اعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون اياما معدودات فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له خير لكم ان كنتم تعلمون شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون واذا سألك عبادي عني فاني قريب اذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون احل لكم ليلة الصيام الرفث هن لباس لكم وانتم لباس لهن علم الله انكم كنتم تختانون انفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم الان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر الصيام الى الليل ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله تلك حدود الله فلا تقربوها. كذلك الله اياته بالناس لعلهم يتقون بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. واله وصحبه اجمعين قال الامام المصنف رحمه الله تعالى كتاب الصيام قال رحمه الله يجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام لا تمان الاكملان على اشرف الانبياء والمرسلين وخيرة الله من الخلق اجمعين. وعلى اله وصحبه ومن سار على سبيله ونهجه والسنة بسنته الى يوم الدين. اما بعد يقول المصنف رحمه الله كتاب الصيام هذه الترجمة تتعلق بها مسائل المسألة الاولى في بيان حقيقة الصيام والمسألة الثانية في بيان فرض صيام رمضان والمسألة الثالثة في بيان الدليل على هذه على هذا الحكم والمسألة الرابعة في بيان بعض الحكم المستفادة من شرع هذه العبادة الجليلة فاما الصيام في لغة العرب فان اصله الامساك سواء كان عن الكلام او كان عن الحركة او عن اي شيء اخر تقول العرب صام عن الشيء اذا امسك عنه يقال صام عن الكلام ومنه قوله تعالى حكاية عن مريم عليها السلام اني نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا وقوله سبحانه وتعالى فلن اكلم اليوم انسيا تفسير لقولها اني نذرت للرحمن صوما وهذا من تفسير القرآن للقرآن وهو ان يقع التفسير بعد الكلمة مباشرة كقوله سبحانه وما ادراك ما القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وكقوله وما ادراك ما الحاقة كذب الثمود وحمل عليه قوله سبحانه قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد وفسر قوله الصمد بقوله لم يلد ولم يولد الى اخر الايات وتقول العرب صام النهار اذا امسكت الشمس فيه عن الحركة ومنه وكذلك ايضا يطلق الصيام بمعنى الامساك عن الصهير في الحيوان منه قول الشاعر وهو النابغة خيل صيام وخيل غير صائمة تحت تحت العجاج واخرى تعلو اي ممسكة عن الصهيل. واما في اصطلاح الشريعة فان الصيام المراد به امساك مخصوص عن شيء مخصوص في زمان مخصوص بنية مخصوصة فهذه العبادة حقيقتها هذا الامر انها امساك مخصوص. فلما قال العلماء في الصوم انه امساك مخصوص خرجت الحقيقة الشرعية من الاطلاق اللغوي الى التقييد الشرعي العرب تجعل كل امساك صيام. ولكن الشريعة تجعل الصيام في الامساك عن المفطرات. التي في بيانها ان شاء الله تعالى. وهي المعنية بقولهم عن شيء مخصوص الشيء المخصوص الذي يجب على المسلم ان يمسك عنه في صيام رمضان وغيره هو شهوة البطن وشهوة الفرج وقد دل على ذلك قوله تعالى في الحديث القدسي يدع طعامه وشرابه وشهوته من اجلي ففسر الله عز وجل حقيقة الصوم بهذه الكلمات ان الصائم يدع طعامه وشرابه وشهوته. ولذلك قال العلماء رحمهم الله في بيان حقيقة الصوم الشرعية انها الامساك عن المفطرات وهي المرادة بقولهم شهوتي البطن والفرج فاما شهوة البطن فهي