وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو فضيلة فضيلة تحسب للانصار وليس نقصا او عيبا. لقد وصلوا في ايجابيتهم الى درجة من الصعب ان تتكرر في خيرهم من ديال النور للانتاج الفني والتوزيع. تقدم اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا انه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم انا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين. وان تغفر لنا وترحمنا واذا اردت فتنة قوم فتوفنا غير مفتونين ونسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا الى حبك وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين ثم اما بعد بمعنى حلقة السادسة من حلقات الصديق رضي الله عنه وارضاه كنا في الحلقة السابقة قد استعرضنا جوانب من صفة عظيمة من الله بها على الصديق رضي الله عنه وهي صفة الثبات من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. لا شك ان الصديق رضي الله عنه من هؤلاء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه. ومن هؤلاء الذين عاشوا طويلا باحداث متقلبة ومواقف حرجة وازمات طاغية لكنه ما بدل ولا غير رضي الله عنه ظل ثابتا في كل فترات حياته رضي الله عنه وارضاه تعرضنا في الدرس السابق لثباته رضي الله عنه امام فتنة المال وفتنة الرئاسة وفتنة الاولاد وفتنة الهجرة وفتنة غلبة اهل الباطل. وفتنة الفتور عن الطاعة والعبادة. وفتنة الايذاء وضياع النفس. بل وفتنة الموت تعرضنا لكل ذلك ورأينا نموذجا رائعا لثبات البشر ورغم كل هذه المواقف العظيمة فانه يبقى موقف للصديق يمثل اروع درجات الثبات. وارقى درجات الايمان واعمق درجات الفهم شوفوا يا اخوة كل اللي قلناه في الدرس اللي فات كوم وثبات الصديق في الموقف اللي هنقوله دلوقتي كوم تاني خالص ذلك هو موقفه عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كارثة الكوارث ومصيبة المصائب يا اخوة انا لا اعتقد ان رجلا في التاريخ منذ ان نزل ادم عليه السلام الى هذه الارض والى يوم القيامة نال او سينال حبا وتقديرا واجلالا مثلما نال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ويكفي ان تفكر في هذه الكلمة البسيطة التي الفنا سماعها واعتدنا ذكرها فلم نقدر لها قدرها الحقيقي وقيمتها الاصيلة كلمة رسول رسول من رسول الله احنا دايما بنفكر في الشق الاول من الكلمة. رسول نعظمه لانه رسول لكن ساعات بننسى الشق الثاني رسول من رسول الله عز وجل. الله الله الذي خلق السماوات والارض وما بينهما الله الذي خلق الشمس والقمر والنجوم والكواكب الله الذي خلق الجبال والبحار والانهار الله الذي خلق الانس والجان والملائكة العزيز الذي لا يغلب الحكيم الذي تناهت حكمته الحي القيوم الذي لا ينام. الله الله عز وجل الرحيم بخلقه الكريم الحنان المنان الله عز وجل ارسل الى خلقه رسولا يبلغهم رسالته الله عز وجل في علوه وكبريائه وعظمته ارسل الى الخلق الضعيف البسيط القليل ارسل اليهم رسولا منهم اي تشريف واي تعظيم؟ واي تكريم واذا كان البشر قد كرموا بارسال الرسول اليهم. فكيف بالذي اصطفاه الله من بلايين الخلق كي يرسله الى الناس برسالته وليست اي رسالة ولكن الرسالة الاخيرة الخاتمة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم صنعه الله على عينه قلقهم ورباه وعلمه وادبه وحسن خلقه وقوى حجته وزكى سريرته وطهر قلبه وجمل صورته وحببه في خلقه وحبب الخلق جميعا فيه فلا يراه احد الا واحبه ولا يسمع به احد الا واحبه. ولا يقرأ عنه احد الا واحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم خير البشر وافضل الدعاة وسيد المرسلين وخاتم النبيين هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يوفى حقه في مجلدات ومجلدات ولا في اعوام واعوام فقد وضع الله فيه خلاصة الفضائل البشرية كلما تعرضت لجانب من جوانب حياته صلى الله عليه وسلم حار عقلك كيف كان على هذه الصورة البهية النقية لا تملك الا ان تقول سبحان الذي صوره فاحسن تصويره وادبه فاحسن تأديبه وعلمه فاحسن تعليما وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على علو قدره وسمو منزلته يعيش وسط الصحابة يخالطهم كان يصلي بهم ويعلمهم كان يتحمل الاذى معهم يجوع مع جوعهم او اكثر ويتعب مع تعبهم او اشد يهاجر كما يهاجرون ويقاتل كما يقاتلون ويحفر الخندق كما يحفرون وكان صلى الله عليه وسلم يأكل مما يأكل منه الناس ويشرب مما يشرب منه الناس ويجلس على ما يجلس عليه الناس لم تزده كثرة الاذى الا صبرا ولم يزده اسراف الجاهلين الا حلما ما خير بين امرين الا اختار ايسرهما ما لم يكن اثما فان كان اثما كان ابعد الناس عنه فكيف بغيري من الصحابة قال ابو سفيان ابن الحارث ابن عبد المطلب رضي الله عنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في هذه المصيبة لقد عظمت مصيبتنا وجلت وما انتقم لنفسه قط الا ان تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها وكان اكثر الناس كرما واقواهم بأسا واشدهم حياء وكان يمنع الناس من القيام له وكان يعود المساكين ويجالس الفقراء وتسير به الامة في شوارع المدينة اينما شاءت وكان يخصف نعله ويخيط ثوبه ويحلب شاته وفي العموم كان في مهنة اهله صلى الله عليه وسلم وكان فوق هذا متصلا بالسماء متصلا برب العالمين يأتيه الوحي صباح مساء يخبر الناس بما يريده ربهم منهم يعدل لهم المسار ويقوم لهم المناهج ويفسر لهم ما اشكل عليهم ويوضح لهم ما خفي عنهم اعتاد صحابته على وجوده ومعايشته فكان لا يعتزلهم ابدا ولا يبعد عنهم مطلقا يرونه في كل صلاة وفي كل لقاء وفي كل جمع يشهد الجنائز ويعود المرضى ويدعو لهم ويزور الصحابة في بيوتهم ويزورونه في بيته واحبه الصحابة حبا لا يوصف حبا لم يحبوه قط لاحد غيره قدموه على حب الولد والوالد وعلى حب الزوج والعشيرة وعلى حب المال والديار بل قدموه على حب النفس حتى يتمنى الصحابي ان يموت ولا يشاكر رسول الله صلى الله عليه وسلم شوكة في قدمه وحتى ما كان الصحابي يصبر على فراقه فاذا عاد الصحابي الى بيته اسرع بالعودة الى المسجد حتى يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحتى بكى بعضهم لان انهم سيفارقونه يوم القيامة في الجنة لعلو منزلته حتى بشرهم بان المرء يحشر مع من احب فسري عنهم لذلك عاش الصحابة في هذه السعادة التي لم تعرف ولن تعرف في الدنيا. سعادة مصاحبته ورؤيته والسماع منه والانصات ضياع له صلى الله عليه وسلم عاشوا على ذلك فترة من الزمان حتى اذن الله عز وجل برحيل الحبيب صلى الله عليه وسلم عن دار الدنيا الى دار الخلد في جنات النعيم الى الرفيق الاعلى الى راحة لها تعب فيها ولا نصب ولا وصب ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر والبشر يموتون انك ميت وانهم ميتون ومع يقين الصحابة بذلك وثقتهم من بشريته صلى الله عليه وسلم الا انهم ما تخيلوا ان ذلك الموت سيحدث حقيقة فتنة عظيمة مصيبة كبيرة وبلاء مبين ما صدق الصحابة رضوان الله عليهم اذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات حقا فكيف الحياة بدونه وراء من يصلون والى نصح من ينصتون من يعلمهم من يربيهم من يبتسم في وجوههم من يرفق بهم من يأخذ بايديهم كارثة واي كارثة واظلمت المدينة واصاب الحزن والهم والكمد كل شيء فيها كل شيء ليس الصحابة فقط بل نخيل المدينة وديار المدينة وطرق المدينة ودواب المدينة اذا كان جذع النخلة قد حن لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما فارقه ليخطب من فوق المنبر بدلا منه حتى سمع الصحابة لجذع النخلة انينا وحتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بيده على الجذع حتى سكن اذا كان الجزع فعل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم فارقه الى منبر يبعد خطوات معدودات فكيف بفراق لا رجعة فيه الى يوم القيامة والصحابة ماذا يفعلون اتطيب نفوسهم ان يهيلوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم تقطعت قلوب الصحابة وتمزقت نفوسهم وتحطمت مشاعرهم يقول انس بن مالك رضي الله عنهم ما رأيت يوما قط كان احسن ولا اضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما رأيت يوما قط كان اقبح ولا اظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المصيبة المصيبة يا اخوة اذهلت عقول الاشداء من الرجال واذهلت الباب الحكماء منهم تاهوا جميعا تاهوا جميعا حتى وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه وما ادراك ما عمر بن الخطاب في عقله ورزانته وحكمته والهامه. وقف وقد اخرجته الكارثة عن وعيه يقول ان رجالا من المنافقين يزعمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات يقول يا اخوة ذلك في يقين هو لا يصدق فعلا انه مات. يقول عمر لكن ذهب الى ربه كما ذهب موسى ابن عمران تغاب عن قومه اربعين ليلة ثم رجع اليهم بعد ان قيل قد مات والله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقطعن ايدي رجال وارجلهم يزعمون انه مات اذا كان عمر كذلك عشية قيل قد قبض الرسول واضحت ارضنا مما عراها تكاد بنا جوانبها تميل فقدنا الوحي والتنزيل فينا يروح به ويغدو جبرائيل وذلك احق ما سالت عليه نفوس الناس او كادت تسيل نبي كان يجلس شك عنا بما يوحى اليه وما يقول ويهدينا فلا نخشى ضلالا علينا. والرسول لنا دليله افاطم يخاطب السيدة فاطمة رضي الله عنها افاطم ان جزعتي فذاك عذر وان لم تجزعي ذاك السبيل فقبر ابيك سيد كل قبر وفيه سيد الناس الرسول صلى الله عليه وسلم يقول انس بن مالك رضي الله عنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اظلمت المدينة حتى لم ينظر بعضنا الى بعض وكان احدنا يبسط يده فلا يراها وما فرغنا من دفنه حتى انكرنا قلوبنا وبينما هم كذلك اذ جاء الصديق الجبل ابو بكر رضي الله عنه وارضاه وجازاه خيرا كثيرا عما قدمه لامة المسلمين جاء الصديق من الصلح منطقة خارج المدينة بعد ان وصله النبأ هناك وان تخيل احدنا ان صحابيا سوف يموت حزنا وهما وكمدا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا شك اننا جميعا سنقول انه الصديق رضي الله عنه وارضاه اشد الخلق حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم واقرب الرجال الى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شك انه قد يخطر ببال الناظر للاحداث ان الصديق سيفعل من علامات الغضب والثورة والانهيار والتصدع ما لم يفعل احد غيره لا شك انه قد يخطر ببال احد انه سيفعل اكثر مما فعل عمر بن الخطاب مثلا لكن سبحان الله انه الصديق ابو بكر رضي الله عنه وارضاه اقبل ابو بكر على فرسه من مسكنه بالصلح ونزل عند مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكلموا الناس ودخل المسجد ومنه دخل الى بيت عائشة رضي الله عنها حيث مات رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدرها فتوجه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغطى بثوب فكشف عن وجهه. ثم اكب عليه فقبله وبكى عبرات لابد منها لابد منها انحدرت ساخنة حارة على وجنتي الصديق رضي الله عنه وارضاه حبيب عمره ودرة قلبه وقرة عينه ثم قال الصديق وقلبه يتفطر بابي انت وامي لا يجمع الله عليك موتتين اما الموتى التي كتبت عليك فقد متها ثم خرج في ثبات عجيب يليق بخير الامة بعد نبيها ويليق باول من سيدخل الجنة من امته صلى الله عليه وسلم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يجزع ويخرج عن المنهج وهو الصديق خرج الصديق رضي الله عنه وارضاه فوجد عمر في ثورته يتكلم مع الناس والناس يلتفون حوله يتمنون ان لو كان كلامه حقا وان رسول الله صلى الله عليه وسلم سيعود ثانية كما يقول قال الصديق في ثبات ورباطة جأش عجيبة. اجلس يا عمر اجلس يا عمر لكن عمر قد اذهلته المصيبة اذهلته المصيبة فلم يسمع الصديق رضي الله عنه وارضاه لم يجلس. وظل على حاله لكن الناس كانوا قد وجدوا وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم الاول وجدوا ابا بكر فتركوا عمر والتفوا حول الصديق ينتظرون ما يقول قال الصديق في فهم عميق وحكمة بالغة اما بعد من كان منكم يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فان محمدا قد مات. حقيقة لابد من الاعتراف بها ومن كان منكم يعبد الله فان الله حي لا يموت وفي براعة ولباقة وتوفيق قرأ الاية الكريمة. وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل. افان ان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين الصديق رجل عجيب يعيش مع القرآن في كل حركة وفي كل سكنة. ما اروع الاختيار وما ابلغ الاثر الذي احدثته الاية الربانية في قلوب الصحابة يقول ابن عباس رضي الله عنهما والله لكأن الناس لم يعلموا ان الله انزل هذه الاية حتى تلاها ابو بكر فتلقاها الناس كلهم فما اسمع بشرا من الناس الا يتلوها. افاق الناس وبدأوا في البكاء الشديد كانت الاية سلوى للمؤمنين وتعزية للصابرين وجزاء للشاكرين ووصلت الاية الى اسماع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول عمر بن الخطاب والله ما هو الا ان سمعت ابا بكر تلاها فعثرت حتى ما تكلني رجلاي. وحتى اهويت الى الارض اين سمعته تلاها؟ علمت ان النبي صلى الله عليه وسلم قد مات انا لله وانا اليه راجعون وثبت الله الامة ثبت الله الامة جميعا بثبات الصديق رضي الله عنه وارضاه واحدة من اعظم حسناته رضي الله عنه وارضاه وما اكثر حسناته رضي الله عنه وارضاه ومع كون فتنة موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفراقه الى يوم القيامة فتنة عظيمة ومصيبة هائلة مع كون هذه الفتنة عظيمة الا انها لم تكن الفتنة الوحيدة التي مرت بالمسلمين في هذه الايام الحزينة فالى جوار فتنة الموت والفراق كانت هناك فتن اخرى عظيمة كانت هناك فتنة انقطاع الوحي فكما ذكرنا من قبل كانت ام ايمن رضي الله عنها تبكي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تعلل ذلك بانها تبكي لان الوحي انقطع من السماء وانقطاع الوحي من السماء لا شك انه فتنة عظيمة وجبريل عليه السلام لن ينزل على بشر الى يوم القيامة فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هو خاتم الانبياء لا شك ان البشر سيخطئون كثيرا ويحتاجون الى تقويم واصلاح. من يقوم بذلك عليهم ان يقوموا بذلك بانفسهم المنهج الاسلامي المتكامل اعطى لهم هذه الصلاحيات لاكمال مسيرة الحياة الى يوم القيامة بدون رسل ولا انبياء ولا وحي لكن لا شك ان الفترة التي اعقبت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تمثل عبئا ثقيلا على الصحابة وقلقا بالغا من ان يفشلوا في حل امورهم دون وحي ولا شك انهم سيختلفون وسيختلفون كثيرا فمن يكون على صواب ومن يكون على خطأ؟ عليهم ان يحكموا بالمنهج المتروك في ايديهم القرآن والسنة ولكن ستظل طوائف من المؤمنين تخطئ وهي تظن انها على صواب الوحي كان يفصل في هذه الامور فصلا لا يدعو مكانا للريبة. والان انقطع الوحي الرجل في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير على الارض ويعلم انه من اهل الجنة. يوقن بذلك اذا بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم يقينه بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم وتخيل معي كيف يطيق رجل صبرا ان يسير على الارض وهو يعلم انه من اهل الجنة هذا الذي جعل عمير بن الحمام مثلا في غزوة بدر يلقي بالتمرات لما بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ويقول لان احيا حتى اكل تمراتي انها لحياة طويلة بلال بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة فاذا به على فراش موته سعيدا لانه سيموت. غدا القى الاحبة محمدا وصحبه وهكذا ابو بكر وعمر وعثمان وعلي وبقية العشرة وهكذا عبدالله بن مسعود وهكذا خديجة وعائشة وسائر امهات مؤمنين وهكذا مئات والاف بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اما الان بعد ان انقطع الوحي فلا احد يدري اهو من اهل الجنة ام من اهل النار وعجبت لمن يضحك كيف يضحك وهو على يقين من ورود النار. وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا. ثم هو لا يعلم ايجوز الصراط الى الجنة؟ ام يسقط في النار رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخبرهم عن كثير من امور الغيب بالوحي يبشرهم بنصر بدر يبشرهم بالفتح يبشرهم بالشام وفارس واليمن. يخبرهم عما كان وعما هو كائن. وعما سيكون الى يوم القيامة الان بعد انقطاع الوحي اغلق باب المستقبل لا نعرف منه الا ما انبأنا به الرسول صلى الله عليه وسلم قبل ان يموت لكن كم من الامور سيحدث كنا نتمنى ان نعرف عاقبتها اترانا سنفوز ام سنخسر واحداث العالم كيف ستؤول في النهاية؟ الله اعلم الفرس انتصرت على الروم والرسول صلى الله عليه وسلم يبشر غلبت الروم في ادنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين. الان لا نعرف على وجه اليقين نعم ترك لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منهاجا واضحا من قرآن وسنة. نستقرأ به سنن الله في الارض. ونستنبط به النتائج قبل ان تحدث لكن سيظل كثير من الامور معروفة على وجه الظن لا على وجه اليقين ويقين الوحي لا عودة له حتى تنتهي حياة الارض وتقوم القيامة فتنة كبيرة لا شك ان هذه الفتنة اذهلت الصحابة وسيبدأ طريق مليء بالاشواك وعليهم ان يعتمدوا على انفسهم في السير بعد فقد القائد العظيم والدليل الامين محمد صلى الله عليه وسلم اذا كانت هناك فتنة فراق احب الخلق الى قلوب الصحابة وكانت هناك ايضا فتنة انقطاع الوحي فتنة ثالثة خطيرة من من الرجال يجلس في كرسي الحكم مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن نبيا فقط. ولكن كان ايضا حاكما للمسلمين فان كانت النبوة قد ختمت به صلى الله عليه وسلم. فالحكم لابد ان يستمر. من من الصحابة الكرام يكمل المسيرة ويحمل الراية امر خطير وخطورته ليست في احتمال التكالب على السلطة والتنازع فيها كما يحدث في بلدان العالم المختلفة اذا مات قائد او زعيم كلا ولكن الخطورة لاعتبارات خاصة جدا بهذه الفترة اولا لا يوجد في الصحابة ولا في اهل الارض جميعا من يساوي او يقترب في الفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي سيوضع في مكانه كحاكم لابد وانه سيقارن به صلى الله عليه وسلم واذا حدثت المقارنة فانها ولا شك ستكون مقارنة ظالمة هذا رسول يوحى اليه من ربي وادبه ربه. وهذا رجل يجتهد قد يصيب وقد يخطئ ثانيا من من الصحابة ستطيب نفسه ان يجلس في هذا المكان الصحابة يا اخوة على خلاف اهل الارض في زماننا او في اي زمان. كانوا لا ينظرون الى الامارة على انها تشريف وتعظيم ابدا ان كانوا يعتبرونها تكليفا وتبعة ففضلا عن انهم لا تطيب نفوسهم بالحكم بدلا من نبيهم. فهم تعلموا منه صلى الله عليه وسلم ان يزهدوا في الامارة ولا يطلبونها روى مسلم عن ابي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله الا تستعملني فضرب بيده على منكبي ثم قال يا ابا ذر انك ضعيف وانها امانة وانها يوم القيامة خزي وندامة. الا من اخذها بحقها ترى من من الصحابة يضمن ان يأخذها بحقها ومن يعرض نفسه لحمل الامانة ومن يضع نفسه يوم القيامة موضع سؤال عن تبعات عظيمة تبعت الامامة ثالثا اذا كان ولابد ان يختار رجل من الصحابة لهذا الامر الجليل من يكون هذا الرجل الصحابة جميعا اعلام يقتدى بهم. طاقاتهم عظيمة وامكانياتهم واسعة والمؤهل ليكون حاكما على الناس او اميرا عليهم كثر. كثير معظم الصحابة اذا نظرت الى المهاجرين مثلا فهناك الصديق ابو بكر رضي الله عنه وهناك الفاروق عمر وهناك امين الامة ابو عبيدة. وهناك ذو النورين وزوج ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم. عثمان رضي الله عنه وهناك ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته علي. وهناك العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهناك سعد بن ابي وقاص خال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهناك الزبير بن العوام حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وهناك طلحة بن عبيد الله طلحة الخير. وهناك غيرهم كثير. عبدالرحمن بن عوف سعيد بن زيد وهناك شيوخ مكة الذين اسلموا في الفتح ولهم من الهيبة في قلوب العرب ابو سفيان وسهيل بن عمرو وغيرهم. واذا نظرت الى الانصار وجدت ايضا فريق من العظماء كبير وان كانت الاسماء المطروحة للزعامة اقل من المهاجرين لكون الانصار من قبيلتين فقط الاوس والخزرج زعيم الخزرج سعد بن عبادة ومن اقوى الاسماء المرشحة للخلافة اما من الاوس فهناك على سبيل المثال اسيد ابن حضير سيد الاوس وهناك عباد بن بشر من افضل الانصار. تقول السيدة عائشة رضي الله عنها ثلاثة من الانصار لم يجاوزهم في الفضل احد سعد بن معاذ واسيد بن حضير وعباد بن بشر طبعا سعد بن معاذ استشهد قبل ذلك بكثير استشهد بعد ان اقر الله عينه من بني قريظة في سنة خمسة من الهجرة كل واحد يا اخوة من هذه الاسماء سواء من المهاجرين او من الانصار. لا تنقصه الكفاءة ولا القدرة على القيادة كذلك لا ينقص احدهم التقوى فمن يحمل الراية ومع كل هذه الفتن يا اخوة لم تكن هذه هي الفتن الوحيدة الموجودة في هذه الفترة بل كان هناك فتن اخرى عظيمة وخطيرة الاعداد المهولة التي دخلت في الاسلام حديثا ولم تتلق تربية كافية في محضن الرسول صلى الله عليه وسلم بل ان كثيرا منهم دخل الاسلام طمعا في المال والثراء طائفة المؤلفة قلوبهم تألف رسول الله صلى الله عليه وسلم قلوبهم بالمال والغنائم حتى يدخلوا في الاسلام تعالوا كده يا اخوة نراجع بعض الارقام فتح مكة سنة تمانية من الهجرة فتح مكة عشرة الاف مؤمن بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعدها بقليل كانت حنين والطائف. وكانت الغنائم وفيرة جدا. واعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤوس القوم اعطى عوام الناس واعطى واعطى واعطى. حتى دخل الناس في دين الله افواجا ذكر ذلك ربنا عز وجل في كتابه الكريم اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا بعد فتح مكة بحوالي سنة سنة واحدة فقط غزوة تبوك سنة تسعة من الهجرة ثلاثون الف مسلم غير المنافقين الذين تخلفوا عن الغزو تضاعف الرقم من تمانية لتسعة هجرية ثلاث مرات وهو تضاعف كبير في هذه الفترة الوجيزة اعجب من ذلك في حجة الوداع سنة عشرة من الهجرة. بعد ذلك بسنة. يعني بعد غزوة تبوك بسنة واحدة. حدث تضاعف مهول في عدد المسلمين. حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثر من مائة الف مسلم مائة الف مسلم. تخيل هذا غير عشرات الالاف من الذين دخلوا الاسلام في قبائلهم البعيدة عن المدينة. ولم يسعدوا برؤية الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الالاف المؤلفة من المسلمين الذين ارتبطوا بالاسلام فقط منذ شهور. ولم يسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم الا الكلمات القليلات وبعضهم لم يره اصلا وبعضهم دخل وبعض قال لاجل الخوف الخوف من القوة الاسلامية الناشئة وكلهم عهد جاهل جاهلية واشراك هذه العوامل جميعا وغيرها جعلوها على خطر عظيم وبالذات وصل اذا وصل اليه وفاة الرسول صلى الله ترى ماذا سيكون رد فعلهم اتراهم يتشككون في امر الرسالة اتراهم يعتقدون ان الخروج عن جماعة المسلمين اصبح امرا ميسورا اتراهم يرتدون على اعقابهم ويعودون الى جاهليتهم وشركهم كل هذه الاحتمالات واردة. ولا شك ان الصحابة في المدينة كانوا يفكرون في هؤلاء القوم. ويتسمعون اخبارهم خافون من ردتهم عن الاسلام هذه المشاعر المتزاحمة من قلق وخوف وتربص وحيرة زادت الازمة في المدينة تفجرا واضطرابا ولا شك ان هذا زاد من ظلمة المدينة بعد غياب النور المبين محمد صلى الله عليه وسلم فتنة مظلمة اخرى تحيط بالصحابة. الردة الفعلية لبني حنيفة ولاهل اليمن جاءت الانباء قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. بظهور من يدعي النبوة في هذه البلاد ظهر مسيلمة الكذاب في بني حنيفة في اليمامة. شرق الجزيرة وظهر في اليمن الاسود العنسي وتبع هذا وذاك الاف المؤلفة قبلية وعصبية وجهل وشك وكبر وسفه الاف الاف مؤلفة تبع مسيلمة وحده ما يزيد على اربعين الفا. تخيلوا! اربعين الف مرتاد مع مسلمة الكذاب قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء مرتدون بالفعل ومن المؤكد انهم يتربصون بالمدينة الدوائر ومن ادرى الصحابة انهم لا يعدون العدة لغزو المدينة. والاستئصال الاسلامي من جذوره. هذا خطر داهم. لا شك ان الصحابة كانوا يترقبون اضف الى كل هذا كثرة المنافقين بالمدينة المنورة نذكر انه منذ اقل من عامين كانت هناك اعداد ضخمة من المنافقين يسكنون المدينة ايام تبوك ولا شك انهم يتزايدون مع زيادة قوة الاسلام ولا شك ايضا انهم ينتظرون الفرصة للانقلاب على الاسلام والمسلمين. وقد ارادوا قتل الرسول صلى الله عليه وسلم قبل ذلك ولكن فشلوا وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات وهذه مصيبة ضخمة ولا شك ان سعادتهم بهذه المصيبة كبيرة ان تصيبك حسنة تسؤهم وان تصبك مصيبة يقولوا قد اخذنا امرنا من قبل. ويتولوا وهم فرحون. ترى ماذا سيفعل المنافقون؟ سؤال يتردد في اذهان الصحابة ولا شك ثم هل هذا هو كل الشر الذي يتربص بالمدينة؟ ابدا كم من الاعداء يتربص؟ وكم من الكارهين يرقب الفرس دولة عظمى مجاورة قد كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ملكها كسرى مراسلات يعرض فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه الاسلام. لكن ابا كسرى فارس بل ومزق رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ضم الى دولة المسلمين قبل ان يموت منطقة اليمن. وكانت تتبع دولة فارس قالها ثلاثا اللهم انتم من احب الناس الي وروى البخاري عن انس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للانصار موعدكم الحوض وغير ذلك كثير من الاحاديث ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق ذلك ادخل في الاسلام حكام اليمن الفارسيين وافسد على كسرى فارس هذه المنطقة واهلها ترى ماذا سيفعل كسرى فارس بعد هذه المصيبة التي حلت على المسلمين اتراه يعيد الكرة في احتلال اليمن؟ ام يفكر فيما هو ابعد من ذلك؟ ويغزو المدينة ومكة اسئلة بلا اجابة الروم الدولة العظمى الاخرى على الساحة العالمية في ذلك الزمن تحتل كامل الشام واسيا الصغرى. بالاضافة الى شرق اوروبا بكامله. دولة ضخمة مهولة على رأسها قيصر الروم هرقل دولة الروم العظمى لها تاريخ مع دولة الاسلام الناشئة في المدينة ارسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسالة الى هرقل يدعوه للاسلام. وهرقل مال قلبه للاسلام لكن منعه وقومه ودفعوه الى الكفر برسول الله صلى الله عليه وسلم. ليس هذا فقط بل دفعوه ايضا الى تحريض قبائل غسان العربية في الشام على المسلمين ومن ثم قتل بعض رسل المسلمين المبعوثة الى تلك المناطق وغرق بذلك هرقل في مستنقع الكفر. وهكذا بطانة السوء. ومن رضي ببطانة السوء. المهم ان نتيجة هذا الاعراض عن الرسالة وهذا التحرش بالمسلمين نتجت موقعتان بين المسلمين والروم نتجت سرية مؤتة في سنة تمانية من الهجرة وهذه كانت سرية عجيبة ثبت فيها المسلمون بثلاثة الاف مقاتل امام مئتي الف من الروم المقاتلين وقتل من المسلمين زعمائهم الثلاثة ثم استطاع خالد ابن الوليد رضي الله عنه وارضاه بتكتيك رائع ان ينسحب بجيشه دون هزيمة من الروم. بل ان التحليل الصادق للمعركة يثبت فرار الروم وخشيتهم من الجيش الاسلامي. وما حدث من فرار لبعض المسلمين حتى وصلوا الى المدينة في فرارهم لم يكن الا من طائفة محدودة لكن بصرف النظر عن اي شيء فقد تراءى للروم ثبات المسلمين وخطورتهم وعلموا ان بأسهم شديد وقتالهم شرس ومرت سنة واحدة على مؤتة وجاء ما هو اعظم. حشد المسلمون ثلاثين الفا من المقاتلين اشداء. في غزوة تبوك سنة تسعة من الهجرة ومع قلة امكانيات المسلمين المادية من سلاح ومؤونة الا ان معنويات الجيش كانت مرتفعة جدا وتحركت الجموع الاسلامية الى مسافات بعيدة جدا عن المدينة. دونما وجل ولا خوف وفر الجيش الروماني واعوانه من نصارى الشام العرب امام الجيش الاسلامي ولا شك ايضا ان الرومان قد سمعوا بانباء بعث اسامة بن زيد رضي الله عنهما. والذي جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بقليل حتى يغزو كم؟ يقاتل الروم والقبائل المناصرة لها ولا شك انهم يعلمون ان الجيش الاسلامي ما زال رابضا في المدينة بعد خبر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا سيكون رد فعل الرومان والقبائل المتحالفة معهم امام هذا الحدث اتراهم يستغلون الفرصة ويهاجمون المدينة حيث ان خير وسيلة للدفاع هي الهجوم هل يستغلون انشغال المسلمين بالمصيبة الكبيرة ويحالفون عددا اكبر من القبائل ويحاصرون الجيش الاسلامي في المدينة قبل خروجه ام تراهم سينقلبون على القبائل المسلمة في شمال الجزيرة العربية لا شك ان الروم سيتربصون بالمسلمين وجذور العلاقة توحي بان ذلك سيكون قريبا. كيف يتعامل المسلمون مع هذا التوقع؟ سؤال يحتاج الى اجابة اليهود ماذا سيكون رد فعلهم بعد ان يعلموا بهذا الخبر الهام وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم جذور العداء تاريخية مع اليهود ومن اول يوم سمعوا فيه بامر الرسالة وهم يكيدون لها. وحاولوا من قبل قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقلوبهم تغلي بالحقد على المسلمين وكراهيتهم للاسلام والمسلمين ثابتة في كتاب الله وستظل الكراهية موجودة بين فريقين الى يوم القيامة. لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين اشركوا اليهود منذ عشر سنوات قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا من اعظم تجار الجزيرة العربية. كانوا يتاجرون في كل البضائع وبالذات في السلاح امور والربا وكان لهم سطوة وبأس وكانت لهم حصون وقلاع وكانت لهم قبائل واعوان. وكانت لهم مكانة علمية ودينية لكونهم من اهل الكتاب ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة فسحب البساط من تحت ارجلهم. وانتقلت الزعامة الدينية في الارض الى المسلمين. ليس هذا فقط بل دارت حروب ومعارك لا تنسى بينهم وبين المسلمين كانت الغلبة فيها كلها للمسلمين في بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة وخيبة. وتشتتت قوة اليهود وتفرقت وتحطمت. وها هي السيدة صفية انت حيي تصبح الان زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم واما للمؤمنين وهي التي كانت بنت زعيم اليهود حيي ابن اخطب هي الاحقاد تتزايد على المسلمين وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا سيفعل اليهود الان لقد تم قتل يهود بني قريظة من قبل واجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قينقاع وبني النضير من المدينة لكن ما زال هناك يهود خيبر وهم ليسوا بالقليلين يعيشون في حصونهم في شمال المدينة اتراهم يدبرون مؤامرة لحرب المسلمين؟ وينقضون عهدهم المبرم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا امر وارد جدا. اشتهر اليهود على مدار تاريخهم منذ ايام انبيائهم الكرام. مرورا بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم الى عهدنا الان والى يوم القيامة اشتهروا بنقض العهود وبالتعامل بالخيانة والدس والكيد والتآمر اشتهروا في وقت ضعفهم بالذلة والمسكنة والخنوع والنفاق واشتهروا في وقت قوتهم بالافساد في الارض والتدمير والتخريب اذا فساد اليهود متوقع وخيانتهم قريبة لكن كيف ستكون سؤال لا شك انه كان يجول في خاطر الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اصعب الموقف بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وما اعقده وما احزنه تعالوا كده نقف وقفة نلتقط الانفاس ونعيد ترتيب الاوراق تعالوا نفكر مع الصحابة مجموعة من الفتن الخطيرة تتناوش المدينة فجأة اولا مات احب الخلق الى قلوب الصحابة وفراقه مصيبة ثانيا انقطع الوحي بالكلية الى يوم القيامة ثالثا ليس هناك من يقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفضل حتى يستبدله الناس به رابعا الاسماء المطروحة لخلافة الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرة يعني الاسماء المطروحة لخلافة الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرة وكلها عظيم خامسا اعداد كبيرة جدا ما دخلت الاسلام الا منذ سنوات او شهور قليلة. وكثير منهم من المؤلفة قلوبهم ضعيف الايمان سادسا الردة الخطيرة الموجودة في بني حنيفة واليمن سابعا كثرة المنافقين بالمدينة وتربصهم الدوائر بالمسلمين ثامنا دولة الفرس المعادية تلتصق حدودها بالدولة الاسلامية من جهة الشرق وقد تغزوها تاسعا دولة الروم المعادية ايضا تلتصق حدودها بالدولة الاسلامية من جهة الشمال وجذور العلاقة توحي بلقاء حربي قريب عاشرا اليهود في خيبر تغلي قلوبهم كالمرجل وخيانتهم وشيكة اذا هذه فتن ضخمة. الواحدة