى القول لان المراد به شهر بها شهر رمظان فلا اشكال وهو بهذا يعود على مراقبة الله سبحانه وتعالى ومن رزقه الله هذا السر العظيم الذي بين العبد وربه وهو المراقبة فانه يفلح وينجح يسلم له دينه بتوفيق الله سبحانه وتعالى. يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. استفتح الله ايات الصيام بالتقوى و مهاب التقوى كذلك يبين الله اياته للناس لعل تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله اياته للناس لعلهم يتقون فابتدأ الصيام بالتقوى وختم اياته بالتقوى تنبيها على شرف هذه العبادة وعظيم خيرها وبرها بتحصيل هذه الخصلة من الخصال الكريمة نسأل الله بعزته وجلاله وعظمته وكماله ان يرزقنا تقواه العمل بما يحبه ويرضاه نعم ايا من معدودات فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين. فمن طوع خيرا فهو خير له. وان تصوموا خير لكم اياما ايا من معدودات. قوله سبحانه وتعالى اياما معد اياما معدودات الايام جمع يوم واليوم يطلق بثلاث على ثلاثة اوجه. الوجه الاول ان يراد به التمام والكمال وذلك من غروب الشمس آآ الى غروبها في اليوم الذي عند تمامه وكماله وهو يبتدأ بغروب الشمس من اليوم السابق الى غروب الشمس فيه فلو ان شخصا نذر ان يعتكف في المسجد يوما فانه او او العشر الاواخر فانه يدخل الى معتكفه قبل غروب الشمس من يوم عشرين حتى يحصل العشر تامة كاملة ايام العشر نبدأ بغروب شمس يوم العشرين وتنتهي بغروب شمس يوم الثلاثين اذا كانت تامة كاملة لو كانت ناقصة بغروب شمس اليوم التاسع والعشرين اليوم اذا كان تاما كاملا اربع وعشرون ساعة ويشمل الليل والنهار هذا هو المعنى التام الكامل لليوم في حكم الشرع وفي الطبع واما بالنسبة للاطلاق لليوم فيطلق ويراد به النهار من طلوع الشمس الى غروبها ويراد به النهار من طلوع الشمس الى غروبها او من طلوع الفجر الصادق الى غروب الشمس في حكم الشرع الاحكام الشرعية هذا بالنسبة للاطلاق الثاني لليوم اما الاطلاق الثالث فاطلاق اليوم على العدد من الايام ولذلك يقولون يوم الاحزاب ويوم الخندق يوم الخندق ايام عديدة وليس يوما واحدا ولكن العرب قد تطلق اليوم وتريد به الايام فهذه من اطلاقات اليوم والمراد هنا في قوله سبحانه وتعالى اياما جمعها سبحانه وتعالى ووصفها بكونها معدودة والمعدود مفعول من العدد من العدد والعد هو الحساب وقوله سبحانه وتعالى اياما معدودات فيه وجهان للعلماء قال بعض العلماء رحمهم الله انها ايام شهر رمضان وهذا هو قول اكثر المفسرين وهو اطول اقوال في تفسير تفسير قوله تعالى اياما معدودات يكون فيكون على هذا القول قوله سبحانه وتعالى بعد ذلك شهر رمظان بيانا لمجمل هذه الايام سيكون من بيان المجمل وقوله سبحانه وتعالى اياما معدودات مجمل لاننا لا ندري ما هي هذه الايام وكم عددها؟ فلما قال شهر رمضان فهمنا انها ايام شهر رمضان وهذا اعني بيان المجمل له صور في القرآن ومن صوره ان يكون الاجمال في الاية الاولى والبيان في الاية التي تليها او يكون الاجمال البيان بعده مباشرة او يكون الاجمال في سورة والبيان في سورة ثانية. هذه كلها احوال للمجمل والمبين هنا بينت الاية التالية الاجمال في هذه الاية اياما معدودات. هذا على القول الاول وبناء على هذا القول يكون قوله سبحانه كتب عليكم الصيام المراد به صيام شهر رمضان صيام شهر رمضان وعلى هذا فليس في الاية ناسخ ولا منسوخ كلها محكمة ايات محكمة على هذا الوجه واما على الوجه الثاني فانهم يقولون اياما معدودات هي التي كانت على من قبلنا كما ذكرنا سواء على صوم النصارى شهرا او على صوم اليهود ثلاثة ايام ويوم عاشوراء وبناء على ذلك هي ايام معدودة سيكون قوله بعد ذلك شهر رمضان قوله بعد ذلك فمن شهد منكم الشهر فليصم ناسخا لهذه الايام المعدودات لان الله سبحانه وتعالى اه جعل اه اي ان الله سبحانه وتعالى فرض الصوم اولا مشابها لصيام اهل الكتاب ثم بعد ذلك فرضه سبحانه خاصا بهذه الامة بشهر رمضان وهناك قول عند بعض العلماء ان صيام النصارى كان في رمضان ثم نقلوه الى غيرهم لكنه ليس فيه وعلى القول بان المراد بها اه عاشوراء وصيام من قبلنا فهي منسوخة على التفسير الذي بيناه. اياما معدودات قال بعض العلماء معدودات اي قليلة اي قليلة منه قوله سبحانه وتعالى وشروه بثمن بخس دراهم معدودة اي قليلة الله سبحانه وتعالى فرض علينا الصيام وجعله اياما معدودة قليلة وهذا يدل على يسر الشريعة وسهولتها وان الله سبحانه وتعالى لم يفرض علينا الصوم اه بما فيه العسر وبما فيه الضيق ولو شاء الله ان يأمرنا بصيام الدهر الحكم حكمه يحكم ولا معقب لحكمه. ولكنه سبحانه وتعالى يسر فجعل الصيام ثلاثين او تسعا وعشرين يوما والثلاثون يوم الحسنة بعشر امثالها فهي بمثابة ثلاثمائة واذا صامها واتبعها ستا من شوال كان كصيام الدهر وهذا فضل من الله عظيم وكرم من الله سبحانه وتعالى وهو الحليم الكريم. فالحمد لله على فضله اياما معدودات فاذا كانت كان شهر رمضان ناقصا تسعا وعشرين فانه ثلاثون يوما في الثواب والاجر ولذلك قال صلى الله عليه وسلم شهر عيد لا ينقصان. رمضان وذو الحجة فمن صام رمضان تسعا وعشرين كتب الله له اجر صيام ثلاثين يوما وهذا يرجع الى لطيفة. وهذا فيه لطيفة وهي ان العامل والاجير اذا مكن من استأجره من نفسه ولم يأمره المستأجر بعمل حتى مضت المدة التي اتفقا عليها فانه يستحق الاجر كاملا ومن هنا لما كان المسلم ملتزما بصيام الشهر كاملا وشاء الله ان يكون ناقصا وجاء النقص من الامر نقص الشهر من الله سبحانه وتعالى فانه يكتب له الاجر كاملا وهذه من الفوائد التي ذكرها بعض العلماء في مسألة اه وجوب دفع الاجرة للاجير ولو لم يقم بعمل اذا قصر صاحب العمل في طلب العمل منه قوله سبحانه وتعالى اياما معدودات فعدة من ايام اخر اياما معدودات بعد ان بين انها ايام قليلة يقول بعض العلماء ان هذا من اساليب القرآن والسنة وفيه حكمة في التشريع ان من يأمر بالشيء يذكر ما يرغب في القيام به فعلا او تركا الله سبحانه وتعالى رغب عباده المؤمنين بالقيام في القيام بفريضة الصوم حينما قال اياما معدودات وبين لهم انها يسيرة قليلة وهي يسيرة على من يسر الله عليه ولذلك تجد المؤمن اذا هل هلال رمظان واقبل عليه شهر الصوم استبشر وفرح وامن من الله سبحانه وتعالى واصبح في نشوة وفرح لا يعلم مقداره