تشمل المأكول والمشروب. والمأكول سواء كان من الجامدات. او غيرها كالطعام المعهود من الطعام المعهود او غيره كالدواء فكل جامد يتناوله الانسان عن طريق فمه ثم يزدرده فانه يحكم بكونه مفطرا. وهكذا هذا بالنسبة للمائعات وسائر الشراب لانها في حكم المأكول والمشروب واما بالنسبة سواء دخلت هذه المائعات والمطعومات سواء دخلت عن طريق الفم او دخلت عن طريق الانف او عن طريق العين فعن طريق الفم هو الطريق المعتاد. واما عن طريق الانف فكالصعوط وكالقطرة والماء اذا بالغ الانسان في الاستنشاق واما بالنسبة للعين فك القطرة والكحل والاصل في ذلك والدليل عليه قوله عليه الصلاة والسلام للقيط بن صبرة رضي الله عنه وبالغ في استنشاق الا ان تكون صائما فلما قال له وبالغ في الاستنشاق الا ان تكون صائما دل على انه اذا كان صائما لا ينبغي له ان يبالغ في الاستنشاق خشية سريان الماء من الانف الى الحلق وهذا يدل على انه ليست العبرة بالفم وحده. وان العبرة بوصول الطعام والشراب الى الجوف سواء عن الطريق المعتاد وهو الفم او غير المعتاد كالانف والعين ونحو ذلك القطرة اذا وضعها ثم وجد طعمها في حلقه افطر. وهكذا لو انه استعط بانفه فوضع الصعوطة الانف فوجد طعمه في الانف في الفم فانه يحكم بفطره وقولهم في زمان مخصوص هذا الزمان بينه الله تعالى بقوله وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من فجر ثم اتموا الصيام الى الليل الصوم يبدأ بظهور الفجر الصادق ثم يستمر وقت الوجوب الى غروب الشمس فاذا تبين الفجر الصادق من الكاذب حرم الاكل والشرب والجماع ووجب على الصائم ان يمسك ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما ان بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن ام مكتوم وكان رظي الله عنه لا يؤذن حتى يقال له اصبحت اصبحت فاذا غابت الشمس انتهى وقت الصوم. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم اذا اقبل الليل من ها هنا وادبر النهار من ها هنا فقد افطر الصائم واما النية المخصوصة فنية في الصوم اما ان تكون في الفرض فيجب على المسلم ان يبيتها بالليل لقوله عليه الصلاة والسلام من لم يبيت النية بالليل فلا صيام له ودل على انه يجب على من يصوم الفرض ان يبيت نيته بالليل اي قبل طلوع الفجر فيعقد العزم على صوم الغد واما بالنسبة للنافلة فيجوز له ان ينشئ النية اثناء النهار. لان النبي صلى الله عليه وسلم قال لام المؤمنين عائشة هل عندكم شيء قالت لا قال اني اذا صائم فدل على انه يجوز انشاء النية بالنهار في صوم النافلة ما دام انه قد حصل الامساك في وقت الفرض هذه هي حقيقة الصوم الشرعي والصوم المشروع لابد له من نية اي قصد لينوي صيام اليوم كاملا على الوجه الذي حدده الشرع فاذا لم ينوي هذه النية فلا صوم له. ولذلك لا يصح صوم المجنون لانه لا نية له ولا قصد له. والسبب في اشتراط الشريعة للنية. لان الامساك عن الطعام والشراب يكون بنية العبادة ويكون بغيرها فتارة يمسك الانسان عن الطعام والشراب بقصد الصحة والحمية وقد يمسك بسبب اخر ولكنه اذا اراد العبادة والتقرب لله عز وجل فلا بد من ان ينوي فاذا كان صيام رمظان نواه عن رمظان. وان كان واجبا نواه عن الواجب الذي الزمه به الشرع. والصوم ينقسم الى قسمين فاما ان يكون صيام فريضة واما ان يكون صيام نافلة فاما صيام الفريضة فمنه صيام شهر رمضان والواجب كالنذر وصيام الكفارات كفارة القتل وكفارة الجماع في نهار رمضان صارت الظهار ونحوها ككفارة