منها قد تعصف بامة بنو اسرائيل لما ظنوا مجرد الظن ان موسى عليه السلام قد مات وذلك عندما ذهب لميقات ربه اربعين ليلة ماذا فعلوا عبد العجل وفي وجود هارون النبي صلى الله عليه وسلم هذا في اربعين ليلة فقط وليس عندهم يقين في موته. اما الان فرسول الله صلى الله عليه وسلم ميت بين اظهرهم. والكل يعلم انه ومات كم من الرجال سيقلدون بني اسرائيل في فعلتهم الشنيعة امر خطير في هذا الموقف المعقد والمتشابك والمدينة المنورة كالسفينة الصغيرة في بحر لجي هائج تتلاطمها الامواج العاتية وقد مات قبطانها في هذا الموقف الرهيب الفريد اين النجاة اين نجاة بتحليل الموقف نجد انه لا نجاة الا باختيار سريع وسريع جدا لخليفة يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم الدولة الاسلامية فقدان الخلافة او ضياع الخلافة كارثة مهولة. الخلافة والخليفة كالخيط ينتظم حبات العقد في عقد واحد جميل بغير هذا الخيط ستضيع الحبات لا محالة لا يشفع للحبات هنا كونها جميلة او براقة. كذلك امة الاسلام اذا غاب منصب الخلافة فلن يجتمع المسلمون وان كانوا صالحين. فرقة هنا وفرقة هناك. قبيلة هنا وقبيلة هناك دولة هنا ودولة هناك. وستظل الفرقة في غياب الخلافة وهذه هي مصيبتنا العظمى في زماننا الان. غابت الخلافة واخرها كانت الخلافة العثمانية فتفرق المسلمون حتى وان كانت الخلافة ضعيفة فهي واجبة. فالاجتماع على ضعف خير من التفرق على قوة. هذا امر عام في كل حياة المسلمين اذا اجتمعوا على رجل كانت البركة والقوة. واذا تفرقوا كان الفشل والضعف رسول الله صلى الله عليه وسلم يلفت النظر الى ذلك حتى في ادق الامور روى ابو داوود باسناد حسن عن ابي سعيد الخدري وعن ابي هريرة رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خرج ثلاثة في سفر بل يأمروا احدهم الى هذه الدرجة فليأمروا احدهم الصحابة الكرام افضل اهل الارض بعد الانبياء. وخير القرون في هذه الامة يفقهون هذه الحقائق بوضوح ويعلمون مدى الخطورة المنتظرة لاي تأخير في اختيار هذا الخليفة مهما كان اسمه لذلك قام الصحابة الكرام بمشروع احسبه من ارقى واجل المشاريع الحضارية في التاريخ مشروع اختيار الخليفة والقائد والربان للسفينة في هذا اليوم الذي مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كل الاحزان والهموم والالام. لابد ان تسير الحياة. لابد لا تتوقف لموت بشر او زعيم وان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تكن واسع وعلم غزير ماذا حدث في هذا اليوم الثاني عشر من ربيع الاول من السنة الحادية عشرة للهجرة اجتمع الانصار اوسهم وخزرجهم لاختيار خليفة للمسلمين من بينهم اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة. سقيفة بني ساعدة هي الدار التي اعتادوا ان يعقدوا فيها اجتماعاتهم الهامة رأى الانصار ان الخليفة لابد ان يكون منهم لاعتبارات كثيرة ولذلك سارعوا الى هذا الاجتماع الطارئ هذا الموقف لابد وانه سيسير اسئلة كثيرة في الذهن وقد تسأل هذه الاسئلة بحسن نية وذلك للمعرفة والفقه والاستفادة. وقد تسأل بسوء نية للطعن والكيد النيل من الصحابة ومن دولة الاسلام يبرز من هذه الاسئلة في هذا الموقف سؤالان هامان ركز عليهما المستشرقون واتباعهم من العلمانيين. سواء من ابناء الغرب او الشرق او من ابناء المسلمين سؤالان الغرض منهما الطعن في الانصار وسيتبع السؤال ان لا محالة باسئلة اخرى للطعن في المهاجرين وبقية الصحابة السؤال الاول كيف تحرك الانصار لاختيار خليفة في نفس يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم اليس في قلوبهم حزن على نبيهم يقول المستشرقون ان الانصار ارادوا الدنيا ورغبوا فيها وحرصوا عليها فتسرعوا اليها ولم يردعهم المصاب الفادح الذي الم بهم هذا السؤال ايضا يتردد في اذهان بعض المؤمنين للاستفسار وللرد على شبهات الطاعنين السؤال الثاني لماذا اراد الانصار الاستئثار بالخلافة دون المهاجرين؟ واسرعوا الى سقيفة بني ساعدة ترشيح رجل منهم الحقيقة قبل ان نخوض في الاجابة عن هذين السؤالين الهامين جدا اود ان اقدم بتعريف للانصار من هم الانصار يبدو ان كثيرا من المسلمين لا يدركون معنى وقيمة الانصار الانصار يا اخوة طائفة من المؤمنين اتصفت بصفات عجيبة ومرت بمراحل تربوية معينة انتجت في النهاية جيلا من الرجال والنساء والاطفال من المستحيل من المستحيل فعلا ان يتكرروا في التاريخ بهذه الصورة فعلا الانصار ظاهرة ظاهرة فريدة. اتصفوا بصفات خاصة ظلت ملازمة لهم منذ ان اصبحوا انصارا ومروا بهذه الصفات بكل مواقفهم الى ان انتهى الانصار من المدينة الانصار نسمة رقيقة حانية اقبلت على دولة الاسلام فافاضت من بركتها وخيرها على الامة. ثم مضت النسمة ولم تأخز شيئا لنفسها سبحان الله! الانصار قدموا وقدموا وقدموا ولم يأخذوا شيئا وكلما جاءت الفرصة ليأخذوا يجعل الله امرا اخر. فيخرجون بلا شيء يخرجون راضين بلا سخط ولا ضجر. وكأن الله عز وجل اراد ان يدخر لهم كامل الاجر ولا يعجل لهم شيئا في دنياهم الانصار وما ادراك ما الانصار روى البخاري عن البراء رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم خلي بالك يا اخي هذا الحديث في غاية الاهمية. الانصار لا يحبهم الا مؤمن ولا يبغضهم الا منافق. سبحان الله تشوف الكلام قد ايه خطير الانصار لا يحبهم الا مؤمن ولا يبغضهم الا منافق. فمن احبهم احبه الله. ومن ابغضهم ابغضه الله. هذا حديث يلخص كل المسألة لابد ان يعرف المسلمون قدر الانصار قبل ان يخوضوا في اعراضهم القضية قضية ايمان ونفاق وقضية حب الله لعبد وبغض الله لعبد اخر. الحذر الحذر من اي شبهة تغير على المؤمنين قلوبهم روى البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لولا الهجرة لكنت امرأ من الانصار وروى البخاري ومسلم عن انس ابن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للانصار اللهم انتم من احب الناس الي وسيأتي ان شاء الله في اثناء المحاضرات احاديث اخرى في حقهم هذا الحب الجزيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم للانصار. ومن الانصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الصحابة جميعا الانصار ويقدرون قيمتهم تعالوا كده نشوف الحديس اللطيف ده روى البخاري ومسلم عن انس بن مالك رضي الله عنه قال خرجت مع جرير بن عبدالله في سفر فكان يخدمني سبحان الله خلي بالك جرير ابن عبدالله هذا من اشراف قبيلة بجيلة ومن اعلام العرب وكان له شأن كبير في الجزيرة قبل وبعد الاسلام وفوق هذا فهو اسن واكبر كثيرا من انس ابن مالك هذا كله دفع انس ابن مالك ان يستنكر استغرب فقال انس لا تفعل تخدمني ازاي؟ فقال جرير اني قد رأيت الانصار تصنع برسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا الا اصحب احدا منهم الا خدمته انس من الانصار اذا يخدمه جرير الشريف رضي الله عنه اجمعين هكذا هذا هو وضع الانصار وهذه هي قيمة الانصار وسط الصحابة هذا التكريم والتبجيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة للانصار لم يأت من فراغ. وانما اتى لنوايا صادقة اعمال متواصلة واخلاق حسنة لو نظرت الى تاريخ الانصار والى حال الانصار لوجدت صفة اساسية تمثل ركيزة في بناء الانصاري كل انصاره في هذه الصفة تلك هي صفة الايثار ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة خصاصة يعني شدة الفقر او الحاجة محور حياة الانصار انهم يؤثرون على انفسهم هذا ليس وصف اصحابهم لهم ولا حتى وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم. بل وصف الله عز وجل الذي خلقهم سرهم ونجواهم ويعلم ظاهرهم وباطنهم ويعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا ويؤثروا على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون. خل بالك من الايات اثبت الله لهم في الايات الايمان ومحبة المهاجرين وسلامة الصدر والايثار على الذات والوقاية من شح النفس وفي النهاية اثبت لهم الفلاح اي فضل واي قدر واي درجة واي مكانة لابد ان نعرف هذه الامور يا اخوة قبل ان نأتي ونحلل مواقف الانصار في ساقيفة بني ساعدة لابد وان تملك الخلفية الصحيحة لهؤلاء القوم ولهذه الطائفة الفريدة من البشر اقرأوا يا اخوة تاريخ الانصار اقرأوا بيعة العقبة الثانية. وما قدموه من تضحيات ثمينة وجهاد عظيم والثمن الجنة. فقط الجنة هكذا اقرأوا قصة الهجرة وتسابق الانصار على فقرهم في استضافة المهاجرين واكرام المهاجرين وحب المهاجرين روى البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قالت الانصار للنبي صلى الله عليه وسلم ده الكلام ده فين؟ في اول الهجرة اقسم بيننا وبين اخواننا النخيل يريدون ان يقسموا نخيلهم وارضهم بينهم وبين المهاجرين قال لا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه استغرب من هذا العطاء الكبير رفض ان يضحوا هذه التضحية الكبيرة واشفق عليهم. لكن هل سكت الانصار؟ وقد رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم طلبه ابدا انهم لم يتقدموا بطلبهم بقسمة النخيل رياء او سمعة لم يتقدموا بذلك رهبة ولا خوفا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن فعلوا ذلك لانهم وجدوا في قلوبهم حبا حقيقيا للمهاجرين وجدوا في انفسهم ايثارا على انفسهم. شعور جارف من الحب في الله لا يقاوم. ذهب الانصار من جديد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. يعرضون عليه الامر من زاوية اخرى. وكأن نفوسهم لا تطيق ان يمتلكوا شيئا لا يمتلكوه اخوانهم قالوا فتكفون المؤونة ونشرككم في الثمرة. يعني يقصدون ان يعمل المهاجرون في الارض بدلا من الانصار. ثم الناتجة من الثمرة بينهم. يعني مشاركة برأس المال والمجهود. هم يا اخوة لا يحتاجون من يساعدهم. لكنه نوع من المساعدة دون اراقة ماء وجه المهاجرين هذا عمل وهذا اجره قال المهاجرون سمعنا واطعنا فساعد الفريقان بذلك مشاعر الانصار يا اخوة والله مشاعر قريبة من الملائكة ليس في حدث او حدثين او يوم او يومين بل هذا ديدنهم طيلة حياتهم جبلوا على الايثار منذ امنوا بل حدث ما هو اشد من ذلك وضربوا مثلا اروع من هذه الامثلة وذلك في اعقاب غزوة حنين في سنة تمانية من الهجرة. يعني قبل حوالي سنتين ونص فقط ومن وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن قصة بني ساعدة روى ابن اسحاق مفصلا والبخاري مختصرا عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال لما اعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اعطى من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب ولم يكن في الانصار منها شيء وجد هذا الحي من الانصار في انفسهم حتى كثرت فيهم القالة يعني ايه يا اخوة الكلام ده يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة حنين كسرت الاموال جدا في يده صلى الله عليه وسلم. فاعطى واعطى واعطى اعطى كل القبائل التي دخلت في الاسلام في هذه الاونة اعطى في قريش واعطى في ثقيف واعطى في هوازن وفي غيرها لكن سبحان الله لم يعطي الانصار. الانصار الحقيقة يا اخوة زعلوا. وجد هذا الحي من الانصار في انفسهم يعني غضبوا في انفسهم. زعلوا في حتى كثرت فيهم القالة. حتى قال قائلهم لقي والله رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه سبحان الله الامر خطير خلي بالنا غزوة حنين كانت من الغزوات العنيفة جدا في تاريخ المسلمين ومن المعروف ان المسلمين في بادئ الامر فروا وذلك عندما اعتمدوا على اعدادهم وقوتهم ولم يسبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الا افراد معدودون هنا صاح رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الانصار يا معشر الانصار فلبوا جميعا ودارت موقعة للغاية ثم كتب الله عز وجل نصره لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين. وحاز المسلمون غنائم لا تحصى من السد والابل والاغنام والذهب والفضة والسلاح وغير ذلك. وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوزع الغنائم على القوم ماذا فعل صلى الله عليه وسلم في الغنائم لقد وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اعدادا كبيرة من زعماء قريش واهل مكة قد دخلوا الاسلام اما رهبة من السيف واما رغبة في المال وهؤلاء من ورائهم اقوام واقوام. وان لم يعطهم فقد يرتدوا وينقلب على اعقابهم. وليست الخسارة فيهم وحدهم ولكن في من ورائهم من الناس وشوكة الاسلام ما زالت ضعيفة. ولم يتمكن في الجزيرة بعد فاراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يتألفهم ويحتويهم في هذا الدين. فاعطاهم عطاء كريما سخيا اعطى واعطى واعطى ثم بعد ذلك لم يبق في يده شيء للانصار والانصار هم الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهم الذين قاتلوا ودافعوا. نعم لم يفعلوا ذلك لاجل المال ولا الغنائم ولكن لابد وان يتساءل الانسان لماذا هذا التباين في العطاء خاف الانصار ان يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجد انه من المناسب الان ان ينتقل من المدينة الى مكة فاخذ يعطي قومه حتى يتالفهم ومن ثم يترك المدينة. واذا ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة. فذلك امر شديد فبالاضافة الى كون هذا امرا يحزنهم لفراقه صلى الله عليه وسلم ففيه خطورة شديدة عليهم. ليه؟ لانهم سيتركون للعرب ينتقمون منهم لنصرتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما انهم يا اخوة ايضا خشوا ان يكون ذلك استقلالا لشأنهم وتهميشا لدورهم. ليه هم اللي ما ياخدوش والتانيين ياخدوا ولا يستنكر ايضا ان يكون لهم رغبة في المال الحلال وده حصة بتاعتهم في الغنيمة والمال حصد امام اعينهم وبالذات انهم شاركوا في جمع والوصول اليه فاستثناؤهم منه امر قد يغري الصدور هنا تحرك زعيم الانصار الصحابي الجليل سعد بن عبادة الخزرجي رضي الله عنه تحرك في سرعة وفي حكمة ليبث شكوى الانصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك ليحتوي الموقف قبل ان تتفاقم الازمة وحتى لا تبقى هناك نار تحت الرماد دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا رسول الله ان هذا الحي من الانصار قد وجدوا عليك في انفسهم لما صنعت في هذا الشيء الذي اصبت قسمت في قومك واعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ولم يكن في هذا الحي من الانصار منها شيء. صراحة رائعة ووضوح جميل من سعد ابن عبادة رضي الله عنه وارضاه. وبذلك يمكن للفتن يا اخوة ان تقتل في مهدها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاين انت من ذلك يا سعد قال في صراحة اكثر يا رسول الله ما انا الا من قومي يعني انا ايضا اجد في نفسي قال الرسول الحكيم محمد صلى الله عليه وسلم فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة فخرج ساعا فجمع الانصار في تلك الحظيرة فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا. وجاء اخرون فردهم. طبعا واضح. رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يريد للفتنة ان تنتشر في اقوام اخرين اخرين ولا يريد ان يترك مجالا للقيل والقال. فاراد ان يحصر الكلام في القوم الذين يحتاجونه فلما اجتمع الانصار جاء له سعد بن عبادة رضي الله عنه فقال لقد اجتمع لك هذا الحي من الانصار فاتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فحمد الله واثنى عليه ثم قال يا معشر الانصار مقالة بلغتني عنكم. وجدة وجدتموها علي في انفسكم الم اتكم ضلالا فهداكم الله وعالة فاغناكم الله واعداء فالف الله بين قلوبكم. سبحان الله! رد الانصار في ادب جم الله ورسوله امن وافضل الله ورسوله امن وافضل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرهم بماضيهم منذ عشر سنوات فقط كيف كانوا في تيه الكفر والضلال والفرقة والفقر؟ ثم كيف امنوا واهتدوا وتوحدوا واغتنوا بالاسلام فكما رفعهم الله بالاسلام ووجدوا حلاوته. فرسول الله صلى الله عليه وسلم يريد ان يرفع اقواما اخرين لحلاوة الايمان ثم قال صلى الله عليه وسلم الا تجيبوني يا معشر الانصار قال الانصار في تواضع عجيب بماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ولرسوله المن والفضل سبحان الله! لم يذكر الانصار افضالهم على الدعوة. لم يذكروا انهم وان كانوا امنوا واهتدوا واغتنوا فذلك لانهم قدموا الكثير والكثير قدموا ارواحهم واموالهم وديارهم وارضهم. قدموا الرأي والمشورة وقدموا السمع والطاعة. وقدموا رسول الله صلى الله عليه وسلم على سائر ما يحبون اما هؤلاء القرشيون الذين امتلأت جيوبهم الان فلم يقدموا الا كفرا وجحودا وحربا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. طيلة ثماني سنوات في المدينة وقبلها في مكة لم يذكر الانصار كل ذلك لانهم يعلمون ان نعمة الهداية التي حصلوها بنصرة هذا الدين لا تعدلها دنيا ولا غنيمة. فاكتفوا القول الرائع لله ولرسوله المن والفضل لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يعلم كيف يزن الامور ويعرف للرجال قدرهم وفضلهم. ويقوم الاشياء فيحسن التقويم. صلى الله عليه وسلم قال اما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم. اتيتنا مكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فاويناك وعائلا فاسيناك. سبحان الله! لم يقل الانصار ذلك مع كونه حقا منعهم ادبهم وفضلهم وايثارهم وتقديرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطب قلوب الانصار في مقالة حكيمة رقيقة حانية. قال اوجدتم يا معشر الانصار في انفسكم في لعاعة من الدنيا. لعاعة نبات صغير رقيق اي ان كل ما اعطيته لهم لا يساوي شيء شيئا اوجدتم يا معشر الانصار في انفسكم في لعاعة من الدنيا تالفت بها قوما ليسلموا. ووكلتكم الى اسلامكم الا ترضون يا معشر الانصار ان يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله صلى الله عليه وسلم الى رحالكم فوالذي نفسي بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الانصار. ولو سلك الناس شعبا وسلكت الانصار شعبا لسلكت شعب الانصار اللهم ارحم الانصار وابناء الانصار وابناء ابناء الانصار فبكى القوم حتى اخضلوا لحاهم. وقالوا رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسما وحظا ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقوا. سبحان الله! بهذه الكلمات القليلات وبهذه المخاطبة لقلوب الانصار النقية انتهت الفتنة في دقائق معدودة ها هم الانصار ينصرفون باكين بهذه الكلمات نفوسهم راضية وافئدتهم مطمئنة وفي لحظات وجدوا ان مائة بعير او مائتي بعير او ثلاثمائة بعير في يد رجل من رجال قريش امر لا يساوي شيئا هكذا في منتهى البساطة تركوا دنيا واسعة عريضة استجابة لكلمات معدودات طاهرات من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم اين حظ نفوسهم اين الدنيا في قلوبهم اين الاثرة او حب الذات؟ لا شيء ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة هؤلاء هم الانصار هؤلاء هم الانصار الذين اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لابد ان ندرس قصة سقيفة بني ساعدة في ضوء هذه الخلفية وهذه الحقائق نعود الى السؤالين الذين طرحناهما بخصوص ذهاب الانصار لاختيار الخليفة من بينهم السؤال الاول كيف اسرع الى ذلك ولم ينظروا الى مصيبة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المستشرقون انهم لم يحزنوا حزنا كافيا ولذلك الهتهم الدنيا كما يقولون عن المصاب الفادح للرد على هذه الشبهة نقول اولا المستشرقون لا يدركون هذه الخلفية التي ذكرناها عن طبيعة الانصار او لعلهم يدركونها ويتجاهلونها عن قصد وعمد رسول الله صلى الله عليه وسلم نزههم عن طلب الدنيا. بل نزههم عن ذلك ربهم بقرآن باق الى يوم القيامة فاذا تغير منهم رجل او رجلان فمن المستحيل ان يتغيروا جميعا او ان يجتمعوا على حب الدنيا ثانيا المستشرقون لا يفقهون معنى الصبر الجميل فاصبر صبرا جميلا الصبر الذي لا شكوى فيه. الصبر عند الصدمة الاولى روى البخاري ومسلم عن انس رضي الله عنه قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال اتق الله اصبري فقالت اليك عني فانك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه صلى الله عليه وسلم. فقيل لها انه النبي صلى الله عليه وسلم. فاتت باب النبي صلى الله عليه وسلم. فلم تجد عنده بوابين فقالت لم اعرفك. فقال انما الصبر عند الصدمة الاولى صبر الانصار رضي الله عنهم كان صبرا جميلا. صبرا عند الصدمة الاولى. وكما قال ربنا انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب هذا ما يفهم في ضوء سيرتهم رضي الله عنهم وارضاهم ثالثا هل يمنع هذا الصبر من كون قلوبهم تتفطر حزنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم هل هناك تعارض بين الحزن وبين العمل؟ ابدا. المسلم الايجابي مهما حزن فان ذلك لا يقعده عن العمل الواجب الحزن الذي يقعد الناس عن العمل حزن مرضي غير مرغوب فيه وتعالوا كده بقى نفكر شوية مع الانصار ترى لو انتظر الانصار يوما او يومين او اسبوعا او اسبوعين حتى تهدأ عواطف الحزن وتعود الحياة الى ماذا ستكون النتيجة ماذا لو هجم الفرس او الروم على بلاد المسلمين من يأخذ قرار الحرب من عدمه؟ من يجهز الجيوش ويعد العدة ويستنفر الناس مازا يحدس لو هجم المرتدون على المدينة وقبائل عبس وزبيان على بعد اميال من المدينة واسلامهم حديث وردتهم توقعه وماذا يحدث لو هجم مسيلمة الكذاب بجحافله المرتدة على المدينة من يأخذ قرار الحرب ضدهم ماذا لو نقض اليهود عهدهم ايحاربون ام يوادعون؟ اتكون لهم شروط جديدة؟ ايكون لهم عهد جديد ثم ماذا يحدث لو اخرج المنافقون في المدينة رجلا منهم وبايعوه على الخلافة وبايعته قبيلته وقبائل اخرى. ماذا يكون رد فعل الصحابة؟ اينكرون بيعته ويحاربونه؟ وتحدث الفتنة العظمى والبلية الكبرى ام يتركون منافقا يترأسهم ماذا لو اختارت كل قبيلة من القبائل المختلفة التي تكون دولة الاسلام الان زعيما لها من ابنائها وتفرق المسلمون احزابا وشيعا. من يجمع ومن يوحد بالتفكير السليم والمنطقي والموضوعي نجد ان اسراع الانصار الى اختيار الخليفة برغم المصيبة الكبيرة لكن السؤال الاصعب والذي يحتار فيه كثير من المسلمين فضلا عن غير المسلمين هو لماذا اسرع الانصار لاختيار الخليفة من بينهم وليس من المهاجرين تعالوا كده نفكر مع الانصار اولا حتى نفهم موقف الانصار تعالوا كده نسمي الاشياء بالمصطلحات الحديثة عشان ندرك ابعاد الموقف بكامله الانصار في مصطلح العصر الحديث هم اهل البلد الاصليون كانت المدينة وكانها دولة مستقلة. يعيش فيها الاوس والخزرج. وذلك قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم اضطهد المهاجرون في بلدهم مكة وهي ايضا دولة مستقلة اخرى بجوار المدينة المنورة. وضيق على المهاجرين فاضطروا الى ترك البلد واللجوء الى المدينة المنورة اي ان التعريف الحديث للمهاجرين هو انهم مجموعة من اللاجئين السياسيين فاذا كان نجوع المهاجرين وشيكا اليس من المنطق لاستقرار الدولة الاسلامية ان يكون قائدها من اهل العاصمة بعد ان تخلو من مهاجريها فان قيل انه في هذه الحالة قد تنقل العاصمة الى مكة فانه يرد على ذلك بانه ليس من الحكمة ابدا ان تنقل العاصمة في دولة المدينة المنورة وكدولة كريمة سخية عادلة استقبلت المدينة اللاجئين او المهاجرين خير استقبال واكرمتهم واعطت لهم منحتهم كل حقوق المواطن الاصلي في البلد ومرت الايام ولم تفرض عليهم ابدا قيودا تعوق من حياتهم بل على العكس. كثيرا ما اثرتهم على اهل البلاد الاصليين ثم مرت ايام اخرى ومات قائد المدينة المنورة وزعيمها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وحان وقت تولية زعيم جديد على المدينة امن المنطق البسيط ان يكون زعيم الدولة من اهلها الاصليين ام من اللاجئين اليها امن المنطق البسيط ان يكون زعيم الدولة من الذين قدموا كل شيء لاجل من قدم اليهم ام يقدم الذي جاء طريدا من بلده فاستقبل في بلد اخر لو هاجر مجموعة من الفلسطينيين مثلا الى امريكا او انجلترا او حتى الى بلد اسلامي مجاور. ايجوز في عرف هذه البلاد انه اذا مات رئيسها ان يختار الرئيس الجديد من بين اللاجئين السياسيين الى هذه البلد هذا في عرف كل من فكر في القضية تفكيرا عقلانيا بحتا لا يصح ما لم يغيره قانون معين موضوع قبل ذلك. وليس فيما اعلم بلد في العالم وضع مثل هذا القانون الذي يجيز للاجئين الصعود الى كرسي الحكم في البلد المضيف هذا ما جال في ذهن الانصار عقب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. هم اصحاب البلد واكثريتها وملاكها وارض وابائهم واجدادهم. فلماذا يوضع على الكرسي من هو من خارج البلد اذا هذه نقطة ثانيا اليس اهل المدينة ادرى بشعابها ودروبها وادارتها واضح ان المدينة هي دار الاسلام الرئيسية. ومكة والطائف وغيرها ما هي الا مدن تابعة. اليس من المنطقي الذي قد يخطر على بال الانصار انه من المصلحة ان يقود هذه الدولة من هو اعلم بوضعها وبسكانها وبالقبائل المحيطة بها وبتاريخها وجذورها؟ اليس من باب المصلحة؟ ان يكون قائد دولة المدينة من اهل المدينة هذا ولا شك خطر على اذهان الانصار. فتجمعوا لاختيار الخليفة من بينهم ثالثا اكان من الممكن للمهاجرين ان يقيموا دولة بغير الانصار المهاجرون قضوا ثلاث عشرة سنة كاملة في مكة ولم يفلحوا هناك في تحويلها لبلد اسلامي فكان لابد من الهجرة لحين الوصول الى القوة الكافية ثم العودة مرة اخرى الى مكة سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بلاد شتى لكي يؤوه وينصروه. فان قريشا قد ظهرت على امر الله ذهب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الى الطائف فابوا عليه وطردوه ورجموه بالحجارة. خاطب معظم قبائل العرب في مواسم الحج. فردوه جميعا. خاطب بني حنيفة وبني كندة وبني شيبان وبني عامر بن صعصعة وبني كلب وغيرهم وغيرهم. فردوه جميعا الا طائفة صغيرة من الخزرج ثم عادوا الى قومهم وجاؤوا بغيرهم ثم بعدها دخلوا في دين الله افواجا وعرضوا استقبال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين في بلادهم وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بذل النفس والمال والجهد والوقت والرأي وكل شيء. وهاجر فعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من اهل مكة الى البلد الجديد المدينة. فقامت دولة للاسلام ولا شك انه لو لم يكن الانصار ما قامت الدولة في ذلك الوقت الا عندما يظهر فريق اخر يقبل ما قبل به الانصار رضي الله عنهم لذلك كان من الطبيعي للانصار ان يشعروا انه من المنطقي ان يكون الرئيس الجديد من بينهم رابعا نقطة هامة جدا الانصار يشعرون ان المهاجرين سيعودون الى بلدهم الاصلي مكة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. مكة بلد الحرام مكة التي تركوا فيها ديارهم وارضهم واموالهم التي صادرها المشركون. الان اسلم المشركون. ومن حقهم العودة الى بلادهم لاخذ ما صودر منهم هناك. ومن حقهم ان يعيشوا في البلد الحرام. حيث الصلاة بمائة الف صلاة. ومن حقهم ان اعود للذكريات الاولى والعائلات الاصيلة في مكة وما حولها. والانصار يا اخوة شكوا في هذا الامر من قبل. في غزوة حنين كما ذكرنا منذ قليل فانهم قالوا لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم والله قومه. فكانوا يعتقدون ان الرسول صلى الله عليه وسلم سينتقل الى مكة بعد فتحها. وان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل. فما الذي يمنع المهاجرين ان يرجعوا الى بلادهم وقد امنوا الى هذا البلد المتقلب اهل مكة دخلوا الاسلام منذ اقل من ثلاثة اعوام فقط. رغما عن انوفهم. صرح بذلك من صرح واخفى ذلك من اخفى هم حديث عهد بجاهلية وشرك وليس لهم فقه اهل المدينة ولا علمهم وردتهم عن الدين الجديد واردة. بل فعلا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا على شفا حفرة لولا ان ثبتهم الله عز وجل على الاسلام بسهيل بن عمرو رضي الله عنه وارضاه اذا ليس من الحكمة السياسية ان تنتقل الزعامة الى مكة. فاذا كانت ستبقى في المدينة والمدينة سيتركها المهاجرون فمن يحكم؟ سؤال لابد ان الانصار فكروا فيه والاجابة بسيطة وسهلة. لابد ان يكون من الانصار خامسا الانصار يشعرون ان العرب ستستهدفهم بالقتال بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالحقد يملأ قلوب العرب على الانصار. لانهم هم الذين نزروا محمدا صلى الله عليه وسلم. وهم الذين قاتلوا هنا وهناك في بقاع عن مختلفة من الجزيرة وليس لهم الشرف الذي كان في قريش. وحتى قريش ذاتها ستحاربهم بعد ذلك. فان لم يكن لهم قوة الحكم والسلطان فقد يستأصلوا اذا تحزبت ضدهم قبائل العرب وسيظهر على فكر هذا الاحساس في كلامهم كما سنرى في سقيفة بني ساعدة لهذه الاسباب مجتمعة. ومن المحتمل لغيرها مما لا نعلمه. اعتقد الانصار انه من المنطقي ان يكون الخليفة من بينهم وليس من المهاجرين ليس تقليلا لشأن المهاجرين في نظرهم ابدا ولا اهمالا لهم. ولكن لاعتقادهم ان هذا حق لا ينازعه فيه احد ومع كل ما سبق يا اخوة مع كل ما سبق فلعله كان من الالطف ان يخبروا اخوانهم المهاجرين بما يعتزمون فعله واطلاعهم على مسببات اختيار الخليفة من بينهم. ليه يا اخوة؟ حسما لاي شك او حزن يدخل في قلوب المهاجرين. وان كان الانصار ايضا يعذرون بامور. يعني احتمال ظنوا ان المهاجرين لن يفكروا اصلا في الخلافة لكونها في اعتقادهم من حقهم الكامل. او لعلهم ارادوا غلق باب الفتنة ومنع الجدال بالحسم في هذا الامر. اولى انهم رأوا ان المهاجرين مشغولون بتغسيل وتكفين ودفن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يريدوا ان يشغلوهم بهذا الامر الذي لهم كما ايعتقدون المهم ان الانصار اوساهم وخزرجهم ذهبوا بالفعل الى سقيفة بني ساعدة لتجرى عملية انتخاب وامتلأت السقيفة بوجوه الانصار من القبيلتين الكبيرتين اين المهاجرون من هذه الاحداث فعلا كان المهاجرون منشغلين بالمصاب الفاتح في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوله وكانت امامهم قضايا الغسل والتكفين ثم الدفن وكانوا مختلفين في قضية الدفن اين يدفن؟ افي البقيع ام مع شهداء احد؟ ام في مكة بلده؟ ام في مكان خاص به؟ حتى جاء ابو بكر الصديق رضي الله عنه وارضاه فاخبرهم بانه يجب ان يدفن حيث مات. صلى الله عليه وسلم كما اخبره بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ان يموت لكن هل كان اجتماع الانصار في سقيفة بني ساعدة بهذا العدد الكبير يخفى على المهاجرين مش معقول طبعا رأى احد الرجال وهو من المهاجرين هذا الجمع من الانصار في السقيفة فاسرع الى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان بداخله انا ابو بكر وعمر وغيرهم رضي الله عنهم اجمعين. نادى الرجل على عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وقال اخرج الي يا ابن الخطاب قال عمر اليك عني فان عنك مشاغل مصيبة كبيرة هم فيها لكن الرجل سبحان الله اصر على عمر فخرج له فقال الرجل انه قد حدث امر لابد منك فيه. ان الانصار قد في سقيفة بني ساعدة فادركوهم قبل ان يحدثوا امرا هنا ادرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطورة الموقف فاسرع الى الصديق رضي الله عنه واخبره بالامر وقال له انطلق بنا الى اخواننا من الانصار فانطلق هو وابو بكر رضي الله عنهما. هنا يا اخوة تتضح حكمة هذين الرجلين فعلا. فلولا الاسراع الان ان نتأزم الموقف جدا فلو احدث الانصار بيعة لا يرضى عنها المهاجرون فاما ان يبايعوا على ما لا يرضون واما ان يرفضوا البيعة او في هذا فساد فلا بد ان يسرعوا قبل ان يكتمل الامر. ويتفرق الانصار من سقيفة بني ساعدة اسرع الصديق وعمر رضي الله عنهما الى السقيفة. وفي الطريق لقيا رجلين صالحين من الانصار القدامى. ممن شهدوا بيعة الثانية وشهدوا كل معارك رسول الله صلى الله عليه وسلم. عويم ابن ساعدة رضي الله عنه ومعن ابن عدي رضي الله عنه. فلما رأي ان الصديق وعمر ذاهبان الى السقيفة نصحوهما بالا يقربا السقيفة وليقضوا امرهم اي المهاجرين فيما بينهم يبدو يا اخوة انهم خشي من حدوث فتنة بين المهاجرين والانصار فارادوا ان يصرفاهما. لكن الصديق وعمر رضي الله عنهما اصر على الذهاب الى السقيفة. ثم في الطريق الى هناك لقي ابا عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه وارضاه من اعاظم المهاجرين رضي الله عنهم اجمعين. فاخذاه معهما الى سقيفة بني ساعدة ترى ماذا فعل الانصار في سقيفة بني ساعدة وماذا فعل المهاجرون الثلاثة؟ ابو بكر وعمر وابو عبيدة رضي الله عنهم اجمعين وكيف تم المشروع الحضاري الرائع اختيار الخليفة على نحو لم يسبق ولم يلحق في التاريخ. هذا ما سنعرفه ان شاء الله في الدرس القادم فستذكرون ما اقول لكم وافوض امري الى الله ان الله بصير بالعباد. اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم. وجزاكم الله خيرا كثيرا مع تحيات النور للانتاج الفني والتوزيع