ما اسهل ان تأمر بالتقشف! ما اسهل ان تأمر بالاخلاص! ما اسهل ان تأمر بالتضحية! ما اسهل ان تأمر بالجهاد! ما اسهل ان تأمر بالهجرة بل ما اسهل ان تأمر بالموت. لكن كل ذلك لا يؤثر في احد الا اذا قرن السماء رزقكم وما توعدون اذا نقف وقفة ونحلل نحاول نجاوب على سؤال هام. هل قرر المسلمون الهجرة للحفاظ على الدعوة ام على الدعاة يعني قد تكون الفروق بين الاجابتين طفيفة النور للازيع تقدم اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه. ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات في اعمالنا انه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فاهلا ومرحبا بكم في هذا اللقاء الطيب المبارك ويسأل الله عز وجل ان يجعل هذا اللقاء في ميزان حسناتنا اجمعين. مع الدرس الثامن من دروس السيرة النبوية المطهرة وتحدثنا في الدرسين السابقين عن اساليب الكفار لصد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين عن طريق الدعوة وعن الاسلام وتحدثنا عن ثبات المؤمنين وكيف صبروا على التعذيب الشديد الذي حدث في ارض مكة في بيت الله الحرام تفرغ الكفار لحرب المؤمنين. وبدا واضحا ان النية هي الاستئصال ماذا يحدث لو هلك المؤمنون هذه هي الطائفة الوحيدة التي تعبد الله حق العبادة على الارض مسئولية ضخمة تقع على عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى عاتق اتباعه ان يصلوا بهذا الدين الى اهل الارض جميعا وما ارسلناك الا رحمة للعالمين. او كما كان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم انما بعثت لكم طه وللناس عامة. هنا وقد اشتد التعذيب بالمؤمنين في مكة وكاد المسلمون ان يستأصلوا بالكلية يبذل حل عملي لانقاذ الدعوة من الهلاك نوع من الاخذ بالاسباب. الرسول صلى الله عليه وسلم يخطط تخطيطا بشريا لانقاذ الدعوة ولانقاذ المؤمنين. كان من الممكن ان ينقذ الله عز وجل حبيبه وينقذ المؤمنين بكلمة كن فيكون. او ينقذهم بمعجزة خارقة للعادة. ولكن ليس ليست هذه هي سنة الله عز وجل في التغيير الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا ان نأخذ باسباب واقعية. هي في يده كبشر وهي في ايدينا كبشر. فكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسيلة جديدة لمجابهة طغاة مكة وهي في ذات الوقت في مقدور المؤمنين في كل الظروف. كما ذكرنا انه ليس في مقدور المؤمنين انذاك ان يقاتلوا المشركين فقط قد نهاهم الله عز وجل عن ذلك واعرض عن المشركين. اذا فلتكن الوسيلة الجديدة ما هي؟ انها الهجرة من ارض مكة الى ارض اخرى جديدة. ليس فيها تعذيب او ايذاء. ليس فيها استئصال للدعوة خطوة تكتيكية من رسول الله صلى الله عليه وسلم. سبقتها اشارات جاءت في كتاب الله عز وجل انزل الله عز وجل سورة الزمر كان فيها للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة وارض الله واسعة. انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب. اذا ارض الله واسعة واعظم قطعة في الارض هي القطعة التي يعبد فيها الله عز وجل لا تفضل قطعة اخرى بانهار او باشجار او باموال او باهل وعشيرة. انما الارض الصالحة الطيبة هي الارض التي يعبد فيها الله عز وجل لذلك فكر المسلمون في ترك اشرف بقعة على الارض مكة البيت الحرام الى غيرها لانهم لا يستطيعون ان يعبدوا الله عز وجل كما يريدون في مكة فليكن اذا في غيرها. المهم ان نعبد الله عز وجل دون ان نفتن في ديننا والهجرة يا اخواني في الله وترك الديار والعشيرة ليست امرا سهلا القرار قرار صعب ويحتاج الى نفوس خاصة نأخذ في الاعتبار انهم لا يهاجرون من بلد الى بلد لتحسين مستوى المعيشة مثلا او لجمع اموال ليست في بلادهم او تحصيل علم ليس في مدينتهم او للحياة في مكان جميل ابدا. هم يتركون بلادهم وقد استقرت اوضاعهم فيها لولا قضية دعوة سيتركونها الى بلد اخر قد يكون فقيرا قد يكون بعيدا قد يكون حارا او باردا قد يكون مجهولا كل هذا لا شيء الا لعبادة الله عز وجل. قرار صعب جدا. تخيل بمقياس الحاضر. تخيل رجلا يعيش في استقرار في بلد محبوب الى قلبه. يعيش في مصر في المغرب في تونس في السعودية في الامارات يعيش في بلد مستقر واوضاعه مستقرة ثم هو يقرر ان يهاجر الى الصومال مثلا. كي يعبد الله عز وجل بعد ان ضيق عليه في بلده. قرار صعب جدا لو كان سيهاجر الى بلد اعظم رفاهية واكثر اموالا لكان هذا سهلا. لكن ان يهاجر الى بلد لا تهفو النفوس اليه اعادة هو يحتاج الى جهاد للنفس عظيم ولذلك عظم الله جدا من اجل الهجرة عندما تكون في سبيله قال تعالى والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا او ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا. وان الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلا يرضونه وان الله لعليم حليم. ولاحظ الجزاء في الاية هاجر المؤمنون ليس سعيا وراء الرزق. ولكن في ظاهر الامر انهم سيفتقدون الرزق. لانهم يتركون اعمالهم مهاجرون الى بلده قد لا يتوفر فيه عمل مناسب. هنا الله عز وجل يعدهم بالرزق الحسن. اين؟ الجنة. فان انه على اسوأ الفروض في حسابات البشر سيقتل المهاجرون او يموتون. الله عز وجل يعد ووعده الحق ان انهم لو قتلوا او ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا بالاضافة الى انه قد علم عند المؤمنين ان رزقهم في الدنيا لن ينقص سيأتيه رزقه رغما عن انفه. في بلده او في خارج بلده. في عمل او في اخر في ظروف او في ظروف اخرى. وفي لكن لما نيجي نحلل نلاقي الفرق كبير جدا هل يضحى بالدعوة من اجل الحفاظ على الدعاة؟ ام يضحى بالدعاة من اجل الحفاظ على الدعوة؟ واقع ان اهم شيء في حياة المؤمن هو الدين. المقصد الاول من المقاصد التي جاء الشرع لحمايتها هو الدين ومن اجل الدين يضحى بكل شيء. اذا يبذل المؤمنون ارواحهم للدفاع عن الدين. لكن لا يبذل المؤمنون دينهم للحفاظ على ارواحهم بل يحث الله عز وجل المؤمنين على بذل ارواحهم حفاظا على دينهم. ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة اذا السبب الاول في الهجرة التي قررها رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حماية الدعوة. بمعنى ان الرسول صلى الله عليه وسلم اراد ان اجعل للدعوة محضنا اخر غير مكة. بحيث اذا استأصل الدعاة من مكة تبقى الدعاة من مكة تبقى طائفة اخرى في في مكان اخر لاستمرار الدعوة. يعني الهدف الرئيسي هو الدعوة. اذا من الحكمة ان يكون للدعوة اكثر من مركز بنتعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم. اذا اغلق واحد يستمر العمل في الاخر. كما يقولون لا تضع بيضك كله في سلة واحدة ولم يكن السبب الاول في الهجرة هو الحفاظ على ارواح الدعاة. وان كان هذا امرا هاما جدا ايضا. ويؤيد هذا الرأي الملاحظات الاتية الرأي اللي احنا بنقوله ان الرسول عليه الصلاة والسلام قرر ان يهاجر المسلمون للحفاظ على الدعوة لا على فكر كده معي من الذين طلب منهم ان يهاجروه لقد طلبت الهجرة من القرشيين ولم تطلب من العبيد او من الذين كانوا عبيدا. سبحان الله! هاجر القوم الذين يتمتعون بعصبية وقبلية تستطيع ان توفر لهم الحماية. هاجر الاشراف اصحاب المنعة ولم يهاجر المستضعفون ولو كان الهدف الاول هو حماية الارواح لكان الاولى ان يهاجر هؤلاء الضعفاء والكلام ده هيجرنا لسؤال تاني. لماذا هجر الاشراف دون البسطاء؟ اشمعنى يعني الرسول صلى الله عليه وسلم؟ امر الاشراف بالهجرة لم يأمر الموالي والعبيد تعالوا نفكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. اولا هذا ادعى لحماية المهاجرين. امر الهجرة امر خطير. قد تطارد مكة فوج المهاجرين. بل بالتأكيد ستطارد فوج المهاجرين. وفي لحظات الغضب والغيظ قد يتهور اهل مكة ويقتلون المهاجرين المطاردين. وبالذات لو كانوا من العبيد. اما اذا كانوا من الاشراف فان عملية الهجرة تصبح اقل خطورة. حيث انه لو تم الامساك بهم فسيحملونهم حملا الى مكة ولن يفكروا في قتلهم لقوة قبائلهم. الامر التاني ان الاشراف اقدر على التأثير في اهل البلد الذي سيهاجرون اليه طبيعة من طبائع البشر انه اذا تكلم الشريف سمعوا له وانصتوا. واذا تكلم الضعيف لم يؤبه له. والغرض هو ايصال الدعوة الى اذان البلد المضيف. وعرض الامر بافضل الصور. وسيستقبل المهاجرون في هذه الحالة على انهم وفد سياسي معارض لسياسة مكة بدلا من ان يستقبلوا كمجموعة من العبيد الابقين من اسيادهم. الحاجة التالتة هجرة الاشراف ستؤدي الى هزة اجتماعية خطيرة في مكة. سيفيق اهل مكة على خطورة افعالهم. هؤلاء المؤمنون المطاردون هم من خيرة اهل البلد ومن اكثر الناس سعيا لاصلاحها. ومن اعرق البيوت ومن اشرف الناس. ها هم يغادرون البلد لانهم لم يجدوا فيها امانا ما ابشع فعل اهل الباطل! وما اشنع الجريمة! اهؤلاء هم الذين يطردون! اهؤلاء هم الذين يفتنون في دينهم هجرة اشراف ستكون صدمة لاهل مكة قد ينتبهون على اثرها الى خطأهم الفادح في حق المهاجرين وفي حق بلدهم اما اذا هاجر المستضعفون فلا ضير. اليسوا عبيدا تركوا البلد؟ فلنأتي بعبيد اخرين. هكذا سيفكر الطغاة. ليس هناك اعتبار الادمية او للانسانية. اذا الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدفع المشركين دفعا الى تحريك عواطفهم وقلوبهم لادراك مدى الجريمة التي يفعلونها مع المؤمنين في صدهم عن دين الله عز وجل. لهذه الاسباب هاجر الاشراف ولم يهاجر فاذا هذه هي الملاحظة الاولى هجرة الاشراف والتي تشير الى ان الهدف الاول من الهجرة لم يكن حماية الارواح ولكن حماية الدعوة والدين. طيب في ملاحظة تانية هامة تؤكد ان السبب الاول للهجرة كان حماية الدعوة ولم كن حماية الدعاء الملاحزة دي بتقول هو متى عاد المهاجرون من الحبشة الى الصف المسلم من جديد متى عادوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم هل عادوا في فترة مكة ام في فترة المدينة اسمع كده الموقف العجيب ده. تخيل ان المهاجرين مكثوا في الحبشة مدة تزيد على خمستاشر سنة متتالية فترة طويلة جدا هاجر المسلمون هجرتهم الاولى الى الحبشة في العام الخامس من البعثة في شهر رجب ثم معاده سريعا الى مكة بعد ثلاثة شهور كما سيأتي في التفصيل ان شاء الله. ثم هاجروا من جديد هجرتهم الثانية الى الحبشة في السنة السابعة ولكنهم ماتوا كثوا في الهجرة الثانية طويلا. قعدوا اتناشر سنة في الهجرة التانية ديت. ولم يرجعوا الا بعد غزوة خير يعني من اول ما يفكروا في الهجرة الاولى للحبشة لحد ما رجعوا مرت عليهم في بلاد الهجرة حوالي اربعتاشر او خمستاشر سنة مرت احداث في غاية الاهمية والخطورة على المسلمين. مرت احداث عظيمة جدا في بناء الامة الاسلامية. ومع ذلك لم يرجع المهاجرون من حبشة. ولم يكن هذا اجتهادا شخصيا من المهاجرين. بل كان بامر من قيادة المسلمين المتمثلة انذاك في رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت الهجرة النبوية الى المدينة المنورة. مر تأسيس الدولة الاسلامية كان البناء صعبا جدا. وكان المسلمون قليلين العدد