الا الله على قدر ايمانه وحبه الله سبحانه وتعالى لعلمه بفضل هذه العبادة الجليلة الكريمة عند الله سبحانه وتعالى. حتى قال بعض العلماء ان الصوم وافضل العبادات وان كان الصحيح ان افضلها هو الصلاة. لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح استقيموا ولن تحصوا واعلموا ان خير اعمالكم الصلاة لكنهم قالوا ان الصوم افضل لان الله تعالى يقول كل عمل ابن ادم له الا الصوم انه لي وانا اجزي به وهذه العبادة ما كانت بهذه المثابة رغب الله فيها وفي ادائها والقيام بها حينما قال اياما معدودات ولذلك تجد المؤمن لما يجد هذه هذه النشوة والفرح بالعبادة بعبادة الصوم ويدخل عليه شهر الصوم. تمر عليه ايام الصوم ولياليه وهو لا يشعر لانه في سعادة فرحة وايام السرور وايام الفرحة يمر ولا يشعر بها الانسان طوالهن فقصارهن مع الهموم طويلة وطوالهن مع السرور قصار فكيف اذا كان السرور برب العالمين جل جلاله وكيف اذا كان السرور في النهار بظمأ الاحشاء والتقرب الى الله سبحانه وتعالى بذلك ويكون الليل منتصبا بين يدي الله يناجي ربه ربه سبحانه بكلامه واياته فليس هناك السرور اعظم من هذا السرور ولذلك تمر ايام رمظان سريعة على المؤمن ويحس انها خفيفة حتى انه يقول بالامس دخل الشهر واليوم نحن في منتصفه. وربما يقول بالامس دخل الشهر واليوم نحن في اخره. لانه في سرور. اياما معدودات فهذا هذه من الدلائل على العبودية الخالصة لله انك تجد اثناء شهر الصوم انك في فرح ونشوة ولا تحس بضيق لان لذة العبودية لله تنسيك الطعام والشراب تنسيك شهوة البطن وتنسيك شهوة الفرج وبناء على ذلك فانها ايام يسيرة بعد ان رغب في اداء العبادة بذلك ايضا جاء الدليل من الصحابة رضوان الله عليهم بل من علمائهم بل من حبر الامة وترجمان القرآن الذي هو اعلم بك كتاب الله من غيره قال رضي الله عنه يا اهل مكة شرع سبحانه وتعالى في بيان حكم المعذور في صيام شهر رمضان وهذا منهج تشريعي كامل لان التشريع يقتضي اولا ان تبين الحكم من الوجوب واللزوم ثم بعد ان تبين انه واجب وانه لازم تبين ما يطرأ على الانسان من الاعذار وحكمها لا العكس ولا تبدأ بالاعذار قبل الاصل ولذلك الرخصة مبنية على العزيمة فلما بين سبحانه وتعالى العزيمة والواجب والفرظ شرع في بيان الرخصة وهذا مشى عليه ائمة العلم ودواوين العلم كما فعل الفقهاء رحمهم الله في كتبهم وتصنيفهم وكذلك المحدثون رحمهم الله في كتب الحديث ان يذكروا الاحاديث الدالة على وجوب العبادة ثم ثم يذكر يذكر بعد ان يذكر الاحاديث الدالة على الحكم من الوجوب والفرض ثم بعد ذلك يذكرون الاحاديث الدالة على ما يطرأ. فانت تبين صفة الصلاة ووجوبها واركانها وشرائطها الاركان والواجبات والشرائط عزائم ثم بعد ذلك تبين اذا فقد الماء اذا في شرائط الصلاة اذا فقد الماء ماذا يفعل هذه الرخصة اذا عجز عن استعمال الماء ماذا يفعل؟ هذه رخصة كذلك في الصلاة تبين ما يجب من الاركان والواجبات ثم بعد ذلك تقول اذا سهى في صلاته وترك ركنا ماذا يفعل؟ واذا ساهى في صلاته فترك واجبا ماذا يفعل فاذا البيان بيان حكم الاعذار المرخص واهل الرخص بعد بيان العزيمة والاصل لما بين سبحانه وتعالى وجوب الصيام شرع في بيان حكم من كان مريضا او على سفر ذكر نوعين من اهل الاعذار النوع الاول المرظى فمن كان منكم مريظا والنوع الثاني المسافر وهذان عذران الاول قهري والثاني اختياري تنبه بالاول على كل عذر قهري. ونبه بالثاني على كل عذر اختياري ولذلك لم يقل فمن كان منكم مريظا او مسافرا ولكن قال على سفر اشارة على الاستعلاء وان هذا العذر بيد الانسان يفعله متى شاء وهذه من اللطائف في اسلوب القرآن وكله لطيف قوله سبحانه وتعالى فمن كان منكم مريضا المرض اعاذنا الله واياكم منه هو اعتلال البدن اعتلال صحة البدن قال بعض من يعالج بالطب الطبيعي وهو نوع من انواع الطب القديم وذكره الامام ابن القيم رحمه الله في الطب النبوي حينما تكلم على حديث الامام ضامن انه نوع من انواع الطب وهي الطبائع الصفراء والبلغم السوداء وهي الطبائع اذا استوت استوت صحة الانسان فاذا اعتلت صحته وهو من يعالج بهذه الطبائع وقوله المرض المرض هو خروج البدن عن حد الاعتدال عند هؤلاء واما بالنسبة للاصل فيه فهو اعتلال البدن فاذا اعتل البدن واصابه المرض فالمرض ثلاث اقسام القسم الاول ان يكون المرض يسيرا خفيفا يمكن لصاحبه ان يصوم ولا يجد مع ذلك حرج حرجا ولا مشقة ولا عنتا والقسم الثاني ان يكون المرض فهذا النوع وهو الاول اجمع العلماء الا خلافا شاذا عن بعض السلف على انه ويحكى عن بعض اهل الظاهر انهم يقولون كل مرض وعلى هذا هذه الكلية يشمل المرظ اليسير والمرض الذي هو اشد وبناء على ذلك جماهير السلف والخلف رحمهم الله على ان المرض اليسير المقدور عليه انه لا يمنع من الصوم ولا يجيز للانسان اه ان يفطر واما النوع الثاني من الامراض فهو المرظ الذي يصل الى اعلى درجات الرخصة وهو الذي يخشى على صاحبه ان صام ان يموت فهذا النوع من الامراض لا يشترط طبعا الانسان في كلام الاطباء وغيرهم في الغالب يصبر عن الطعام ثلاثة ايام وقد يصبر اكثر اذا كان عنده قدرة لكن في الغالب لا يستطيع ان يصبر اكثر من ثلاثة ايام اذا كان المريض مريضا مرضا يخشى عليه الموت ان صام بمعنى ان يكون نفس المرض اذا انقطع فيه عن الشراب عن طعام الشراب هلك يوجب له ذلك او يكون هناك ادوية وعلاجات يستعملها فلو انه لم يستعملها يوما هلك وهذا يقع في مرضى القلب والكلى جرى الله واياكم وغيرها من الامراض الشديدة بحيث لو انه تخلف عن علاجه يوما لا يشترط انه يموت مباشرة بل حتى لو انه دخل في مضاعفات تنتهي الى مرضه الى موته فهو في حكم هذا النوع وهذا النوع يبلغ اعلى درجات الرخصة واجمع العلماء على انه موجب للرخصة اي ان صاحب يجوز له ان يفطر واما يجب عليه ان يفطر اذا خاف الهلاك واما النوع الثالث وهو الذي بين اليسير وبين الشديد وهذا النوع من المرض يكون الانسان فيه في مرتبة الحاجة ومرتبة الحاجة هي التي توجب الحرج والضيق لكن صاحبها لا يموت مثل الالام الشديدة والالام المبرحة التي تؤذي الانسان وتقلقه وتزعجه فهذا النوع من الالم وهذا النوع من الضرر يعتبر صاحبه في مقام الحاجة والحاجة تنزل منزلة الضرورة اذا اذا بلغ المرض اقصى غاياته فانه يوجب الرخصة لقوله تعالى ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة ولان صاحبه مضطر والمضطر يرخص له بسبب الضرورة واما بالنسبة لهذا النوع الثاني فانه يرخص له في الفطر لان الله تعالى يقول ما جعل عليكم في الدين من حرج فكل صيام يوقع صاحبه في الحرج فانه ليس من شرع الله. لان الله لم يجعل في دينه والعبادات التي امر بها عباده حرجا وبناء عليه يكون صاحبه في مقام الحاجة والقاعدة عند العلماء تقول الحاجة تنزل منزلة الضرورة ومن كان في مقام الحاجة ينزل منزلة المضطر ويرخص له كما يرخص للمضطر هذه ثلاثة احوال للمرض. الحالة الاولى المرض اليسير قلنا لا يرخص فيها. كان بعض السلف وحكي عن الحسن انه كان يفطر حتى من اصبعه كان اصبعه يؤلمه فيفطر لانه يرى ان قوله تعالى فمن كان منكم مريظا يشمل هذا. والواقع ان الله تعالى لما قال فمن كان منكم مريظا او على سفر فعدة من ايام اخر نبه بهذا على انه المرض الذي يؤثر في الصوم وعلى انه المرض الذي يضر الصائم وليس كل وليس كل مرض وبناء على ذلك فانه يرخص للانسان في المرض الذي يخشى منه الهلاك. ويرخص للانسان في المرض الذي يوجب الحرج ولعنت السؤال من الذي يقرر ان هذا المرض لا يصوم معه صاحبه الاصل ان الاطباء هم المعنيون بذلك فلو قال الطبيب للانسان المريض لا تصم واذا صمت فان هذا سيؤدي الى ظرر اما انه يوجب الهلاك فحين اذ هو مضطر واما انه يتسبب في ضرر في الضيق او حصول مضاعفات لا تحمد عقباها فهذا اذا قاله الاطباء عمل المسلم بقول الطبيب. والسؤال هل يشترط ان يكون الطبيب متعددا ان يشترط فيه العدد هل يشترط ان يكون اثنين ام يكفي الطبيب الواحد والجواب يكفي الطبيب الواحد اذا قال الطبيب الواحد الموثوق بقوله لا تصم فانه يعمل بقوله لانهم هم اهل الخبرة واهل المعرفة. فاذا قال للانسان ذلك عمل بقوله وهنا مسألة قال بعض العلماء لو ان الانسان يعرف من نفسه ان الصوم سيؤذيه ويعلم من نفسه انه ان صام حصل له ظرر فهل ينتظر شهادة الاطباء؟ ام انه يعمل بغالب ظنه؟ والجواب انه يعمل بغالب ظنه لان الله تعبده غلبة ظني وقد يكون الانسان اعرف بنفسه من الطبيب اذا جرب ذلك من نفسه والاطباء ربما ينظرون الى الغالب ويكون الانسان في حكم النادر فاذا كان الانسان يعلم من نفسه ان الصوم سيظره ويؤذيه ويتسبب له في مضاعفات توجب الحرج له فانه حينئذ يرخص له في الفطر قوله سبحانه وتعالى فمن كان منكم مريظا او على سفر السفر اصله في لغة العرب الكشف يقال اسفرت المرأة عن وجهها اذا كشفته واسهر الصبح اذا بان واتضح ضياؤه واصل السفر الكشف سمي السفر سفرا لانه يكشف عن اخلاق الرجال فاذا سافر الانسان فانه في السفر يكشف معدنه من الاخلاق الكريمة او ضدها نسأل الله السلامة والعافية جاء رجل الى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه الراشد يريد ان يشهد في قضية فقال له عمر بن الخطاب للشاهد لا اعرفك اذهب وائتني بمن يعرفك بمن يزكيك لان الله يقول ممن ترضون من الشهداء فذهب الرجل وجاء بمزك قال عمر رضي الله عنه اتعرفه؟ قال نعم اعرفه بالخير واثنى عليه قال عمر رضي الله عنه للمزكي هل انت جاره الذي تعرف مدخله ومخرجه قال لا قال هل عاملته بالدينار والدرهم الذين يستدل بهما على صدق الرجل وامانته؟ قال لا قال هل سافرت معه؟ قال لا. قال اذهب فانك لا تعرفه فاذا السفر سمي سفرا لانه يسفر عن وجه صاحبه واخلاقه وقوله سبحانه وتعالى او على سفر السفر يكون واجبا وتارة يكون مندوبا وتارة يكون محرما وتارة يكون مكروها وتارة يكون مباحا وتعتريه الاحكام التكليفية الخمسة فاذا كان السفر واجبا او مندوبا او مباحا او مكروها فانه يترخص صاحبه برخص السفر بقول جماهير اهل العلم رحمهم الله ويكاد يكون كالاجماع فمن سافر في عمرة فانه يجوز له ان يفطر في سفره كما افطر صلى الله عليه وسلم في سفره لمكة في عمرته وكذلك ايضا من سافر في امر واجب كبر والدين او عمرة واجبة او سافر في امر مندوب كاصلاح ذات بين او تفريج كربة مسلم او سافر في امر مباح السفر للامر المباح مثل ان يسافر للصيد رفقة ذهبوا مسافة القصر مئة كيلو في الصحراء ويريدون الصيد اذا سافروا هذا السفر يقال سفر مباح هل يجوز لهم ان يترخصوا؟ نقول نعم لان الله اذن لهم بذلك والسفر المباح داخل في عموم قوله او على سفر يجوز لهم ان يقصروا الصلاة من يقصرون الصلاة ويجمعون اذا كانوا على تنقل في حال التنقل. وكذلك ايضا يرخص لهم في الفطر في رمضان حكمهم حكم المسافر اذا كان او سافر سفرا مباحا للتجارة فالذي يسافر للتجارة مسافر لسفر مباح هؤلاء يرخص لهم لان سفرهم مباح كون السفر مباحا لا يمنع من الرخصة اما اذا كان السفر محرما كعقوق الوالدين والعياذ بالله. او قطيعة رحم فانه لا يسترخص برخص السلف في قول جمهور العلماء رحمهم الله. وهو ارجح القولين لان الله لا يطاع من حيث يعصى ومثل هذا مأمور بالرجوع عن سفره ووجود هذا السفر وعدمه على حد سواء. ولذلك لا يسترخص القصر قصر الصلاة ويجب عليه اتمامها. ولا يترخص بالفطر في نهار رمضان في الصوم الواجب واما اذا تاب اثناء سفره انتقل الى الرخصة فلو انه تاب مما هو قادم عليه في سفره فانه حينئذ ينتقل الى الرخصة اذا كان على مسافة القصر قوله سبحانه وتعالى او على سفر السفر يكون بخروج الانسان الى اربعة برد فاكثر والبريد من الفراسخ اربع والفرسخ من الاميال ثلاث واصبح اثني عشر ميلا ومجموع مسافة القصر ثمانية واربعين ميلا بالدمشقي هذه الثمانية والاربعين ميل وهي تقارب ما بين السبعين الى ثمانين كيلو اذا خرج الى هذه المسافة جاز له قصر الصلاة وجاز له ان يترخص بالفطر في السفر والدليل على ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه في الصحيح انه قال لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر ان تسافر مسيرة يوم وليلة فقال ان تسافر مسيرة يوم وليلة تسمى مسيرة اليوم والليلة سفرا علمنا ان من خرج الى مسيرة اليوم والليلة هو مسافر طيب من لم يخرج الى هذه المسافة وخرج اقل من اليوم والليلة نقول ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة الى ما هو اقل من مسيرة اليوم والليلة كخروجه الى الخندق ما يقرب من اه كيلوين ونصف الى ثلاثة كيلو اذا طريق السيح فهذا القدر خرج اليه عليه الصلاة وخرج الى احد وهي دون مسيرة اليوم والليلة ولم يقصر عليه الصلاة والسلام الصلاة علمنا انا اخذنا باقل ما سماه الشرع سفرا ولذلك لا ننتقل الى العرف لا يقال ان السفر ما سماه العرف سفرا لانه انما ينتقل الى العرف اذا لم يكن هناك تحديد من الشر اما اذا كان هناك تحديد من الشرع فاننا ملزم به ونعمل به. ولذلك قد لا يعتبر العرف مسيرة اليوم والليلة سفرا فهل نقول ان العبرة بالعرف ونترك نص الحديث؟ اذا الحديث يدل بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم تسافر مسيرة وبناء على ذلك لا يستهزأ بضوابط العلماء للسفر بانه آآ سبعين كيلو الى ثمانين كيلو والمحاولة في معرفة هذه المسافة لان السنة تقول مسيرة هذا حق مستحق مشى عليه ائمة الاسلام جماهير العلماء في المذاهب الاربعة كلها الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة كلهم يقدرون مسافة السفر وان كان الجمهور على يوم وليلة والحنفية على ثلاثة ايام للخلاف في قوله مسيرة يوم وقوله ثلاثة ايام ومسيرة اليوم والليلة ومسيرة اليومين اختلاف الحديث في المسيرة سببه انه سئل اكثر من مرة فاجاب باليوم والليلة واجاب باليومين واجاب بالثلاثة الايام واختلاف التنوع ليس اضطرابا في الحديث وهذا كما نص عليه الائمة والمحققون. وبناء على ذلك مسيرة اليوم والليلة هي اقل ما سماه الشرع سفرا لا تقصروا الى الجموم ولكن الى جدة وعسفان والطائف وكانت الطائف على مسيرة يوم وليلة من مكة فهذا حبر الامة فهم من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. ان ما كان دون اليوم والليلة لا يسمى سفرا وعليه اخذ جمهور العلماء رحمهم الله بهذه الادلة الشرعية. فقول البعض ان التحديد باليوم والليلة لا اصل له هذا تهور هذا فيه دليل من السنة صحيح واظح وهو قول كذلك عبد الله ابن عمر من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا خرج الى مزارعه بوادي ريم وهو قبل بما يقرب من اكثر من سبعين ما بين ستين الى سبعين كيلو وقد يزيد وادي ريم من الاودية التي تروي وادي العقيق في المدينة وكان اذا خرج الى مزرعته في هذه المسافة قصر الصلاة رضي الله عنه وارضاه ولا يشكل على هذا انس رضي الله عنه ذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا خرج من المدينة قصر الصلاة لانه يقصد الى مكة ويقصد الى مسيرة اكثر من اليوم والليلة. فكونه يقصر الصلاة في في ذي الحليفة. وهي ابيار علي ليس بينها وبين المدينة الا بضعة اميال. فان هذا لا يؤثر لانه يقصد الى مكة. فالمقصود مسيرة اليوم والليلة وعليه اذا كان على سفر في هذا الحد فانه يقصر الصلاة. وكذلك يباح له الفطر وسنكمل ان شاء الله باذن الله ما يتعلق بهذه الايات من الاحكام ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يرزقنا العلم النافع العمل الصالح وان يجعل ما تعلمناه وعلمناه شافعا نافعا يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين صلى الله وبارك على نبيه واله وصحبه اجمعين بالنسبة للدروس باذن الله عز وجل سيعلن عنها لن يكون هناك درس في المدينة اسبوع واسبوع في مكة. اه فلا احد يحدد اه ان شاء الله سيكون التحديد عن طريق الرئاسة في الموقع ونسأل الله ان يعيننا على ذلك