اليمين والنذر وقد يكون الصيام تطوعا كصيام الاثنين والخميس وصيام الايام البيض ونحو ذلك فهذا كله من الصيام المشروع والمصنف رحمه الله حينما قال كتاب الصيام مراده ان يبين الاحكام المتعلقة بجميع انواع والصوم صوم رمضان هو الاساس وهو الذي سيبتدئ المصنف رحمه الله ببيان احكامه وقد فرظ الله على هذه الامة صيام شهر رمظان وهو المعني بقوله سبحانه وتعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه والمراد بال في الشهر العهد الذكر وهو شهر رمضان ففرظ الله على المسلم ان يصوم شهر رمظان اذا توفرت فيه الشروط المعتبرة للحكم بوجوبه عليه. وقد دل على فرض صيام شهر رمضان دليل الكتاب والسنة واجماع الامة. فاما دليل الكتاب فما تقدم معنا في ايات الكريمة في قوله سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبل من قبلكم لعلكم تتقون فقوله سبحانه كتب اي فرض الكتب في لغة العرب يطلق بمعنى الفرض ومنه قول عمر ابن ابي ربيعة كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول وقوله كتب عليكم الصيام اي فرض عليكم صيام شهر رمضان وقوله سبحانه فمن شهد منكم الشهر فليصمه امر والامر يدل على الوجوب وثبتت السنة عن رسول الله الله عليه وسلم في الاحاديث الكثيرة التي تدل على فرض صيام شهر رمضان. ومن ذلك حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ارضاه في الصحيحين في قصة جبريل وفيه قوله عليه الصلاة والسلام عن الاسلام ان تشهد ان لا اله الا ان الله واني رسول الله تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وفي الصحيحين من حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما وارضاهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله واني رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم لما اراد ان يبين لوفد عبد القيس الايمان قال ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان فهذه الاحاديث وغيرها من الاحاديث تدل دلالة واضحة على وجوب الصيام شهر رمضان. وكان في اول الاسلام الواجب صيام يوم عاشوراء. ثم نسخ بصيام شهر رمضان وهذا من نسخ الاخف بالاثقل وهو مثال عزيز وقد دلت عليه السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم هذا الفرظ ونظرا لهذه الادلة في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم اجمع العلماء على ان صيام رمظان فرض وان هذا الفرظ في اعلى مراتب الوجوب. وهو كونه ركنا من اركان الاسلام. لقوله لان الاحاديث كلها دلت على ان صيام شهر رمضان يعتبر ركنا من اركان الاسلام وقد شرع الله هذه العبادة بحكم عظيمة واسرار كريمة ومن اشهرها واعظمها واجلها انها التي تحمل العبد على تقوى الله سبحانه وتعالى وليس هناك امر يخرج العبد به من الدنيا اعظم من تقوى الله سبحانه وتعالى ولذلك قال الله تعالى في كتابه وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقون يا اولي الالباب فبين الله سبحانه وتعالى انه فرض الصوم لكونه طريقا الى تقواه يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون وهو الطريق الى تقوى الله. ومخافة الله ومراقبة الله سبحانه وتعالى. ثلاثون او تسع وعشرون يوم تمر على المسلم لكي يوطن على الاخلاص لله سبحانه وتعالى ومراقبته فهو يمتنع من الطعام والشراب. وبامكانه ان يتوارى عن الانظار فيأكل ويشرب دون علم احد ولكنه يراقب الله سبحانه وتعالى. ويعلم ان الله يسمعه ويراه. وانه اذا افطر او اكل او فان الله يعلم منه ذلك. فلذلك يتربى المسلم خلال ايام هذا الشهر على مراقبة الله سبحانه وتعالى. وهو طريق التقوى لانه يحجز عن معاصي الله سبحانه وتعالى ومن اعظمها شهوة الفرج. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله الله عنه وارضاه يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر واحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء. فبين عليه الصلاة والسلام ان الصيام ما يحجز ويمنع العبد من معصية الله ومن استرساله في الشهوات التي تودي الى المحرمات ومن هنا كان الصوم طريقا الى التقوى لانه يضيق مجاري الشيطان في البدن. واذا ضاقت المجاري على الشيطان في البدن قويت الروح على طاعة الله ونشطت في محبة الله ومرضات الله. كذلك ايضا جعل الله عز وجل في الصيام مصالح عظيمة لانه اذا امتنع عن الحلال الذي احله الله له وهو الطعام والشراب فمن باب اولى ان يمتنع عن الحرام. فاذا كان لا يطأ زوجة وهي حلال له في الاصل. لان الله حرم عليها وطأها نهار رمضان. فمن باب اولى ان ينكف عن الحرام. وهكذا بالنسبة للمأكول والمشروب. فاذا كان يمتنع من طعام وشراب حلال استجابة لامر الله فمن باب اولى ان يمتنع عن الحرام كذلك ايضا في الصيام تذكير للاغنياء ومن من الله عليهم بالنعمة بالاكباد الجائعة والاحشاء الظامئة من فقراء المسلمين وايتامهم محاويجهم فذكر الله بهذه العبادة قوي المسلمين ونبهه على ظعيفهم فيتنبه القوي قادر على ضعفاء المسلمين حينما يذوق مرارة الجوع والم الجوع. وعندها يحس بحاجة المحتاج وهذا كله لا شك اذا وافق قلبا حيا يستشعر هذه العبادة. ولا شك ان الله لا يأمر الا بخير منها من العبادة لا بالقسوة ولا بالشدة. وصدق بابي وامي صلوات الله وسلامه عليه اذ يقول ان الرفق ما في شيء الا زانه. ولا نزع من شيء الا شانه. فهنيئا لكل اب ولكل ام ولا ينهى الا على عن شر. وما امر الله بامر الا جعل الله لعباده فيه خير الدين والدنيا والاخرة فما على الله الا الامر وما على رسولنا الا البلاغ وعلينا الرضا والتسليم. نعم. قال رحمه الله الله يجب صيام رمضان على كل مسلم. بعد ان بينا ان الصيام حقيقته الامساك يرد السؤال هذا الامساك المخصوص على الوجه المخصوص ما حكمه وقال رحمه الله يجب صيام رمضان على كل مسلم. يجب صيام رمضان على كل مسلم بينا الدليل من الكتاب والسنة واجماع الامة على ان صيام شهر رمضان يعتبر فرضا لكن هذا الفرض لابد من ان تتوفر شروط لكي يلزم الانسان به وهي التي يسميها العلماء بشروط الوجوب بين رحمه الله انه يشترط الاسلام وهذا مبني على القول بان الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة وقد بينا هذه المسألة في كتاب الطهارة والصلاة واما الكافر فانه ملزم بالاصل وهو شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. فاذا حقق هذا الاصل بعدها يخاطب بفروع الشريعة ولذلك بينت النصوص انه لا يقبل من الكافر عمل ولا قول. ما دام انه على كفره وقدمنا الى ما عملوا من عمل فاجعلناه هباء منثورا وبناء على ذلك يجب عليه ان يسلم اولا ثم بعد ذلك يقوم بفروع الشريعة والاحكام التي الزمته بها الشريعة على كل مسلم بالغ بالغ البلوغ هو الوصول الى الشيء. يقال بلغ الغاية اذا وصل اليها واما البلوغ في الشريعة فله امارات وعلامات ينتقل الانسان فيها من طور الصبا الى طور الحلم والتكليف وهذه العلامات والامارات بينتها النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة الاولى الاحتلام ودل عليها قوله عليه الصلاة والسلام رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم الصبي حتى يحتلم وهو حديث ام المؤمنين عائشة وعلي ابن ابي طالب رضي الله عنهما في السنن. وهو حديث ثابت وقوله رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم دل على ان الصبي اذا بلغ الحلم خوطب بتكاليف الشريعة قال تعالى واذا بلغ الاطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم فبين انه اذا بلغ الصبي سن اه طور الحلم فانه حينئذ يحكم بتكليفه والاحتلام والحلم هو العقل الانسان يصل الى درجة الحلم بالامارات والعلامات التي منها الاحتلام وهو الانزال التي منها الانزال وهو المعني بقوله عليه الصلاة والسلام حتى يحتلم فاذا انزل الذكر وانزلت الانثى حكم ببلوغ كل منهما. وهذا باجماع العلماء رحمهم الله. العلامة الثانية السن وهذه العلامة اختلف العلماء رحمهم الله في تحديدها فذهب الشافعية والحنابلة رحمهم الله الى ان سن البلوغ هو خمس عشرة والاصل في ذلك حديث عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما واصله في الصحيح انه قال عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم احد فلم يجزني وعرضت عليه يوم الخندق فاجازني. ففي رواية عند البيهقي عرضت عليه يوم احد وانا ابن اربع عشرة سنة فلم يجزني ولم يرني قد بلغت وعرضت عليه يوم الخندق وانا ابن خمس عشرة سنة وانا ابن خمسة عشرة سنة فاجازني ورأى اني قد بلغت ودل على ان سن الخامسة عشرة انها فيصل في من هو صغير ومن تسني عليه احكام الشريعة فيحكم بكونه كبيرا مكلفا وقال بعض العلماء انها ثماني عشرة سنة منهم من يقول سبعة عشرة بالنسبة للانثى وثمانية عشرة بالنسبة للذكر كما هو مذهب الحنفية. ومنهم من يقول ثماني عشرة ساعة للذكر والانثى كالمالكية. والاول ارجح لقوة دلالة السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه اما العلامة الثالثة فهي الانبات والمراد بها ان ينبت الشعر الخشن حول العانة بالنسبة الصبي والصبية والاصل في ذلك ان سعد ابن معاذ رضي الله عنه لما النبي صلى الله عليه وسلم في بني قريظة امر ان تقتل مقاتلتهم وان تسفى ذراريهم وقوله ان تقتل مقاتلتهم وهم الذين في طور البلوغ كما تقدم معنا في فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن عمر قال محمد بن كعب فكانوا يكشفون فمن وجدوه انبت قتلوه. ومن وجدوه لم ينبت تركوه فوجدوني لم انبت وهو محمد ابن كعب القرظي التابعي رظي اه رحمه الله برحمته الواسعة فهذا بالنسبة لعلامة البلوغ. هناك علامة خاصة وهي الحيض والحبل بالنسبة للنساء. فهذه العلامات متى ما وجدت الزمنا الصبي بالصلاة. والزمناه بشرائع الاسلام ومنها الصوم واما اذا كان الصبي دون البلوغ فانه حينئذ آآ لا يخلو من حالتين الحالة الاولى ان يكون صغير جدا ويكون الصوم غير مناسب له وترويظه عليه من الصعوبة بمكان واما ان يكون بخلاف كأن يقارب البلوغ وعنده قدرة وتحمل فيعود على الصوم وكان الصحابة رضوان الله عليهم يمنعون عن الصغار الطعام ولربما استمر المنع الى نصف النهار يروظونهم حتى اذا بلغوا اعتادوا العباد العبادة وانقادت لهم. فالصبي يعود. قال بعض العلماء يؤمر به الصبي كما يؤمر بالصلاة على التفصيل في السبع والعشر ومنهم من نظر الى طاقة الصبي وقدرته. فالمقصود ان الاصل الشرعي ان الصبي غير مكلف بالصوم فاذا قارب البلوغ وعنده قدرة فاننا نعوده على هذه العبادة يقول رحمه الله عاقل عاقل العقل في لغة العرب هو المنع منه العقال لانه يمنع البعير وسمي العقل عقلا لانه يمنع صاحبه عما لا يليق به. ولذلك سماه الله نهيه سماه الله حجرا فقال سبحانه وتعالى ان في ذلك لايات لاولي النهى اي لاهل العقول. وقال سبحانه وتعالى هل في ذلك قسم لذي حجر؟ اي لذي عقل يحجره ويمنعه عما لا يليق والعقل يعتبر آآ شرطا في وجوب العبادة وشرطا في صحتها فلا نوجب الصوم على المجنون ولا نحكم بصحة صوم المجنون لان الصوم يحتاج الى نية والمجنون لا نية له. لكن لو كان مجنونا ثم افاق اثناء النهار فهل يصح صومه؟ او امسك اولا النهار بدون نية ثم افاق من جنونه اثناء النهار قال الجمهور بصحة صومه آآ فمنهم من يقول العبرة باول النهار كالشافعي ومنهم من يقول العبرة باثناء النهار في اي وقت منه كالحنابلة وهو ارجح واقوى. وعلى كل حال فالعقل شرط في وجوب الصوم وصحته قوله رحمه الله عاقل اي لا يجب على مجنون نعم. قادر على الصوم هذا هو الشرط الرابع ان يكون قادرا على الصوم. قادرا على فعل هذه العبادة لان الله لا يكلف نفسا الا وسعها ولان الانسان اذا كان عاجزا عن العبادة حمل ما لا يطيق ولذا وقد قال الله عز وجل وما جعل عليكم في الدين من حرج وقال سبحانه لا يكلف الله نفسا الا وسعها فاذا كان الانسان عاجزا عن الصوم اما لكبر او ضعف او مرض فانه يسقط عنه فرض الصوم على تفصيل سنذكره ان شاء الله في احكام المفطرين في رمضان ولذلك قال تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين وفي قراءة لابن عباس ومجاهد وعلى الذين لا يطيقونه والذين يعجزون عن الصوم ينتقلون الى الاطعام على تفصيل سنذكره ان شاء الله تعالى. نعم. ويؤمر به الصبي اذا اطاقه يقول رحمه الله يؤمر به الصبي اذا اطاقه على التفصيل الذي ذكرناه فيما تقدم الصبي غير ملزم بالصوم ولكننا نحببه في هذه العبادة ونعطيه ما يشغله عن الطعام والشراب تأسيا بالصحابة رضوان الله عليهم يألف هذه العبادة فاذا بلغ انقادت وسهلت عليه نعم قال اذا اطاق بمعنى اننا لا نأمر الصبي اذا لم يطقه لان هذا فيه تنفير وايضا ربما جعل الصبي يكره العبادة وهذا امر عظيم ينبغي للوالدين الامر بالصلوات والطاعات ان يحببوا الابناء والبنات بما امر الله به من الواجبات والا يكرهوها ولذلك قال صلى الله عليه وسلم وهو يخاطب صفوة الامة محذرا من التشدد في الدين منكم منفرين فلا ينبغي التنفير لا بالقول ولا بالفعل ولا بالالزام بما لا يلزم بطريقة ينفر الانسان منها وكان بعض مشائخنا رحمهم الله يشددون في هذا الامر. حتى في تحفيظ القرآن كان بعض مشائخنا يشدد على من يشدد على اولاده ويضيق عليهم وكم من اب يقول هذا الشيخ لقد رأيت اباء حفظوا ابناءهم القرآن بالكره وبالشدة فلما بلغوا والعياذ بالله انتكسوا انتكاسا شديدا وكرهوا الطاعة والخير ومنهم والعياذ بالله من سار في طريق الغواية فهذا كله ينبغي ان ينتبه اليه في تعويد على الخير. ان يكون بالاسلوب الذي يحبب الخير اليهم. ويجعلهم يألفونه ويرغبونه. لا بطريقة ينفرون ائتست بنبي الرحمة. فكان كل واحد منهم حليما رحيما رفيقا رقيقا مع اولاده. يحببهم في طاعة الله ويجعلهم يألفون الخير بالطريقة المؤثرة. ان تكلم كان كلامه بليغا. ونصحه بليغا تأثر الصبي به ويستجيب له باذن الله وبتوفيقه. وان عمل جذب قلب الصبي بعمله. الذي ليس فيه غلظة ولا تظيق ولا تشديد والموفق من وفقه الله. نسأل الله تعالى ان يمن علينا بالتوفيق. نعم قال رحمه الله ويجب باحد ثلاثة اشياء