في الحبشة كبير تجاوز الثمانين وهم قوة لا يستهان بها. افتكروا كده ان عدد المهاجرين في غزوة بدر كان نفس عدد المهاجرين الى الحبشة كانوا حوالي حاجة وتمانين. ومع ذلك لم يطلبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم مرت الغزوات العظام مرت بدر ثم بنوا قينقاع ثم احد ثم بنو النضير ثم الاحزاب ثم بنو قريظة ثم الحدث الكبير العظيم الهام وهو صلح الحديبية. وبعد صلح الحديبية. وبعد ان امن المسلمون على انفسهم. الان اصبح لهم دولة لها كيان محترم جدا تعقد الاحلاف وتعقد المعاهدات على اعلى مستوى يرهب جانبها ويحترم رأيها هنا شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم انه اصبح من الصعب جدا استئصال المسلمين. لقد كان ممكنا في اي لحظة قبل صلح الحديبية ان يستأصل المسلمون واقرب مثال على هذا غزوة الاحزاب. حيث اراد الكفار الانهاء الجذري للاسلام في لكن الله عز وجل كتب النصر للمؤمنين وعبروا كما يقولون من عنق الزجاجة. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم الان ولا يغزونا. عندما شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم باول لحظات الامان في المدينة ارسل في طلب المهاجرين للحبشة ارسل اليهم عمرو بن امية رضي الله عنه وارضاه فجاءوا في العام السابع من الهجرة بعد فتح خيبر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الامور بحكمة سياسية رائعة. كان يحافظ للمسلمين على نواة هناك في مكان اخر بعيد مثل الحبشة فاذا هلك المسلمون في المدينة حمل المهاجرون في الحبشة اللواء. اذا المسلمون في الحبشة كانوا يقومون بدور في غاية الاهمية. كانوا كالمخزون الاستراتيجي الهام للمسلمين. وكانوا على استعداد للرجوع الى المدينة في اي لحظة اذا طلبت منهم القيادة ذلك. الادوار كانت موزعة على المسلمين بدقة طائفة من المسلمين يقومون بالبناء في وضوح هناك في اواخر الفترة المكية وفي فترة المدينة. هذه الطائفة لخطر شديد تقابل الموت في كل لحظة. وهناك طائفة اخرى كامنة بالحبشة. في ظاهر الامر هم غير معرضين للاذى لكن مهمتهم في منتهى الخطورة. لقد كان عليهم ان يحملوا الدعوة بمفردهم اذا هلك المسلمون في المدينة وقد يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم شخصيا. وتصبح الامانة معلقة في رقابهم وحدهم وهنا في تعليقين في منتهى الاهمية التعليق الاول ان هذا التوزيع للادوار تم بمعرفة قيادة المسلمين المتمثلة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان هناك طاعة عظيمة جدا من الطرفين. الطرف الذي يعمل في المدينة والطرف الذي يعمل في الحبشة. ولو ترك الامر لكل فرد على حدة لدخل الهوى في الاختيار قد يكون هوى المرء ان يظل بعيدا عن ارض القتال. هناك في الامان في الحبشة وقد يكون هوى المرء ان يعمل للاسلام في مكان معين هواه ان يعمل بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم. او هواه ان يكون عاملا في قبيلة كذا او كذا. فحتى لا يتدخل الهوى في الاختيار وزع القائد صلى الله عليه وسلم الادوار على المسلمين واطاع المسلمون في ادب جم لا يشترط الجندي الصادق عملا معينا او مكانا معينا. الجندي في الاسلام يعمل لله عز وجل. وفي كل كان يوضع فيه يعمل بنفس الحمية. كما ان الامر يحتاج ايضا الى تنظيم. من الذي يقوم بهذا الدور؟ ومن الذي يقوم بالدور الاخر وحتى لا تختلط الادوار على الناس. هذا يرجع كله الى قيادة المسلمين والى الشورى والى رأي المجموع وكل ذلك من اساسيات العمل الجماعي السليم والذي علمنا اياه رسول الله صلى الله عليه وسلم. يبقى ده كان التعليق الاول اللي بيوضح الادوار في الامة المسلمة ودور القيادة في هذا التنوع التعليق الثاني هو ان المسلمين المهاجرين في الحبشة لم يكونوا في حالة ركون او فتور. بل كانوا في اعداد دائم وتدريب مستمر. لقد كان المستوى الايماني لهم رائعا. وكانت استعداده النفسي للعودة والمشاركة والوقوف في الصدارة وفي مواجهة الموت كان استعدادهم لهذه الامور استعدادا كاملا. يثبت ذلك انهم لما جاءتهم اشارة العودة مجرد الاشارة عادوا للتو دونما ضجر ولا اعتراض ولا ابطاء ولا طلب لفترة تجهيز وانتقال. ولما وصلوا الى المدينة انخرطوا في الصف بسرعة وحملوا المشاقة مع المسلمين. وكانهم عاشوا معهم كل التجارب السابقة. لدرجة انهم لما وصلوا الى المدينة اخواني في الله علموا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتح خيبر. خيبر على بعد ميت كيلو في شمال المدينة المنورة. فتوجهوا جميعا مباشرة الى خيبر للمشاركة في الغزو. فوجدوها قد فتحت وسر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جدا. وقال والله ما ادري ايهما افرح وفي رواية بايهما اسر بفتح خيبر؟ ام بقدوم جعفر؟ جعفر رضي الله عنه وارضاه كان امير المهاجرين جرين الهجرة الثانية للحبشة. ورأينا جعفر بن ابي طالب نفسه بعد ان عاد بسنة واحدة. تلتاشر شهر بس خرجوا مجاهدا في سبيل الله في سرية مؤتة. بل كان احد قوادها ورأيناه كيف قاتل دون تردد وكيف اقدم دون احجام كيف ثبت دون فراره؟ وكيف استشهد رضي الله عنه وارضاه دون خوف او وجل؟ لقد جاء جعفر رضي الله عنه وارضاه من الحبشة جاهزا تماما للقتال في سبيل الله. لقد كانت فترة الحبشة اعدادا وتربية للمسلمين. ولم تكن ابدا ابدا هروبا من الواقع اذا الهجرة الى الحبشة كانت لانشاء مركز جديد للدعوة يضمن لها الاستمرارية والبقاء. وكانت وسيلة جديدة في مواجهة البطش في ارض مكة. لكن في هنا سؤال هام جدا لماذا اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم الحبش بالذات ليهاجر اليها المسلمون لا شك اخواني في الله ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد فكر كثيرا في المكان الذي يمكن ان يرسل اليه المسلمين ولعل اقرب الاماكن الى الذهن هو ان يرسلهم الى مكان في الجزيرة العربية عند قبيلة من القبائل. هناك تجمعات قبلية كبيرة وكثيفة وكثيرة في جزيرة العرب. هناك ثقيف في الطائف. هناك هوازن في حنين. بنو حنيفة في شرق الجزيرة عبس وذبيان في شمال المدينة وغيرها كثير غطفان بنو بكر بنو عامر يعني كتير هذه القبائل تتميز بكونها تعيش في ظروف مقاربة جدا لظروف المسلمين في مكة. ولن يشعر المسلمون بالتغير كبير في طبيعة حياة كما انهم يتكلمون العربية بالاضافة الى قرب المسافة فاذا احتاج الرسول صلى الله عليه وسلم الى المسلمين قدموا سريعا. كل دي كانت مزايا موجودة في هذه القبائل لكن هذه القبائل جميعا مشركة. وان لم تعلن العداء السافر للمسلمين الا انها جميعا تكن قدرا عظيما جدا من الاحترام لقريش ولا شك ان القرشيين لو طلبوا المسلمين ما ترددت هذه القبائل في دفعهم للكفار من اهل مكة. ازا اختيار القبائل المحيطة بمكة في جزيرة العرب لم يكن اختيارا سليما. ولعله صلى الله عليه وسلم ايضا فكر في يثرب اللي هي اصبحت بعد ذلك المدينة المنورة. لكن يثرب في هذه الاونة لم يكن بها مسلم واحد. كما انها بلد متقلب جدا الحروب شديدة بين الاوس والخزرج. كما ان اليهود يسكنون منذ زمن في هذه البلاد اليهود طبعا لا يبشر باي خير. ولعله صلى الله عليه وسلم قد فكر في العراق. هناك قبائل عربية كثيرة تعيش في هذه المناطق مثل بني شيبان ولكن هذه القبائل بالاضافة الى كونها جميعا مشركة فانها على ولاء شديد وتحالف مع الفرس وعادة ما يكره الملوك الدعوات الاصلاحية. فلن يرحب كسرى فارس بهذا القدوم للمسلمين. ولعل الرسول صلى الله عليه وسلم ايضا قد فكر في الشام. هناك ايضا قبائل عربية تعيش في الشام. مثل قبائل الغساسنة لكنها على الجانب الاخر موالية ولن ترحب ايضا باستقبال هذه الدعوة الجديدة. ولعله ايضا قد فكر في مصر لكن مصر برغم ان بها ملكا معتدلا وهو المقوقس الا انها محتلة من الرومان. ولا تملك في ذلك الوقت من امرها شيئا. ولعله ايضا صلى الله عليه وسلم قد فكر في اليمن لكن اليمن كانت محتلة من قبل فارس. ولن يقبل الفرس بقدوم المسلمين لا شك انه صلى الله عليه وسلم فكر في كل هذه الاماكن. لانها قريبة ومنطقية وغالبها عربي. باستثناء مصر. لكنه صلى الله عليه وسلم لم يجدها مناسبة فسبحان الله بزغ في ذهنه صلى الله عليه وسلم الاختيار الاخير. والذي يبدو عجيبا في نظر الكثيرين حتى في نظر المعاصرين له صلى الله عليه وسلم. هذا الاختيار هو الحبشة. سبحان الله! الحبشة اختيار عجيب. وان دل على شيء فانما يدل على سعة اطلاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى حكمته في نفس الوقت الحبشة وان كان بها بعض العيوب الملموسة الا ان مزايا الاختيار تفوق جدا عيوبها. عيوب الحبشة ايه؟ عيوب الحبشة انها بعيدة عن مكة تصعب الاتصال والمراسلات بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين مجموعة المهاجرين. ايضا من عيوبها الخطيرة راه اللغة اتكلموا لغة حبشية مختلفة بالكليات عن اللغة العربية. كما ان العادات والطبائع لاهل الحبشة مختلفة كثيرا عن عادات العرب والجزيرة العربية مما قد يؤدي الى صعوبة النسبية في الحياة هناك. دي عيوب الحبشة لكن انظر الى مزايا اختيار الحبشة كما كان للهجرة اولا الحاكم في الحبشة كان عادلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابي لو خرجتم الى الحبشة فان بها ملكا لا يظلم عنده احد الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلق على شيء في حياة الرجل ولا في دينه. ولكن فقط علق على عدله. ما حدث للمسلمين في مكة كان نتيجة نتيجة ظلم بين من اهل مكة الظالم لا ينظر ولا يهتم ولا يكترث بحقوق غيره. ملك الحبشة النجاشي رحمه الله كان عادلا وهو يحفظ حقوق الاخرين بصرف النظر عن ديانتهم. بل بصرف النظر عن حبهم او كراهيتهم. العدل اساس من اسس الحكم بغيره لا تستقيم الدنيا وبغيره ايضا لن تستقيم الاخرة الرسول صلى الله عليه وسلم كان من سعة الافق وشمول النظرة وعمق الفكر ان اختار البلد الذي يحكمه حاكم عادل بعد ذلك ماذا حدث في مكة اولا لقد امن حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه وارضاه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثانيا بعده بثلاثة ايام فقط امن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه فضمن بذلك حماية لاصحابه. وهو درس للدعاة ان يستفيدوا من الذين يتصفون بالعدل من الناس. وان يطلعوا على احوال البلاد المحيطة بهم حتى في زمان الاستضعاف. وقد يكون من الفائدة ان يستعينوا برجل من امثال هؤلاء وان اختلف دينه عن دينهم. يبقى دي كانت الميزة الرئيسية في ارض الحبشة طب الميزة التانية ايه؟ يعيش في ارض الحبشة نصارى. والمسلمون كانوا يشعرون بقرب الى النصارى. فهم اهل كتاب ايضا وظهر ذلك واضحا من تعاطف المسلمين مع الروم في حربهم ضد فارس الوثنية. ويشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون ان النصارى ستكون اقرب الى الدعوة من غيرهم. وسبحان الله ينزل القرآن بعد ذلك بسنوات عديدة. ليؤكد على هذا المعنى لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين اشركوا ولتجدن اقربهم مودة للذين امنوا الذين قالوا ان نصارى. وللاسف فان معظم النصارى في ارض الحبشة في ذلك الوقت كانت لهم اعتقادات منحرفة نتيجة التحريف في التوراة والانجيل. ولكن كان بعضهم ما يزال صحيح الاعتقاد. وقد كان من هؤلاء النجاشي الله وهذا افاد كثيرا كما سنرى التعامل مع المهاجرين المسلمين. يبقى دي كانت الميزة التانية في ارض الحبشة. الميزة ان الحبشة بلد بعيد عن مكة. ومع ان ده يعتبر عيب من كونه يصعب الاتصال بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين مهاجرين الا انهم في ذات الوقت يوفر جانبا من الامان للمهاجرين. بعيد بعيد عن اهل الباطل في مكة وما تنسوش ان ثانيا لم يخرجوا مجموعة واحدة بل خرجوا متفرقين حتى لا يلفتوا الانظار اليهم. ثالثا لضمان عدم خلاف ولتوحيد الصف اختار لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اميرا من انفسهم. اختار لهم عثمان ابن مظعون رضي الله عنه وارضاه الجزيرة العربية وبين الحبشة هناك بحر كبير البحر الاحمر الحاجة الرابعة ان الحبشة بلد مستقل ليس لاحد عليه سلطان. نعم هو يتبع الكنيسة المصرية في الاسكندرية لكن هذه دينية وليست سياسية فليس هناك خطورة من ان يملي قيصر الروم او كسرى فارس او غيرهم رأيا على اهل الحبشة. الحاجة الخامسة ان الحبشة بلد قوي في المنطقة. وله ملك عظيم. واهل مكة كانوا يعظمون هذا الملك جدا. وكان بينهم وبين انهم سفارات ومراسلات وهدايا وده كان ممكن يبقى عيب في اختيار ارض الحبشة بينهم وبينه سفارات ومراسلات وهدايا وده كان ممكن يبقى عيب في اختيار ارض الحبشة لو كان ملك الحبشة لا نصف بالعدل. اما كونه يتصف بالقوة والعظمة مع العدل فهذا يوفر حماية اكيدة للمهاجرين. قريش من من المستحيل ان تفكر في غزو الحبشة لمطاردة المهاجرين كما فعلت بعد ذلك في المدينة في غزوة الاحزاب. عوامل قوة الحبشة وقوة الملك وبعد المسافة والبحر تحول دون هذا التفكير. اقصى ما يمكن ان تفعله قريش هو ان ترسل سفارة رسمية تطلب المهاجرين. فان كان الملك عادلا فانه ولا شك سيرفض تسليم زواره سادس حاجة ان الحبشة بلد تجاري وصاحب قوة اقتصادية معقولة في ذلك الوقت. ولا يخشى عليه من حدوث ازمات اقتصادية نتيجة قدوم المهاجرين وهذا ولا شك يوفر للمؤمنين امانا واستقرارا. وفي نفس الوقت لا يغير من نفسيات اهل الحبشة لن يشعروا بازمة تذكر نتيجة هجرة المسلمين اليهم. لهذه الاسباب مجتمعة وقد يكون لغيرها. كان اختيار الحبشة اختيار موفقا جدا وبدأ المهاجرون بالفعل يتجهون الى هناك ليبدأ ما يسمى في السيرة بالهجرة الاولى الى الحبشة امر رسول الله صلى الله عليه وسلم اربعة عشر مؤمنا ان يهاجروا الى الحبشة عشرة رجال واربع نساء. طبعا النساء كانوا زوجات اربعة من الرجال فكانت هذه هي الطليعة الاولى من المهاجرين. وانا عايز اقف وقفتين في غاية الاهمية. عند الموقف ده الوقفة الاولى من اول من هاجر من المسلمين؟ تعالوا كده نطالع الاسماء التي هاجرت ووقفة طويلة جدا جدا جدا مع الاسم الاول. انه عثمان بن عفان رضي الله عنه وارضاه الاموي. وزوجته مين؟ رقية. بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يا الله يا له من موقف. اعمق وسيلة من وسائل التربية. هي وسيلة التربية بالقدوة وستحمل الايام مفاجآت عظيمة لاهل الارض جميعا. سيرى اهل الارض كيف ان هذا الرجل البسيط عمر الذي امن في هذه البلدة الصغيرة مكة سيقود جيوش المؤمنين ليكسر شوكتي فارس والروم لقد اصدر رسول الله صلى الله عليه وسلم اوامره بالهجرة وترك الديار. ثم لم يعزل نفسه صلى الله عليه وسلم عن الاذى من هذه الهجرة ها هي ابنته السيدة رقية حبيبة قلبه صلى الله عليه وسلم تهاجر الى الحبشة مع المهاجرين. بل تسبق المهاجرين ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يذوق الم الفراق كما يذوقه اصحابه من المؤمنين. يا اخواني من المستحيل ان يتأثر الجنود بقائدهم الا اذا شعروا انهم معهم في خندقهم بعمل التربية بالقدوة. رسالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الى كل قائد. اذا اردت ان تملك قلوب شعبك واتباعك فانزل اليهم وعش معهم وخالطهم. افرح بما يفرحون به وتألم مما يتألمون منه. شاركهم في طعامهم وشرابهم وسفرهم وسعيهم وقتالهم. عندئذ اعلم انك امتلكت قلوبهم. الاسم الثاني في هذه الهجرة برضه من بيت الرسول صلى الله عليه وسلم جعفر بن ابي طالب رضي الله عنه وارضاه. ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الهاشمي القرشي الشريف هاجر هو وزوجته السيدة اسماء بنت عميس. رضي الله عنها. وكذلك بقية الاسماء معظمهم من اصحاب الشرف والمكانة والمنعة كما ذكرنا. عبدالرحمن بن عوف من بني زهرة الزبير بن العوام من بني اسد ابو سلمة بن عبدالاسد من بني مخزوم ابو حذيفة ابن عتبة من بني عبد شمس مصعب بن عمير من بني عبد الدار وهكذا. معظم المهاجرين من اشراف مكة اما الوقفة الثانية الهامة ان المسلمين اخذوا بكل الاسباب الممكنة لضمان نجاح عملية الهجرة لم يكونوا نتوكل على الله عز وجل وندعوه ثم يسلموا امرهم بغير اعداد. ابدا اخذوا بكل الاسباب التي في ايديهم. اولا خرج المسلمون في سرية كاملة ولم يعلموا احدا ابدا بهجرتهم من بني جمح رابعا التنوع الملموس من قبائل مكة. خلي بالك من النقطة ديت الرسول صلى الله عليه وسلم اخرج من كل قبيلة رجلا. وبذلك لا تستطيع مكة ان تتحزب ضد قبيلة معينة لقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل قبيلة واحدة فاصبح الموقف صعبا جدا جدا على اهل مكة. كما انه من الناحية الاخرى سوف يكون لهذا الوفد تأثير واضح على ملك الحبشة. فهذا الوفد المكون من خليط من قبائل لمكة وكأنه سفارة رسمية تمثل شعب مكة. عضو من كل قبيلة لا يخطر ابدا على ذهننا شيء ان هذه حركة قبائلية بحتة بل هي دعوة دينية اخلاقية لا تفرق بين قبيلة او اخرى وهذا سيكون ادعى لرد كيد قريش اذا حاولت ان تكيد للمسلمين عند ملك الحبشة. سبحان الله! تخطيط وابداع الهجرة فعله صلى الله عليه وسلم واخذ فيه بكل الاسباب المادية حتى يعلمنا كيف نسير على درب به وعلى طريقه صلى الله عليه وسلم خرج المؤمنون من مكة خفية واجتمعوا عند ساحل البحر ولكن سبحان الله مع كل هذا استطاع اهل مكة ان يعرفوا وجهتهم وان يلحقوا بهم. حرب الحق والباطل ليس لها نهاية الى يوم القيامة هنا كان من الممكن ان تجهض محاولة الهجرة تماما. ولكن سبحان الله المسلمون ابتهلوا الى الله عز وجل. ابتهلوا اليه ان ينجيهم مما لحق بهم. في هذه اللحظة وجدوا سفينتين في البحر متجهتين الى الحبشة. فقفز فيهما المسلمون وانطلقوا بسم الله في وسط البحر ولم يستطع المشركون ان يلحقوا بهم. لقد استنفذ المسلمون الوسع واخذوا بكامل الاسباب ولكن المشركون اتركوهم لماذا؟ ليلجأ المسلمون الى الله عز وجل ليعلموا ان الاخذ بالاسباب لا ينفع الا اذا اراد الله عز وجل. وليدركوا حق الادراك ان الكون جميعا بيد الله عز الا يصرفه كيف يشاء وصل المسلمون بامان الى الحبشة. وكما توقع رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبلهم النجاشي خير استقبال وجلسوا عنده في ولم يلقوا عنتا ولا ايذاء ولا مشقة ومرت الايام شهر والتاني والتالت وحدثت في مكة امور عظام احداث في ظاهرها بسيطة ولكنها محطات تغيير هامة جدا جدا. لا اقصد تغيير اوضاع مكة فقط بل وتغيير خريطة العالم ليوحد اطراف العالم في خلافة واحدة تحت ولاية خليفة واحد. عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه الفاروق امن في مكة فحدثت تغييرات جذرية في سياسة المؤمنين. سنأتي ان شاء الله الى تفصيل هذا الحدث لاحقا. لكن هنا نعلق على ما كان له اهمية في قضية الهجرة الى الحبشة امن عمر بن الخطاب فظهر الاسلام في مكة واعلن كثير من المسلمين اسلامهم بعد ان اذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ما زلنا اعزة منذ اسلم عمر رضي الله عنه وارضاه. وقل الى حد كبير جدا التعذيب الوحشي الذي كانت تقوم به قريش للمؤمنين. وعاش المسلمون في مكة لحظات عظيمة من السعادة التي لم تمر بهم منذ زمن طويل سعادة باسلام البطلين العظيمين الجليلين حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما. وسعادة باحسان الامان النسبي الذي شعر به المسلمون للمرة الاولى منذ اكثر من خمس سنوات وسعادة بشعور العزة والفخر بهذا الدين وباتباعه. وسبحان الله طارت انباء هذه السعادة الى الحبشة وتواصلت قلوب المؤمنين في الحبشة مع قلوب المؤمنين في مكة. وشعروا بنفس السعادة وفوقها شعروا بسعادة العودة ارض الوطن والى ارض الاجداد والعشيرة والى البيت الحرام والبلد الحرام. شعر المسلمون انه في هذا التوقيت تكون العودة الى مكة ممكنة. وسيكون الرجوع قريبا ان شاء الله تزامن مع هذا الحدث العظيم حدث اسلام البطلين حمزة وعمر رضي الله عنهما حدث اخر عجيب تم في مكة في ساحة البيت الحرام. في رمضان من السنة الخامسة من البعثة. كان من اسلوب الكافرين لمنع الناس من التأثر بكلام الله عز ان يمنعوا انفسهم من السماع اصلا لانهم يعلمون انه لو سمع احدهم القرآن فقد يؤمن به. وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون. كانت هذه هي سياستهم. ولكن في رمضان استلت الخامسة من البعثة حدث هذا الموقف الغريب كان المشركون مجتمعين في البيت الحرام. وكان معهم المؤمنون ايضا. وكان معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الجمع الكبير من الناس من الكافرين والمؤمنين. فوقف في وسط الناس بغتة وبدأ يقرأ سورة من سور القرآن انا الكريم مجرد تلاوة قرأ عليهم سورة النجم كاملة. والنجم اذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالافق الاعلى ثم دنا فتدلى. فكان قاب قوسين او ادنى فاوحى الى عبده ما اوحى ما كذب الفؤاد ما رأى افتمارونه على ما يرى؟ اخذ المشركون بروعة الكلمات والايات. انبهروا بالكلام العجيب الذي لا يقدر عليه بشر لم يحركوا ساكنا نزلت الايات كالقوارع على قلوبهم. خرست الالسنة وتسمرت الاقدام وتعلقت العيون برسول الله صلى الله عليه وسلم. وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يكمل القراءة بصوته العذب بل انه بدأ يقرأ ايات تسفه من اصنام قريش ومن الهتهم المزعومة. افرأيتم اللات والعزى ومن اتى الثالثة الاخرى الكم الذكر وله الانثى؟ تلك اذا قسمة ديزا. ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم ما انزل الله بها من سلطان. ان يتبعون الا الظن وما تهوى الانفس. ولقد جاءهم من ربهم الهدى. ومع ان الايات اخواني في الله تهين الهة قريش وتحقر من شأنها. الا ان المشركين لم ينطقوا بكلمة بل ظلوا يستمعون القرآن وقد انبهروا انبهارا كاملا. واكمل رسول الله صلى الله عليه وسلم السورة بكاملها الى ان وصل الى اخرها حتى قرأ اية السجدة. ازفت الازفة ليس لها من دون الله كاشفة افمن هذا الحديث تعجبون؟ وتضحكون ولا تبكون؟ وانتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد المؤمنون لكن المفاجأة الكبرى ان المشركين ايضا لم يستطيعوا ان يمنعوا انفسهم من السجود. لله رب العالمين سجدوا جميعا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد طارت قلوبهم وذهلت عقولهم. ثم قاموا بعد السجود وقد ارعبتهم عثمان ابن مظعون وهي قبيلة بني جمح كانت من اشد القبائل محاربة له هو شخصيا. وكان من اشدهم عليه امية ابن ابن خلف الجمحي لعنه الله. فدخل عثمان ابن مظعون في اجارة الوليد ابن المغيرة ولكنها كانت اجارة غير مشروطة. قلنا هم المفاجأة ماذا فعلنا لقد لمس الايمان قلوبهم لحظة ثم نكسوا على رؤوسهم ماذا فعلنا؟ وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا. فانظر كيف كان عاقبة المفسدين. اجتمع المشركون في مكة ممن لم يحضر المشهد في البيت الحرام. واخذوا في القاء اللوم والتأنيب على الذين سجدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. واسقط في يد المشركين. ولم يدركوا ماذا يفعلون. ثم غلب عليهم شيطانه واوحى اليهم ان يفتروا الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبماذا كذبوا؟ لقد اشاعوا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ايات معينة تعظم من شأن اللات والعزى. ولذلك لما جاءت اية السجود سجدوا تعظيما لالهتهم. افتروا وهذه الفريا ليخرجوا بها من الايمان الذي دخل قلوبهم رغما عن انوفهم. لكن الامر سبحان الله طار الى الحبشة لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم القائد السياسي المحنك والداعية الحكيم يعلم ان الامور لا تسير هذه الطريقة الله عز وجل خلق النبات الضعيف خلقه لينا طريا مرنا فاذا جاءت ريح شديدة مال بصورة مختلفة لقد وصل الى اسماع المسلمين في الحبشة ان مكة قد امنت. ودخل اهلها في الاسلام. قالوا لقد امن حمزة رضي الله عنهما وظهر المسلمون بوضوح وصاروا اعزة ثم سجد المشركون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ايمانا بما يقول وقد فاصبحت مكة الان مسلمة. هكذا ظن المسلمون في الحبشة. فما الفائدة في البقاء هناك في الحبشة بعد ايمان مكة كيف حدث هذا الخطأ في فهم المسلمين في ارض الحبشة لابد انه اما هناك من اخطأ في نقل الاخبار من مكة الى الحبشة او هناك من اخطأ في فهم الخبر الصحيح ولكن في الحالتين ترتب على هذا الخطأ ارهاق شديد جدا للمسلمين في الحبشة لقد قرر المسلمون ان يعودوا ادراجهم الى مكة. وذلك بعد الاشاعة مجرد اشاعة غير صحيحة جاءت من مكة الى الحبشة وسبحان الله كم من الاثمان يدفعها المسلمون ثمنا للشائعات. وكم من الوقت المجهود والمال يضيع من جراء الشائعات. وعلى المسلمين دائما ان يتبينوا قبل اخذ القرار باعتقادي انه كان من المفروض على المهاجرين في الحبشة ان يرسلوا رسولا واحدا منهم الى مكة ليستوثق من الخبر قبل ان يجمعوا انفسهم بنسائهم واطفالهم ويعودوا هذا المشوار الطويل المرهق عبر البحار والصحاري. او كان عليهم ان ينتظروا الرسالة واضحة من قائدهم المحنك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان سيرسل اليهم حتما بالخبر لو ان مكة امنت ولو ان المصلحة ان يعودوا الى مكة. لكن هذا لم يحدث صار المسلمون المشوار الطويل وركبوا البحر لمسافات طويلة وجاؤوا الى مكة وقلوبهم ترقص من الفرحة ثم كانت الصدمة القاسية لقد اكتشفوا ان الخبر كان اشاعة. ولا حول ولا قوة الا بالله معاناة كبيرة مر بها المسلمون في طريق هذه الدعوة لكن بفضل الله كان المسلمون على حذر كاف عندما اقتربوا من مكة انتظروا الى الليل ووقفوا خارج مكة وارسلوا رسولا وجاء لهم بالخبر. ما زال اهل مكة مشركين. اه ضخمة لكن الله المستعان اجتمع المسلمون وعقدوا مجلسا للشورى وخرجوا من اجتماعهم بثلاث توصيات. واستقروا على ان يقسموا عليهم هذه التوصية الثلاث. اما التوصية الاولى فهي ان يعود غالبيتهم مرة ثانية الى الحبشة دون دخول مكة. امر شاق على النفس ولكن هذا سيكون اكثر امنا. التوصية الثانية هي ان يدخل بعض المسلمين مكة سرا مستخفين. لقضاء بعض المصالح لهم ولبقية المهاجرين. ثم العودة بعد ذلك الى الحبشة. ومفهوم انهم لن يبقوا في ارض مكة الا فترة بسيطة لان مكة مدينة صغيرة جدا ومن المستحيل ان يختبئ فيها رجل عن عيون الناس لفترة طويلة. اما التوصية الثالثة فكانت ان يدخل بعضهم الى ارض مكة جهارا ولكن في جوار واضح وحماية معلنة حتى لا يعرض للقتل او للتعذيب الشديد. هؤلاء سوف يشرحون لرسول الله صلى الله عليه وسلم احوال الحبشة ويتبادلون الخبرة مع مؤمني مكة بخصوص امر الهجرة وتم بالفعل هذا الاتفاق وعاد الغالبية الى الحبشة دون دخول مكة. ودخل بعضهم مكة سرا ثم عادوا بعد ذلك الى الحبشة ودخل بعض مكة في وضوح. اما الذين دخلوا مكة في اعلان فكانوا عثمان بن عفان رضي الله عنه وارضاه. وزوجته السيدة رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعثمان ابن مظعون رضي الله عنه. دخل عثمان ابن عفان الاموي في حماية قبيلته القوية قبيلة بني امية اما عثمان ابن مظعون فقد دخل في جوار الوليد ابن المغيرة المشرك وهو من قبيلة بني مخزوم وذلك لان قبيلة قبل كده ان المشركين قد رفعوا ايديهم نسبيا عن المسلمين بعد اسلام حمزة واسلام عمر رضي الله عنهما. ولكن جدة امور جعلت المشركين ينشطون من جديد يعذبون المسلمين من جديد اولا سجود المشركين في الكعبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. لا شك ان هذا الحدث سبب بلبلة في ارض مكة. ومن كان في الايمان فلابد ان يفكر الان بجدية وبالذات في ظل الحماية المادية والمعنوية التي يقدمها فارس قريش حمزة وعمر رضي الله عنهما. لذا فكرت قريش في اعادة البطش والتعذيب وذلك لمنع المد الاسلامي الجارف في مكة ثانيا وصلت الى مكة انباء الاستقبال الحافل والكريم الذي قدمه النجاشي للمهاجرين المسلمين. وهذا رفع معنويات معها النبات حتى لا ينكسر. ثم عندما يشتد عود النبات ويصبح شجرة راسخة لها جذور عميقة فانها لا تميل امام الريح الشديدة بل تظل ثابتة وتمر الرياح مهما اشتدت قوتها من حولها. هكذا المؤمن الفقيه المسلمين من ناحية واحبط معنويات الكفار من ناحية اخرى. مشركو مكة كانت لهم علاقات تجارية وصداقة مع النجاشي ولا شك ان هذه الامور قد تتأثر بالصداقة والوفاق الجديد مع المسلمين. لهذا قررت مكة من جديد ان تنشر في مواجهة الدعوة فماذا فعلت؟ اولا قررت منع المؤمنين من السفر تجديد الحراسة على مخارج مكة. مطاردة كل من خرج من المؤمنين من مكة. ووضعوا على قائمة الممنوعين من السفر كل من عرف عنه ايمان او اشتبه في ايمانه. كل هذا لوقف الهجرة الى الحبشة وقد يظن ظان ان المشركين سيكونون سعداء بترك المسلمين لارض مكة. خلاص هيستريحوا من المشاكل ومن القلق الذي يسببه وجودهم فلماذا يمنعونهم من الهجرة لكن قريش كانت تفكر بطريقة اخرى. واحد المؤمنون ما ذهبوا الى الحبشة الا ليعودوا. الحبشة ما هي الا يربى فيه المسلمون ليعودوا اشد قوة. المؤمنون اصحاب قضية. ولن يرضوا بالحياة المستريحة في الحبشة ويتركوا قضيتهم وكما ذكر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه قد بعث لقومه خاصة وللناس عامة. ولابد ان المؤمنين سيبذلون قصارى جهدهم ليصلوا بهذه الدعوة الى مشارق الارض ومغاربها. ولا شك ان مكة ستكون من اهم النقاط في محطة المؤمنين يعني لازم لازم هيرجع المؤمنين تاني لارض مكة. اتنين المؤمنون سيفسدون علاقة الحبشة بمكة فاهل الحبشة اذا رأوا اخلاق المؤمنين ونضجهم ونقائهم فانهم سيستنكرون بشدة افعالا الذين عذبوهم وقد يقطعون علاقاتهم السياسية والاقتصادية بمكة وهذا فيه ضرر كبير. تلاتة ما ادراهم اهل مكة ان اهل الحبشة قد يدخلون في الاسلام ثم يقبلون على مكة بعد ذلك لغزوها. وقريش ليست طاقة بحرب دولة الحبشة وجيش الحبشة وملك الحبشة وليس ببعيد من اهل مكة ما حدث من ابرهة الاشرم وهو مجرد تابع لملك الحبشة كان على منطقة اليمن التابعة لدولة الحبشة. اربعة قريش تخشى من انتشار المد اسلامي في خارجها. دعوة المسلمين مقنعة. ودينهم قيم. وقرآنهم معجز. ولو تركت لهم حرية الدعوة فلا شك ان ان عموم الناس اصحاب الفطرة السليمة سيدخلون في هذا الدين. اذا فاليمنع المسلمون من السفر. ولتحدد اقامتهم في ارض مكة هكذا فكر اهل الباطل في مكة دي كانت وسيلة منع المسلمين من الخروج من مكة الوسيلة الثانية هي التي استخدمها اهل الباطل في مكة قبل ذلك لمنع الدعوة هي وسيلة التعذيب الشديد من وسيلة العاجز وسيلة الضعيف وسيلة المهزوم الانتكاسة البشعة في الانسانية. انقلبوا على كل من بقي من المسلمين في ارض مكة يعذبونهم. ولم يستطع حمزة وعمر رضي الله عنهما كافراد ان يقوموا بحماية المؤمنين من هذه حرب القرشية المنظمة في هذا الموقف العصيب وتحت هذا الضغط القرشي الظالم وخوفا من استئصال عامة المسلمين في لحظات الغضب طور غير المحسوب وغير المدروس في هذا الموقف الصعب اصدر رسول الله صلى الله عليه وسلم قراره بالهجرة مرة ثانية الى ارض الحبشة. المرة الاولى هاجر عشرة رجال واربع نساء. ثم عادوا الى مكة كما ذكرنا ثم عاد بعضهم الى الحبشة من جديد. اما في هذه المرة فقد صدرت الاوامر بهجرة اكثر من ثمانين رجلا مسلما اكتر من تمانين اتنين وتمانين او تلاتة وتمانين لو كان فيهم عمار ابن ياسر وهاجر ايضا ثماني عشرة امرأة احدى عشرة قرشية وسبع غير قرشيات. ده غير الاطفال فكر الموازنات الرسول صلى الله عليه وسلم كقائد مسؤول له اهداف واضحة ومحددة. والرؤية عنده واضحة تماما. هو يتحرك بمرونة سياسية وفقهية عالية. الاهداف واضحة. الدعوة لابد ان تصل الى عموم الناس. والدعوة لن تصل الى الناس الا عن طريق الدعاء والدعاة وصلوا الى مرحلة من الايذاء يصعب معها استمرار الدعوة. اذا فليكن القرار الحاسم الجريء وفي الوقت المناسب هجرة اكثر من ثمانين مسلم وهو ما يمثل نصف الطاقة الاسلامية تقريبا في ذلك الوقت. قرار استراتيجي خطير جدا. موازنة بين الهجرة وترك الديار ونقل ميدان العمل الى الحبشة وبين البقاء في مكة واستمرار الدعوة مع التضييق الشديد الذي قريش موازنة قد ينفعل الشباب ويقولون نبقى مهما كانت النتائج ولو ادى ذلك الى الموت فهذا موت في سبيل الله اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم القرار الجريء. وكان هذا القرار اصعب مائة مرة من قرار الهجرة الاول لماذا كان هذا القرار صعبا وماذا فعل المسلمون في طريقهم من مكة الى الحبشة في هجرتهم الثانية؟ وكيف استقبلهم النجاشي رحمه الله؟ وماذا كان رد فعل اهل مكة عندما علموا بهذه الهجرة الكبيرة الى ارض الحبشة وما هي الدروس العظيمة جدا جدا والمستفادة من هذه الهجرة العظيمة الهجرة الثانية الى الحبشة هذا ما ان شاء الله وغيره في الدرس القادم فستذكرون ما اقول لكم وافوض امري الى الله ان الله بصير بالعباد. وجزاكم الله خيرا كثيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته مع تحيات النور للانتاج الاعلامي والتوزيع